يشكل الإعلام في الحروب خاصة في عصرنا هذا عصر الفضائيات و الانترنت والإعلام الحر احد العوامل الهامة التي تؤثر في مجرى الأحداث بصورة أو بأخرى.... ويمكن القول أن الحرب العدوانية الوحشية التي تشنها آلة الدمار والإبادة الجماعية الإسرائيلية على أهلنا في غزة أفرزت أنواع عديدة من الإعلام العربي الحر أو "الموجه". هذه الحرب الظالمة والغير متكافئة أسقطت أقنعة الكثير من الوسائل الإعلامية في العديد من الدول العربية عبر تواطئها الإعلامي الرخيص سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وهو التواطؤ الذي يتماشى والسياسة الإعلامية الصهيونية من جهة وسياسة المنبطحين والاستسلاميين من جهة أخرى. وفي الجانب الأخر ظهرت وسائل إعلامية أخرى تستحق منا كل الاحترام والتقدير وذلك للمهنية والمصداقية العالية التي تتمتع بها وكذلك لانحيازها الموضوعي لجانب الحق العربي الذي يمثله أهلنا في غزة والذين إلى جانب ما عانوه من حصار ظالم أتى هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم والوحشي ليزيد من معاناتهم ومآسيهم و ما عمق من هذه المعانة وهذا الألم هو ظلم الأقربين خاصة مواقف دول الطوق ومواقف بعض الوسائل الإعلامية العربية التي لا تزال تحمل مقاومتهم وصمودهم ودفاعهم عن كرامتهم وحريتهم و كرامة الأمة ككل تبعات هذه الحرب الجبانة. بل أن المتواطئون أعلنوها صراحة أن حماس والجهاد والشعبية وباقي الفصائل الفلسطينية المقاومة هم أساس كل المصائب التي حلت وتحل بشعب فلسطين لان المقاومة- بحسب ثقافة هؤلاء المستسلمون المتخاذلون- هي وحدها من يقدم الذرائع للإسرائيليين لشن الحروب وارتكاب المجازر و المذابح وكأن هذا الكيان الإجرامي حمل وديع مسالم يدافع فقط عن نفسه أمام العدوان والإرهاب الفلسطيني!! وكأن الاحتلال وفق قوانين هؤلاء لابد أن يقابل بالود والورد والقبلات والتفاوض العبثي والمقاومة في قاموس هؤلاء الانبطاحيين والاستسلاميين شئ رجعي وأداة إرهابية وهدف ممقوت كما صرح بذلك للأسف الشديد مهندس اتفاقية أوسلو وسلطة الخنوع المنتهية ولايته في هذه السلطة الوهمية محمود عباس!!! قناة الجزيرة الإخبارية حازت وبجدارة على ثقة المشاهد العربي من الخليج إلى المحيط وهذه القناة التي تبث من الدوحة استطاعت بحق أن تشد أعين وأسماع الملايين من المشاهدين العرب ومن مختلف فئات المجتمع العربي لسبب بسيط أنها تحترم عقل هذا المشاهد وتتضامن مع مشاعره ومواقفه وحاجته لمعرفة الحقيقة بدون رتوش أو دس السم في العسل كما تفعل هذه الأيام بعض القنوات الإخبارية ولا نبالغ إذا قلنا أن هذه القناة أي الجزيرة حازت على رضا الشارع العربي من حيث مصداقيتها وحرصها على إظهار الحقائق كما هي بعيدا عن التظليل أو التزييف أو التمييع الإعلامي، و" انحياز " الجزيرة إلى الحق العربي لا يعني أنها تخلت عن مهنيتها كقناة حرة محايدة فالصورة التي تنقلها يوميا من ارض المعركة في غزة خاصة تلك المذابح وجرائم الحرب التي ترتكب من قبل العدو الصهيوني صورة واضحة وجلية كشفت الوجه القبيح لهذا الكيان الصهيوني الإرهابي الجبان. فالإحصاءات تقول أن أكثر من 50% من شهداء وجرحى هذه الحرب الجبانة هم من الأطفال والنساء والشيوخ، وفي اعتقادي أنة لو لم يكن هناك إعلام حر ونزيه يظهر حقائق ما يرتكبه الصهاينة من جرائم ومذابح لكانت النتيجة المزيد من المذابح والمزيد من الجرائم البشعة أضعاف أضعاف ما ترتكبه آلة الحرب الصهيونية اليوم أمام وسائل الإعلام المتواجدة في ارض الحدث أي أن الإعلام الحر والشريف استطاع الحد من وحشية هذه الحرب العدوانية الإسرائيلية بشكل كبير فلو كانت الحرب غير مشاهدة واستطاع العدو إخفاء حقائقها عن الأنظار لتضاعفت المجازر وأعداد القتلى والجرحى بشكل كبير جدا لا يمكن تصوره خاصة إذا علمنا أن هذا الكيان الإرهابي يمتاز بوحشية لم يجد لها التاريخ مثيل و هذا الكيان الإرهابي لا يزال يعمل حساب لتلميع صورته في العالم الخارجي. لذلك لا نبالغ إذا قلنا أنة رغم وحشيته وجرأته في ارتكاب الجرائم والحروب إلا انه يخاف من إظهار حقائق ما ترتكبه أدواته الإجرامية والإرهابية في فلسطين، يخاف من الرأي العام الدولي ومن الإعلام الحر. وكما نعلم جميعا أن إسرائيل ككيان إرهابي يديرها من الداخل والخارج مجرمي حرب كبار تفننوا في القتل والإجرام والإرهاب كشارون وبيريز وباراك ونتنياهو واولمرت وليفني واللوبي الصهيوني العالمي وغيرهم الكثير والكثير سواء في الجيش الصهيوني أو حكومات الاحتلال المتعاقبة منذ أن انشأ ما يسمى بدولة إسرائيل...... يمكن القول هنا أن الجزيرة وقناة الحوار وقناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني وقناة الأقصى التابعة لحركة حماس وبعض القنوات العربية الخاصة أو الحكومية وبعض الصحف والمواقع العربية الالكترونية حازت على ثقة واحترام الكثير من المشاهدين والقراء العرب وعلى النقيض نجد قناة العربية وقناة الحرة الأمريكية والكثير من القنوات العربية الخاصة أو الحكومية والكثير من الصحف والمواقع الالكترونية فقدت الكثير من مصداقيتها ومهنيتها ومن احترام وثقة مشاهديها أو قرائها..... وقد توقفت كثيرا أمام التغير " النسبي" الذي طرأ على قناة العربية في الآونة الأخيرة بعد أن اتهمها الكثير من السياسيين والإعلاميين والنخب الثقافية والكثير من المشاهدين بالانحياز المفضوح للجانب الذي يعادي الحق الفلسطيني في مقاومته واسترجاع حقوقه المغتصبة واستخدامها أي هذه القناة لمصطلحات تطبيعية وأفكار استسلامية معيبة في ظل عدوان غاشم وحرب هوجاء ومجازر لا تنتهي ولا تزال هذه القناة للأسف الشديد تصف ضحايا العدوان الإسرائيلي من الفلسطينيين بالقتلى وكأن مصطلح شهداء يغضب "ماما "أمريكا وحلفائها في المنطقة!! هذه القناة مهما حاولت تلميع صورتها فأن ذلك لن يجدي نفعا في اعتقادي لان القناع قد سقط وانكشف المستور وظهر كل واحد على حقيقته سواء من وسائل الإعلام المختلفة أو من الأنظمة العربية ومن بعض حكامها أو بعض من يوصفون بالمثقفين وقادة الرأي والمحللين السياسيين...الخ . وظهر أيضا هذا المجتمع الدولي المزيف الذي اثبت عدم إنسانيته وانعدام عدالته واتصافه المقيت بالكذب والازدواجية والنفاق السياسي والسقوط الأخلاقي عبر انحيازه المفضوح إلى جانب الإجرام والإرهاب العالمي الذي تقوده الصهيونية العالمية بزعامة إسرائيل..... في الختام نستطيع القول بان الوعي العربي والشارع العربي أصبح في مرحلة متقدمة يستطيع من خلالها التفريق بين الغث و السمين و الحق من الباطل والحقيقة من التضليل أو الخداع وهذا هو الانجاز الأهم في اعتقادي ويبشر بمرحلة مشرقة وفجر قادم إن شاء الله.