أعلنت هيومن رايتس ووتش العام 2005 حمل أدلة جديدة علي أن التعذيب وإساءة المعاملة كانا جزءاً لا يتجزأ من إستراتيجية إدارة بوش في مواجهة الإرهاب، مما أسهم في إضعاف حركة الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم. وقد بينت الأدلة أنه لا يمكن اعتبار أساليب التحقيق المؤذية مجرد سوء تصرف من جانب عدد من الجنود ذوي الرتب الدنيا، بل تعبر عن سياسة واعية من قبل كبار مسئولي الولاياتالمتحدة. وتقول افتتاحية التقرير المؤلف من 532 صفحة أن تلك السياسات حدت من قدرة واشنطن علي السعي لدي الدول الأخرى، أو الضغط عليها، لكي تحترم القانون الدولي. وقال كينيث روث، المدير التنفيذي ل هيومن رايتس ووتش: إن محاربة الإرهاب أمر شديد الأهمية بالنسبة لحقوق الإنسان، لكن استخدام أساليب غير قانونية ضد من يدعي بأنهم إرهابيون أمر خاطئ وعكسي النتائج أيضاً«. كما قال أن الأساليب غير القانونية أدت إلي زيادة قدرة الإرهابيين علي تجنيد الناس وأضعفت الدعم الشعبي لجهود مكافحة الإرهاب. كما أوجدت مجموعة من المحتجزين الذين لا سبيل إلي ملاحقتهم قضائياً. كما أن شركاء الولاياتالمتحدة، مثل بريطانياوكندا، وبالرغم من عدم اضطلاعهم بدور قيادي في ميدان حقوق الإنسان، إلا أنهم قد حاولوا إضعاف آليات الحماية الدولية الأساسية. فبريطانيا تسعي إلي إرسال المشتبه بهم إلي دولٍ يرجح أن تخضعهم للتعذيب، وهي تستند إلي تعهدات لا قيمة لها بأن تلك الدول ستحسن معاملتهم. وأما كندا فتحاول تخفيف أحكام معاهدة جديدة تجرم حالات الاختفاء ألقسري. كما يواصل الاتحاد الأوروبي إعطاء حقوق الإنسان مكانة ثانوية في علاقاته بالدول الأخرى التي يراها مفيدةً في مكافحة الإرهاب، مثل روسياوالصين والمملكة العربية السعودية. فقد لجأت دول كثيرة، ومنها أوزبكستان وروسياوالصين، إلي استخدام الحرب علي الإرهاب« سلاحاً لمهاجمة خصومها السياسيين مصنفةً إياهم إرهابيين إسلاميين«. وقد قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق كثيرٍ من الانتهاكات الخطيرة التي لا يمكن تصنيفها بالحرب علي الإرهاب. فقد قتلت حكومة أوزبكستان في شهر مايو مئات المتظاهرين في أنديجان؛ وساندت الحكومة السودانية أعمال التطهير العرقي« في دارفور غرب السودان؛ ويجري ارتكاب فظائع متكررة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وفي الشيشان؛ ويتواصل القمع العنيف في بورما وكوريا الشمالية تركمانستان وفي إقليمي التبت وكسينغيانغ في الصين؛ في حين تواصل سورية وفيتنام فرض قيود شديدة علي المجتمع المدني؛ وتنفذ زيمبابوي أعمال تهجير قسري واسعة ذات دوافع سياسية. ولكن كانت هناك نقاط مضيئة في جهود القوي الغربية للدفاع عن حقوق الإنسان في بورما وكوريا الشمالية. كما لعبت البلدان النامية دوراً إيجابياً أيضاً، فقد علقت الهند معظم معوناتها العسكرية إلي نيبال بعد الانقلاب الذي قام به الملك هناك؛ وأجبرت منظمة دول جنوب شرق آسيا بورما علي التنازل عن رئاسة المنظمة في عام 2006 بسبب سجلها المرعب في مجال حقوق الإنسان. وقد تزعمت المكسيك الجهود الرامية إلي إقناع الأممالمتحدة بتعيين مقرر خاص معني بحماية حقوق الإنسان أثناء محاربة الإرهاب. كما صمدت قرغيزستان أمام ضغوط أوزبكية شديدة بحيث تمكنت من إنقاذ جميع اللاجئين ال443 في أعقاب مجزرة أنديجان (عدا أربعة)، ثم منحتهم رومانيا لجوءاً مؤقتاً. وقد أدي تقصير القوي الغربية عن تولي دور قيادي إلي ترك الساحة أمام روسياوالصين اللتين أقامتا تحالفات اقتصادية واجتماعية وسياسية دون إقامة اعتبار لحقوق الإنسان. وفي المقدمة التي كتبها للتقرير العالمي، قال روث أنه بات من الواضح في عام 2005 أن إساءة الولاياتالمتحدة معاملة المحتجزين أمر لا يمكن رده إلي خلل في التدريب أو الانضباط أو الإشراف، كما لا يمكن نسبته إلي قلة من العناصر الفاسدة«، بل هو يعكس خياراً سياسياً مدروساً تتبناه القيادة العليا. ويقول روث أن من جملة الأدلة علي تلك السياسة المتعمدة، التهديد الذي أطلقة الرئيس بوش باستخدام الفيتو ضد قانون يناهض المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة«؛ ومنها أيضاً محاولة نائب الرئيس ديك تشيني استثناء وكالة المخابرات المركزية من ذلك القانون. كما قال المدعي العام ألبرتو غونزاليس أن بوسع الولاياتالمتحدة إساءة معاملة المحتجزين لديها في الخارج طالما أنهم من غير الأمريكيين، في حين قال مدير وكالة المخابرات المركزية بورتر غوس أن الإغراق بالماء وهو أسلوب تعذيب استخدمته محاكم التفتيش الأسبانية، هو مجرد أسلوب مهني في التحقيق«. وقال روث: لم يعد من الممكن إلقاء مسؤولية التعذيب وإساءة المعاملة علي جنود من الرتب الدنيا يسيئون السلوك أثناء المناوبة الليلية. وعلي إدارة بوش أن تعين مدّعٍ خاص للتحقيق في هذه الانتهاكات، كما ينبغي أن يشكل الكونغرس هيئة تحقيق مستقلة تضم أعضاء من الحزبين«. يقدم تقرير هيومن رايتس ووتش السنوي لعام 2006 معلومات شاملة عن تطورات حقوق الإنسان في عام 2005 في أكثر من 70 بلداً. وإضافة إلي المقالة الافتتاحية التي تتناول التعذيب، يحوي التقرير مقالتين هما: الشركات الخاصة والمصلحة العامة: لماذا يجب أن ترحب الشركات بقواعد حقوق الإنسان؟«، و منع انتشار الإيدز: الدور الأساسي لحقوق الإنسان