إن ثورة ال 26 من سبتمبر1962 هي أعظم ثورة في تاريخ اليمن والمنطقة بأسرها، ولا تقبل من فرد أن يطبق عليها أي معايير سطحية جديدة ما لم يكن قد استوعب سبتمبر وواقع اليمن قبل ذلك اليوم، وطبيعة وقوة نظام الحكم السلالي العنصري الإمامي الذي أطاح به اليمنيون بعد قرون من التمزق والشتات.. قامت الثورة السبتمبرية العظيمة لتطيح بنظام عنصري كهنوتي، ولم يكن مجرد عائلة حكم أو نظام سياسي استبدادي، بل كان امتداداً لمشروع عنصري يغذي وجوده باستمرار من الحشد السلالي والادعاءات التي تعطي امتيازات لقلة من الناس، ما أنزل بها من سلطان.. وصراع مع بعض الوافدين الذين رفضوا أن يكونوا أبناءً لهذا الوطن، وراحوا يدعون أن الله اصطفاهم على العالمين وجعل الناس عبيداَ لهم.. وثورة سبتمبر الخالدة ناجحة بكل المقاييس، وهذا ما يؤمن به من عرف سبتمبر وعرف اليمن، كما هو ما تعلمناه من ثورة التغيير السلمية فبراير 2011 والربيع العربي، إذ إن كل من يذهب لمناقشة فشل ثورة من نجاحها، هو من لم يؤمن بها أصلاً وممن لم تكن نتائجها على مقاس أحلامه الصغيرة بتفتيت البلاد، أو ممن خُيل له أن الثورة شربة ماء وهتاف بعض الوقت، وتستجيب الحياة.. لقد نجح سبتمبر العظيم.. سلوا التاريخ هل يعود إلى الوراء؟ إذا عاد إلى الوراء فإنها فشلت!. وعندما نتحدث عن مآسي ومشاكل اليوم فإن لا مجال لربطها بالقول إن سبتمبر أخفق أو لم يصل، لأن ما حدث هو أن الأحلام كبرت مع الأيام، .. وكيف تطبق معايير اللحظة على يمن لم تعرفه؟.. وإذا رأيتم مخلفات العهد البائد وهي تطل بسوءتها، كالحوثيين، فلا تلوموا سبتمبر ولوموا أنفسكم، إذ لم تسألوا عن أعداءٍ لكم أخرجهم سبتمبر وعادوا بأقنعة وحاولوا التسلل من جديد.. لكن محاولاتهم اليوم ليست إلا دليلاً على نجاح ثورة سبتمبر العظيمة، وأكبر دليل على نجاحها هو الشعار الذي تردده جحافل الإمامة في صعدة وصنعاء وما جاورها.. تكشف الراية الإمامية (الشعار) اليوم درجة الإفلاس التي وصلوا إليها، وكيف أن الشعب اليمني أخرجهم إلى مزابل التاريخ.. ولما لم يجدوا وجهاً يظهرون به؛ وهم ذلك المشروع العنصري الآثم الذي افتروا به على الله كذباً بأنه ميزهم عمن خلق، وتكبروا على هذا الشعب، واستهزأوا بإنسانه ودمروا بنيانه وظلموا وقتلوا.. وحين لم يجدوا عذراً وما زالت العنصرية تجري في عروقهم.. وحين لم يجدوا بقعة ضوءٍ في تاريخهم.. وحين لم يجدوا كلمة حق في أقوالهم.. وحين وجدوا كل ذلك، رفعوا راية الإفلاس: "الموت.. الموت.. اللعنة"..! وحتى هذا الإفلاس استوردته جحافل الجهل والحقد من شعوذات كهنوت فارس.. وهذا دليل على نجاح سبتمبر. وإني بسبتمبر وهم يرفعون شعار "الخميني" الزائف، يراهم كخصم آثمٍ سقط وأصيب بالجنون وشذ عن البشرية، وكان من عدل الله أن جعل الشعب يراهم بزيفهم يتلعثمون، ويهذون بشعارات لا واقع فيها إلا الإفلاس والجهل والنزوع إلى الشر، ويكذبون بأنها من القرآن، وما هي من القرآن، ولكنها آيةً التاريخ تكشف للأجيال الجديدة كم كان آباؤهم الذين ثاروا ودافعوا عن ثورتهم وقدموا عشرات الآلاف من الشهداء عظماء، وكم كان ذلك العهد الصريع شراًَ لا بقعة فيه لضوء، كما هو أيضاً قوي بقوة الجهل في الناس، وآثاره لم تزل شاهدةً على فداحة جرمه الطويل.. لقد فازت ثورة سبتمبر العظيم أيها العالم.. ولو لم يفز سبتمبر لما ولد أكتوبر المجيد وتمهد الطريق نحو مايو العظيم الذي التقت فيه أضلاع سبأ، وولد اليمن ، بعد تمزق دام لقرون.. ولو لم يفز سبتمبر العظيم لما اندلعت ثورة التغيير لتعيد عجلة التاريخ إلى مجراها وتواصل تحقيق أهداف سبتمبر وتزيح مخلفات التخلف والظلام التي توهمت بسرقة اليمن من جديد.. إن كل أزمات وتحديات اليوم لا تعني بأي حال من الأحوال فشل سبتمبر ولا تقصيره، فهي تحديات بمقاس اليوم، وأما الأمس، فلم يكن هناك يمن واحد ولا شبه دولة ولا جمهورية حتى تأتي له التحديات، ولا كانت الحياة ممكنة، وما كان لليمني الحق إلا في القهر والموت.. كما لا مقارنة بين سبتمبر الأم التي أسقطت مشروع حكم يستند إلى أضلاع عرقية ودينية وطائفة، عاث مئات السنين، وبين ثورة فبراير التي أطاحت بعصابة عائلية حاولت التسلل والانحراف باليمن عن الخط الذي بدأه اليمنيون في 26سبتمبر1962، وكل التحولات المعارك التي خاضها اليمنيون في 50 عاماً هي امتداد الثورة اليمنية المستمرة التي تتقدم في القضاء على مخلفات وأوجاع ذلك الماضي الصريع.. هذه هو سبتمبر الذي نحتفل به في عيده الخمسين، ونردد ما هتف به شاعر الثورة في عدن إدريس حنبلة عام 1962: فجر شعورك زلزالا وبركانا .. ودس على الظلم أشلاء وجثمانا ودوها صيحة في الكون صاخبة.. مات الطغاة وعاش الشعب سلطانا مات الذين أجاز الله لعنتهم .. في محكم القول إنجيلا وقرآنا تحطم القيد لا تخش الهوان فقد .. ولدت حرا وصرت اليوم إنسانا يا ثورة هب من جرائها «نقم» .. معانقا صنوه المحبوب «شمسانا» تحية من صميم القلب صادرة .. للثائرين سمت أرواحهم شانا من خلدوا لتراث العرب مفخرة .. تبقى مدى الدهر أجيالا وأزمانا