قرار حكومي بنقل مقار شركات الاتصالات الرئيسة إلى العاصمة المؤقتة عدن    بحر من الدماء في مجزرة النصيرات وسط غزة.. إسرائيل وأمريكا تحتفلان بتخليص 4 أسرى وسقوط 210 شهيد و 400 جريح فلسطيني    تركيا تفرض رسوما إضافية بنسبة 40%على واردات السيارات من الصين    منتخب الشباب ينهي معسكره الداخلي ويعلن القائمة النهائية للمشاركة ببطولة غرب آسيا    قبائل حضرموت ترفض وجود أي مكونات عسكرية بساحل حضرموت    زيدان: البرنابيو يحمل لي ذكريات خاصة جداً    ألفاريز سيبقى في مانشستر سيتي    تحديث بقائمة أسماء موظفي المنظمات الدولية التي اختطفهم الحوثيون من منازلهم ومقار أعمالهم بصنعاء    بعد إزالتها للسواتر الترابية.. سلطات تعز تعلن جاهزية طريق (جولة القصر- الكمب) من جانبها    اتحاد النويدرة بطلا لبطولة أبطال الوادي للمحترفين للكرة الطائرة النسخة الثالثة.    هل لا يزال التطبيع بين السعودية وإسرائيل ممكناً؟    أكثر من 100 منظمة تدين حملة الاختطافات الحوثية بحق موظفي المنظمات الدولية    أطلق النار على نفسه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا في ظروف غامضة (الاسم)    حاول التقاط ''سيلفي'' .. الفنان المصري ''عمرو دياب'' يصفع معجبًا على وجهه خلال حفل زفاف ابنه (فيديو)    محلات الصرافة تعلن تسعيرة جديدة للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي : مصر من أوائل دول المنطقة التي أقامت ألعابا وطنية    البعداني: البرواني استعاد جاهزيته .. ولا يمكن تجاهل أي لاعب يبلي بلاءً حسنا    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    تحرك أمريكي صارم لخنق ''الحوثيين'' .. والحكومة الشرعية توجه الضربة القاضية للمليشيات    قرارات قوية للشرعية ستجبر الحوثيين على فتح جميع الطرقات.. وخبير: قريبا تعلن جماعة الحوثي الاستسلام بالكامل    تعرف على شروط الأضحية ومشروعيتها في الشريعة الإسلامية    محافظ البنك المركزي في الرياض لانقاذ الحوثي    المطالبون بإعادة احتلال ارضهم    "من يعارض قرارات الحكومة داعم للحوثي"...صحفي يؤكد ان الحكومة اتخذت قرارات حاسمة بعد ثماني سنوات من التأخير    ضربة قاصمة للحوثيين... الشرعية تُغير قواعد اللعبة واليمن على موعد مع تغيرات كبيرة    صورة مع قيادي حوثي تزج بفنان يمني كبير داخل سجون الانتقالي في عدن    وقفة جماهيرية بمحافظة مأرب تندد باستمرار مجازر الاحتلال الاسرائيلي في غزة    شاهد لحظة متابعة الرئيس العليمي بنفسه فتح فتح الطرقات في تعز "فيديو"    - مواطن سعودي يتناول أفخر وجبات الغذاء مجانا بشكل يومي في أفخر مطاعم العاصمة صنعاء    ناشط يعلق على نية الحكومة الشرعية طلب الحكومة الشرعية رفع العقوبات على الرئيس الراحل علي صالح ونجله احمد علي    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    الوزير البكري يعزي في وفاة الكابتن علي بن علي شمسان    انفجار قرب سفينة في البحر الأحمر قبالة ساحل اليمن    البنك المركزي يؤكد سريان قراراته ويحذر من تداول الشائعات    بينها دول عربية.. تسع دول خالفت السعودية في الإعلان عن موعد عيد الأضحى    تصعيد جديد.. الحكومة تدعو وكالات السفر بمناطق الحوثيين للانتقال للمحافظات المحررة    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    عن ''المغفلة'' التي أحببتها!    ضغط أوروبي على المجلس الانتقالي لتوريد إيرادات الدولة في عدن إلى البنك المركزي    وداعاً لكأس العالم 2026: تعادل مخيب للآمال مع البحرين يُنهي مشوار منتخبنا الوطني    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    اشتراكي المقاطرة يدين الاعتداء على رئيس نقابة المهن الفنية الطبية بمحافظة تعز    رئيس اتحاد كرة القدم بمحافظة إب الأستاذ عبدالرحيم الخشعي يتحدث عن دوري الدرجة الثالثة    عدن.. الورشة الخاصة باستراتيجية كبار السن توصي بإصدار قانون وصندوق لرعاية كبار السن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    العشر الأوائل من ذي الحجة: أفضل أيام العبادة والعمل الصالح    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    خراب    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد رفض السعودية عضوية مجلس الأمن؟
نشر في نشوان نيوز يوم 21 - 10 - 2013

القرار السعودي برفض عضوية مجلس الأمن كان مفاجئاً للجميع، ومربكاً لكثيرين. هو يطرح أكثر من سؤال، لكنه يؤكد شيئاً جديداً في علاقة التحالف التي تربط الرياض بواشنطن، وهو تزايد الخلافات في هذه العلاقة منذ ما قبل أحداث 11 ايلول (سبتمبر) 2001. يتساءل البعض: لماذا ترشحت السعودية لعضوية المجلس إذا كانت جهود الترشح ستنتهي على هذا النحو؟ ولماذا انتظرت السعودية حصول التصويت، ثم فوزها بالمقعد بنسبة عالية، لتعلن قرارها المفاجئ والصادم؟ هل فعلت ذلك بهدف تضخيم حجم المفاجأة ووقع الصدمة؟ أم أن القرار كان في الحقيقة قرار اللحظة الأخيرة، وبالتالي كان مفاجئاً حتى لبعض دوائر صنع القرار في الرياض نفسها، قبل أن يكون كذلك في نيويورك وواشنطن؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمتى كانت تلك اللحظة؟ وما الذي حصل أو استجد فيها، ما فرض قراراً لا سابقة له في تاريخ مجلس الأمن؟ ولماذا اختارت السعودية التعبير عن استيائها من أداء المجلس في ما يتعلق بالقضايا العربية وبخاصة الأزمة السورية، برفض عضويته، والتعبير عن احتجاجها من خارج المجلس بدلاً من قبول العضوية وممارسة هذه المعارضة من داخل المجلس؟
السؤال الأخير يرجّح أن القرار السعودي ليس موجهاً حصرياً لمجلس الأمن، وإنما موجه قبل ذلك إلى واشنطن. يبدو وكأنه صرخة احتجاج مدوية على التغيرات التي بدأت أخيراً تحصل بشكل تراكمي في السياسة الأميركية تجاه المنطقة، وأن هذه السياسة بدأت تأخذ منحى لا يبدو أنه يتسع كثيراً لمصالح حلفاء أميركا، وبخاصة السعودية، واعتباراتها السياسية في المنطقة.
يبدو أن أكثر ما أثار احتجاج الرياض هو موقف إدارة أوباما من الأزمة السورية، واختزال هذه الأزمة في موضوع السلاح الكيماوي السوري، وتجاهل أبعادها ومخاطرها الأخرى في الشام والجزيرة العربية، وتأثير ذلك على المصالح السعودية. في هذا السياق، لا تعطي إدارة أوباما أهمية للأزمة السورية ولا لمنطقة الشام إلا من زاوية واحدة وهي الأمن الإسرائيلي، ولهذا اكتفت بتسليم النظام السوري لسلاحه الكيماوي. الأسوأ أن هذه الإدارة تستخدم الأزمة السورية كورقة تفاوضية في محاولتها التفاهم مع إيران، وإعادة صوغ علاقة واشنطن معها بمعزل عن اهتمامات العالم العربي، وتحديداً بمعزل عن العلاقة مع السعودية. هذا يفرض سؤالاً مهماً: هل القرار السعودي جاء نتيجة فشل التفاهم مع إدارة أوباما لإزالة هذه الخلافات معها؟ مفاجأة القرار، والسرعة التي اتخذ بها، توحي بأن السعودية كانت ماضية في ترشحها، وكانت تريد أن تدخل مجلس الأمن، وفي الوقت نفسه كانت تجري حوارات وتفاهمات مع واشنطن حول التحولات الكبيرة في سياساتها، وانعكاسات ذلك على المنطقة، وخصوصاً عليها، وعندما لم تصل هذه التفاهمات إلى شيء يردم هوة الخلافات، ويغير التبعات السلبية لتحولات السياسة الأميركية، رأت الرياض أن قبولها لعضوية مجلس الأمن لن يكون له التأثير السياسي الذي تطمح إليه.
كان من الممكن التعايش مع التعنت الروسي في المجلس حيال الأزمة السورية، لكن التفاهم الأميركي – الروسي حول هذه الأزمة، ونجاح روسيا باختزال الأزمة بالسلاح الكيماوي، وقبول واشنطن بذلك، ثم الانفتاح الكبير والمفاجئ بين واشنطن وطهران، جعل السعودية تعتبر أنه لم يعد هناك معنى ذو قيمة لدخولها مجلس الأمن في هذه اللحظة، والسبب أنه في ضوء التطورات الأخيرة ستكون هناك تفاهمات مسبقة بين الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن في ما يتعلق بالأزمة السورية والقضية الفلسطينية، وهو تفاهم سيهمش دور الأعضاء غير الدائمين في شكل غير مسبوق.
إلى جانب ذلك، فإن قبول السعودية بعضوية مجلس الأمن في هذه الحال سيضعها في مسار تصادمي حتمي ومباشر مع واشنطن حول قضايا استراتيجية بالنسبة لكل منهما، وفي مقدم ذلك الأزمة السورية، والملف النووي الإيراني، والقضية الفلسطينية. طبعاً كان من الأفضل لو أن السعودية اقتحمت هذه التجربة الجديدة، ومارست دورها المعارض من داخل المجلس وليس من خارجه، لكنها اختارت عكس ذلك.
هل ستتمسك الرياض بموقفها؟ أم أنها قد تتراجع أمام ضغوط ستتعرض لها؟ التراجع غير متوقع من دون مقابل، فالخلاف يتعلق بقضايا مصيرية بالنسبة للسعودية. بالنسبة لأميركا هي قضايا مهمة، لكنها ليست مصيرية. الأمر الذي يشير إلى أن العلاقات السعودية – الأميركية دخلت مرحلة غير مسبوقة من الخلافات تبدو عصية على الحل. من هنا أرادت السعودية برفضها عضوية مجلس الأمن بعث رسالة احتجاج قوية إلى إدارة أوباما على اعتبار أنها هي التي دفعت بالأمور – بمواقفها الأخيرة – في هذه الاتجاه، وهي التي تجاهلت مصالح حلفائها، وأن الرياض لا يمكنها مجاراة المسار الذي بدأت تأخذه سياسة الإدارة الاميركية تجاه المنطقة.
لا شك في أن السعودية محقة تماماً في المآخذ التي تأخذها على السياسة الأميركية، وهي محقة أكثر في الإحباط الذي تشعر به من إدارة أوباما تحديداً لأنها أكثر إدارة أميركية تفتقد للحساسية تجاه مصالح حلفائها، ولكن لا يمكن للسعودية التقليل من مسؤوليتها عمّا آلت إليه الأمور. لم تدرك السعودية حجم التغيرات التي حصلت بعد الغزو العراقي للكويت والغزو الأميركي للعراق على المنطقة وللعالم، بما في ذلك أميركا والسعودية نفسها. ما كان ينبغي للرياض أن تتفاجأ بما حصل، وبخاصة تغيّر الرؤية الأميركية لمصالحها ولدورها الإقليمي، وبالتالي علاقاتها مع حلفائها. يبدو وكأن الرياض استكانت إلى أن تحالفها مع واشنطن سيبقى على صيغته التي بدأها مع لقاء الملك عبدالعزيز مع روزفلت منذ العام 1945 وحتى الآن. كما يبدو وكأن الرياض لم تنتبه لأهمية وخطورة سياسة أوباما في نقل التركيز الاستراتيجي الأميركي من الشرق الأوسط إلى المحيط الباسيفيكي، وما قد ينطوي عليه من تغيرات، وما يتطلبه من إعادة نظر في كل شيء، بما في ذلك التبعات السياسية التي ستترتب عليه، إلى جانب عوامل مثل التغيرات المتوقعة في خرائط النفط والغاز والأزمة المالية والتوازنات في أوروبا. هناك علاقة سببية مباشرة بين الانتقال إلى الباسيفيكي، وبين إصرار أوباما منذ أعوام على ضرورة التفاهم مع روسيا في أوروبا، ومع إيران في الخليج العربي، وهذا التفاهم فرض كما يبدو تراجع أهمية الأزمة السورية في الأولويات الأميركية.
كان الأمر يتطلب تغيراً مقابلاً في السياسة الخارجية السعودية، ولأن السياسة الخارجية امتداد للسياسة الداخلية للدولة، فإن التغيّر في الأولى غير ممكن من دون تغيّر في الثانية. بعبارة أخرى، إذا كانت المنطقة والعالم، بل والمجتمع السعودي نفسه قد تعرض لتغيرات كبيرة، فإن البنية السياسية للدولة السعودية – وبالتالي سياستها الخارجية – لا تستطيع أن تكون بمنأى أو بمعزل عن هذه التغيرات.
ما الذي تحتاجه السعودية الآن؟ تحتاج إلى تطوير مؤسسات الدولة وتفعيلها بدلاً من التركيز على مسألة الحكم وكأنها بمعزل عن ذلك، وهذا يتطلب أولاً إصلاحات تدعم وترسخ الاستقرار الموجود، وتوسع من القاعدة الشعبية لمؤسسات الدولة، وتُمأسس مسألة الحكم في إطار الدولة. وتحتاج ثانياً إلى قدرات عسكرية وبشرية وتكنولوجية ومعرفية تتناسب وحجم السعودية، وحجم دورها ومصالحها في المنطقة. في ضوء ذلك – ثالثاً – إعادة النظر في سياستها الخارجية وخريطة تحالفاتها الإقليمية والدولية، ولتحقيق ذلك لا بد من رؤية جديدة للدولة (لنفسها ولعلاقتها بمجتمعها)، وبرنامج ينطلق من هذه الرؤية، وهدف يسعى إلى تحقيقه.
بعبارة أخرى، تؤكد الأحداث والتطورات الإقليمية والدولية منذ الغزو العراقي للكويت وحتى أحداث الربيع العربي، أن مبدأ الاعتماد على حليف استراتيجي واحد لدولة إقليمية لم يعد خياراً عملياً ولا مجدياً. إذا كانت السعودية بأمس الحاجة لتنويع مصادر دخلها، والتخلص من تبعيتها للنفط، فإنها في الوقت نفسه في أمس الحاجة لتنويع تحالفاتها الإقليمية والدولية، وهذا غير ممكن من دون تغيّرات سياسية ودستورية وإدارية في الداخل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.