من جديد تعود الأحداث الساخنة والمتلاحقة إلى الساحة السياسية في اليمن بعد محاصرة مسلحي جماعة الحوثي قصر الرئيس عبد ربه منصور هادي ومقر رئيس الوزراء خالد بحاح رغم الإعلان عن سريان اتفاق جديد لوقف القتال. القراءة الرسمية الأولى لهذه التطورات جاءت على لسان وزيرة الإعلام اليمنية التي وصفت ما جرى بمحاولة انقلاب، وأن ما يبثه التلفزيون الرسمي أو تنشره وكالة الأنباء الرسمية لا يعبر عن الحكومة، في إشارة إلى خضوعهما لسيطرة الحوثيين. حلقة الاثنين (19/1/2015) من برنامج "ما وراء الخبر" ناقشت هذه التطورات وتساءلت عما بقي للرئيس اليمني من سلطة بعد محاصرة قصره، وما هي عوامل صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين الحوثيين والحرس الرئاسي؟ لا جديد من الناحية العملية لم يطرأ جديد في المشهد اليمني، فالحوثيون أحكموا القبضة على صنعاء في سبتمبر/أيلول الماضي، والرئيس هادي خضع للأمر الواقع وبدأ بتعيينهم في المراكز السيادية والعسكرية الهامة. وبين الحوثيين والرئيس، هناك النظام الأمني العميق للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي ظل يقدم الدعم الاستخباراتي والميداني للحوثيين، وينكر ذلك عبر وسائل الإعلام خشية غضب السعودية التي عبرت أكثر من مرة عن كشفها حقيقة ذلك. ومنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء ومحافظات شمال وغرب البلاد سيطرة كاملة، باتوا الوحيدين في البلاد الذين يملكون قوة عسكرية قادرة على حسم الموقف، وسط تواطؤ من محسوبين عليهم وعلى الرئيس المخلوع علي صالح في الأمن والجيش وجهاز الدولة الإداري. لكن التحركات الأخيرة في صنعاء بدءًا من اختطاف مدير مكتب الرئيس الدكتور أحمد عوض بن مبارك من قبل الحوثيين، تقول إن خلافات نشبت بين الرئيس هادي والحوثيين تمثلت في انسحابهم مع حزب المؤتمر الشعبي واجتماعات الهيئة الوطنية وانسحاب صالح الصماد مستشار الرئيس عن الحوثيين. وتقول المعلومات إن اللجان الشعبية للحوثيين حسمت خلال الأيام الماضية أمر السيطرة على بقية المؤسسات التي ليست في يدها كالقصر الرئاسي ومقري الأمن القومي والأمن السياسي والذهاب إلى أبعد من ذلك في تحديد مصير الرئيس هادي. انقلاب وخيانة حول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي ياسين التميمي إن الأحداث الأخيرة تأتي استكمالا لمسلسل الانقلاب الذي بدأه الحوثيون العام الماضي، واليوم هو الحلقة الأخيرة عندما اقتحم الحوثيون قصر الرئاسة. وأضاف أن اليمن يشهد سلسلة من الخيانات أدت لتسليم مؤسسات الدولة بالكامل للحوثيين الذين لا يزالون في الواجهة وليسوا مجرد قوات عسكرية في الميدان. واعتبر التميمي أن هذه الأحداث كشفت تورط النظام السابق في عملية هدم الدولة والقيام بالثورة المضادة، ونحاجه في ذلك طوال الفترة الماضية. وقال إن الرئيس هادي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لأنه "تواطأ" مع الحوثيين وكانت هذه مؤامرة شارك فيها بكل وضوح، محذرا من أن "الذين شاركوا في إسقاط صنعاء يتجهون لتأسيس دولة ذات توجه طائفي مناطقي والاستئثار بالسلطة على حساب وحدة اليمن وسلامة أراضيه". وشدد على أنه إذا لم يتدخل المجتمع الدولي والقوى الإقليمية الفاعلة فإن اليمن مقبل على مزيد من التمزق والفوضى والحرب الطائفية. استكمال للثورة وفي المقابل، اعتبر الناشط السياسي اليمني عبد الحافظ معجب أن من يتحدثون عن الانقلاب هم الانقلابيون، مفسرا ما يحدث بأنه تحرك شعبي واستكمال للثورة التي وقفت المؤسسة الرئاسية في وجهها، نافيا في الوقت نفسه أن يكون الرئيس المخلوع حليفا للثوار. وقال إن المطلوب الآن هو أن يعدل الرئيس هادي عن مشروع الأقاليم الستة "المفروض من الخارج"، مؤكدا "لا نهتم بقرارات مجلس الأمن الدولي ولا تهم اليمنيين مثل هذه القرارات، ونستند للشرعية الثورية لاستكمال الثورة الشرعية السلمية". ومن صنعاء تحدث وزير الصحة اليمني الدكتور رياض ياسين الذي أوضح أن هناك حالة هدوء نسبي مؤقتة، وكشف أن عدد المصابين وصل لمائة وأكثر من 15 قتيلا. وأضاف أن المحاولة الانقلابية استهدفت الأماكن السيادية، وهناك تعمد من قبل الحوثيين لاقتحام هذه الأماكن، معتبرا أن ادعاءاتهم "غير مقبولة على الإطلاق"، وأن صمود الشعب اليمني والوعي الجمعي سيفشل الانقلاب.