الفنان أنور مبارك فنان غير عادي يمتلك ثقافة عالية لا يتباهى بها ولا يدعها تقوده إلى استصغار الآخرين أو التعالي إنه الفنان المثقف بحق وكم كنت سعيداً وأنا استمع إلى حديثه وذكرياته في الفعالية التكريمية التي استضافه فيها رواد منتدى با هيصمي الثقافي مساء الخميس الماضي. كان أنور مبارك يتحدث بتلقائية وبتحضير ممتاز ولم يرتبك أثناء سرد محطات سيرته الفنية الرائعة التي هي جزء من الحياة الثقافية لمدينة عدن والأجمل أنه كان ينتقي المفردات والكلمات بدقة عالية دون تصنع أو تكلف ما يدل على أنه ليس فناناً كأولئك الذين يعجزون عن التعبير أو الإجابة على بعض الأسئلة أو أمثال من يتحدثون بلهجة عامية كما تتحفنا بعض قنواتنا اليمنية (الفضائية) بمذيعات - نجوميات - يستخدمن الكلمات العامية دون اكتراث بأن بين المشاهدين من هم عرب لا يعرفون معنى (جعاب)، (الزوة)!! أنور مبارك متحدث لا تمل من الاستماع إليه بل تتشوق لمعرفة تفاصيل جوانب محطاته الفنية ووصلت إلى استنتاج أن هذا الفنان قارئ منهم ايضاً لا يتصفح الجرائد ولكن يتزود الثقافة من الكتب التي يحب أن يقرأ فيها التاريخ ودواوين الشعر إضافة إلى المواضيع الثقافية التي تثير اهتمامه. ثقافة أنور مبارك الفنان جعلته يحسن مخارج الكلمات عند أداء الأغاني لا كما يفعل بعض الفنانين الذين مهما بذلوا من مشقة في نطق الحروف أو الكلمات إلا أنهم ( يدغمون) الحروف وبعض الفنانين يعطون المد لحروف لا تقبل المد في الكلمات فقد استمعت لفنان ينطق ( يمن) مثل ( يا امن) بإعطاء الياء حركة مد واحدة ففصل حرف الياء عن بقية حروف الكلمة ( من ) كأنها أداة استفهام في ( يا من صورت ليا الدنيا)!!. أنور وكبار الملحنين تعاون فنياً مع الفنان أنور مبارك كبار الفنانين الملحنين ومنهم الموسيقار يحيى مكي ، واحمد بن غودل ، وعبدالله با فضل ، وعبدالقادر الكاف ، واحمد با قتادة وجميل غانم واحمد محمد ناجي .. قبل أن يتجه أنور مبارك لتلحين أعماله الفنية في الثمانينات عكس بعض الأصوات التي لم تجد لها مكاناً حتى تفاجئك بألحانها شبه ( المنسوخة) .. إلا أنور كما قال صديقه الفنان والناقد الموسيقي عبدالقادر احمد قائد أنور مبارك تجاوز الموسيقية ولهذا ألحانه مدروسة وقوية عكس الملحن الذي لا يأتي بأي شيء إلا عن طريق الصدفة أو الفطرة ودون دراية وعلم ولهذا استطاع أنور مبارك وبإجماع الفنانين المسرحيين عمر مكرم ومنصور اغبري والموسيقي الفنان عبدالقادر احمد قائد وشهادتهم أن يتقن تأليف الألحان للأعمال الدرامية والمسرحيات وهذا العمل لا يقدم على ابتكاره والتوفيق فيه إلا الفنان الذي بثقافته العالية يمكنه أن يقوم بتلحين مشهد أو نص درامي شعري يحافظ على الروابط الفنية والفكرة الموضوعية للنص الدرامي المسرحي وتصوير المشهد موسيقياً وهذا يتطلب جهداً وخيالاً خصباً وثقافة عالية وفناناً موسيقياً يعيش المسرح في أحاسيسه ومشاعره الإنسانية لا كترف أو ترفيه بل بتذوق رفيع يدرك ماذا يعني المسرح ؟! وهذا ليس كل موسيقي أو ملحن يستطيع القيام به! ومن الأعمال الدرامية والبرامج التلفزيونية التي شارك في وضع الألحان لها كأغانِ لمسرحيات أو لوحات استعراضية غنائية وعروض كرنفالية و اوبريتات ومقدمات وخاتمة للبرامج وهي حوالي (23) عملاً درامياً ومنها: - المسلسل الدرامي ( موال الصمت) و( الحنين) و ( صورة طبق الأصل) ومسرحية ( الكوت) و( يا بلاشاه) و( دنيا فالتو) .. إضافة إلى تلحين نشيد جامعة عدن بمناسبة العيد الأربعين لتأسيسها ونشيد ( التسامح والتصالح) مع الفرقة الموسيقية والإنشاد التابعة لجامعة عدن ، ونشيد ( الشرطة) ورمز البرنامج (شاركوا معنا) التلفزيوني. أوان النصر ( أوان النصر) نشيد من كلمات الشاعر محمد حسين الجحوشي ومن ألحانه وقد غناها في إحدى المناسبات الوطنية على خشبة قاعة فلسطين للاحتفالات والمؤتمرات وهو نشيد اكتملت روعته بالكلمات الرائعة واللحن والأداء الجميل إضافة إلى أغانيه العاطفية والوطنية التي اشتهر بها ( غالي .. غالي) و( يا طير يا مسافر) و( يا نازلة للبير) و( ايش جرى لك) ( متى بتعود) وغيرها من الأغاني والكلمات التي حرص من خلالها الشعراء محمد حسين الجحوشي وعبده علي بعيصي واحمد بو مهدي وعبدالرحمن السقاف ، إبراهيم الكاف، وعبدالله با كدادة ، الدكتور عبدالمطلب جبر ومحمد عوض شيخان ومحمد با هيصمي ومحمد حسن الشميري وختامهم مسك الإبداع احمد غالب الجابري .. وآخرين والملاحظ أن أنور قد شكل تواصلاً جميلاً مع نخبة من هؤلاء الشعراء في أكثر من عمل فني وخاصة الجحوشي وشيخان والبعيصي.. فتحية لأنور مبارك والسلطة المحلية في المنصورة ومنتدى باهيصمي على هذه الفعالية الجميلة التي حرص فيها الإخوة / نائف البكري مدير عام المنصورة والفنان رامي بنيه مدير عام الثقافة بعدن على تكريم أنور مبارك.
