أخفق مجلس النواب اللبناني (البرلمان) في اختيار رئيس جديد للبلاد خلفا لميشال سليمان الذي تنتهي فترة حكمه في 25 مايو المقبل، وأعلن رئيس البرلمان نبيه بري إرجاء جلسة الانتخاب إلى الأربعاء المقبل. وعقدت جلسة البرلمان أمس -وهي الأولى لاختيار رئيس الجمهورية- بحضور 124 نائبا من أصل 128، حيث يشترط لعقد جلسة اختيار الرئيس ما لا يقل عن ثلثي الأعضاء. وصوّت 48 صوتا لاختيار سمير جعجع وهو مرشح قوى 14 آذار، في حين حاز هنري حلو على 16 صوتا وهو مرشح جبهة النضال الوطني بزعامة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، في حين حصل الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل على صوت واحد فقط. بينما صوت بأوراق بيضاء 52 نائبا يتبعون في الأغلب لقوى 8 آذار التي يقودها حزب الله، في حين بلغ عدد أوراق التصويت الملغاة سبع أوراق. وكانت أغلبية الكتل النيابية في البرلمان اللبناني أعلنت مشاركتها في جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقبل الجلسة قالت كتلة الإصلاح والتغيير -التي يقودها ميشال عون- إنها ستصوت في الجلسة بورقة بيضاء. ومن شأن الانقسامات العميقة في لبنان بشأن الحرب بسوريا المجاورة أن تؤجل أي قرار، وربما لعدة أشهر لاختيار الرئيس ال13 للجمهورية منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1943. وتنقسم القوى السياسية في البلاد بين داعمين للنظام السوري، وفي مقدمتهم حزب الله المشارك في الحرب إلى جانب النظام السوري، وبين مؤيدين للمعارضة السورية يتقدمهم تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري. وينص الدستور على أن ينتخب رئيس الجمهورية الذي ينتمي -بموجب الميثاق الوطني- إلى الطائفة المارونية المسيحية بالاقتراع السري بأغلبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويُكتفى بالأغلبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تليها. وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المنتمي إلى قوى 14 آذار قد أعلن في وقت سابق ترشحه لمنصب الرئاسة، وحاز على تأييد قوى 14 آذار. وتعليقا على ترشح جعجع، قال محمد فنيش وزير الدولة اللبناني لشؤون مجلس النواب وممثل حزب الله في الحكومة إن الاستحقاق الرئاسي ليس فرصة لجذب الأضواء أو فرصة لتحقيق الأحلام. وأضاف أن هذا الموقع لا يكون إلا لمن يملك تاريخا وطنيا مشرفا، ويملك موقفا واضحا تجاه إسرائيل عدوة لبنان، ويحفظ مقومات قوته في معادلة الشعب والجيش والمقاومة. من جهتها، أعلنت جبهة النضال الوطني بزعامة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ترشيح النائب هنري حلو لرئاسة الجمهورية. وليست هناك فرص لاختيار حلو للرئاسة، إلا أن جنبلاط يقدم نفسه على أنه في موقع وسطي بمجلس منقسم بشكل شبه متساوٍ بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار. كما يرجح أن تطرح قوى 8 آذار -التي تضم حزب الله وحلفاءه وبينهم كتلة الإصلاح والتغيير- ميشال عون كمرشح للرئاسة. إلى جانب ذلك، تتداول وسائل الإعلام أسماء مرشحين آخرين وهم الرئيس السابق أمين الجميل والنائبان بطرس حرب وروبير غانم من قوى 14 آذار، والنائب سليمان فرنجية المعروف بصداقته للرئيس بشار الأسد. كما طرحت أسماء من خارج الاصطفاف السياسي القائم مثل قائد الجيش جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إلا أن انتخاب أحد هذين الاسمين يتطلب تعديلا للدستور الذي يمنع ترشح موظفين كبار في الدولة إلى الرئاسة، ما لم يقدموا استقالاتهم قبل سنتين من موعد الانتخابات. ورغم أن زعماء لبنان يشددون على أن تكون الانتخابات الرئاسية صناعة لبنانية فإن الذين يتابعون المعركة يقرون بوجود بصمات إقليمية فيها. وفي حال عدم انتخاب رئيس جديد للبلاد قبل 25 مايو المقبل ستتولى صلاحيات الرئيس حكومة رئيس الوزراء تمام سلام التي تشكلت في فبراير الماضي بعد نحو 11 شهرا من الجمود السياسي.