في ذكرى الحرب التي حدثت في صيف 94م، واستمرت من 27أبريل حتى7يوليو من العام نفسه، حيث دارت رحاها في المحافظات الجنوبية وكانت مسرحاً لها، هذه الحرب التي فرضت على الشعب وهي كره له بعد ما فشل شريكا الوحدة من إدارة خلافاتهما سلمياً مثلما نجحوا بتحقيق الوحدة في ال22مايو1990م بطريقة سلمية دون إراقة قطرة دم يمني. هذه الوحدة التي قامت على اتفاقية ودستور تم التوقيع عليهما من قبل الشريكين «الحزب الاشتراكي اليمني» والمؤتمر الشعبي العام»، ويحسب للحزب الاشتراكي أنه كان أكثر إخلاصاً لتحقيق الوحدة بطرحه صيغة الوحدة الاندماجية ممثلاً بأمينه العام آنذاك رغم إصرار الطرف الآخر في المؤتمر الشعبي العام على صيغة الوحدة الفيدرالية.. وخلال الفترة الانتقالية تعثر بناء دولة الشراكة الوطنية، واصطدمت بعقبات حقيقية جعلت الفترة الانتقالية تمر دون القيام بأي خطوات جادة لتنفيذ اتفاق الوحدة الخاصة باستكمال أسس بناء الدولة الوطنية الوحدوية.. فخرقت ونسفت اتفاقية الوحدة، وتم انتهاك الدستور بإعلان الحرب، والكل يعرف كيف بدأ الإعداد والتخطيط لها، حيث سبقتها تمهيدات ابتداءً من الاغتيالات السياسية التي طالت أكثر من 155من أبرز كوادر الحزب الاشتراكي اليمني، وتم التحريض والتعبئة ضد هذا الشريك وافتعال الأزمات.. ومن ثم أعلنت الحرب من ميدان السبعين في العاصمة، واختطفت الوحدة وتم اغتيالها وهي في مهدها.. ولو تأملنا وأعدنا النظر في ما يشهده الوطن اليوم من مشاكل وانتفاضات وحراك سياسي في جنوب الوطن وقضايا وطنية أخرى سواء في الشمال أو الجنوب لوجدنا أن جذور هذه المشاكل والأزمات هي حرب صيف94 وما تلا هذه الحرب من ردود أفعال وحراك واحتجاجات، فهي تداعيات لهذه الحرب لأنها أفرزت نخبة سلطوية عسكرية.. كرست الظلم والقهر والاستبداد وفرضت هيمنتها وسياستها على أبناء الجنوب، وتم تسريح ألاف الموظفين منهم قسراً، وإحالة الكثير إلى التقاعد، ومصادرة الأملاك ونهب الأراضي والسطو عليها. ويأتي الاحتفال بهذا اليوم الأسود تعميقاً للجراح وشعور الكراهية والانتقام باعتبار أن 7يوليو انقلاب على المشروع الوطني الوحدوي، والاحتفال به نوع من الاستفزاز ليس فقط لأبناء الجنوب، ولكن لكل أبناء اليمن الذين يرون فيه هزيمة للمشروع الحضاري اليمني في التحديث والديمقراطية والحرية والمواطنة المتساوية لحساب قوى الفيد والفساد والاستبداد.. إن السلطة اليوم تلعب بنار الاحتراب، وتلجأ إلى خيار القوة، وخلق أزمات جديدة، وتعتز وتسكرها نشوة7يوليو وهو ليس إلا إضافة سلطوية للمآسي والأحزان والمعاناة والاحتفال به؛ تأجيجاً لفتنة داخلية وتكريساً لمرحلة الشمولية وإثباتاً جديداً للانقلاب على الوحدة السلمية، وتفجير شلالات من دماء المواطنين وقمعهم.. إننا بحاجة اليوم إلى روح التسامح وإلغاء هذه المناسبة المشئومة ومظاهر الاحتفال بها والاعتذار للشعب وإعلان التوبة.. هذا إذا أردنا أن نفقد الوطن والوحدة.. لأن الوحدة ليست خطابات واحتفالات وتكوين مليشيات، وال7 من يوليو كان تدميراً للوحدة وليس ترسيخاً لها، فترسيخ الوحدة يتم من خلال التنمية الشاملة، وإقامة الدولة الحديثة، وتحقيق العدالة، وتطبيق النظام والقانون، ومحاسبة الفاسدين والمفسدين، وتخليص الوطن والوحدة من قبضتهم.