الحالمة اليوم في وضع لا يحسد عليه.. بعد ما كانت توصف بتعز العز والتحضر.. تعز الثورة.. والسياسة والثقافة والأدب والفن.. نعم لقد أنجبت هذه المدينة الفنية العديد من الثوار والسياسيين والمثقفين والمبدعين في شتى المجالات والذين كانت لهم بصماتهم البارزة وإسهاماتهم الحقيقية والفعالة سواء في قيام الثورة.. أو إبرازهم وتصدرهم في شتى المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية.. تعز التي قدمت الكثير والكثير من الدماء والعقول والمال وكافة أشكال الدعم المادي والمعنوي والتضحيات الباسلة من أجل الثورة والوحدة ومن أجل رفعة ومجد الوطن.. لكن ما يحدث اليوم لتعز هو تنكر وإجحاف لجميلها الوطني وتاريخها المشرف.. فهي تحاصر بمعاناة لا حدود لها وتعيش في عزلة ظلامية.. تعز يُراد اليوم إخراجها من طابعها المدني إلى الطابع الريفي. القروي. تعز التي قدمت قوافل من الشهداء، وثأر أبناؤها ضد الظلم والاستبداد والفقر والمرض والجهل وتخليص الوطن من هذه الآفات.. اليوم تحاصر بها مرة أخرى، فالفساد مستشري فيها، والظلم يطال أبناءها، والأمراض تفتك بسكانها.. كل يوم تحصد "حمى الضنك" والأمراض الأخرى أرواح هؤلاء البشر، ناهيك عن معاناة تعز الطويلة والمزمنة من أزمة المياه وشحتها، والتي لم يتم معالجتها منذ سنوات. وكونها؛ أي تعز، المحافظة الأكثر سكاناً في الجمهورية فأبناؤها صاروا وقوداً للبطالة والفقر والمآسي السلطوية، ومن يزور تعز حالياً يرثي لحالها، ويلاحظ أن حياة وقيم المدينة اختفت، وصار السائد هو الانفلات الأمني، وانتشار الجريمة بشتى أنواعها، وتفشي السلوكيات المنحرفة والعصابات المنظمة والخطيرة تحت تباطؤ ومساعدة جهات رسمية.. تعز الصمود.. غدت اليوم مقهورة، تعاني من جميع أصناف المظالم والمشكلات.. ينهشها الظلم والفساد والتسلط.. تعز العاصمة الثقافية للوطن.. اليوم يتم تهميش ثقافتها ومبدعيها.. يُفرض عليها سياسة التجهيل والتمييع. تعز الحالمة التي حلمت وتطلعت إلى دولة النظام والقانون وتحقيق العدالة والأمن والاستقرار والقضاء على الفقر والجهل والمرض اليوم أضحت متألمة من الجور والمرض والفقر.. تعز النضال والوفاء.. قدمت هذه المحافظة خيرة أبنائها من أجل الوطن وإعلاء رايته، ولم تبخل يوماً بتقديم أي شيء من أجل هذا الوطن؛ لكنها اليوم تعاني من هذا الوضع المزري الذي تعيشه، والإهمال الرسمي الذي يمارس بحقها. ومثلما تم بالأمس قتل الثوار وسحلهم والتي قدمت تعز كوكبة منهم وعلى رأسهم بطل ملحمة السبعين الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب.. هاهي تعز يتم التنكر لجميلها من جديد والجحود بحقها ورصيدها التاريخي والنضالي، وخير مثال على ذلك ما حصل ويحصل لفنان الوطن الأستاذ أيوب طارش عبسي، ملحن ومؤدي "النشيد الوطني" والذي يعاني اليوم في ألمانيا الأمرين، المرض وقلة الإمكانيات المادية، حيث يعتمد هناك فقط على دعم الطلاب بعدما تخلت عنه حكومة وطنه، وعاملته معاملة غير إنسانية وغير لائقة به، بعد ما قطعت وعوداً بعلاجه وصرحت بذلك بتوجيهات رئاسية إلا أنها لم تنفذ.. تعز اليوم يُمن عليها بأنها ممثلة بشخصيات معينة في السلطة، بعضهم يعدون منتفعين ومتمصلحين، ويقيسون تعز بمثل هؤلاء، وهذا القياس يعد خاطئاً.. في الوقت نفسه يتم تهميش أبنائها الوطنيين.. لقد آن الأوان أن تستيقظ تعز، وتخرج من عباءة الحصار والخذلان والخوف والظلم، وتنتصر لنفسها ووطنها مثلما عهدناها دوماً.. استيقاظ من أجل مصلحة الوطن والمواطن.