يعد صندوق رعاية النشء والشباب والرياضة المورد الوحيد لتسيير الأنشطة الرياضية والشبابية في عموم محافظات الجمهورية.. تتعدى ميزانية الصندوق الثلاثة مليارات ريال في العام، تذهب 30 بالمائة من هذا الرقم وبما يعادل مليار ريال لمصلحة المجالس المحلية، فيما لو نظرنا إلى ما تتطلبه الرياضة من دعم ورعاية للنشء والشباب قد لا يكتفي بهذا الرقم إذا ما نشدنا رياضة تواكب الرياضات المتطورة في منطقتنا العربية، غير أن التفكير في هذا الجانب – جانب التطوير – قد لا ينظر إليه مسؤولو الرياضة اليمنية إلى أبعد من أنوفهم حتى وإن وجد هذا التطوير حبراً على ورق، وحبيس عقول الخبرات والكفاءات الرياضية المحبطة من هكذا واقع. سيبقى هذا الصندوق أشبه بصندوق الطائرة الأسود، فيه جميع خفايا وأسرار ما يدور داخل الطائرة من أدق التفاصيل داخلها حتى لا قدر الله لحظات انفجارها، ويبدو أن صندوق وزارة الشباب والرياضة اعتقد أن هذه تسميته الجديدة،الحالية، بكل تأكيد يحتوي على كافة الأسرار والأمور غير الطبيعية وما خفي كان أعظم. مؤخراً نشب خلاف سطحي في ظاهره عميق في باطنه بين الوكيل الشاب حديث الجلوس في كرسي الوكالة عادل العواضي والرئيس التنفيذي للصندوق علي طه، وتحديداً قبل شهرين من الآن، وخلال هذه الفترة اعتكف طه في منزله ولم يعرف أحد حينها أسباب ذلك الاعتكاف المفاجئ لرجل وصف بالشدة في تعامله في الصندوق إلى حد ما. غياب طه لأول مرة وابتعاده كل هذه المدة عن الصندوق منذ توليه رئاسته التنفيذية يكشف أن وراءه من الأسباب غير الهينة وخصوصاً أن الرجل ابتعد قرابة الشهرين عن ممارسة أعماله داخل الصندوق، وبعيداً عن ما حدث خلال هذين الشهرين، فإن اختفاء الرئيس التنفيذي للصندوق كل هذه الفترة أثار علامات استفهام عدة، نشرتها وسائل الإعلام دون نشر التفاصيل باستثناء خلافه مع الوكيل العواضي. "رأي" حاولت تقصي أسباب ابتعاد طه عن الصندوق ونوع هذا الخلاف، وفتشت داخل الصندوق الأسود لوزارة الشباب والرياضة لمعرفة حقيقة ما دار بين الرجلين وأمور أخرى قد تظهر خلال ذلك. مصدر مسؤول داخل هذا الصندوق طلب عدم ذكر اسمه أكد أن سبب الخلاف بين طه والوكيل مالية صرفة وبدرجة أساسية، وقال إن الوكلاء المساعدين ووكلاء وزارة الشباب والرياضة طلبوا زيادة مخصصات الأخيرين وصرف مخصصات للمساعدين أسوة بالوكلاء، غير إن الرئيس التنفيذي للصندوق رفض قطعاً هذه الفكرة على الرغم من موافقة الوكيل العواضي عليها وتوجيهه بصرف هذه المخصصات. ويبلغ مقدار كل مخصص للوكيل المساعد 250 ألف ريال شهرياً وهو ما يتقاضاه الوكلاء الذين بدورهم طلبوا رفع هذه المخصصات إلى 300 ألف ريال شهرياً، تحت مسمى مكافآت وخلافه حتى وإن تم الصرف خارج لوائح الصندوق وبتجاوز فاضح وفي الوقت الذي تصرف مخصصات شهرية لعدد ستة وكلاء تقريباً داخل وزارة الشباب والرياضة منذ أعوام إلا أن المصدر ذاته يؤكد أن هذه الصرفيات التي تستقطع من ميزانية صندوق النشء تصرف بطريقة غير قانونية وتقدر إجمالاً استقطاعات هذه المخصصات أكثر من 500 مليون ريال في العام أي نصف مليار ريال وما يعادل ربع ميزانية الصندوق. وقال المصدر نفسه إن الوكيل العواضي أعطى توجيهات بصرف مخصصات للوكلاء المساعدين أسوة بالوكلاء وعددهم ثلاثة وكلاء مساعدين وأصر الوكيل على صرفها حتى وإن خالفت القانون من حيث الصرف أو المخالفة الإدارية، بحيث لا يحق لأي مسؤول داخل الوزارة إعطاء تعليمات أو توجيهات للصندوق بالصرف أو التصرف إلا رئيس مجلس إدارة الصندوق وزير الشباب والرياضة المسؤول الوحيد المخول بالتوجيه وأعمال الصندوق. وعلى الرغم من غياب علي طه عن ممارسة مهامه داخل الصندوق فإن الوكيل العواضي لم يتمكن من تمرير هذا الأمر حتى اللحظة في انتظار أن يتم تمريره من خلال الرئيس التنفيذي ذاته وفق مصادر أكدت ذلك، وكأن الأمر أضحى عناداً وعنترة يريدها الوكيل العواضي متناسين المخالفة القانونية لمثل هكذا صرف. وحين تحدث هكذا أمور وتصرفات لا تخدم مصلحة العمل داخل الصندوق وتغذي غول الفساد وتعمل على استفحاله يظل وزير الشباب والرياضة رئيس مجلس إدارة الصندوق بمعزل عن كل ما يحدث من تجاوزات حتى وإن لم يعلم بما يحدث في الصندوق نظراً لانشغاله الكبير عن أمور الصندوق وحتى الوزارة بأمور السياسة والأوضاع المتعلقة بالأحداث الجارية في البلاد كونه أحد المقربين من الحزب الحاكم. في هذا الوقت الذي انشغل فيه المسؤول الأول على وزارة الشباب والرياضة وصندوقها الأسود تشير مصادر في الصندوق إلى أن الأخير أصبح مرتعاً خصياً للفساد وأن أمور الصرف والعمل بشكل عام داخل الصندوق والوزارة أصبح في وضع مخيف. إن ما يحدث حالياً داخل الصندوق ووزارة الشباب والرياضة وهو حدوث ظاهري ينذر بتدهور أوضاع الرياضة والرياضيين إلى الأسوأ ولا يرتقي إلى أولويات مهام واختصاصات الصندوق والوزارة ولا يخدم مصلحة الشباب الذين يحرمون من أبسط ما لهم من حق على هذا الصندوق الذي أنشأ من أجلهم ولهم وفق لوائحه التنظيمية، أما الرياضة فحدث ولا حرج فلعبة واحدة – كرة القدم – تمتص أغلب ميزانيته الخاصة بالنشاط الرياضي. الموسم الحالي على سبيل المثال تم صرف مخصصات الاتحادات والأندية حتى الربع الثاني تقريباً كاملة في الوقت الذي لم تنفذ الاتحادات أنشطتها الرياضية حتى اللحظة وإن قامت بعضها بتنفيذ أنشطة على استحياء، أضف إلى صرف مخصصات أندية في بعض المحافظات لم يلبس رياضيوها لباس الرياضة لهذا العام؛ لأسباب تتعلق بالوضع الأمني في البلاد.