اعتبر موقع "ميدل إيست آي" إحكام المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الامارات قبضته على محافظة عدن يمثل "آخر انعطافات" الحرب في اليمن، و تجسيد للمضمون العسكري و الاستراتيجي للتعاون القائم بين هذا المجلس و أبو ظبي. و أشار الموقع أنه في الوقت الذي تدور فيه رحى الحرب هناك، عكفت الإمارات بشكل متزايد على شق عصا الطاعة في وجه التحالف السعودي، بهدف مواصلة السير وفق أجندتها الخاصة. و في الوقت الذي أبدت فيه الرياض ترددها إزاء إرسال قوات برية إلى اليمن، لفت الموقع إلى أن الإمارات كان لديها قوات برية كبيرة هناك منذ فترة طويلة. منوها إلى أن الإماراتيون لعبوا دوراً رئيسياً في استعادة مدينة عدن الساحلية من أنصار الله في يوليو/تموز 2015، كما لعبوا دوراً في محاربة تنظيم القاعدة في جنوباليمن لأكثر من عامين. و أوضح الموقع أن أبو ظبي تضطلع بمسؤولية تدريب عشرات الآلاف من القوات اليمنية في الجنوب، إلى جانب استقدام مئات العناصر من المرتزقة على درجة عالية من المهارة من بلدان أمريكاالجنوبية، من أجل القتال إلى جانبها. و بحسب الموقع، تدير الإمارات شبكة من سجون التعذيب في جنوباليمن، و يتعرض الاف المشتبه بهم في قضايا الارهاب إلى الاخفاء القسري. و بين الموقع أن السجون الاماراتية في عدن تعمل وفق تقسيم صارم للعمل، بحيث يتولى الإماراتيون مهام التعذيب، فيما يتولى عناصر أمريكيون عمليات التحقيق و الاستجواب للمعتقلين. و تطرق إلى البنية الأمنية الموازية التي أنشأتها أبو ظبي في المناطق اليمنيةالجنوبية، و التي تتشكل من فصائل محلية مسلحة لا تأتمر إلا بأوامر الحكومة الإماراتية. و أكد الموقع في تقرير له أنه يتعين النظر إلى الحضور الإماراتي في اليمن، من منظور شامل، إذ يهدف الإماراتيون، و من خلال إحكام سيطرتهم على مفاصل حركة التجارة العالمية ذات الأهمية الاستراتيجية، إلى إنشاء هياكل عابرة للإقليم تتجاوز حدود الشرق الأوسط من أجل توسيع تجارتهم بالوقود الأحفوري بشكل أكبر، مع كل من بلدان أوروبا و أمريكا الشمالية. و من أجل ذلك يرى الموقع أن أبو ظبي تقوم بشق طريقها إلى البنية التحتية الإقليمية في مجالي الأمن و الطاقة بوتيرة سريعة، من إريتريا، وصومالي لاند، وصولاً إلى قبرص و مدينة بنغازي الليبية. و حسب التقرير الذي أعده للموقع جاكوب رايمان، تتجلى الطموح الاماراتية في اليمن من خلال عدة طرق هامة من الناحية الاستراتيجية، لا سيما استعادة السيطرة على جزيرة بريم (ميون) الواقعة في مضيق باب المندب و تحويل جزيرة سقطرى الواقعة في خليج عدن إلى محمية سياحية و مستعمرة عسكرية لصالح الإمارات، و مواصلة الجهود الناجحة من أجل كسب السيطرة على شبكة من موانئ اليمن. و لفت الموقع إلى أن حكومة هادي المعترف بها دوليا باتت تنظر إلى الإمارات بوصفها قوة احتلال، و ليس قوة تحرير. و لفت مدير موقع "جاستيس ناو" الألماني، إلى تصاعد الدعوات إلى انفصال جنوباليمن منذ بدء الحرب في العام 2015. مشيراً إلى الدعم الإماراتي الضمني و القوي الذي تحظى به بعض القوى الانفصالية الجنوبية، ساهم في كسبها مزيداً من الزخم على الصعيد المحلي، رغم مزاعم كافة فرقاء الصراع في شأن ضرورة صون الوحدة الإقليمية للبلاد. و فيما يدفع الإماراتيون باتجاه تنفيذ مشروع تقسيم اليمن. يرى الموقع أن أحداث عدن الأخيرة تمثل "علامة فارقة على اختلال موازين القوى في البلاد" بين الحكومة المعترف بها دولياً، و المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي لأبوظبي، حيث لعبت الأخيرة دور القوة الجوية المساندة لقوات المجلس المذكور خلال تلك الأحداث، كونها تنظر إليه ك"أداة رئيسية لتحقيق الهدف المشار إليه". و أوضح الموقع أن الحكومة الإماراتية وبعد إنفاقها مليارات الدولارات على مشاريع البنية التحتية و تسليح الميليشيات الانفصالية في اليمن، بدأت تجني حصاد زرعها الانفصالي. و يرى الموقع أن لدى أبو ظبي رغبة بجعل بعض المناطق الواقعة في جنوباليمن، ذات الأهمية الاستراتيجية، و التي تتوفر فيها بنية تحتية طاقوية، بمثابة "إمارة ثامنة" تابعة لها على نحو يساعد في جعل الأخيرة قوة عظمى في قطاع الطاقة العالمي. و تبدو التطورات التي شهدتها مدينة عدن في الآونة الأخيرة دليل على أن السعودية و الإمارات يقفان على طرفي نقيض حيال الصراع المعقد الدائر في اليمن، حسب ما يراه الموقع، الذي أشار إلى أن الرياض وإدراكاً منها بأن مسعاها لإعادة حكم هادي في اليمن لم يعد منطقياً، حولت اهتمامها باتجاه المهمة الأكثر تحديداً و المتمثلة بتأمين حدودها الجنوبية في مواجهة أنصار الله في حين لا تكترث الإمارات بمسألة أنصار الله كون الحرب معهم لا تعدو عن كونها ذريعة لإيجاد موطئ قدم عسكري لها في جنوباليمن.