تحتفل سلطنة عمان، اليوم الأربعاء، بعيدها الوطني التاسع والثلاثين، بعد ما تحقق من مكاسب وإنجازات في كل نواحي الحياة، وعلى مختلف الأصعدة. وفي ظل القيادة الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد حظيت السلطنة بمواقع متقدّمة عربيا ودوليا، فيما يتصل بمؤشر السلام الدولي، وبالنسبة لأكثر الدول أمانا، وكذلك بالنسبة للقُدرة على تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية العالمية. وصنّف تقرير التنمية البشرية لعام 2009 الذي صدر مؤخرا من جانب برنامج الأممالمتحدة الإنمائي الذي يتناول أداء 182 دولة على امتداد العالم وتقييمها وفق مؤشرات وعناصر محددة، السلطنة باعتبارها من الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة. وقد حصلت السلطنة على المرتبة السادسة والخمسين على المستوى الدولي من بين الدول التي شملها التقرير. وأوضحت السفارة العُمانية في صنعاء، في بلاغ صحفي، أن التنمية الاقتصادية في السلطنة حظيت بتقدير دولي بارز، مشيرة إلى أن تقريرا لمؤسسة "أكسفورد بيزنيس جروب" الدولية قد أكد أن السلطنة تحت قيادة السلطان قابوس تظل واحة للسلام من حيث التنمية المدروسة والحكومة الناجحة. وأوضح التقرير، الذي نشرته المؤسسة في شهر مارس الماضي، أن السلطنة حققت نجاحات عديدة خلال عام 2008، في قطاع النفط والغاز، في الوقت الذي واصلت فيه التزامها بالمُضي قُدما في سياسة التنويع الاقتصادي، ورفع مستوى التعليم في البلاد. كما صنّف تقرير مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني العالمية العام الجاري، السلطنة في المرتبة أيه 2، إلى جانب كل من كوريا الجنوبية وتشيلي وبتسوانا، متوقعا أن تشهد السلطنة مستقبلا اقتصاديا مستقراً. وأشار التقرير إلى أن ارتفاع قُوة الاقتصاد نتج عن المستوى المرتفع نسبيا للناتج المحلي الإجمالي والقُدرة على الإيفاء بالتزامات الديون، إضافة إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي من حيث القُوة الشرائية، والذي يُقدر ب22 ألف دولار -حسب تقديرات صندوق النقد الدولي الذي وضعها في المستوى 36 الأعلى عالميا من بين 181 دولة تغطيها تقديراته. وأوضح التقرير أن ارتفاع القُوة المؤسسية جاء نظرا لسجل سلطنة عُمان النظيف في دفع التزامات الديون في حينها، والمستوى الجيّد لشفافية الحكومة، فيما يتعلق بالأصول المالية. كما أن ارتفاع القوة المالية للحكومة جاء نتيجة لوجود الفائض المالي الذي تم تكوينه خلال السنوات الخمس الأخيرة، وبناء الأصول المالية الخارجية التي ستمكّن حكومة السلطنة من تمويل العجز المتوقع في العام المالي 2009، بسبب الانخفاض في أسعار النفط. واحتلت عُمان المركز الثاني عربيا والثالث والأربعين عالميا في مؤشر الحُرية الاقتصادية لعام 2009، الذي أصدرته مؤسسة "هيرتاج فاونديشن الأميركية". وبلغت نسبة الحرية الاقتصادية في السلطنة -حسب التقرير- 67 في المائة، وحُرية الأعمال 63.3 في المائة، ومعدل حُرية الاستثمار 60 في المائة، وحُرية التجارة 83.6 في المائة، وحُرية الأيدي العاملة 75 في المائة. كما حققت عُمان المركز السادس عربيا في مؤشر التنافسية العالمية لعام 2008 – 2009، الذي تصدره مؤسسة البحوث الدولية، الشريك الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا. واحتلت عُمان أيضا المركز الثالث على مستوى الدول العربية والمركز الحادي والأربعين على المستوى العالمي في تقرير منظمة الشفافية العالمية لعام 2008، الصادر في السادس من نوفمبر 2008. وقد أبرز التقرير التحسّن الملحوظ الذي حققته على صعيد ترتيبها، سواء بين الدول العربية أم بين 180 دولة في العالم وفق معايير الشفافية التي تستخدمها المنظمة في تقريرها، وتقدّمت السلطنة من المركز الرابع في عام 2007، إلى المركز الثالث في 2008، على الصعيد العربي. ومن المركز 53 في عام 2007 إلى المركز 41 عالميا في عام 2008. قطعت سلطنة عُمان شوطاً مهماً على صعيد التنمية المستدامة، وهي ماضية في ترسيخ مبدأ الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وجمعيات المجتمع المدني في إطار المشاركة والبناءة لكل أبناء المجتمع. ومما له دلالة عميقة أن القطاع الخاص العماني استوعب خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري 52856 مواطنا ومواطنة تم تشغيلهم في مؤسساته في القطاعات الاقتصادية المختلفة. من جانب آخر فإنه بالرغم من انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية هذا العام مقارنة مع ما كانت عليه في العام الماضي، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي سجل نتائج أفضل في الربع الثاني من هذا العام مقارنة مع الربع الأول منه، يضاف إلى ذلك أن حجم الإنفاق الحكومي ارتفع في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 5.2 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يعود إلى حجم المشروعات التي يجري العمل فيها وتنفيذها، ولذا لم يكن غريبا أن تكون السلطنة من أكثر دول الخليج والدول العربية قدرة على تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، وهو ما يعود إلى السياسات بعيدة النظر التي يتم إتباعها ماليا واقتصاديا. ** النظام الأساسي للدولة جاء صدور النظام الأساسي للدولة تأكيداً للمبادئ التي وجهت سياسة الدولة في مختلف المجالات منذ تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم عام 1970، وتصميماً على مواصلة الجهد من أجل بناء مستقبل أفضل، وتعزيزاً للمكانة الدولية لعُمان ولدورها في إرساء دعائم السلام والأمن والتعاون بين الشعوب، باعتباره الإطار القانوني المرجعي الذي يحكم عمل السلطات المختلفة، ويفصل فيما بينها حيث تستمد منه أجهزة الدولة المختلفة أسس نطاق عملها. ويوفّر في الوقت نفسه أقصى حماية وضمانات للحفاظ على حرية الفرد وكرامته وحقوقه، وعلى نحو يكرس حكم القانون وفق أرفع المستويات المعروفة دولياً. لقد حددت هذه الوثيقة التاريخي -غير المسبوقة في التاريخ العُماني- نظام الحكم في الدولة، والمبادئ الموجهة لسياساتها في المجالات المختلفة، كما بيّنت الحقوق والواجبات العامة للمواطنين، وفصلت الأحكام الخاصة برئيس الدولة ومجلس الوزراء والقضاء وأشارت إلى المجالس المتخصصة والشؤون المالية ومجلس عُمان. ويتم إصدار القوانين على أساس ما يتضمنه النظام الأساسي للدولة من أحكام بما لا يتعارض معها. ** مجلس عُمان يتكون مجلس عُمان من مجلس الدولة ومجلس الشورى، ومن ثم فإن عضويته تضم أعضاء كلا المجلسين. ويجتمع مجلس عُمان بدعوة من السلطان قابوس، الذي يفتتح الانعقاد السنوي للمجلس في كل عام من خلال إلقاء خطابه السنوي الذي يتضمن ملامح وخطوط وأولويات العمل الوطني التي تسترشد بها وتعمل في إطارها مختلف هيئات ومؤسسات وأجهزة الدولة. ويمثل ذلك في الوقت ذاته بداية الانعقاد السنوي لكل من مجلس الدولة ومجلس الشورى. ** مجلس الدولة يضطلع مجلس الدولة بحكم تكوينه ومهامه واختصاصاته بدور حيوي، على صعيد التنمية الوطنية الشاملة، وعلى صعيد تطوّر المجتمع العُماني اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً. وهو بمثابة مجلس تشريعي أعلى يعين من قبل السلطان ليضطلع بالمهام التشريعية العُليا التي تعرض عليه من قبل مجلس الشورى أو الجهات الحكومية بالدولة. ويتمتع مجلس الدولة باختصاصات وصلاحيات عديدة أبرزها مراجعة مشروعات القوانين قبل اتخاذ إجراءات إصدارها، فيما عدا مشروعات القوانين التي تقتضي المصلحة العامة رفعها مباشرة إلى السلطان قابوس لإصدارها. وكذلك إعداد الدراسات وتقديم المقترحات التي تساعد في تنفيذ خطط وبرامج التنمية، وفي إيجاد الحلول المناسبة للمعوقات الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيع الاستثمار، وتنمية الموارد البشرية، وتحسين أداء الأجهزة الإدارية. كما يقوم المجلس بدراسة ما يحيله إليه السلطان قابوس أو مجلس الوزراء من موضوعات وإبداء الرأي فيها. وبينما يقدم مجلس الدولة توصياته في شأن مشروعات القوانين المحالة إليه إلى مجلس الوزراء، فإن رئيس مجلس الدولة يرفع تقريراً سنوياً إلى السلطان قابوس يتضمن أعمال المجلس. وتمتد العضوية في مجلس الدولة لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد. ويبلغ عدد أعضاء المجلس 72 عضواً منهم 14 من النساء في عام 2009. ** مجلس الشورى يمثل مجلس الشورى رافدا آخر لتداول الشورى بمفاهيمها وتقاليدها العمانية العريقة المعروفة. وهو يضم ممثلين منتخبين عن مختلف الولايات. ويقوم المواطنون، ممن بلغوا الحادية والعشرين من أعمارهم، بانتخاب ممثلي ولاياتهم في المجلس وفق الأسس والقواعد المنظمة لذلك والتي تجعل حق الانتخاب والترشيح من الحقوق الأساسية للمواطن العماني متى توفرت لدية الشروط الضرورية لذلك ودون أي تدخل من قبل الحكومة. وتأكيداً على تطوير مسيرة الشورى في السلطنة، والتي تتمثل في توسيع صلاحيات مجلس الشورى فيما يتعلق بمراجعة مشروعات القوانين والخطط التنموية الخمسية والموازنات العامة للدولة التي تحيلها الحكومة للمجلس، تم زيادة فترة المجلس إلى أربع سنوات بدلا من ثلاث سنوات ، وفتح المجال لإعادة الترشيح مرة أخرى ، وقد وجه السلطان قابوس بعقد لقاءات مفتوحة بين مجلس الوزراء ومجلسي الدولة والشورى بكامل أعضاءهم خاصة مع كل فترة من فترات مجلسي الدولة والشورى وذلك لتحقيق اكبر قدر ممكن من التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. ** الدبلوماسية الهادئة والمتوازنة دأبت السياسة العُمانية وعلى امتداد السنوات الماضية وما تزال على مد جسور الصداقة، وفتح آفاق التعاون والعلاقات الطيبة مع مختلف الدول وفق أسس راسخة من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام علاقات حسن الجوار واعتماد الحوار سبيلاً لحل كل الخلافات والمنازعات بين مختلف الأطراف ، وبفضل هذه الأسس تمكنت السلطنة خلال السنوات الماضية من بناء علاقات وثيقة ومتطورة مع الدول والشعوب الأخرى، واستطاعت أن تعيش علاقات متنامية تتسع وتتعمق على مختلف المستويات مع أطراف المجتمع الدولي، ومن ثم أصبحت السياسة الخارجية العُمانية مجالاً وسبيلاً لدعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولتحقيق السلام والاستقرار والطمأنينة لها ولمن حولها من الدول، وتحولت بفعل العمل الدؤوب إلى رافد ثابت من روافد التنمية الوطنية وترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة ومن حولها. ** تقنية المعلومات أعطت سلطنة عُمان أولوية لاقتصاد المعرفة من خلال الشروع في تأسيس البنية الأساسية للصناعات القائمة على تقنية المعلومات والاتصالات حيث تم تأسيس مجمع تقنية المعلومات "واحة المعرفة - مسقط" الذي بدأ في تحقيق نتائج ايجابية في جذب الاستثمارات لتأسيس الصناعات المعرفية وتطوير المقدرات التقنية للشركات والمؤسسات العمانية وتوفير الرعاية للمبدعين من الشباب. وقد توّج هذا الاهتمام بإنشاء هيئة تقنية المعلومات بموجب مرسوم سلطاني صدر في 31 مايو2006. وتوّجت الجهود الذي بذلتها السلطنة ضمن خطتها لبناء مجتمع عمان الرقمي والحكومة الإلكترونية بالحصول على المرتبة ال50 عالميا في التقرير العالمي لتقنية المعلومات الصادر في عام 2008 - 2009 عن منتدى الاقتصاد العالمي والمدرسة الاقتصادية العالمية والذي شمل 134 دولة من دول العالم. وقد تقدّمت سلطنة عُمان في مجال توفير المنتجات المتطورة لأنظمة تقنية المعلومات إلى المرتبة ال22 عالميا، كما تقدمت في مجال استعدادها للحكومة الالكترونية لتصل إلى المرتبة ال39 بينما وصلت للمرتبة ال45 في مجال مستخدمي تقنية المعلومات، واستطاع مشروع شؤون البلاط السلطاني للتوظيف بواسطة الرسائل النصية القصيرة الفوز في عام 2009 بجائزة قمة مجتمع المعلومات كأحد أفضل خمس ممارسات على المستوى العالمي تحت فئة الحكومة الإلكترونية التي تعد أرفع جائزة على المستوى الدولي. كما حصل مشروع بوابة التبرعات للجمعيات الخيرية على الجائزة العربية للمحتوى الالكتروني 2009 عن فئة التضمين. ** السياحة يعد قطاع السياحة واحدا من القطاعات الاقتصادية التي شهدت تحولات جذرية على مدى سنوات النهضة العمانية الحديثة، وتسعى سلطنة عُمان إلى تحقيق معدل نمو في القطاع السياحي لا يقل عن 7 في المائة سنويا ورفع معدل مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.5 في المائة بحلول عام 2010، ومضاعفة عدد الغرف الفندقية لتصل إلى 16 ألف غرفة بحلول عام 2010، وزيادة عدد الليالي السياحية لتتجاوز الخمسة ملايين ليلة بنهاية عام 2020، كما أن سلطنة عُمان بصدد إنشاء العديد من المشروعات السياحية الضخمة من أبرزها إقامة أكثر من 12 فندقا من فئة الخمس نجوم في الأعوام الأربعة المقبلة. صحيفة السياسية