تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    5 أسباب دفعت الهلال السعودي لتجديد عقد جيسوس    باريس يزعج مبابي بقرار غريب!    الحوثيون يفرضوا ضرائب باهظة على مصانع المياه للحد من منافستها للمصانع التابعة لقياداتها    تعرضت لضربة سابقة.. هجوم ثانٍ على سفينة في البحر الأحمر وتسرب المياه إلى داخلها    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    تهامة: مائة عام من الظلم وحلم الاستقلال المنتظر    شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    وهن "المجلس" هو المعضلة    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    "الوجوه تآكلت والأطفال بلا رؤوس": الصحافة الامريكية تسلط الضوء على صرخات رفح المدوية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الرئيس الزُبيدي : المجلس الانتقالي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    العكفة.. زنوج المنزل    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضرب المبرح للأبناء .. متى ينتهي ؟ وكيف؟
نشر في سبأنت يوم 27 - 01 - 2010

لم يجد أحد الآباء أسلوبا لمعاقبة وردع ابنه غير استنشاق رائحة البنزين وحرق نصف وجهه به، فكانت النتيجة تشوّها في وجه ابنه وهروبه من المنزل, وكرهه لوالده الذي قال: إنه نفد صبره وفشلت كل محاولاته لتأديبه.
مشاهد متكررة في بيوتنا يخطئ الطفل فينهال عليه أبوه أو أمّه ضرباً، ويعللا ذلك بأنهما يحاولان تربيته ودفعه إلى المثالية في السلوك والمعاملة..‏
‏"السياسية" تبحث في هذه العدد عن ضرب الأبناء وليس الضرب التربوي (أو التأديبي كما يُطلق عليه البعض)، وإنما العنف الجسدي كالضرب المبرح سواء باليد أو باستخدام أداة معيّنة، كما حدث مع ذلك الطفل.
لا يزال الضرب أسلوباً متبعاً في مجتمعنا، فإذا ضاقت بنا السُبل ونفدت كل الأساليب لجأنا إليه دون تهوّر, فلا يوجد أي قانون أو عُرف اجتماعي يمنع الأبوين من ممارسة الضرب.‏
وبرغم أنّ بعض الأبحاث العلمية أثبتت أنّ هذه الوسيلة عديمة الجدوى، ولا ينتج عنها سوى اضطرابات نفسية وجسدية وعقلية قد تُصيب الأطفال، فتحدّ من نشاطهم وقدراتهم وحيويتهم، وقد تُؤثر على درجة ذكائهم، بل إنَّ بعضها قد يترك آثاره الدائمة على أجساد أولاده.. من عاهات وغيرها.
** تعريف الضرب
يعد الضرب أحد أشكال العُنف التي تمارس ضد الطفل وهو سلوك يصدر من أحد الوالدين، ويتصف بالإساءة إلى جسد الطفل، ويسبب له جروحا ظاهرة في بدنه وجروحا عميقة في نفسيته، تترك آثارها على شخصيته فيما بعد. ولعل العنف الجسدي هو الظاهرة الأكثر وضوحاً في مجتمعنا, حيث يأخذ الشكل التأديبي في معظم الأحيان, الأمر الذي أصبح عرفاً اجتماعياً, لدرجة أصبح من الطبيعي رؤية آباء يضربون أبناءهم في الأماكن العامة.‏
كان ل"السياسية" وقفة مع الآباء والأمهات حول هذا الموضوع الذي يدمى القلب ويجعلنا نطلق أحكاما على الآباء والأمهات بأنهم غير مسؤولين، وانتزعت منه الرحمة كانت البداية مع مجاهد، الذي يُقر أنه يضرب أولاده عند ما يخطئون، ويوضح أن الخوف من العقاب يجعلهم يفكرون ألف مرة قبل ارتكاب أي خطأ، بالإضافة إلى أن الضرب يجعلهم يخافوني ويعملون حسابي قبل فعل أي شيء، ويعتقد أن الضرب من أفضل وسائل التربية متناسيا الوسائل الأخرى.
ويتكرر كلام مجاهد كثيرا على ألسنة الآباء الذين التقتهم ‏"السياسية" فهم يبررون ضربهم لأبنائهم كوسيلة للعقاب في الوقت نفسه زرع الخوف في قلوبهم من أبيهم وهيبته.
وللأبناء رفضهم لأسلوب الضرب، فتقول كريمة محمد ‏(طالبة): "أبي وأمي يصران على معاقبتي بشدة وإهانتي بشتى الطرق، حتى ولو تأخرت خمسة دقائق عن ميعادي، وضربي دائما، وكم كنت أتمنّى أن يتعاملا معي بصورة أكثر محبّة وتفهّم. وأنا لا أحب الضرب؛ لأنه وسيلة مرفوضة وتترك آثارا نفسية سيئة".
** المراهقون والشباب
لا يقتصر ضرب الأبناء على فترة عُمرية محددة مثل الطفولة، ولكن الطامة الكبرى هي أن يتعدى مرحلة المراهقة وفترة الشباب، وهذا ما يفعله رفيق، الذي يقول: "أعتقد بأنه بدون الضرب لن يصلح الأبناء، فأنا أضرب أولادي دائما، وبلذات ابني الذي عُمره الآن 22 سنة؛ لأنه لا يسمع كلامي".
كان لنا وقفة مع أخصائيين نفسانيين واجتماعيين لنسرد عليهم ما توصلنا إليه خلال رحلة البحث عن الضرب الزائد للأبناء، فالتقينا الدكتورة عفاف الحيمي أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب التي تقول: إن من أكثر المستويات خطورة إيذاء الطفل داخل الأسرة سواء بالضرب أم بإحداث ضرر جسماني للطفل، وقد يختلف الإيذاء الجسدي باختلاف الغرض منه، فالأسرة الفقيرة تستخدم العقاب البدني بمعدلات أكبر من غيرها، وقد يصل هذا العنف إلى تعرّض الطفل لإصابات خطيرة، لذا يجب أن يكون هناك موقف إيجابي وتوعية مستمرة لحثّ الآباء على الابتعاد عن الضرب في معاقبة أبنائهم.
** تصرف شاذ
طرحنا عليها تصرّف ذلك الأب الذي يضرب ابنه في سن ال22، فأشارت إلى أنها حالة شاذة في الأب، قد يكون تربّى عليها في الصغر، أو قد يكون تعرض لظروف شخصيّة واجتماعية ثم واجهته قي حياته، أو يقول: "مثل ما تربيت وطلعت لازم أربِّي عيالي على هذا النمط الذي تربيت عليه".
وأضافت أن للضرب عواقب وخيمة وآثارا نفسية تتولد عند الأبناء، وهي -الهروب من تكاليف الحياة- عدم الاستقرار النفسي -عدم تحمّل المسؤولية- فقدان الثقة بالنفس والغير -توليد الكراهية في النفس ومن حوله- استخدام العنف كوسيلة لتحقيق الهدف وحل المشاكل ‏-القلق والخوف- الرفض والعصيان والعدائية -اهتزاز الشخص.‏
ولعلم النفس نظرتهم الخاصة حول الموضوع، فيقولا أحد المعيدين في قسم علم النفس بكلية الآداب في جامعة صنعاء الأستاذ، عبد الجبار، أن الضرب إحدى وسائل التربية والتهذيب. ويستدرك "قبل أن نقر إباحته، لا بُد أن يدرك الأب والأم أن الضرب المقصود به هو الذي لا يترك آثارا نفسية أو جسدية".‏
** ضرب غير مبرح
ويضيف "أنه لعلاج هذه المشكلة لا بُد من الرجوع للدِّين الإسلامي، أي الضرب بحكمة وعقلانية، وعقاب الأب يجب أن يكون مناسبا، فالوسائل البديلة للضرب لم تؤتِ ثمارها بل ازدادوا عقوقا وإجراما، وأنا من أنصار العودة إلى الضرب غير المبرح وغير المؤذي كوسيلة لتربية وتهذيب الأبناء، سواء داخل المنزل أم في المدرسة مع وضع الضوابط اللازمة حتى لا يؤدي إلى إلحاق الضرر بالأولاد".‏
ويقدّم نصيحة للآباء والأمّهات، وهي اتباع أسلوب عقلاني في تربية أولادهم بعيدا عن الضرب والإيذاء النفسي والجسدي، وإذا عجزا عن حل مشكلة معيّنة لأطفالهم، فلا يخجلوا من اللجوء إلى وحدات الإرشاد الأسري أو الطبيب النفسي، خاصة وأن تربية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأب والأم, مشيرا إلى أن هناك بدائل عن الضرب، مثل: الترشيد والتوجيه. إظهار عدم القبول، واستنكار الفعل المخالف، العتاب. اللوم. التأنيب على انفراد، الإنذار، التهديد بالعقاب، الحرمان من أي شيء يحبه، العقاب البدني -إذا لزم الأمر- على الكفين، أو في مكان يؤلم ولا يضر.
** رأي الدِّين
ونعرج قليلا على علماء الدِّين، حيث يقول إمام جامع النور في بني الحارث، الشيخ محسن الوعيل: "إن الإسلام وضع نظاما متكاملا لتنشئة وتربية الأبناء بما يكفي توفير احتياجاتهم ومتطلباتهم، وقد وضع سيّدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعدة أساسية لتربية لأطفال، إذ حدد سبع سنوات للعب، وسبعا للتعليم والتهذيب، وسبعا للمصاحبة، ثم اتركوهم، أي أن هناك قواعد أساسية لا بُد من أن يمّر عليها الطفل، أولا اللعب وهي مرحلة تأسيسه قبل البلوغ، حيث منع عنهم الضرب أو الزجر حتى يأخذ الطفل حقه في التنزه واللعب. ثانيا مرحلة التعليم،يكون فيها أكثر استجابة للفهم والوعي، فأكثر العلماء المسلمين حصلوا وحفظوا القرآن في هذه المرحلة، وهي بعد العاشرة، وبعد ما تأتي مرحلة المصاحبة، وتكون في سن الخامسة عشرة، حيث البلوغ والنضج والرشد، يجب على الأب استعمال أسلوب آخر، إذ يأخذ منه موقف الصديق والخليل وليس موقف الند. وأخيرا: تأتي مرحلة التحرر، وترك الباب له، معتمدين على أنفسهم، ولا يُخشى عليه؛ لأن الأب أعطى لكل مرحلة حقها، وأي مرحلة لم يأخذ فيها حقه تنعكس عليه بقية المراحل العُمرية المختلفة.‏
ومن هنا كان الإسلام حريصا على بناء الشخصية الإسلامية شخصية متّزنة ليس فيها ضرب ولا كسر ولا إجبار، وقد قال أحد الصالحين: "إن الضرب على ظهر اليد يجعل الطفل لا يتعلم حرفة أبدا تقيه من الفقر، لذلك لا يجب ضرب الطفل على ظهر يده أو وجهه".‏
واستشهد بكلام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ‏{لا تضربوا أولادكم على بكائهم، فإن بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبي وآله، وأربعة أشهر للدعاء لوالديه}.‏

** ختاما:‏
أبناؤكم هم نتاج تربيتكم، وأنتم تحصدون ما تزرعون فيهم، فأحسِنوا الزرع، ولا تشتموا الأرض والبذور إن لم تثمر أو أخرجت نكداً، وعليكم بالسعي لتربية أبنائكم وتطويرهم وإمدادهم بالمفاهيم والقِيَم والعلوم، وهم صورة عنكم فأحسنوا العمل والخُلُق ليتشبهوا بكم.‏
صحيفة السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.