تعول الدولة، باعتبارها ولي الأمر المعني بتحصيل الزكاة، على الإيرادات الزكوية كثيراً في تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية ومحاربة الفقر وتقديم الضمان الاجتماعي للفقراء والمحتاجين وكفالة وإنشاء دور الأيتام والعجزة ومعالجة أوضاع المعسرين وتنفيذ المشاريع الخيرية القائمة على التكافل والتراحم بين الناس عبر الجمعيات الخيرية. وتمتاز فريضة الزكاة بمكانة رفيعة في الدين الإسلامي فهي الفريضة التي تحقق التكافل الاجتماعي كواحد من أهم المبادئ التي يقوم عليها المجتمع المسلم وكواحدة من الفرائض السماوية التي أوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين تأديتها فهي لاتقدم طواعية بل إلزاميا من أجل إشاعة التكافل بين القادرين والمعسرين لقوله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها". وعلى الرغم من أهمية الزكاة ومكانتها في الإسلام إلا أنها الفريضة التي لم يزل المكلفين بدفعها في حيرة من أمرهم حيال كيفية تقديمها واحتسابها وتتعدد الإشكاليات التي تواجه تحصيلها على تعقد أنشطة الحياة في الوقت الحاضر. وفي هذا الجانب يرى القاضي منصور الكمالي أن غياب الحصر الشامل للأوعية الزكوية والتي منها الأراضي والمحاصيل الزراعية التي تعود بالمال على مالكها تعد من الإشكاليات التي تحول دون تحصيل الزكاة بشكل وافى وكامل . ومن تلك الإشكاليات التي تواجه تحصيل الزكاة عدم وعي المواطنين المكلفين بقانون الزكاة وتحصيل الأموال العامة والإجراءات المتبعة وفقاً للقانون واعتماد الأجهزة المختصة بتحصيل الزكاة على المشائخ والأعيان والعقال، خصوصا في المناطق الريفية الزراعية في تقدير الزكاة على المكلفين أو تحصيلها منهم بطرق لا تخلوا من الانتفاع الشخصي الأمر الذي يؤدي حد قول القاضي الكمالي إلى ضعف تحصيل زكاة الزروع والثمار خصوصا وأنه ليس لدى السلطات المحلية المختصة حصرا شاملا للأراضي الزراعية في نطاقها الجغرافي. ويشير القاضي الكمالي إلى أن ذلك سببا في التقصير الحاصل في تحصيل بعض الأوعية الزكوية للزروع مثل البن والقات والنحل والمواشي وهي أكثر المحاصيل الزراعية فائدة تجارية لمالكها. مدير عام الواجبات الزكوية السابق بأمانة العاصمة محمد عبد الرحمن كوكبان أكد أن من المشاكل التي تواجه تحصيل الزكاة سوء الإدارة في بعض الوحدات الإدارية والوعي الاجتماعي المتدني بالزكاة وأحكامها وأهميتها عند معظم الناس وبعض القائمين عليها، إضافة إلى اعتقاد الكثير من التجار والمواطنين أن الزكاة طوعية ولا يدركون أنها واجب شرعي وفرض على كل مسلم وأنها واجبة على كل مكلف اكتمل لديه نصاب الزكاة في أي مجال كان يعمل به سواء في الزراعة أو الثروة الحيوانية أو الذهب أو المال أو أي شيء واجب التزكية عليه. وبين كوكبان أن جهل المكلفين بمصارف الزكاة وكيفية إنفاقها واحدة من أكبر الإشكاليات التي تواجه عمل إدارات الواجبات الزكوية وهذا الأمر غاية في الأهمية ويستوجب على الجهات المعنية أن توضحه وتبينه للناس لمساعدة إدارات الواجبات الزكوية في عملية التحصيل. وأوضح أن تحصيل الزكاة واجه إشكاليات مع الانتقال إلى الحكم المحلي وتطبيق قانون السلطة المحلية، حيث اعتبرت قوانين السلطة المحلية مورد الزكاة على أنه مورد محلي وبموجب هذا القانون تم إلغاء مصلحة الواجبات الزكوية وتجميد نشاطها وتحويل فروعها في المحافظات إلى إدارة عامة تتبع ديوان المحافظة والأمر ينطبق على المديريات حيث بدأت كل مديرية تحاول جمع الزكاة بصورة مستقلة عن مركز المحافظة على اعتبار أنها وحدة إدارية مستقلة بموجب القانون . ويرى كوكبان أن هذا الوضع يفرض على الحكومة مسئولية كبيرة تتمثل في تكييف تلك القوانين لتنسجم مع قانون أو نظام الحكم المحلي لحل العديد من المشاكل ومنها مشكلة تحصيل الزكاة. وأوضح أن إلغاء مصلحة الواجبات بطريقة سريعة ودون حفظ الوثائق والأصول تسبب في ضياع الكثير من السجلات والوثائق الخاصة بالمصلحة التي لا أحد يدري أين ذهبت الأمر الذي تسبب في مشاكل كثيرة ..لافتا إلى أنه كان لدى مصلحة الواجبات أنظمة متميزة مع مختلف الشرائح التجارية الكبيرة والصغيرة والمتوسطة .