بالاعلان عن جولة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني الى كل من فرنسا وبريطانيا واسبانيا لحشد الجهود نحو تطوير منظومة الاتحاد الاوروبي فإن الاتحاد الذي يبلغ عامة السادس والخمسين هذا الشهر سيكون على موعد مع تفاعلات سياسية ودبلوماسية ربما تحرك الكثير من الراكد في مياهه التي تعج بالكثير من المشاكل . ويأمل كاميرون بالتغلب على المعارضة لخططه لتغيير دور بريطانيا في الاتحاد عندما يلتقي زعماء المانياوفرنسا واسبانيا - في الجولة التي قطعها بسبب وفاة رئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر- بهدف إجراء محادثات بشأن مستقبل بريطانيا في الاتحاد الاوروبي. ويطالب كاميرون الذي وضع بريطانيا في مواجهة الاتحاد بإحداث ما أسماه " المرونة " داخل المؤسسة الاوروبية .. ويرى أنه ليس من الضروري فعل نفس الامور بنفس الوسيلة في نفس الوقت.. في اشارة إلى استقلالية كل دولة في اتخاذ قرارتها بمنأى عن موقف الاتحاد الاوربي ككل، وتكون للدول فيه ادوار مختلفة. وسبق الاعلان عن جولة كاميرون زيادة في وتيرة التحركات الداخلية في بريطانيا من أجل الاسراع في تنظيم "استفتاء الانسحاب ". وقالت صحيفة "ديلي اكسبريس" البريطانيه إن أكثر من 100 نائب من حزب المحافظين، بينهم وزراء سابقون، وقّعوا رسالة في مطلع ابريل الجاري تطالب مجلس العموم (البرلمان) بالتصويت على عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي قبل الانتخابات العامة المقررة عام 2015. وأضافت الصحيفه أن النواب المحافظين يعتقدون أن تصويت البرلمان سيؤسس للاستفتاء الوطني المقترح حول الاتحاد الأوروبي. ويشير المراقبون الى ان بريطانيا تفضل الاستمرار في عضوية الاتحاد الأوروبي ولكن فقط إذا كانت قادرة على التفاوض من أجل إقامة علاقة أقل تداخلاً من خلال اتحاد أوروبي /ذي شريحتين/ يسهم فيه الأعضاء غير المنضمين إلى منطقة اليورو بقدر أقل في ميزانيته، فمن بين أعضاء الاتحاد البالغ عددهم 27 دولة، هناك 10 دول لم تنضم إلى منطقة اليورو منها بريطانيا الامر الذي ان تحقق قد ينعكس سلبا على ميزانية وقدرة الاتحاد . وكان رئيس الوزراء البريطاني قد فاجأ الجميع في نهاية يناير الماضي حين وعد بتنظيم استفتاء بشأن بقاء أو خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وذلك في حال فوز حزبه / المحافظين/ في الانتخابات التشريعية القادمة عام 2015. وأكد كاميرون أنه يريد إبقاء بلاده في الاتحاد الأوروبي ولكن بشرطين، أولهما أن تُجرى إصلاحات على الاتحاد، وثانيهما أن يقبل الأخير بإجراء مفاوضات مع بريطانيا بشأن العلاقات المستقبلية .. الا ان خطط ديفيد كاميرون بحصول بلاده على وضعية أفضل داخل الاتحاد الاوربي قد أزعجت جيرانه وخاصة المانيا. وذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية في منتصف يناير الماضي أن حكومة المستشارة أنجيلا ميركل وجهت عبر الاجتماعات الرسمية الأوروبية ومن خلال قنوات غير رسمية، رسائل متكررة لرئيس الوزراء البريطاني أبلغته فيها برفضها لخططه إعادة التفاوض مع الاتحاد الأوربي حول منح بريطانيا وضعا مميزا بين أعضائه. وقالت المجلة الألمانية إن برلين تسعي جاهدة للحليولة دون حصول لندن على حقوق خاصة في بروكسل ،لأنها تتوقع أن تطالب دول أخري في الاتحاد الأوروبي بحقوق مماثلة، كما قال رئيس لجنة شؤون الاتحاد الأوروبي بالبرلمان الالماني جونتر كريشباوم إن إعادة تفاوض بريطانيا بشأن علاقتها مع الاتحاد ستثير الكثير من المشاكل وربما تؤدي إلى عزلتها. وقال وزير الخارجية الالماني جيدو فسترفيله إن لندن لا يمكنها أن تتعامل مع أوروبا وكأنها أمام قائمة طعام تستطيع أن تنتقي منها ما تشاء وتختار السياسات التي تروق لها .. مضيفا أن الانتقاء ليس خيارا. أما مارتن شولتز رئيس البرلمان الأوروبي فقال إن بريطانيا توجه الاتهامات لكنها هي من يتحمل معظم اللوم عن كافة التأخيرات في أوروبا وإن كل ما يريده كاميرون هو إحداث تغيير يصب فقط في مصلحة بريطانيا . وفي ستوكهولم قال وزير خارجية السويد كارل بيلت إن فكرة العضوية المرنة التي طرحها كاميرون جيدة لكنها ستقود الى حيث لن تكون هناك أوروبا على الاطلاق. لكن فى المقابل اعربت ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما عن قلقها بشأن تبعات إجراء بريطانيا استفتاء على مستقبل علاقاتها مع الاتحاد الاوروبي .. وقال فيليب جوردون، مساعد وزيرة الخارجية الامريكية للشؤون الاوروبية، انه من مصلحة الولاياتالمتحدة ان ترى صوتاً بريطانياً قوياً داخل الاتحاد الاوروبي. وبريطانيا هى الحاضر الغائب فى الاتحاد الأوروبي فقد حرصت منذ بداية انضمامها للجنة الأوروبية فى 1973 على الاحتفاظ بخصوصيتها، والتزام الحذر والتأنى قبل توقيع أى اتفاقات تورطها فى شراكة غير مرغوب فيها مع جاراتها. وبالتالى فقد رفضت الانضمام إلى العملة الأوروبية الموحدة والتخلى عن عملتها المحلية القوية / الجنيه الاسترلينى / لكى تصبح جزءا من منطقة اليورو فى بداية القرن الحالي، كما رفضت أيضا أن تكون جزءا من التأشيرة الأوروبية الموحدة (الشنجن)، خوفا من سيول الهجرة غير الشرعية وحماية لأمنها من المتسللين غير المرغوب فيهم. ويعود تأسيس أول تجمع أوروبي إلى 18 أبريل1951 عندما اجتمعت ست دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وإيطاليا واتفقت على تشكيل المجموعة الأوروبية للفحم والصلب والتي ستشكل نواة قيام المجموعة الاقتصادية الأوروبية ثم الاتحاد الأوروبي. وفي 25 مارس1957 وقعت الدول اتفاقية روما التي وسعت مجالات التعاون، وأصبحت المجموعة تحمل اسم المجموعة الاقتصادية الأوروبية.. وفي السابع من فبراير1992 تم توقيع معاهدة ماستريخت بهولاندا والتي تم بمقتضاها تجميع مختلف الهيئات الأوروبية ضمن إطار واحد هو الاتحاد الأوروبي الذي أصبح التسمية الرسمية للمجموعة. ويتخذ الاتحاد العاصمة البلجيكية بروكسل مقرا دائما لأمانته العامة والمفوضية الأوروبية، ومدينة سترازبورغ الفرنسية مقرا لبرلمانه الأوروبي ويخضع الاتحاد الأوروبي لنظام الرئاسة الدورية حيث تتعاقب الدول الأعضاء على رئاسته لمدة ستة أشهر، في حين يتولى رئاسة المفوضية البرتغالي خوسي مانويل باروسو. بدأ الاتحاد في 1951 بست دول هي فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وإيطاليا ،وفي العام 1973 التحقت بها كل من المملكة المتحدة والدانمارك، ثم اليونان عام 1981م وإسبانيا والبرتغال في 1986م ثم أيرلندا في 1993م فالسويد وفنلندا والنمسا عام 1995م وابتداء من العام 2004 امتد الاتحاد الأوروبي نحو دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث انضمت عشر دول جديدة هي أستونيا وبولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وسلوفينيا ولاتفيا وليتونيا والمجر، كما انضمت كل من قبرص ومالطا للاتحاد في هذه السنة،وفي 2007 انضمت رومانيا وبلغاريا ليصبح عدد أعضاء الاتحاد الأوروبي 27 دولة.