عادت الاتهامات المتبادلة بين الحكومة السورية ومعارضيها باستخدام أسلحة كيميائية في الصراع الدائر بين الجانبين الى السطح مرة آخرى ليثار موضوع التدخل الخارجي في سوريا من جديد. واتهمت المعارضة قوات النظام السوري بتنفيذ هجوم جديد بالغاز السام في العاصمة دمشق يوم أمس ونشر ناشطون لقطات لأربعة رجال يعالجون على أيدي مسعفين. وقال الناشطون إن الهجوم الكيماوي وهو الرابع الذي تتحدث عنه المعارضة هذا الشهر وقع في ضاحية حرستا. وتوصل تحقيق للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي إلى أن غاز السارين استخدم على الأرجح في جوبر في أغسطس وفي عدة أماكن أخرى منها منطقة الغوطة الخاضعة لسيطرة المعارضة في دمشق حيث قتل مئات الأشخاص. وكان التحقيق يهدف فقط إلى تحديد ما إذا كانت الأسلحة الكيماوية استخدمت أم لا وليس تحديد من استخدمها. وفي 19 مارس الماضي قالت الحكومة السورية إن "ارهابيين" استخدموا صواريخ تحتوي على مواد كيمائية في هجوم استهدف منطقة خان العسل في ريف حلب، مما أدى إلى مقتل 15 شخصا معظمهم من المدنيين، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية سانا. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد أكد في ديسمبر الماضي، أن الدول الغربية أعربت في الكواليس عن مخاوفها من وقوع الأسلحة الكيميائية التي يملكها النظام السوري في أيدي بعض مجموعات المعارضة. ولم تقتصر الاتهامات بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية على الحكومة السورية والمعارضة فقط، بل امتدت للقوى الخارجية أيضا، حيث رفضت الولاياتالمتحدة تصريحات الحكومة السورية. وقال جاي كارني، المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، إنه "لا يوجد دليل دامغ على استخدام المعارضة للأسلحة الكيميائية". وعلى الجانب الآخر، أدانت روسيا "استخدام المعارضة للأسلحة الكيميائية"، حيث ذكر تصريح رسمي عن وزارة الخارجية أن "وقوع أسلحة كيميائية في أيدي المعارضة قد يعقّد الموقف". وسبق أن تبادلت الحكومة السورية والمعارضة الاتهامات باستخدام الأسلحة الكيماوية خلال الصراع المستمر منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وينفي كل جانب اتهام الآخر. وأثار هجوم الغوطة غضبا عالميا وهددت الولاياتالمتحدة بتوجيه ضربات عسكرية ضد دمشق لكنها تراجعت بعد أن تعهد الرئيس السوري بشار الأسد بتدمير ترسانة أسلحته الكيماوية. لكن الحكومة السورية لم تف بمهلة انتهت في الخامس من فبراير الماضي لنقل كل موادها الكيماوية المعلنة والتي تزن نحو 1300 طن إلى خارج البلاد. ووافقت سوريا بعد ذلك على التخلص من الأسلحة بحلول أواخر ابريل الجاري . ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 150 ألف شخص ثلثهم من المدنيين قتلوا في الصراع. وعندما ذكر ناشطون بالمعارضة أن طائرات هليكوبتر أسقطت غاز الكلور على قرية كفر زيتا الخاضعة لسيطرة المعارضة يومي الجمعة والسبت قالت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سامنثا باور في حديث لمحطة إيه.بي.سي التلفزيونية إن الهجوم غير مؤكد حتى الآن. وبث ناشطون صورا وتسجيلا مصورا بالفيديو لما قالوا إنها قنبلة كلور بدائية الصنع لدعم المزاعم بأن قوات النظام استخدمت أسلحة كيماوية في كفر زيتا وهو الهجوم الذي تلقي فيه الحكومة باللوم على المعارضة المسلحة. ووردت ردود أفعال متباينة في 19 مارس الماضي بشأن اتهامات الحكومة السورية للمعارضة باستخدام الأسلحة الكيمياوية وقال أحمد أوزموغو رئيس منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية أنه ليست هناك معلومات من جهة مستقلة عن أي استخدام للأسلحة الكمياوية في سوريا كما تزعم الحكومة السورية ومقاتلو المعارضة. واضاف في ندوة في فيينا "لا أظن أننا نعلم أكثر مما تعرفونه في الوقت الحالي... بالطبع سمعنا هذه التقارير ونتابع الوضع عن كثب". وقالت بريطانيا بعد تردد تقارير إعلامية عن هجوم بأسلحة كيماوية في سوريا إن استخدام مثل هذه الأسلحة أو نشرها هناك سيستدعي "ردا جادا" من المجتمع الدولي. وقالت ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية "المملكة المتحدة واضحة في أن استخدام الأسلحة الكيماوية أو نشرها سيستدعي ردا جادا من المجتمع الدولي وسيضطرنا لإعادة النظر في موقفنا حتى الآن".