تعقد الجامعة العربية اجتماعا طارئا على مستوى المندوبين في القاهرة اليوم الاثنين، لبحث الأوضاع الأمنية المتدهورة في ليبيا وسبل التصدي ل"الإرهاب" في الوقت الذي اعلنت فيه مصادر دبلوماسية تأجيل عقد جولة جديدة من محادثات السلام بوساطة الأممالمتحدة كان مقرر عقدها اليوم. ويأتي هذا الاجتماع بناء على طلب تقدمت به الحكومة الليبية عبر مندوبها لدى الجامعة السفير عاشور بو راشد وايدته مصر والامارات العربية المتحدة. ونقلت وسائل الإعلام عن نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي في تصريح له امس، قوله: إن "الاجتماع سيناقش التطورات الخطيرة التي تشهدها ليبيا وتصاعد وتيرة العنف والأعمال الإرهابية التي لم تعد تقتصر على استهداف المواطنين الليبيين أو المقيمين في ليبيا وإنما طالت أيضا المرافق الاقتصادية الحيوية التي تمثل ثروة الشعب الليبي ومقدراته وخزانات النفط". وأشار إلى أن الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي سيعرض خلال الاجتماع تقريراً حول تطورات الأوضاع في ليبيا والمساعى التى يقوم بها مبعوثه الخاص إلى ليبيا ناصر القدوة. الى ذلك ذكرت مصادر دبلوماسية أن جلسة الحوار الليبي التي كان مزمعا عقدها اليوم الإثنين برعاية الأممالمتحدة تم تأجيلها لأجل غير مسمى. واكد نائب في البرلمان طلب عدم ذكر اسمه ان بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا أبلغت النواب اليوم تأجيل الحوار إلى أجل غير مسمى. من جانبه قال مصدر دبلوماسي ليبي ان “الحكومة لم تتلق حتى الآن أجندة الحوار وجدول أعماله أو مكان انعقاده أو اطرافه”، مؤكدا أن ذلك يعني أن الحوار لن يتم كما كان مقررا اليوم. من جهته أعلن المتحدث باسم بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا سمير غطاس في تصريحات لوسائل اعلام محلية إن “المشاورات مستمرة مع كل الأطراف في ليبيا من أجل التوصل إلى اتفاق حول موعد ومكان الحوار”. وكان برناردينو ليون مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا قال لمجلس الأمن نهاية الشهر الماضي إن الحوار الليبي سيكون "في الخامس من يناير بعد أن تحصل (المنظمة الدولية) على ردود إيجابية من أطراف الصراع الليبي"، بحسب تصريحات لرئيس المجلس. وقال ليون إن الحوار الليبي سيضم اعضاء في المؤتمر الوطني العام وهو البرلمان السابق للبلاد الذي عاود الانعقاد بناء على دعوة من الحكام المسيطرين على طرابلس حاليا. لكن غطاس اوضح ان "بعثة الأممالمتحدة لم تحدد حتى الآن موعد الحوار بين الليبيين وهي تواصل مشاوراتها مع مختلف الأطراف حول هذا الشأن". وقالت الأممالمتحدة إن مئات المدنيين في ليبيا قتلوا في القتال منذ اواخر أغسطس وحذرت زعماء الجماعات المسلحة من أنهم يمكن أن يواجهوا ملاحقة قضائية بسبب جرائم حرب محتملة تشمل عمليات إعدام وتعذيب. وقال تقرير مشترك صادر عن مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان وبعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا الذي وثق أيضا قصف مناطق مدنية إن النزاع المسلح أدى إلى نزوح 120 ألف شخص على الاقل من منازلهم. وعقدت الجولة الأولى من الحوار في غدامس برعاية الأممالمتحدة وبعثتها للدعم في ليبيا برئاسة ليون، في 29 سبتمبر في حضور 12 من أعضاء مجلس النواب المنتخب وعدد مماثل من النواب المقاطعين لجلسات البرلمان، لكنها لم تفض الى اي نتيجة. وأجلت المحادثات الجديدة مرارا بسبب صعوبة جعل الأطراف توافق على الاجتماع. على صعيدا اخرى قالت مصادر اعلامية ان اشتباكات اندلعت بين الجيش الليبي وتنظيم ما يعرف بأنصار الشريعة في حي الليثي بمدينة بنغازي، مشيرة إلى أن الاشتباكات اندلعت بعد تمركز قوات كبيرة من الجيش الوطني على مشارف الحي، معززة بقوات الصاعقة بالإضافة إلى قوات من المشاة. وأعلن الجيش الليبي أيضاً عن تصديه لهجوم استهدف مطار الأبرق الحربي شرقي البلاد. وفي مصراتة، غربي البلاد، شن سلاح الجو الليبي غارات على أهداف تابعة لقوات فجر ليبيا وفقاً للمتحدث باسم رئاسة الأركان العامة للجيش العقيد أحمد المسماري. وأوضح المسماري أن الغارات شملت مواقع يستخدمها المسلحون لتخزين الأسلحة والعتاد، إضافة إلى استهداف خزانات لوقود طائرات، تستخدمها قوات فجر ليبيا، المصنفة إرهابية، لقصف منطقة الهلال النفطي. كذلك قال مسؤولون إن قوات موالية للحكومة الليبية نفذت ضربات جوية امس لليوم الثاني على التوالي على أكبر مصنع للصلب في مصراتة. وقال رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للحديد والصلب، محمد عبد الملك الفقيه، إن طائرات حربية قصفت محيط المصنع وسوراً قرب مركز تدريب تابع للشركة. ويتنافس برلمانان وحكومتان على الشرعية في ليبيا منذ سيطرت قوات فجر ليبيا على العاصمة في أغسطس وشكلت حكومة ودفعت حكومة رئيس الوزراء المعترف به عبد الله الثني للانتقال الى الشرق. وتخشى القوى العالمية أن يؤدي الصراع الليبي إلى حرب أهلية مع اندلاع قتال حول السلطة والثروة النفطية بين جماعات للثوار السابقين الذين ساعدوا في الاطاحة بمعمر القذافي في 2011 . ويعقد مجلس النواب المنتخب جلساته في مدينة طبرق منذ 4 أغسطس الماضي بصفة مؤقتة بسبب تدهور الوضع الأمني في بنغازي، المقر الدائم للبرلمان. وتسيطر قوات فجر ليبيا على اغلبية العاصمة الليبية طرابلس وعلى ثلث مدينة مصراته، كما أنها شنت حملة لفرض سيطرتها على مصافي النفط في شرق البلاد. وفي 25 ديسمبر، أطلقت هذه القوات صورايخ ادت الى حريق هائل في مرفأ السدرة النفطي وهو واحد من المرافئ النفطية الثلاثة الرئيسية في البلاد. ويقول محللون إن "انتاج ليبيا من النفط تراجع الى اقل من 350 الف برميل يومياً من أصل 800 الف برميل كانت تنتجه قبل احتدام القتال في 14 ديسمبر الماضي".