إن اقدام فخامة الرئيس علي عبدالله صالح على تحمل مسؤولية قيادة الوطن في مرحلة محفوفة بذلك القدرمن التحديات والاخطار التي أمامها تراجع الكثيرون من السياسيين المخضرمين الطموحين الى الصفوف الخلفية، لم يكن الا تجسيد لشجاعة الاقدام التي عرف بها في مراحل الدفاع عن الثورة اليمنية «26 سبتمبر و14 اكتوبر» وترسيخ النظام الجمهوري فكان دائماً القائد الجسور الذي يتقدم الصفوف برباطة جأش، ونكران ذات انتصاراً لحق شعبه في الحرية والتقدم والرقي والازدهار، وماكان له ان يتوانى عن تحمل مسؤولية وطنه وشعبه تحت أي ظرف مهما كان صعباً وخطيراً.. ومن هذا المنطلق كان قبوله قيادة اليمن في 17 يوليو 1978م الذي نحتفل اليوم بالذكرى ال 26 لاشراقة فجره الوضاء على كل ربوع الوطن اليمني. لقد استطاع الاخ الرئيس بحكمته وشجاعته ليس فقط التجاوز باليمن اوضاع تلك الفترة وقيادة سفينته بمهارة في خضم بحر متلاطم الامواج الى بر الأمان، بل وواصل مسيرة ثورته صوب تحقيق اهدافها العظيمة برؤى استراتيجية تجسد خصائص فكره السياسي وخصال شخصيته القيادية الفذة وسجاياه الانسانية النبيلة، لتكون مجتمعة تعبيراً مكثفاً للروح الوطنية اليمنية الحضارية العريقة. وحتى نستوعب معاني ومضامين 17 يوليو في تاريخ اليمن الحديث بكامل ابعاده، وادراك مدى الترابط العميق لهذا اليوم ببناء اليمن الموحد الجديد يتوجب استرجاع واقع اليمن- قبيل تحمله مسؤولية قيادته- الاجتماعي السياسي، الاقتصادي والثقافي وفي مختلف مجالات البناء الديمقراطي والتنموي والخدمي لنتبين كم هو البون شاسعاً بين ماكان عليه ابناء اليمن في عهود التشطير والشمولية المقيتة وماهم عليه اليوم وهم يتفيأون ظلال راية الجمهورية اليمنية ودولتها الديمقراطية المؤسسية الحديثة. وماينبغي التأكيد عليه والاشارة اليه في هذا السياق ان علي عبدالله صالح لم يسع الى السلطة بل هي التي سعت اليه وفي ظروف مأساوية احداثها المتسارعة طغت على بريقها، فكانت مغرماً لامغنماً مشترطاً القبول تحمل أعبائها كاستجابة لاجماع وطني وفقاً للمسار الديمقراطي المتمثل بالانتخاب قبل مجلس الشعب التأسيسي الممثل فيه كل شرائح وفئات المجتمع اليمني. فكان انتخابه من اعضاء مجلس الشعب التأسيسي في 17 يوليو 1978م هي البداية الحقيقية الصحيحة لبناء اليمن الجديد ودولته العصرية ليعني ذلك ان الديمقراطية كانت مكوناًرئيسياً في فكر الاخ الرئيس مدركاً بنظرته الثاقبة ان تحقيقها في صورتها الكلية مرهون بإعادة وحدة الوطن اليمني التي أقام بناء دولتها على اساس نهجها التعددي الحزبي السياسي وما يعنيه من حرية رأي وصحافة واحترام حقوق الانسان وتعزيز مشاركة المرأة في كافة مجالات الحياة اليمنية المعاصرة لتصبح مؤسسة الدولة في سلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والمحلية تجسيداً لمبدأ التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات تنافسية حرة ومباشرة . وفي هذا المنحى فإن مبدأ التسامح في سلوك الاخ الرئيس سجية انسانية تتلازم مع ايمانه ان حاضر اليمن المشرق ومستقبل أجياله الزاخر بالرخاء والتقدم والرفاهية لايبنى إلا بالتسامح والديمقراطية وهذا هو بالضبط ماجعل علي عبدالله صالح زعيماً وطنياً وقائداً قومياً تاريخياً فريداً.. وهاهو اليمن بقيادته يحلق عالياً في فضاءات العصر، مواكباً متغيراته مستوعباً تحولاته مؤثراً في مجريات أحداثه ومسارات واتجاهاته وبمايخدم مصالح اليمن وأمته العربية والاسلامية من مكانته الدولية وموقعه بين اوائل الدول الديمقراطية المتقدم في عالمنا المعاصر. وهنا تتجلى الدلالات الوطنية ليوم 17يوليو في سفر تاريخ اليمن الحضاري العظيم ومنه يستمد ابناء شعبنا وقواته المسلحة والأمن مباهج افراحهم بالذكرى ال 26 الخالدة. 26 سبتمبر