لواء وخبير استراتيجي مصري : ال 48 ساعة القادمة قد تكون حاسمة في حرب غزة    حرب غزة.. المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    رابطة أمهات المختطفين تدين قرارات الإعدام الجماعية التي أصدرتها محكمة حوثية بحق 44 مختطفا    إب تحت رحمة الحوثيين: جبايات متزايدة ومعاناة مستمرة!    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    شرح كيف يتم افشال المخطط    ناغلسمان يعلن مشاركة نوير في ودية اوكرانيا    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    "الغرف المخفية" تُفضح فساد الحوثيين وتُجبرهم على بيع "ذهبهم" بأبخس الأثمان!    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    أولى جلسة محاكمة قاتل ومغتصب الطفلة ''شمس'' بعدن    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور.. باتشوكا يحصد لقب دوري أبطال الكونكاكاف    جدول مباريات وترتيب مجموعة منتخب الإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    ضربات هي الإعنف على الإطلاق.. صحيفة تكشف عن تغير أسلوب ''التحالف'' في التعامل مع الحوثيين    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    القبض على أكثر من 300 أجنبي في مديرية واحدة دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية    يقتل شقيقه بدم بارد.. جريمة مروعة تهز مارب    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    فخامة الرئيس بن مبارك صاحب القدرة العنكبوتية على تحديد الضحية والالتفاف    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    ما خطورة قرارات مركزي عدن بإلغاء العملة القديمة على مناطق سيطرة الحوثيين؟.. باحث اقتصادي يجيب    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوثيقة النازية الحوثية
نشر في سما يوم 27 - 12 - 2017

في يوم الجمعة الموافق 17/3/1433 هجرية 23/3/2012 ميلادية أصدر الحوثيون ما اسموه الوثيقة الفكرية والثقافية والتي هي عبارة عن اتفاق بين أبناء الزيدية عموما ومن جملتهم المجاهدون حسب زعمهم وفي مقدمتهم عبد الملك الحوثي، تلك الوثيقة وان بدت على انها وثيقة فكرية ثقافية في ظاهرها، الا انها تحوي في مضامينها نزعات سلالية عنصرية هي اشبه ما تكون بنظريات الاجرام والطغيان والتعصب والاستبداد والوحشية الدموية مثل النظرية النازية والفاشية والنظرية الفرعونية الاستعلائية والنظرية النمرودية الالحادية.
الفرق بين النظريات العنصرية الاستبدادية والاستعلائية الانفة الذكر هو ان تلك النظريات تجاهر في معظمها بالكفر والالحاد، بينما تتستر النظرية النازية الحوثية بوشاح الايمان والوحدانية والقران الكريم والرسول محمد (ص) واهل بيته الاطهار، لكن النظرية النازية الحوثية في حقيقة الامر اشد خطرا على البشرية من تلك التي سبقتها من النظريات المذكورة انفا والنظريات التي لم نذكرها في سياق حديثنا هذا، ذلك لان النظرية النازية الحوثية تستطيع خداع الملايين من البشر بما ورد فيها من جمل وعبارات توحيدية وايمانية ومن احاديث نبوية وآيات قرآنية.
تنطوي الوثيقة النازية الحوثية على الكثير من الأفكار والنزعات العنصرية التي لا يمكن اكتشافها بسهولة الا من خلال قارئ متمكن متفحص قادر على إدراك ما بين السطور، اذ تشير الوثيقة الى قضية مهمة من قضايا الايمان وهي ان الحوثيين يؤمنون بأن الامام علي بن أبي طالب هو خليفة رسول الله وامام المسلمين من بعده يليه من اسموهم أئمة اهل البيت مثل الحسن والحسين والائمة المنحدرون من هذه السلالة، وهنا تكمن العنصرية النازية في ابشع صورها وتجلياتها، حيث لا مكان لأي فرد من امة الإسلام في موقع القيادة والريادة مهما كان ايمانهم ومنزلتهم وتاريخيهم وجهادهم في خدمة الإسلام والمسلمين، وبموجب هذه النظرية النازية يجب على الامة الإسلامية ان تغيب الجزء الأكبر من تاريخها العظيم خصوصا في فترات العز ابان خلافة الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وخلافة القادة الفاتحين من بني امية والخلفاء العظام من بني العباس وخلفاء بني أيوب والمماليك والخلافة العثمانية، يجب ان ننسى كل تلك الحلقات المشرقة في تاريخنا لنتذكر فقط البكاء والنحيب بيوم عاشوراء وغيرها من المآتم التي تجعلنا على مدار العام نبكي ونلطم ونكتسي بالسواد.
القضية الثانية التي وردت في الوثيقة النازية الحوثية هي قضية الايمان بالعترة او ما يسمونه الثقل الأصغر او قرناء القرآن، وهذه المسألة أيضا تنطوي على شيء من التعصب العرقي الاعمى الذي لا يستقيم مع عدل الله في الأرض كما لا يستقيم أيضا مع منطق القران الواضح والمحكم مثل قوله تعالى "ان اكرمك عند الله اتقاكم" فالحوثيون يزعمون بهذا المنطق ان كل من لم يتفق معهم بل ان كل من لم يطيعهم ويذعن لهم مصيره النار، كونه حسب زعمهم قد ضل عن الطريق بعدم اتباعهم كون العبور الى الجنة في نظرهم لا يكون الا من خلال جواز سفر صادر منهم ومختوم بختم العترة (الحوثيين) وهذه مأساة حقيقية وكارثة فكرية وانحطاط ثقافي لا مثيل له في عالم اليوم، حيث لا مكان لسنة رسول الله، بل ولا مكان لله أيضا في عقيدتهم لان الاتصال بالله حسب زعمهم لا يكون الا من خلالهم وعبرهم فقط لا غير، فالحوثي هو الوكيل الحصري لله في اليمن، وحسن نصر الله في لبنان، والسيستاني في العراق، والخامنئي في ايران .. الخ، انها الصنمية الجديدة التي استبدلها هؤلاء القوم بصنمية هبل واللات والعزى ومناة، اذ لا فرق بين اصنام قريش الحجرية واصنام السلالة البشرية، فكلاهما يزعمان تقريبنا من الله زلفى.
ان قضية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما وردت في الوثيقة النازية الحوثية أيضا تثير الضحك ان لم نقل الاستهجان، حيث حصرت الوثيقة مسألة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما أسمته جهاد الظالمين أمريكا وإسرائيل وهذه القضية ليس لها علاقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لان قضية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تأتي في إطار القضايا الاجتماعية داخل المجتمع الإسلامي نفسه وليس في باب العلاقة مع الأمم والشعوب الأخرى، كذلك أوردت الوثيقة مسألة جهاد الظالمين كواجب ديني لقتالهم وجهادهم، لكن المقصود هنا بالظالمين هم من يتولون امر المسلمين ممن لا ينتمون الى نفس السلالة الحوثية، ذلك لان الحوثيين يزعمون ان من اكبر المنكرات والظلمات ان تتولى الشعوب ارادتها وتختار حكامها كون هذا الحق حكرا لبني حوث ووظيفة خاصة بهم.
وفي باب الاصطفاء وما أدراك ما الاصطفاء، اذ لا فرق بين النازية والحوثية على الاطلاق، فالنازيون قالوا ان العرق الاري هو العرق الأقوى والانقى والاذكى وهو الذي يجب ان يسود العالم وبسبب تلك النظرية المجنونة قتل أكثر من خمسين مليون شخصا ودمرت بلدان بأكملها ومدن برمتها، وما زالت البشرية تعاني من اثار تلك النظرية النازية حتى يومنا هذا، كذلك زعم الحوثيون في وثيقتهم ان الله اصطفاهم على العالمين بشكل عام وعلى المسلمين بشكل خاص وزعموا ان الله قد اورثهم الحكم والكتاب وجعل لهم السيادة والريادة والقيادة على البشرية افرادا وجماعات حتى قيام الساعة، وبهذه الطريقة قطع الحوثيون الطريق على الناس جميعا في التفكير والاحلام والطموحات والتفوق والابداع والابتكار، كون كل تلك الوظائف حسب زعمهم حقا حصريا لهم افرادا وجماعات، وهم يقصدون بكلمة افرادا أي من يقومون بوظائف الولاية او الامامة مثل الخامنئي والسستاني وحسن نصر الله وعبد الملك الحوثي، اما كلمة جماعات فيقصدون بها بقية افراد السلالة الذين يعدون بالملايين وهي صيغة سياسية يراد منها إرضاء بقية أعضاء السلالة وايهامهم انهم في نطاق الاصطفاء وفي سياق التمتع بالمصالح والأموال والمناصب والعائدات حتى لا يحصل صراع على الولاية بين افراد السلالة المشمولة بالاصطفاء.
وفيما يتعلق بقضية أصول الفقه، فان الحوثية النازية كنزعة عنصرية استعلائية متغطرسة واستبدادية متوحشة، رفضت كل ما ورثته الامة الإسلامية من فقه ورد عن أئمتها الكبار من أمثال الامام الشافعي والامام مالك والامام أبو حنيفة النعمان والامام احمد بن حنبل، بل عبرت تلك الوثيقة بشكل واضح ومتعصب لا يقبل أي فقه الا الذي جاء ممن يسمونهم اهل البيت وهي تسمية يراد منها التضليل والمخادعة للتغطية على التعصب السلالي والمذهبي البغيض، حيث ان النازية الحوثية في حقيقة الامر لا تقبل فقه اهل البيت انفسهم وانما تنتقي فقها محددا وتسميه فقه اهل البيت وتسعى الى فرضه على الناس بشتى الوسائل القذرة. كذلك فان الامر ينطبق تماما على موضوع الاجتهاد كما هو الحال في أصول الفقه. وبشكل مماثل ترفض الوثيقة النازية الحوثية التعاطي مع علماء الكلام، كون علم الكلام مغاير لمنهج السلالة العنصرية حسب زعمهم.
يبدو مما تقدم ان الوثيقة النازية والحوثية في حقيقة الامر هي نسخة من نسخ التخلف الحضاري والانحطاط الثقافي والقيمي والأخلاقي والإنساني، فالوثيقة تفوح بروائح العنصرية والسلالية العفنة، التي عفا عليها الزمن، كما انها تستدعي ثقافة ونظام الأزمنة الغابرة التي لم تعد موجودة في عالم اليوم الا في كتب التاريخ والقصص والروايات والأفلام والمسلسلات التاريخية، ذلك لان كل من يقرأ الوثيقة النازية الحوثية في الوقت الحاضر يتبادر الى ذهنه الحقب التاريخية القديمة مثل عصور النمرود وفرعون ونبوخذ نصر وغيرهم من الملوك والامبراطورات المتجبرين، كما انها تشكل تحديا صارخا لكل اشكال الديمقراطية الحقيقية وانتكاسة كبرى لحقوق الانسان التي باتت الى جانب الديمقراطية واحدة من سمات العصر الذي نعيش فيه الان ومن اهم مظاهره الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، ولذا فان الوثيقة النازية الحوثية ستفجر سيلا من الصراعات والحروب الاهلية التي لا تنتهي الا بنهاية الظاهرة الحوثية وانتصار الحرية والديمقراطية على الاستبداد والكهنوت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.