تصادف اليوم الاثنين الذكرى التاسعة لاستشهاد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بمادة سامة مشعة، وتحل الذكرى السنوية هذه المرة في ظل خلاف كبير وحاد بين حركة فتح التي كان يتزعمها عرفات وبين حركة حماس، حمل عدة نقاط، أبرزها دعوات في هذا اليوم للخروج على حكم حماس بغزة، وإعلان فتح عن اعتقال العشرات من ناشطيها في غزة، إضافة لحالة الاستقطاب الحاد بين الطرفين حول ملف الوفاة. فالذكرى السنوية لوفاة الزعيم الفلسطيني سبقها تسليم نتائج فحص لجهات سويسرية وروسية، أكدت أن الوفاة لم تكن طبيعية، وأن الرجل مات بفعل دس مادة البولونيوم له، تلاه اتهام واضح من رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية اللواء توفيق الطيراوي لإسرائيل بالوقوف خلف تدبير الأمر. لكن الجديد في ملف عرفات بعد تسع سنوات على استشهاده هو حالة الخلاف الشديد بين حركتي فتح وحماس، في ظل انعدام أي مؤشرات جديدة على العودة لعقد لقاءات مصالحة جديدة، وما صاحبها من دعوات ل ‘حركة تمرد غزة' التي تدعو للخروج على حكم حماس لإسقاطه في ذكرى استشهاد عرفات. وبمناسبة الذكرى السنوية أعلن موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس أن حركته وقفت مع أبو عمار ‘حينما قاوم العدو الصهوني ورفض التنازل عن القدس وسمح للعمل المقاوم في الضفة المحتلة وقطاع غزة خلال انتفاضة عام 2000′. وأشار في تصريحات كتبها على صفحته على موقع ‘فيسبوك' أن حماس ‘وقفت مع عرفات في مواجهة أمريكا وإسرائيل، في الوقت الذي وقفت بعض التيارات في حركة فتح ضده وتآمرت أخرى عليه'. وأكد أن الوقوف إلى جانب عرفات كان رغم تفاوضه مع الاحتلال، واعترافه بإسرائيل، وتوقيعه على اتفاق أوسلو، كونه ‘قاوم الاحتلال'. وأعاد أبو مرزوق التذكير بأن حركة حماس قالت منذ وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل أنه مات ‘بفعل فاعل ولا بد من التحقيق'، وأنه ‘رفض بعض أصحاب الأصوات المرتفعة والأقلام المتلوثة كلامنا آنذاك'. كذلك رفض القيادي البارز في حركة حماس الاتهامات التي وجهت لحماس بوصفها ب'الانتهازية'، وقال ‘لم نرفع سلاحاً في وجه الرجل بل طالبنا بالتحقيق في ظروف مقتله'. كذلك قال أن حماس لم تمنع الاحتفال بذكرى رحيل عرفات في غزة، غير أنه قال أن ‘خلافات فتح الداخلية خلال العام الماضي أفسدت ذلك، وفي العام الذي سبقه أفسدت الاحتفال كثرة الدماء فيه، فكان البديل احتفالا جامعا يشارك فيه الكل الوطني وفي إطار لائق بالمناسبة'. ورفض أبو مرزوق اتهاما بان عملية السلام تعثّرت بسبب عمليات القسام، وقال ان هذا الأمر ‘يجافي الحقيقة والواقع، وعليه أن يجيبني على السؤال الحالي، من المسؤول عن انسداد أفق التسوية'. وكانت حركة حماس انتقدت موقف حركة فتح من تقارير التحليلات الأخيرة لرفاة الزعيم الفلسطيني، وطالبت في ذات الوقت السلطة الفلسطينية إلى إعلان وقف المفاوضات فوراً في ظل هذه النتائج الخطيرة، والقيام بالتحقيقات اللازمة لكشف ذيول الجريمة، فقوبلت تصريحاتها هذه بنقد من حركة فتح التي قالت أن ‘استغلال حماس لاسم عرفات هو اغتيال لوعي الشعب الفلسطيني'. هذا وقال سامي أبو زهري الناطق باسم حماس أنه يرى إبلاغ حركة فتح بالموافقة على إحياء ذكرى استشهاد عرفات من خلال ‘ترتيب فصائلي وفي مكان لائق'، وأن فتح ‘رفضت ذلك وأصرت أن الاحتفال هو لحركة فتح وأنها تدعو من تريد من الفصائل'. لكن حركة فتح اعتبرت ‘استخدام واستغلال' حماس لاسم القائد ياسر عرفات ومنعها في الوقت نفسه إحياء ذكرى استشهاده في قطاع غزة ‘صورة أخرى من جرائم الاغتيال المعنوي والسياسي الذي مارسته حماس ضد الرئيس الراحل عرفات، والرئيس أبو مازن وريث المنهج النضالي الوطني للحركة'. واعتبرت أن منع حماس لإقامة احتفالية في الذكرى التاسعة لاستشهاد عرفات يعني ‘محاولة اغتيال سياسي لمكانة الرئيس الشهيد أبو عمار في ذاكرة ووعي الشعب الفلسطيني، كما كانت تفعل في حياته عندما كانت توجه أعمالها العسكرية لعرقلة نضاله السياسي، ومنعه من تحقيق أي تقدم على طريق البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقضية فلسطين'. وطالبت حركة فتح من حماس إن كانت صادقة في مشاعرها حسب وصف البيان إلى ‘الاعتذار للشعب الفلسطيني عن انقلابهم على شرعية منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية التي أسسها ياسر عرفات والالتزام بمنهج الوحدة الوطنية، ومطابقة أفعالهم مع خطابهم الإعلامي وبياناتهم الصحفية'. هذا وأعلنت حركة فتح في ذات الوقت عن قيام أجهزة الأمن في قطاع غزة التابعة للحكومة المقالة التي تديرها حماس بشن حملات اعتقال واستدعاء لعناصرها في عدة مناطق متفرقة، وقالت أن الحملات هذه طلت العشرات من أنصارها بينهم سيدتين من مدينة رفح، وقالت أن من أفرج عنهم ‘أجبروا على التوقيع على تعهد بعدم المشاركة في أي نشاط يتعلق بإحياء ذكرى استشهاد الرئيس ياسر عرفات، ونبذ حركة تمرد وانتقادها وعدم المشاركة فيها'. وأدانت فتح حملات الاعتقال هذه ودعت حماس لوقفها، و ‘الاستجابة لنداءات حركة فتح والقيادة الفلسطينية والفصائل الوطنية لتهيئة الأجواء من اجل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية'. وقالت ‘أن حملة الاستدعاءات والاعتقالات تأتي في الوقت الذي كنا نعتقد أن حركة حماس ستعود عن قرارها الرافض لإحياء الذكرى التاسعة لاستشهاد القائد الرمز الرئيس ياسر عرفات (..) وتغليب المصلحة الوطنية لتجسيد الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب'.