الاربعاء الماضي ، كان رئيس الهيئة العامة للآثار ، عبدالله باوزير يُبشر وسائل الإعلام ب«اكتشاف أثري هام ونادر» في مديرية السدة بمحافظة إب .. قال باوزير: إن الاكتشاف عبارة عن «قبر ملكي» بُني بطريقة هندسية وفنية يُعتقد أنه لامرأة تعود إلى العصر الحميري، وإن الهيئة ستقوم ب«توثيق كل ما تم العثور عليه ونقله إلى متحف مدينة إب وعمل دراسة لترميمه وتحديد العمر الزمني للجثة المتحللة بداخل التابوت. الخميس، بعد يوم واحد فقط، تناقلت وسائل الإعلام الالكترونية، الخبر المدمر لبشارة باوزير:الموقع الأثري في منطقة العصيبية يتعرض للنهب ويتم تدمير محتوياته، وأن الفريق الأثري فوجئ بخلو القبر من كافة محتوياته التي كانت ما تزال داخل تابوتين برونزيين تركوهما مساء أمس أي في الليلة الماضية ، في عهدة حراسة أمنية. سُرق القبر .. ضاعت محتوياته بأكملها .. صعدت الجثتان للسماء ربما، وربما عادت بقدرة قادر إلى سابع أرض .. طار الكنز، ولم يتعرف الفريق الأثري على «صاحبة الجثة»، أو يحدد رئيس هيئة الآثار العمر الزمني لها. لماذا كل هذا العبث ؟!! هل يريدوننا أن نصدق ؟! هكذا.. وبكل بساطة !! ماذا يعني خبر «اكتشااااف» في اليوم الأول لأثر يدل على «طفرة تاريخية هامة» وسرقة ذلك الاكتشاف في اليوم الذي يليه ؟!! لماذا سُرق الكنز، ولم يتم حمايته بعناية ، وبالطريقة المطلوبة. الأسوأ من خبر السرقة الذي صدم الجميع، إلا اللصوص ، توضيح المصادر المحلية هناك بأن التوابيت كانت ممتلئة ب«أقراط وأساور وخلاخيل ذهبية وسيف ورمح ومباخر وبعض الأدوات النحاسية وأحزمة ذهب مرصعة بالياقوت» كتعميق لهول الكارثة، وافصاح غير مباشر عن المستوى الهزيل والمخجل الذي أظهرته الجهات المختصة حيال كنز أثري هام إذا كانت الجهات المختصة تعرف أن القبر مليء ب«الجماجم الذهبية والتاريخية» والذهب المرصع بالياقوت ، فلماذا لا تحافظ عليه، وتكثف حراستها له ؟! لماذا لم يتم نقله لحظة اكتشافه من موقعه إلى أحد المتاحف ، والقيام بعمل الدراسات والمعالجات للجثة وما جاورها بالراحة ؟!! لماذا تظهر «حاستنا التاسعة» حيال أشياء تافهة لا يلتفت اليها، وتضيع كل حواسنا، إذا تعلق الأمر ب«تاريخ» وكنز أثري هام يمثل أساس دولة، «يقعي» عشرات اللصوص ومجرمي الآثار والعواطلية حين يسمعون أو «يشمون» خبراً عن اكتشافه أو العثور عليه ؟! سماسرة الآثار انتشروا ك«جراد فتاكة» في كل المدن، وجعلوا المواطنين يتحولون إلى «قرود» في سفوح الجبال وبطون الأودية بحثاً عن «كنوز». تاريخنا يباع ب«أبخس الأثمان» من قبل عصابات مركزة ونموذجية لا عمل لها سوى «طمس الذاكرة» ومصادرة الهوية. يُهان ملوكنا السابقون من قبل لصوص و«نهَّابة» ،اتخذوا من «النبش في المقابر والجبال»، مهنة مُربحة ، الجهات المختصة في السلطات المحلية مهتمة ب«مكافحة النامس» وشراء عشرات الآلاف من الناموسيات. هيئة الآثار ، ومكتبها في إب والمحافظة بأكملها ، لا تعرف أن ملوك حمير وسبأ، يهانون تحت أراضيها، ويتعرضون لاعتداءات مكثفة وتنتهك حرمتهم من قبل أناس جهلة في مختلف المناطق هنا وهناك. لم يكونوا ليعرفوا أن «كنزاً أثرياً ضخماً » ، ظهر في «العصيبية» ، لو أن المواطنين اللذين ينتميان إلى عزلتين مختلفتين في وادي وجبل عصام اتفقا حتى النهاية، ولم ينشب بينهما خلاف بعد اكتمال «النبش». هي مازالت نائمة كما كان ينام «الملك شمر» ، أو زوجته التي يٌعتقد أنها كانت صاحبة الجثة ،غير ان الأخيرين تعرضا لرطوبة حادة. والآن ترى هل سيتوقف نزيف الآثار والكنوز الأثرية ؟! وهل سنحرسها بعناية إذا وجدناها.؟ هل سنشاهد قرارات ومتابعة من الجهات المختصة ، تمنع المواطنين من نبش المناطق الأثرية بحثاً عن كنوز ، حتى إن كانت تقع في نطاق أراضيهم ؟! متى سنشاهد اهتماماً ب«أي أثر من آثارنا» ، نرممه ونعالجه ، ونقتدي ب«المبادرة الفرنسية» التي تكفلت بإخضاع الملك «هوثرعثت» لعملية جراحية في باريس وأعادته إلى صنعاء «شباب» أم ان شعار «لا داعي للسفر إلى الخارج» تجاوز الحالات المرضية بالنسبة للبشر وانتقل إلى الآثار. أخيراً : ماذا سنقول ل«الملك شمر » حين يسألنا عن «زوجته» التي سرقناها لنبيعها. الأسئلة لا تنتهي هنا .. والجرائم التي تتعرض لها آثارنا متكاثرة .. وسماسرتها يتوالدون باستمرار .. فمتى ستتعامل معهم الجهات المختصة بنوع من الجدية وتعاملهم كما لو كانوا «نامس» رشهم أو اعطاء المقابر الأثرية والجبال «ناموسيات» أقل ما يمكن فعله.؟