لا خيار أو سبيل أمام إخوتنا الفلسطينيين سوى التمسك بوحدتهم الوطنية لتأمين قضيتهم ونيل حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. إذْ أن مما ينسف العملية النضالية واستحقاقات المرحلة أن يتخلل الصف الوطني شيء من الخلاف وترك الصراع على أية أوهام سلطوية في ظل الاحتلال يتسلل إلى الصفوف ويحدث فيها الشقوق والتصدعات، فالسماح بتداعيات كهذه يعني الاشتغال المتورط في فتح الثغرات والمنافذ أمام اختراق المواقف المعادية وتسهيل إنجاز مهامها وتحقيق غاياتها المدمرة للوضع الفلسطيني. ولا بد من الاقرار أولاً، وهو دأب الجمهورية وقيادتها السياسية بزعامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، بأن أهل فلسطين أدرى بشعابها وهم الأولى بعرض قضيتهم والدفاع عن حقوقهم الوطنية ولهم على أشقائهم العرب في المقام الأول واجب الدعم المعزز لموقفهم النضالي. ومن نقطة الاستشعار لهذا الواجب والالتزام المبدئي تجاه نصرة القضية الفلسطينية انطلقت المبادرة اليمنية لرأب الصدع في الصف الفلسطيني، وهي المبادرة التي ترى الغالبية الفلسطينية فيها الوسيلة الحقيقية والإمكانية الفعلية لاستعادة الوحدة الوطنية. ويدرك الأشقاء تماماً حجم التأثير الإقليمي والدولي على أوضاعهم وأثره في حل الصراع وإحلال السلام، وأنه يفرض عليهم التعامل مع جوانبه بما يقتضيه من توجهات وخطط عمل. ولاتمكن المراهنه على كسب القناعات والمواقف المحيطة في ظل واقع الانقسام الذي يسوق إلى التشظي في حال الإبقاء على احتمال التداعيات مفتوحة ومطلقة القدرة على التمكن من الخلافات والتحكم في مجرياتها. ويخسر الفلسطينيون كثيراً وعلى المستوى الخارجي وليس الداخلي فحسب في حال التصدع وعجزهم عن لملمة الصفوف وتجميع الطاقات والمقدرات الوطنية. وليس مطلوبا منهم لتجنب الوقوع في الهاوية أكثر من الالتقاء حول القواسم النضالية المشتركة المتوافرة على آلية الكفاح المشترك وفق أولوياته ومجالاته وأدواره المطلوبة. وتكمن المصلحة الفلسطينية في عدم القفز على الأوليات التي يقف بالفعل وراء ما تتعرض له من عثرات ويعترضها من عقبات ولا بد للأداء أن ينطلق من قاعدة التقدير الدقيق والسليم لدرجة فاعلية وإيجابية نتائجه والحرص على ان تكون انعكاساته السلبية في أضيق الحدود ويفضل لو أنها معدومه. إن احتياج القضية ملح ومصيري إلى الواقعية النضالية التي لا تقلل من شأن أي من أشكاله المختلفة وتستهين به أو تتخذه ذريعة ومبرراً من جهة طرف لتسفيه دور الطرف الآخر والحط من أهمية جهده. ونرى إلى القضية الفلسطينية في ظل ما يعصف بها من خلافات وقد هيمنت على مساراتها توجهات تصفية الحسابات وتراجعت معها لحد التلاشي المفزع والخطير حسابات المصلحة الوطنية أن ما يجري هو على حسابها. وإن لم يعثر الأخوة الفلسطينيون في العدوان الاسرائىلي المتواصل عليهم وحرب الإبادة التي يتعرضون لها سبباً ودافعاً لاستعادة تماسك جبهتهم الداخلية ووحدتهم الوطنية فمتى سيتوحدون؟ وعن أي موعد للعودة بوسعهم أن يتحدثوا ويمكن أن يأتي ؟ وبين يدي الأشقاء، المبادرة اليمنية لرأب الصدع الفلسطيني، بما تفتحه أمامهم من أفق واسع، وماتتيحه لهم من فرصة تاريخية لانتشال أنفسهم وقضيتهم من هذا الضياع ووضع أقدامهم على الطريق الموصلة إلى الغاية السيادية. وآخر دعوانا لإخوتنا ألا يفوتوا الفرصة ويقعوا في وزر إضاعة القضية وقد ائتمنهم شعبهم الفلسطيني عليها. وقد عرضت «الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا».