مثل يوم 13 يناير عام 86م يوماً مشؤوماً في تاريخ شعبنا اليمني لن تمحى مذابحه ومجازره الأجرامية العبثية من ذاكرة ابنائه لا سيما اولئك الذين عاشوا ويلات تلك الأيام السوداء التي صنعتها عقلية تآمرية دموية اعتادت الوصول الى السلطة على أشلاء الابرياء وجماجم ضحايا صراعاتها المبنية على الأحقاد والضغائن التي تنتجها ثقافة الكراهية المشحونة بالعصبوية المناطقية والقروية الضيقة التي عكست تناقض الدعاية الايديولوجية العقيمة مع الممارسة العملية داخل تلك الذهنية المتطرفة المريضة بسادية جعلتها دائماً لا تجد نفسها إلا في اتون الفتن تنفخ في كيرها وتشعل حرائقها متلذذة بالكوارث والمآسي التي تنجم عنها، غير آبهةٍ بأنين الضحايا وبشعور الفقدان لدى الامهات الثكالى والابناء اليتامى والزوجات اللواتي ترملن لمجرد أن هناك قطيعاً من الوحوش البشرية والدراكولات السياسية التي لا ترتوي إلا من دماء ضحاياها، لذا اقاموا دولة الثكنة وعزلوها عن العالم، وابتكروا ابشع الاساليب البوليسية القمعية ليجعلوا منها مسرحاً لدراماتهم المأسوية.. ليبلغوا الذروة في إبداعات فكرهم التآمري في ذلك اليوم الذي حول درة اليمن عدن الحبيبة إلى مدينة اختلطت فيها جثث القتلى في شوارعها برائحة البارود ودخان الحرائق التي أشعلها من يحاولون اليوم وهم في أبراجهم العاجية وحياتهم المرفهة خارج اليمن في عواصم الدول التي يعيشون فيها ينتظرون إضرام حرائق جديدة، ويذرفون دموع التماسيح على الوطن.. معتقدين ان أبناءه نسوا ما أحاقوا به من دمار وخراب وقتلٍ بالهوية ليعمقوا لصراع قادم ومذابح جديدة عبر الترويج مرة أخرى لثقافة الكراهية وروح الانتقام الذي غادره شعبنا باستعادة وحدته في ال22 من مايو 90م، وجسد بموقفه من ذلك الماضي البائس والمأساوي بدفاعه عن وحدته في الحرب التي أشعلها اولئك المتآمرون المسكونة أرواحهم بنزوات أدمنت صناعة الموت والفرقة والتمزق في صيف عام 1994م.. وهاهم القتلة القدامى الجدد يعاودون الكرة ويحولون ذلك اليوم المشئوم إلى ذكرى احتفالية بعرس دم شعبنا المسفوك على شواطئ عدن وساحل أبين. موغلين في نكي الجروح التي لم تلتئم الى الان استعداداً لاسترجاع تلك الفترة التاريخية القاتمة من تاريخ شعبنا وعبر تأجيج نيران غلهم وأحقادهم، ولكن هذه المرة على مستوى الوطن كله، وهذا ما يمكن استنتاجه من تحويلهم 13 يناير إلى مناسبة لأحلام مشاريعهم التي تهدف الى تمزيق الوطن وتشظيته في حين كان الأحرى بهم الوقوف أمام هذا الحدث والتفكير في عبره ودروسه وأخذ العظة منه التي تحول دون تكراره في تاريخ الوطن والإستلهام من تلك المآسي الحزينة التي صنعها هذا اليوم المشؤوم وما تلاه من مآسٍ في تاريخ الوطن وبحيث تتحصن الاجيال من كل تلك المخلفات والآثار والركام من الأحقاد والضغائن التي أقترنت به وكانت سبباً لتدفق شلالات الدم التي طويت صفحاتها المؤلمة مع بزوغ فجر الوحدة العظيم الذي وفر الأمن والأمان للجميع في الوطن ومثل أكبر عملية تصالح وتسامح ومحبة اجتثت ما قبلها من الاحزان والآلام وكان الأحرى أن يكون هذا اليوم مناسبة للتكفير عن تلك الأثام التي ارتكبوها بحق الابرياء من ابناء الوطن واستلهام الدروس والعبر، وإعلان التوبة والندم امام الله والوطن والتاريخ وصراخ ارواح اكثر من عشرة آلاف قتيل من ضحايا ذلك اليوم من أبناء شعبنا، ناهيك عن ضحايا سابقين ولاحقين حصدتهم سنوات الحكم الشمولي الماركسي الأرعن.. ولكن ماذا تقول لمن تأصلت في نفوسهم وفي وعيهم العيش على الدسائس والفتن، فلم يستطع التطبع تغيير الطبع، وما أفسده الدهر لا يصلحه العطار، وهنا يتأكد مثل «من شب على شيء شاب عليه» والا ما كانوا واصلوا غيهم الى ذلك الحد الذي فيه تحويل الكارثة إلى عيد عند هولاء.. لذلك يجب فتح ملفات جرائمهم ومحاكمتهم والاقتصاص لضحاياهم فمثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وهنا فقط ننهي هذا الفصل من تاريخ شعبنا المعاصر ويكونوا عبرة لأمثالهم ممن وصل بهم الشر إلى أحراق الوطن في لهيب وقود فتنهم الإرهابية التخريبية وتحالفهم المشبوه مع الارهابيين الذين شكلوا معهم حلف الشيطان- الخارج عن المبادئ والقيم الدينية والوطنية والانسانية. إن 13يناير 1986م هي صفحة سوداء قاتمة في مسيرة شعبنا ويوم للحزن تذكرنا بالمدى الذي يمكن أن توصلنا إليه ثقافة الكراهية القائمة على الشحن العدائي لأبناء الوطن الواحد بالعصبية المناطقية التي جعلتهم أدوات لمحرقة صراع السلطة فترة النظام الشطري فأية مصالحة يتحدث عنها هؤلاء القتلة وهم الذين جعلوا من هذا اليوم المشئوم ذكرى حزينة مؤلمة تحولت فيها عدن إلى مدينة أشباح تنعق فيها الغربان بسمفونية الخراب والموت الذي يريدونه اليوم ان يعم الوطن كله ليواصلوا ممارسة نزواتهم في تدمير الوحدة الوطنية، وحاضر ومستقبل أبنائه واجياله القادمة، لكن بكل تأكيد شعبنا سيكون لهم بالمرصاد ويسقط مشاريعهم ورهاناتهم وينتصر لوحدته وغده المشرق.. وسينتصر للحق والخير والسلام.