جريمة جديدة تُضاف إلى سجل جرائم « التحالف » في اليمن شهدتها قرية مسار، الواقعة أعلى جبال مديرية مناخة غربي صنعاء، مساء اﻻثنين . 13 غارة شنها طيران « التحالف » على القرية، كانت كافية لتدمير منازلها الحجرية القديمة البالغ عددها ثمانين بيتاً، والمكوّنة في معظمها من طبقتين وأكثر . تدمير تبدو في ظلّه القرية، التي تُعدّ من ضمن المناطق اﻷثرية المشتملة على معالم من حضارات غابرة من بينها الدولة الصليحية قبل نحو ألف عام، كما لو أنها تعرضت لهزة زلزالية . سكان القرية، المعروفة باسم « حصن مسار » نسبة إلى القلعة اﻷثرية الموجودة فيها، غادروها عقب وقوع أولى الغارات عليها، اﻷمر الذي حال دون وقوع مجزرة بحق المدنيين، لكن طيران « التحالف » تعمّد ﻻحقاً قصف المنازل واحداً تلو آخر مباشرةً . وفيما سُجّلت موجة نزوح جماعي نحو القرى المحيطة بمسار، وباتجاه داخل العاصمة صنعاء، ﻻذ بقية السكان - وهم اﻷغلبية من أصل ألف نسمة يشكّلون مجمل سكان القرية - بجروف الجبال والوديان الواقعة أسفل الجبل، في ظل موجة برد شديدة تشهدها المنطقة . في طريقنا نحو القرية التي يستغرق الوصول إليها 4 ساعات عبر مسلك جبلي وعر ﻻ يمكن اجتيازه إﻻ بنوع خاص من مركبات الدفع الرباعي، أمكننا مشاهدة تلك اﻷسر المشرّدة في الطرقات أو الهاربة إلى المﻼجئ الجبلية . وبحسب شهود عيان تحدثنا إليهم، فقد بدأت الجريمة باستهداف محطة شبكة الهاتف النقال الواقعة وسط القرية، قبل أن يشنّ طيران « التحالف » سلسلة غارات عنيفة على مباني مسار، أدّت إلى تدمير عدد كبير منها . وأفاد شاهد عيان بأن إحدى الغارات استهدفت بركة ماء القرية أثناء وجود امرأتين عندها كانتا تستقيان منها، ما أدى إلى مقتلهما على الفور، علماً أن مياه اﻷمطار التي تتجمع داخل البرك واﻷحواض الحجرية هي المصدر الوحيد للماء في مسار . وأوضح سكان القرية أن تدمير محطة اﻻتصاﻻت في القرية أدّى إلى عزلها كلّياً عن محيطها، وهو ما أسهم في تأخّر وصول أخبار الجريمة، وحال دون وصول مساعدات أولية قد تسهم في التخفيف من معاناتهم . وناشد السكان، الذين يهيمون على وجوههم في سفوح الجبال والوديان ويعجزون عن العثور على مأوى لمئات اﻷطفال والنساء، المعنيين والمسؤولين تقديم المساعدات الﻼزمة لهم للحدّ من مأساتهم، مطالِبين اﻷمم المتحدة بالضغط على قيادة « التحالف » لوقف تحليق طيرانها فوق القرية، والسماح لهم بالعودة إليها لنقل ما أمكن من اﻷثاث المنزلي الباقي . من جهته، أكد مكتب الثقافة واﻵثار في محافظة صنعاء تعرُّض حصن مسار التاريخي ﻷضرار فادحة جراء الغارات، مستنكراً، في بيان، استهداف هذا المعلم الذي « يعود بناؤه إلى القرن الرابع الهجري » ، ﻻفتاً إلى أن « الحصن يُعدّ من المعالم التاريخية واﻷثرية اليمنية اﻷصيلة » . وطالب المصدر منظمة اﻷمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، « يونسكو » ، بإدانة الجريمة، و « التحرك العاجل لوقف استهداف المعالم اﻷثرية اليمنية من قبل التحالف، الذي دمر على مدى أكثر من ثﻼث سنوات من الحرب، أكثر من 200 معلم أثري »