للسعودية حدود مشتركة مع جميع دول الخليج العربية حصلت حولها العديد من النزاعات، خاصة بعد فيضان عيون النفط بغزارة في الخليج، وزاد من حدة هذه المشكلة أن الحدود في الخليج لم يتم رسمها في الماضي بشكل نهائي كما هو متعارف عليها في الوقت الحالي ... في هذه الحلقة سنتناول النزاعات التي ثارت بين دول الخليج وتحديداً بين ال سعود وإمارة قطر والتي غالباً ما تنتهي تلك الخلافات الخليجية السعودية بالصورة والشكل التي يرغب بها الطرف السعودي باعتباره يجيد السياسة الاستيطانية والتي لا تختلف عن السياسة الصهيونية ، وذلك استكمالاً لما بدأناه في الحلقة السابقة... الخلاف السعودي القطري رغم أن الأزمة الحالية التي تمر بها العلاقات بين قطر والسعودية وحلفائها تتمحور حول قضيتين جديدتين إلى حد ما وهما الموقف من الجماعات الإسلامية والتقارب مع إيران ، غير ان الخلاف بين الرياضوالدوحة اصلاً عمره عدة عقود، فمنذ الخمسينيات من القرن الماضي و العلاقات بين حكام ال سعود والامارة الخليجية قطر ليست على ما يرام. حيث تم توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين السعودية وقطر عام 1965. أي قبل استقلال الإمارة عن بريطانيا عام 1971، وكانت السعودية قد تنازلت لصالح الامارات عن أجزاء من واحة البريمي مقابل تنازل الأخيرة عن الشريط الساحلي المعروف بخور «العديد»، ولم تعد هناك حدود مشتركة بين قطر والإمارات وبات لزاماً على القطريين المرور عبر السعودية للوصول إلى الامارات، ويومها عبرت قطر عن تذمرها وعدم رضاها عن ذلك ، غير ان تصريف الأزمات بين البلدين في ملفات عدة وعبر قنوات مختلفة كان هو سيد الموقف . ولعل أبرز الصراعات التاريخية بين البلدين أزمة ترسيم الحدود سنة 1992 حيث وقع صدام مسلح على الحدود بين البلدين أدى إلى مقتل ضابط سعودي وجنديين قطريين وسيطرة السعودية على منطقة (الخفوس ) حيث عرفت هذه المواجهة فيما بعد باسم معركة «الخفوس» وهي الأزمة التي ترتب عليها مقاطعة قطر لمجلس التعاون الخليجي الرياض ، التدخلات المتكررة للنظام السعودي في الشأن القطري مرده سعي المملكة الحثيث الى قلب نظام الحكم في قطر ويبدو ذلك من خلال مساندتها لقبيلة آل مرة المعارضة للحكم في قطر والتي اتهمتها الدوحة بمحاولة الانقلاب في 1996. في المقابل تسعى قطر ومنذ استيلاء الأمير السابق حمد بن خليفة على الحكم إثر انقلابه على والده من خلال محاولاتها المستمرة للخروج من “وصاية” الأخت الكبرى ( والتي تبدو ضرة لا شقيقة) والاستقلال بسياستها الخارجية بعيداً عن السياسة السعودية . غير ان التدخلات السعودية الاخيرة في الشأن القطري كانت هي الأبرز ، حيث بدأت الأزمة الدبلوماسية بين قطر من جانب والسعودية وحلفائها من جانب اخر حين سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر احتجاجا على سعي الاخيرة في التدخل بالشأن الداخلي لدول مجلس التعاون ، بحسب تعبير مسؤولي هذه البلدان . الشواهد تقول ان الرياض وحلفاءها يسعون الى إجبار الدوحة على قطع علاقاتها مع إيران، والانضواء تحت العباءة السعودية في كل ما تراه كما كانت ايام خليفة ، غير ان الإمارة الخليجية تفضل الحفاظ على علاقات “ودية” مع جارتها السعودية ولكن دون الحاجة الى العمل كجندي تحت لواء المحور السعودي ، في الوقت نفسه ترغب بإقامة علاقات مختلفة مع ايران وتركيا وغيرها من الدول ، الادهيى من ذلك انه وفي حال تمكنت السعودية من القضاء على قطر فإن الكويت قد تكون معرضة لهكذا خطوة سعودية في أي وقت في المستقبل القريب لا سيما مع السياسة المتهورة للمهفوف محمد بن سلمان، كما اسلفنا في عدد الاسبوع الفائت ، كون العلاقات السياسية القائمة على الاخوة و المصالح المشتركة بين الدول لا يفهمها الحكام من ال سعود ولا يرغبون بها ولا يقبلون العمل في إطارها ، وما تجيده السياسة الخارجية السعودية إلا الضغط على حلفائها من السير خلف سياستها العقيمة و تحت يافطة (ما أريكم إلا ما ارى).