اتهمت موسكو حلف شمال الأطلسي (ناتو) بعسكرة منطقة البحر الأسود واستغلال الأزمة مع أوكرانيا لتعزيز وجوده العسكري شرقي أوروبا، في حين تصاعدت التحذيرات الغربية لروسيا، وقالت واشنطن إن القوات الروسية بدلا من الانسحاب من الحدود الأوكرانية، بدأت تتخذ مواقع قتالية. ووصفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا حجج حلف الناتو لتعزيز وجوده العسكري في أوروبا الشرقية، بما في ذلك نشر مجموعات قتالية في رومانيا، بالهراء. وقالت زاخاروفا إن عسكرة منطقة البحر الأسود فكرة قديمة للناتو. وجددت موقف روسيا بأنها لن تهاجم أي دولة من الناتو أو من خارجه. وفي بروكسل، اتهم الحلف موسكو بتجميع أكبر حشد عسكري منذ الحرب الباردة، كما قرر نشر قوات قتالية في شرق ووسط أوروبا. ودعا وزراء دفاع الدول الأعضاء في حلف الناتو روسيا إلى سحب قواتها من أوكرانيا، واختيار طريق الدبلوماسية للحوار فيما يتعلق بأمن أوروبا. جاء ذلك في بيان صدر مساء أمس الأربعاء عن اجتماع الوزراء في مقر الحلف بالعاصمة البلجيكية بروكسل، حول الوضع في أوكرانيا. وأعرب الوزراء عن قلقهم العميق إزاء الحشود العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية. لا نخشى أحدا وفي أوكرانيا، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لا تخشى أحدا ومستعدة للدفاع عن نفسها ضد أي غزو روسي. جاء ذلك في كلمة خلال مناورات عسكرية كبرى حضرها زيلينسكي اختبرت خلالها القوات الأوكرانية في مدينة ريفني غرب البلاد أسلحة مضادة للدبابات قدمها الغرب. واتجه الرئيس الأوكراني بعدها شرقا إلى ماريوبول قرب خط المواجهة مع الانفصاليين الموالين لروسيا. من جهته، قال وزير الداخلية الأوكراني دنيس موناستيرسكي إن القوات الأمنية سترد بقوة على أي محاولة انفصالية أو محاولة للسيطرة على مبان إدارية. وأفاد موناستيرسكي بأنه تم اتخاذ جميع التدابير اللازمة لجميع السيناريوهات الممكنة للاستيلاء على المباني الإدارية ودوائر الشرطة، مؤكدا أنه سيتم اتخاذ القرارات اللازمة بسرعة كبيرة، ولن يسمح بأي مظاهر انفصالية داخل البلاد. قلق أميركي وفي الولاياتالمتحدة، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس إن قلق واشنطن لم يتراجع بشأن غزو روسي محتمل لأوكرانيا. وأشار برايس إلى أن بلاده لا تزال ترى المزيد من القوات الروسية على الحدود وهي تتجه إلى مواقع القتال بدلا من الانسحاب. كما قال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن روسيا عززت وجودها على الحدود مع أوكرانيا بما لا يقل عن 7 آلاف عسكري وصل بعضهم الأربعاء، واصفا إعلان موسكو سحب قسم من قواتها بأنه "كاذب". وأكد أنه بإمكان روسيا "في أي لحظة" اختلاق ذريعة لغزو أوكرانيا، مضيفا أن موسكو تقول إنها "تريد إيجاد حل دبلوماسي لكن أفعالها تشير إلى عكس ذلك". خطوات حقيقة في غضون ذلك، حث كل من الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس موسكو على اتخاذ خطوات حقيقية لنزع فتيل التوتر، وأكدا أنه لم تتم حتى الآن ملاحظة انسحاب كبير للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية. وجاء في بيان صادر عن المستشارية الألمانية عقب اتصال هاتفي بين الزعيمين أن "خطر حدوث عدوان عسكري آخر من جانب روسيا ضد أوكرانيا لا يزال مرتفعا، ومن الضروري توخي أقصى درجات الحذر". وأضاف بايدن وشولتس أنه "يتعين على روسيا اتخاذ خطوات حقيقية لخفض التصعيد"، وجددا التحذير من أن أي عدوان عسكري آخر تشنه موسكو ضد أوكرانيا سيؤدي إلى "عواقب وخيمة للغاية". وكان شولتس قد اتصل هاتفيا ببايدن لإطلاعه على نتائج محادثاته الثلاثاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، ورحبا بتصريحات بوتين بأن الجهود الدبلوماسية يجب أن تستمر لحل الأزمة الأوكرانية. تشكيك غربي من جهته، أعلن الجيش الروسي أمس الأربعاء انتهاء تدريبات ومغادرة عسكريين روس شبه جزيرة القرم، ونشر مقطع فيديو قال إنه يظهر عربات محملة بمعدات عسكرية تغادر المنطقة ليلا. كما وعدت بيلاروسيا بأن جميع العسكريين الروس المنتشرين على أراضيها في إطار مناورات سيغادرون البلاد في الموعد المقرر لانتهاء التدريبات في 20 فبراير/شباط الحالي. في المقابل، أكد كل من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، أنهم لم يلاحظوا خفضا للوجود العسكري الروسي على الحدود. وأكد بلينكن أن التهديد الروسي "موجود وحقيقي"، مؤكدا أنه "على العكس، نواصل رؤية قوات عند الحدود، خصوصا قوات قد تكون في المقدمة في أي عدوان جديد على أوكرانيا". وقال إن الناتو سيعزز وجوده العسكري على جناحه الشرقي للدفاع عن حلفائه ضد تهديدات روسيا التي أصبحت تمثّل "الوضع الطبيعي الجديد في أوروبا". وفي تطور آخر، قال البنتاغون أمس الأربعاء إن طائرات روسية اقتربت من 3 طائرات للبحرية الأميركية فوق البحر المتوسط في مطلع الأسبوع. واقتربت الطائرات الروسية من 3 طائرات أميركية من الطراز "بي-8 إيه" (P-8A) بينما كانت تحلق في المجال الجوي الدولي فوق البحر المتوسط.