قالت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية في افتتاحية لها إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقد اجتماعاً خاصاً بشأن الوضع في أوكرانيا يوم الخميس الماضي، نقل خلاله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين مرة أخرى معلومات استخباراتية حصلت عليها الولاياتالمتحدة تزعم أن روسيا تستعد لشن هجوم على أوكرانيا في الأيام المقبلة. تاريخ 16 شباط / فبراير، الذي تم الاستشهاد به سابقًا على أنه يوم الغزو، أصبح مزحة، اقترحت بعض وسائل الإعلام الأميركية "تاريخ غزو" جديد – 20 شباط / فبراير الجاري. ويمكن الافتراض أنه بعد مرور ذلك اليوم، سيأتي الأميركيون بتخمين تاريخ جديد. وأشارت الافتتاحية إلى أن الولاياتالمتحدة شنّت منذ فترة طويلة حرباً واحدة ضد روسيا، هي حرب معلومات هجينة. طلبت روسيا هذه المرة من مجلس الأمن مناقشة اتفاقيات مينسك، لكن الولاياتالمتحدة انحرفت عن الموضوع الأصلي بضجيج "الحرب". ونتيجة لذلك، تظل المشكلة الحقيقية من دون حل. فكلما طال أمد بقاء روسياوأوكرانيا في حالة التوتر الشديد، تزداد احتمالية انفجار هذا التوتر، ومن هذا المنظور، فإن خطر اندلاع الحرب بين الدولتين موجود وهو في تصاعد مستمر. وجادل بلينكين بأن الولاياتالمتحدة تشارك المعلومات الاستخباراتية لمنع الحرب، بدلاً من بدء الحرب. لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً. فقد أشعلت النار من قبل الولاياتالمتحدة، وكانت تؤجج النار. وبعد اشتعال النار، لم تبذل الولاياتالمتحدة أية محاولة لإنهائها، لكنها تنحّت جانباً، متهمة روسيا بأنها من أضرم الحرائق. وقالت "غلوبال تايمز" إنه إذا نظرنا إلى الوراء بشأن التصعيد المستمر للأزمة الروسية الأوكرانية، فليس من الصعب معرفة أن معظم المعلومات التي أدت إلى تصعيد التوتر على حدودهما جاءت من "تقديرات من وكالات الاستخبارات المركزيو الأميركية". وظهر موقف سخيف في وصف الأزمة: روسياوأوكرانيا تنكران الأخبار الكاذبة، لكن واشنطن، على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، كانت تدق طبلة الحرب وتنفخ في بوقها. استخدمت الولاياتالمتحدة آلة دعاية قوية للتغطية على أصوات الأطراف المعنية مباشرة، وتجاهلت مخاوف أوكرانيا عمداً، وتحدثت بالقوة نيابة عن كييف. وأضافت الصحيفة: لدى الجمهور كل الأسباب للشك في أن واشنطن أنتجت الكثير من "المعلومات الاستخبارية" فقط لتعزيز قوة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا الشرقية والسعي لتمهيد الطريق لإشباع جشعها الاستراتيجي الجامح. وإذا كانت واشنطن تريد فعلاً تهدئة الموقف، فيمكنها فقط التوقف عن قيادة الناتو في تضخيم التوتر شرقاً. ولكن بعد كل جهودها، لم تُضعف الولاياتالمتحدةروسيا كما أرادت. وبدلاً من ذلك، قامت بإضعاف أوكرانيا، التي ادعت الولاياتالمتحدة أنها "تحميها". أصبحت الضحية الأكبر: خشية اندلاع الحرب، نشأ الذعر في أوكرانيا وبدأ رجال الأعمال والمسؤولون الأثرياء في الفرار. وتصاعدت الصراعات العنيفة في شرق أوكرانيا، وأصبح الوضع على الحدود أكثر تقلباً. لكن واشنطن لا تهتم باستقرار أوكرانيا أو مصالحها، فما تريده هو الجزع والفوضى في كييف. وتابعت افتتاحية "غلوبال تايمز" قائلة: الولاياتالمتحدة معتادة جداً على لعب تكتيكات تضليل الرأي العام وحرب المعلومات، وهي جيدة في إجراء تحوّلات مفاهيمية وعكس السبب والنتيجة. وغالباً ما تلعب خدعة لص يبكي صارخاً "أوقفوا اللص!". من فيتنام إلى حرب العراق، ثم حرب سوريا، كانت وكالات الاستخبارات الأميركية على الدوام اليد الخفية وراء الهيمنة الأميركية، وقصص تاريخها المظلم لا تعد ولا تحصى. إنها تحاول خداع العالم بحيل نموذجية في التسويق التلفزيوني – اختلاق مشهد، تضليل "الضحايا" لجعلهم يصدرون أحكام خاطئة، ثم مطالبتهم بالدفع في مقابل "الحماية". لطالما كانت واشنطن على دراية باستخدام الأخبار المزيّفة كسلاح لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بها وأشارت الصحيفة الصينية إلى أنه في السنوات الأخيرة، أصبحت واشنطن أكثر هوساً باستخدام المعلومات الكاذبة لتحقيق مكاسب سياسية. ومن أجل التنصل من مسؤوليتها، سمحت الولاياتالمتحدة لوكالات الاستخبارات بأن تكون "مسؤولة" عن تتبع منشأ فيروس "كوفيد-19". ولتشويه سمعة الدول الأخرى، استمرت الولاياتالمتحدة في اختلاق الأكاذيب تحت ستار "حقوق الإنسان". وللحفاظ على هيمنتها، قامت الولاياتالمتحدة بقمع مؤسسات دول أخرى لأسباب مختلفة غير مبررة. وأضافت: مع ذلك، مع نمو الأخبار المزيّفة، فإن مناهضة الثقافة التي تغذيها سياسة التضليل الأميركية قد أدت أيضاً إلى نتائج عكسية. فكونها أضحت الدولة المضلّلة رقم 1 في العالم، أصبح المجتمع الأميركي بدوره ضحية للمعلومات المضلّلة لواشنطن، والفوضى الداخلية والهستيريا الدبلوماسية نتيجة هذا التضليل هما وجهان لعملة واحدة. وختمت "غلوبال تايمز" افتتاحيتها بالقول: هذا يذكر الناس بمثل شهير: "يمكنك أن تخدع كل الناس بعض الوقت وبعض الناس كل الوقت، لكن لا يمكنك خداع كل الناس كل الوقت". دعوا السياسيين في واشنطن يختلقون الأكاذيب، وهم سوف يكتشفون أنه من خلال حفر الحفر في بلدان أخرى بعناد، فإن مؤسسة الولاياتالمتحدة نفسها هي التي ستتفكك في النهاية.