عبر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن سعادة بلاده باتفاق الأشقاء الفلسطينيين على الحوار وحل الخلاف الفلسطيني، ودعاهم إلى تغليب الوفاق والمصلحة الوطنية حفاظًا على وحدة الشعب. وأكد الفيصل خلال كلمته أمام مؤتمر إعادة إعمار غزة والذي بدأ أعماله اليوم في منتجع شرم الشيخ المصري، أن العدوان الأخير على قطاع غزة خلّف مآس انسانية واوضاع قاسية اضافة لما يعانيه الشعب الفلسطيني أصلا، موضحًا أن التننمية الاقتصادية الفلسطينية توقفت بسبب الحصار والاستيطان الإسرائيلي وهو ما يتعارض مع كل ما تم الاتفاق عليه منذ اوسلوا حتى مؤتمر أنابوليس. وقال الفيصل: "الوضع في الأراضي المحتلة أقل ما يمكن وصفه بأنه كارثة إنسانية .. غالبية الشعب الفلسطيني يعيش تحت خط الفقر مع تدهور لكافة المؤشرت الاجتماعية .. حان الوقت لنساعد الشعب في العيش بسلام ورخاء لابد من دعم السلام ودعم السلطة الفلسطينية". واضاف: "تجسيدا لنهج الدول العربية في السلام الشامل والعادل أطلقت القمة العربية في بيروت عام 2002 المبادرة العربية للسلام ولم تجد استجابة من اسرائيل، وكما قال خادم الحرمين الشريفين إن الخيار بين الحرب والسلام لن يبقى للأبد والمبادرة لن تبقى على الطاولة للأبد". واستعرض الوزير السعودي الجهود والدعم الذي تقدمه المملكة العربية السعودية للشعب الفلسطيني، موضحًا أنه سوف يتم تقديم المساعدات السعودية عن طريق الصندوق السعودي للتنمية. وأكد الفيصل أن إعادة الإعمار لن تكون مجدية في ظل افتقاد الأمن والاستقرار ومن غير المعقول ان يتم الاعمار لتدمر اسرائيل ما يتم. وكان الرئيس المصري محمد حسني مبارك افتتح المؤتمر بكلمة أكد فيها على حقيقة ان قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة ويشكل مع الضفة مشروع الدولة المستقلة وحلم الشعب الفلسطيني وهدف عملية السلام ، مؤكدا ان القوة مهما عظمت لن تقضي على المقاومة . واضاف:" لقد ألحقت الحرب أضرارًا جسيمة ونعلم جميعا أن اموال العالم لايمكن أن تعيد ماسقط من اشلاء أو تعوض الجرحى والمصابين من المدنيين لكن المجتمع الدولي يمكن ان يفعل الكثير لدعم المرافق والبنية الأساسية. واكد مبارك على الدعم المصري لجهود التهدئة باعتبارها مطلب اساسي للاستكمال باقي عناصر المبادرة المصرية وتأمين فتح معابر غزة ورفع الحصار وتحقيق الوفاق الوطني ضمانا لتسهيل اعادة الاعمار بالسرعة التي يتطلبها الموقف. وتابع: "جاءت عناصر المبادرة كل مترابط ، كانت اولويتنا القصوى هي وقف إطلاق النار والعمل على احترامه وتثبيته مع أولولية موازية لدفع المساعدات الى غزة خلال العمليات وبعد توقفها ، وتعلمون ما بذلته مصر من جهود تتواصل لليوم لادخال المساعدات المصرية والعربية إلى قطاع غزة واحتواء الموقف المتدهور والاولوية هي التوصل لاتفاق تهدئة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي". وأشار مبارك إلى تراجع إسرائيل عن مواقفها في مباحثات التهدئة قائلا: " برغم التراجع المؤسف لاسرائيل عما وافقت عليه خلال الاتصالات المصرية ورغم تمسكها بملف التهدئة وتبادل الأسرى، واصلت مصر مجهوداتها ". كما أشار الرئيس المصري لتقارير ترصد خسائر عدوان غزة قائلا : "هزت مأساة غزة العالم وهناك تقارير من البرنامج الانمائي ووكالة الانروا والبنك الدولي والمفوضية الاوروبية ووثيقة للسلطة الفلسطينية توضح ما لحق بالقطاع من تدمري وتحدد الموارد اللازمة لاعادة البناء والاعمار". وأكد أن العدوان على غزة رغم جسامته وخطورة تداعياته " لا يجب أن يصرف نظرنا عن جوهر القضية الفلسطينية فهي قضية شعب يعاني النكبات والمحن ويتطلع لاقامة الدولة المستقلة". واضاف: " هشاشة الوضع في الشرق الاوسط والجهود الدولية التي تراوح مكانها والوعود التي لا تتحقق تفسح المجال لليأس والغضب واحباط الشعب الفلسطيني .. الوضع منذر بالخطر والانفجار يقترب اكثر من اي وقت والتطرف يغذيه تأخر السلام ". واختتم حديث قائلا: " تحسين أوضاع الفلسطينيبين لاينبغي ان يكون بديلا عن الافق السياسي لعملية السلام .. الشعب الفلسطيني يحتاح لمساعدات الاغاثة لكنه يظل في حاجة اشد لمساندة سياسية جادة ومواقف شجاعة توقف الاستيطان". من جانبه، أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن غزة يجب الا تكون سجن ذات سموات مفتوحة ، مسددًا على ضرورة أن يكون عام 2009 سنة السلام وعدم الانتظار وتضييع الوقت أكثر من ذلك. وقال ساركوزي في كلمته في المؤتمر الدولي لاعادة إعمار غزة المنعقد في شرم الشيخ :" أجعلوا من سنة 2009 سنة سلام ، وعدم انتظار توفر الظروف المناسبة ، وهو ما يعطي فرصة قوية للمتطرفين ". وأضاف ساركوزي :" فتح المعابر هي أولوية لغزة حتى لا تتحول إلى سجن ذات سموات مفتوحة ، ويجب أن يتواكب ذلك مع اغلاق الأنفاق لتهريب الاسلحة"، مضيفًا :" يجب أن تفتح إسرائيل المعابر لتوفير كافة المتطلبات لحياة طبيعة في غزة". وتابع :" فرنسا مستعدة للمساعدة والاتحاد الأووربي سيبدأ بعد 48 ساعة عمله كمراقب في معبر رفح ، نحن هنا لمساعدة الشعب الفلسطيني ولرسم رؤية سياسية ، أود أن أعبر عن تضامن فرنسا مع الشعب الفلسطيني الذي عانى الكثير ، وفقد ضحايا مدنيين في هذا النزاع". وشدد الرئيس الفرنسي على أن المصالحة بين الفلسطينين أحد مفاتيح السلام والشروط الأساسية لحل الأزمة الفلسطينية ، قائلا :" يجب أن يساعد الفلسطينيين انفسهم من خلال المصالحة ، ونحن ندعم الجهود المصرية من أجل التوصل إلى حكومة وحدة فلسطينية تمثل كافة الاتجاهات الفلسطينية". ومضى ساركوزي بالقول :" يجب الزام حماس بالانضمام إلى عباس في عملية السلام ، وهو الوحيد القادر على قيادة عملية السلام ". وتوجه ساركوزي بالقول إلى حماس :" إذا كانت حماس تريد أن تكون محترمة يجب أن تقوم بمواقف محترمة". وأعرب ساركوزي عن أمله بعقد قمة أوروبية لتسهيل إعادة إعمار غزة ، مؤكدًا استمرار بلاده في تقديم المساعدات ، قائلا :" لم نتخل عن شعب غزة خلال الأزمة قدمنا 9 طائرات تحمل مساعدات إنسانية سوف نقدم لعباس دعم مالي لتقديم مساعدة للمتضريين ". من جانبه، اعتبر عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية أن التجمع الدولي في مؤتمر إعادة إعمار غزة هو رسالة مفادها أن العالم يقف مع الشعب الفلسطيني. وتساءل موسى في كلمته أمام المؤتمر: "إلى متى تظل الدائرة المغلقة التي تبدأ بالبناء وتنتهي بتدمير الأراضي الفلسطينية وكأنها دورة شيطانية تتعرض لها الأراضي الفلسطينية كل عدد من السنوات؟ ". واستطرد: "هناك تدمير متعمد لغزة وتدمير للضفة وتغييربالقدس وكلها أراضي محتلة يفترض ان تخضع لقوانين دولية". واضاف: "اجتماع اليوم مفاده أن العالم يقف مع شعب فلسطين ولن يقبل وضعه كرهينة ، واقترح أن يتضمن البيان الختامي للمؤتمر رفضا لتدمير الاراضي الفلسطينية باستخدام قوة واسلحة يجرمها القانون الدولي وعدم المساس ببنية الاراضي المحتلة بحجة ان كل مبنى يخفي إرهابي وكل شجرة تأوي فدائي .. وحجة الارهاب يجب ان يعيد المجتمع الدولي نظره فيها.. شعب تحت الاحتلال لايصح ان يقبل المجتمع عمليه اجتياحه واخضاعه وإلا يتم اتهامه بالارهاب .. آن الأوان ان نضع الامور بنصابها الصحيح ". وتابع: "الحل ليس بإعادة البناء فقط لكن ضمان ألا يدمر البناء مرة أخرى ، ويجب الالتزام باتفاقية اتفاقية جنيف الرابعة التي تنظم الاوضاع تحت الاحتلال". واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية إعفاء إسرائيل من الالتزام بالقانون الدولي كارثة وسقطة تاريخية ، واذا استمر هذا الإعفاء ستضطر الدول الى الاجتماع مرات ومرات . وقال موسى: "تدمير المصانع والمدارس والمستشفيات والصرف الصحي والكنائس والمساجد وغيرها من المؤسسات لايمكن ان يفسر انه جزء من الحرب على الارهاب ، فهذا اجرام ممنوع بنص القانون الدولي ، واستهداف لاطفال والمدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين أمر يجب ان يتوقف ولكنه مسئولية الاحتلال الذي هو اصل البلاء كله". وأكد أن تعطيل عملية السلام وإفراغها من مضمونها اعطى اسرائيل الفرصة الكاملة لتغيير الوضع الديمجرافي مما جعل عملية السلام رمزا لسياسة التغطية على ممارسات الاستيطان والحصار وتمكين الاحتلال وهو ما لايضصح السكموت عنه. وأشار عمرو موسى إلى أن مبادرة السلام العربية تضمنت عرضا مشرفا للسلام وأنها لاتزال حتى الآن مطروحة دون رد اسرائيلي . وقال موسى: " اعمار غزة واجب علينا كعرب قبل اي دولة اخرى واجمالي ما قدمتد الدول العربية لدعم السلطة منذ 2005 وصل 5 مليار دولار، وقمة الكويت تبت قرار بمشاركة نشطة في إعمار غزة". واختتم حديثه قائلا: "ما نحتاج إليه هو سياسة دولية موضوعية وساطة نزيهة لقيادة العمل كي لا نعود للدوران في حلقات مفرغة من الاستيطان والحصار".