العليمي يؤكد المضي قدما في إجراءات توحيد وتكامل القوات المسلحة والأمن    ضيوف الرحمن يواصلون توافدهم إلى مكة المكرمة استعدادا لأداء مناسك الحج    اليويفا سيمنح برشلونة 50 ألف يورو    التصفيات قادمة.. صراع أجنحة داخل مليشيات الحوثي وفشل ذريع وراء مسرحية شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية    اليمن يرحب باعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    البنك المركزي يوضح سبب صرف مرتبات مايو عبر البنوك الموقوفة    النائب حاشد يغادر مطار صنعاء الدولي    مول سيتي ستار في عدن.. سوق تجاري بمضمون خيري إنساني مراعاة لظروف الأسر الاقتصادية    «كاك بنك» يسلم ثانوية لطفي جعفر أمان مواد مكتبية ومعدات طاقة شمسية    بكر غبش... !!!    عملاء الوحدة اليمنية في شبوة يتخوفون من اجتماع الجمعية الوطنية في عتق    عفاش وبضاعته المزيفة ومن يحلم بعودة نجله    بطعنات قاتلة.. شاب ينهي حياة زوجته الحامل بعد فترة وجيزة من الزواج.. جريمة مروعة تهز اليمن    بالفيديو.. رئيس ''روتانا'' يفاجئ الفنان محمد عبده عقب عودته من رحلته العلاجية .. وهذا ما فعلته ''آمال ماهر'' مع فنان العرب    صواريخ حزب الله الجديدة تهدد تفوق الطيران الحربي الصهيوني    موراتا يطلب الانتقال إلى الدوري السعودي    مفاجأة رونالدو.. السعودية تتجاوز الفخ الصيني    الإطاحة ب''نصاب'' جنوبي اليمن وعد مريضًا بالفشل الكلوي بالتبرع بإحدى كليتيه وأخذ منه نحو مليوني ريال    مساء اليوم.. المنتخب الوطني الأول يواجه النيبال في تصفيات آسيا وكأس العالم    بشكل "سري" تجار ورجال اعمال يفرون من صنعاء لتجنب سطو وانتهاكات الحوثيين    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    بعد تأجيله يوم أمس.. الإعلان عن موعد فتح طريق ''الحوبان جولة القصر الكمب مدينة تعز''    بعد إعلانها ضبط شبكة تجسس.. رئيسة منظمة حقوقية في صنعاء تتنبأ بنهاية المليشيات الحوثية    حسام حسن: البعض يخشى نجاح منتخب مصر.. والتحكيم ظلمنا    انهيار جنوني .. محلات الصرافة تعلن السعر الجديد للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    عن جيراننا الذين سبقوا كوريا الشمالية!!    أطراف الصراع في اليمن وحرب المصالح    هل فقدت مليشيا الحوثي بصيرتها؟!    الحوثيون يوقفون عشرات الأطباء والعاملين الصحيين في صنعاء تمهيدًا لفصلهم من وظائفهم    حكم التضحية بالأضحية عن الميت وفق التشريع الإسلامي    إتلاف كميات هائلة من الأدوية الممنوعة والمهربة في محافظة المهرة    تشيلسي مهتم بضم الفاريز    ساني متحمس لبدء يورو 2024    إعلان مفاجئ من بنك الكريمي بعد قرار البنك المركزي بعدن وقف التعامل معه!!    مجلس الأمن يتبنى مشروع قرار يدعم مقترح بايدن لوقف إطلاق النار بغزة    الحكومة تندد باستمرار التدمير الحوثي الممنهج للقطاع الصحي    "صنعاء على صفيح ساخن.. الرعب يسيطر على المليشيا الحوثية و حملة اعتقالات واسعة"    أكبر عملية سطو في تاريخ الأدوية اليمنية: الحوثيون يسيطرون على مصانع حيوية    بوتين يهدد بنقل حرب أوكرانيا إلى البحر الأحمر    السلطات السعودية تكشف عن أكبر التحديات التي تواجهها في موسم الحج هذا العام.. وتوجه دعوة مهمة للحجاج    النفط يرتفع وسط توقعات بزيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    آخر ظهور للفنان محمد عبده عقب تلقيه علاج السرطان .. شاهد كيف أصبح؟ (فيديو)    الحوثيون يمنحون مشرفين درجة الماجستير برسالة واحدة مسروقة وتم مناقشتهما(أسماء)    فضل الذكر والتكبير في العشر الأوائل من ذي الحجة: دعوة لإحياء سُنة نبوية    مانشستر يونايتد يسعى لتعزيز هجومه بضم المغربي يوسف النصيري    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات شهر مايو للقطاعين المدني والعسكري والمتقاعدين    ارتفاع في تسعيرة مادة الغاز المنزلي بشكل مفاجئ في عدن    خلال تدشين الخدمة المدنية للمجموعة الثانية من أدلة الخدمات ل 15 وحدة خدمة عامة    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    افتتاح معمل وطاولة التشريح التعليمية ثلاثية الأبعاد في الجامعة اليمنية    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    أحب الأيام الى الله    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم العالمي للغة الأم : صراع بين العربية ولهجاتها واللغات الأجنبية على ساحة العلوم
نشر في شبوه برس يوم 22 - 02 - 2014

قال الزعيم الإفريقي الراحل نيلسون مانديلا ذات مرة ”لو تحدثت إلى شخص بلغة يفهمها، يدخل حديثك رأسه.
ولو تكلمت إليه بلغته، يدخل حديثك قلبه“.
وهذه هي اللغة الأم التي تحظى باهتمام المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في الحادي والعشرين من فبراير/شباط من كل عام، عندما تحتفل بيوم عالمي لها.
ويهدف هذا اليوم - الذي تواظب اليونسكو على الاحتفال به منذ ثلاثة عشر عاما - إلى إبراز أهمية التنوع اللغوي في العالم، في عصر هيمنت فيه ظاهرة العولمة.
ومع سيطرة العولمة تحتاج الشعوب إلى الحفاظ على هويتها، وحماية مقومات تلك الهوية، ومن أبرزها اللغة، ولذلك تهتم اليونسكو بحماية اللغات الأم وتعزيزها، إذ إن في حمايتها سبيلا للتفاهم والتقارب المتواصل بين الشعوب والأفراد في العالم.
وتبذل منظمة التربية والعلوم والثقافة جهودا مضنية لتعزيز التعايش بين 7000 لغة حية يستخدمها المتحدثون عبر أرجاء العالم اليوم.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف خصصت اليونسكو يوما كل عام تلفت فيه الانتباه إلى دور اللغات جميعا في نقل المعرفة وتعددها.
وقضية هذا العام، 2014، هي قضية العلوم، وقدرة اللغات المحلية، على عكس ما يعتقد، على نقل أحدث المعارف العلمية في الرياضيات والفيزياء والتكنولوجيا، وغيرها.
ولكن أين يقف العرب ومتحدثو اللغة العربية الآن من هاتين المسألتين: مسألة اللغات المحلية، ومسألة العلوم، من حيث نقلها إلى العربية، وتدريسها في دور التعليم لدينا؟
واقع معاش
في الواقع المعاش توجد ازدواجية لغوية في أقطار العالم العربي جميعا: إذ يتحدث الناس في قضاء حوائج حياتهم اليومية، وأحاديثهم الخاصة بلغة، يستخدمها أيضا المعلمون في المدارس، والمذيعون في البرامج، والمتحدثون في الندوات، وهي اللغة التي سمعوها ونشأوا عليها في حجور أمهاتهم.
لكنهم يتعلمون في دور التعليم لغة ثانية، ربما لا يسمعونها منطوقة إلا في الصلوات، ونشرات الأخبار في الإذاعة المسموعة والمرئية، وما ندر من برامج وخطب دينية، ولكنهم يقرأونها في وسائل الإعلام المكتوبة.
وإلى جانب ذلك توجد في العالم العربي لغات أخرى غير عربية، تستخدم على نطاق أضيق بين بنيها، مثل النوبية في جنوب مصر والسودان، والكردية في العراق وسوريا، والأمازيغية، في دول شمال إفريقيا.
وقد كافح أبناؤها من أجل الاعتراف بلغاتهم الأم، وتعلمها، وتعليمها لأبنائهم. ونال بعضهم حق إنشاء معاهد تعليمية تعتني بلغتهم وآدابها، كما حدث مع الأمازيغ في الجزائر.
ويظهر هذا الواقع المعاش كيف يحافظ العرب - عن قصد أو دون قصد، وبغض النظر عن موقفهم من تلك الازدواجية - على لغاتهم المحلية، التي يحلو للبعض تسميتها باللهجات، أو العاميات، وينعتها الكارهون ب”الانحرافات“ اللغوية.
وهم يستطيعون الحديث فيها عن مختلف المعارف، العلمية والأدبية، ويعبرون فيها شعرا ونثرا عن خوالجهم وعواطفهم، وإن استنكف بعضهم وصف ذلك النتاج الأدبي، خاصة المنظوم منه مثلا بالشعر، بل يسمونه زجلا.
بل أخذت رقعة العامية تتسع نطاقا، حتى دخلت جامعة الأزهر، فتبناها المحاضرون لغة في قاعات الدرس، فثارت ثائرة الطلاب المسلمين الأجانب، أفارقة وآسيويين، واشتكوا من استخدام العامية التي تعيق فهمهم للدروس.
يستخدم بعض محاضري جامعة الأزهر العامية في التدريس للطلبة الأجانب.
ولم يكن ذلك هو حال التدريس في الماضي، حين كانت سيطرة اللغة الفصيحة أكبر. ومما يحكى من حكايات ذلك العصر، أن أحد الطلاب رفع يده ذات مرة ليسأل الأستاذ عباس حسن - وكان أحد الأساتذة المشهورين في كلية دار العلوم في الستينيات والسبعينيات، وهو مؤلف كتاب ”النحو الوافي“ المعروف - ”بنقول …“ فاستوقفه الأستاذ، ولم يدعه يكمل سؤالهن قائلا ”الباء لا تدخل على المضارع“.
واقع مأمول
ولكن عددا من الأكاديميين والدارسين، وذوي الحمية الدينية، يرفضون ذلك الواقع المعاش. ويتحدثون عن واقع مأمول، العربية الفصيحة فيه - كما يأملون - هي لغتهم الأم، وليست اللهجات - التي يتعايشون بها صباح مساء - فيه سوى عاميات يأبون نعتها بمصطلح ”لغة“، لأنها كلام ”العوام، أو العامة“.
وربما يكون لدى هؤلاء، ممن يؤمنون بالنزعة القومية عذر، لأن في التمسك بالعربية الفصيحة حفاظا على رابط يربط بين أبناء الوطن العربي، ويمكنهم، بواسطته، التفاهم دون عوائق لغوية كبيرة.
وهم أيضا معذورون لأن العربية الفصحى هي لغة القرآن، وهذا يعني وجود دافع ديني، إلى جانب الرابط القومي، للحفاظ عليها.
وهذا الدافع الديني عينه هو الذي قدمه حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، لأعضاء جماعته عند تأسيسها، حافزا لهم كي يولوا العربية اهتماما أكبر تعلما وحديثا.
قدرة على المواكبة أم قصور
ولكن هل تستطيع العربية الفصيحة، مع ضيق المجالات المستخدمة فيها، باعتبارها لغة مكتوبة، مواكبة العلوم الحديثة، والمخترعات والتقنيات التي تظهر كل يوم؟
"كانت اللغة العربية سباقة إلى استيعاب علوم الطب والرياضيات، بعد ترجمة تلك العلوم."
دكتور محمد عبدالحليم
يؤكد الدكتور محمد عبد الحليم، العضو المراسل في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومدير مركز الدراسات الإسلامية في معهد الدراسات الشرقية والإفريقية، بجامعة لندن تلك الاستطاعة. ويضرب مثلا من التاريخ العربي، عندما كانت اللغة العربية سباقة إلى استيعاب علوم الطب والرياضيات، بعد ترجمة تلك العلوم.
بل أخذ الغرب - كما يقول عبد الحليم - عن علماء مسلمين مثل ابن سينا، وابن رشد، وابن الهيثم، وجابر بن حيان. وظلت بعض مؤلفات ابن سينا تدرس في الجامعات الغربية حتى القرنين السابع عشر والثامن عشر.
ويشير أيضا إلى أن في اللغة العربية صيغا صرفية تساعد في عملية تعريب العلوم.
ويدلل عبد الحليم بجهود مجمع اللغة العربية بالقاهرة، الذي يواكب - بحسب رأيه - العلوم الحديثة، ويصدر معاجم لمصطلحاتها، كما فعل - مثلا - عندما نشر ”معجم مصطلحات الحاسبات“ معرّبا فيه اصطلاحات تكنولوجيا المعلومات.
ورأي الدكتور عبد الحليم، عضو مجمع القاهرة، يعبر عن وجهة نظر واحدة.
"العربية الفصيحة هذه الأيام، قاصرة عن مواكبة العلوم الحديثة."
دكتورة عزة أبوالنجا
إذ إن هناك من يؤمن بأن العربية الفصيحة هذه الأيام، قاصرة عن مواكبة العلوم الحديثة، كما تقول الدكتورة عزة أبو النجا الأستاذة بجامعة عين شمس.
وتعلل هذا بتجمد اللغة منذ فترة، وعجز أهلها. وتضيف إلى ذلك ”أن المنتج العلمي ذاته هو منتج غربي، وليس منتجا عربيا، فالعرب عالة فيه على الغرب“.
وتنحي أبو النجا باللائمة على مجمع اللغة العربية مرددة قول أحد اللغويين المعاصرين الذي روت عنه ”أن مجمع اللغة ينتظر حتى ينتشر اللفظ الجديد، ثم تقوم قيامته، بعد ذلك“.
تدريس العلوم
ولقضية التعريب جانب آخر ذو خطر. فإذا كانت العربية الفصيحة قادرة على مواكبة علوم العصر، فلماذا تترك قاعات الدرس في الجامعات والمعاهد العليا ساحة رحبة للغات الأجنبية، كالإنجليزية والفرنسية، لتدرس بهما العلوم الحديثة في بلداننا العربية؟
عندما طرحت السؤال على الدكتور محمد عبد الحليم أعادني إلى أوائل القرن العشرين، حينما كانت المدارس الأجنبية منتشرة في مصر، وكان معظم من يسند إليهم تدريس العلوم الحديثة هم ممن تخرجوا في جامعات غربية في أوروبا، حيث درسوا تلك العلوم بلغات أجنبية.
ولما عاد هؤلاء إلى مصر ليُدرّسوا، كانوا أمام خيارين: إما أن يُدرّسوا العلوم باللغات التي درَسوها بها، وإما أن يُدرّسوها بالعربية.
"نحن بحاجة إلى ثورة لغوية، إلى نهضة، إلى مشروع قومي."
دكتورة عزة أبوالنجا
وكان الخيار الأول بالنسبة إليهم هو الأمثل، لعدة أسباب، كما يقول عبد الحليم، منها، أن اللغة الأم لهؤلاء هي اللهجة المصرية، وليست العربية الفصيحة، وصعوبة الجهد الذي يقتضيه تعريب المصطلحات العلمية، كما أن الحكومة آنذاك لم تكن تتدخل في سياسة التعليم.
ويشير عبد الحليم إلى عامل آخر، ربما أثر في ميل هؤلاء المعلمين إلى إيثار استخدام الإنجليزية، بدلا من العربية، وهو غرورهم وتفاخرهم بالتحدث بلغة أجنبية، والتدريس بها أيضا.
ولكن وجدت في العالم العربي تجربة ناجحة، إلى حد كبير، في مجال تعريب العلوم وتدريسها بالعربية، في سورية. فما هي العوامل التي ساعدت على نجاحها؟
ترى الدكتورة أبوالنجا أن ذلك يرجع إلى إيمان السوريين أولا بأن اللغة يمكن أن تستخدم في نقل العلوم، وإلى اعتزازهم ثانيا بالعروبة والقومية، التي تمثل اللغة
العربية مقوّما أساسيا فيها.
وهذا أيضا ما يراه عبد الحليم، وإن أشار إلي عامل آخر يتعلق بالوطنية. فقد ارتبط التعريب في سوريا بمقاومة الاستعمار الفرنسي، في جميع المجالات، ومنها الجامعات التي حاول فرض لغته فيها.
"لو استمر عبدالناصر، ربما كان عرّب التعليم."
دكتور محمد عبد الحليم
وحتى يتحقق في مصر، مثلا، ما تحقق في سورية، يحتاج المصريون، كما تقول أبو النجا، إلى ”ثورة لغوية، وإلى نهضة، وإلى مشروع قومي“.
أما عبد الحليم فيرى أن القضية بحاجة إلى ”قرار سياسي“، ويقول ”لو استمر عبدالناصر، ربما كان فعل ذلك“.
نرجو أن يكون في اليوم العالمي للغة الأم هذا العام حافز لمستخدمي العربية على تمكين لغتهم الفصيحة أكثر في قاعات الدرس، وفي ترجمة العلوم، ونشرها أكثر، وسط هذا البحر المتلاطم من اللغات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.