يعتقد كثيرون انه الإخوان المسلمون الذين يتحركون في عدد من الأقطار العربية، يخوضون صراعاً مع إيران الشيعية، وهو الاعتقاد الخاطئ الذي تدحضه العلاقة الوطيدة بين إيران والاخوان المسلمين. ولم يكن ما كشفه القيادي السابق في جماعة الإخوان في مصر الدكتور « ثروت الخرباوي »عن العلاقة الوطيدة بين الاخوان وايران، إلا جزءاً يسيرا من عمق العلاقة بين الجانبين. إذ تتعدد أواصر العلاقة بين الاخوان المسلمون وبين إيران، والتي امتدت على جميع فروع الاخوان في البلدان العربية التي تتواجد فيها فروع الاخوان. وينتشر الإخوان المسلمون في دول عديدة من العالم، ومن بينها إيران التي للإخوان فيها "جماعة نشطة يترأسها عبدالرحمن بيراني، وعلاقتها ممتازة بالنظام الإيراني"، بحسب المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية أحمد بان، الذي أكد في تصريحات لمراسل "العين": "بعد قيام ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013 سمحت السلطات الإيرانية للإخوان الإيرانيين بالاحتفال في أحد أشهر ميادين طهران، رافعين شعار رابعة، ومندّدين بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي". *علاقة إيران ب« الإخوان الأم»في مصر: للإخوان المسلمين علاقة وطيدة بإيران، لم تكن ثورة الربيع العربي بمصر إلا إزالة القناع، حيث أظهر الاخوان حقيقة علاقتهم بإيران، لم يكن فيها تصريح مرشد الإخوان السابق "مهدي عاكف" الذي تناقلته وسائل الأنباء والمحللين، في معرض تعليقه على كشف السلطات الأمنية المصرية لما عرف ب « خلية حزب الله »آنذاك قال عاكف: من حق مصر أن تشكر حزب الله، لا أن تحقق معه" معتبراً أنّ "من حق إيران أن تفعل أي شيء". وتجلت حقيقة العلاقة بين الاخوان وإيران، خلال زيارة الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد لمصر بدعوة من الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، ومنح نجاد فرصة ان يخطب في جامع الأزهر الشريف، هو دليلاً آخر على قوة العلاقة بين الجانبين، كما أن زيارة مرسي لطهران عام 2012، كان كأول رئيس مصري يزورها بعد 34 عاماً دليلٌ آخر على الصلة الوثيقة بين الطرفين. *علاقة تأريخية لإيران بالاخوان: يقول ثروت الخرباوي، القيادي السابق في الاخوان المسلمين بمصر، أن العلاقة بين الاخوان وإيران لها جذور تأريخية تعود لتأريخ تأسيس هذه الجماعة، حيث تمثلت هذه العُرى الوثقى بين الإخوان وإيران بما جمع بين حسن البنا، وتقي القمي، وآية الله كاشاني، ونواب صفوي، وآية الله الخميني؛ أبطال غزو الشيعة للعالم السني، وهي علاقات سرية، كما يصفها الخرباوي: لا يعرف عنها الكثيرون شيئاً، إلا قيادات الإخوان أنفسهم وليس قاعدة الجماعة"، مشيراً إلى أن "حسن البنا اقترب من الشيعة بشكل كبير، وهو ما أثار غضبة علماء السنة، حتى إنّ أقرب المقربين منه اتهموه بخيانة عقيدته مقابل دراهم معدودة". الخرباوي، قال أنّ ثلاثينيات القرن الماضي، وتحديداً في 1938 شهدت زيارة "سيد روح الله مصطفى الموسوي الخميني" الذي أصبح، بعد ذلك، الإمام «آية الله الخميني » مفجر الثورة الإيرانية، زار مقر جماعة الإخوان في مصر، حيث عقد لقاءً خاصًّا مع المرشد الأول للجماعة حسن البنا". وكشف عن علاقات سرية طويلة وممتدة بين مؤسس الجماعة حسن البنا وقائد الثورة الإيرانية آية الله الخميني، "وذلك في إطار من الروابط التي جمعت الرجلين بالمخابرات الغربية". حد وصفه. *قواسم عقائدية مشتركة في النظر للحكم: تزدحم المحطات التاريخية بالشواهد التي تؤكد الصلة العضوية بين فكر الملالي وولاية الفقيه، وفكر "الإخوان المسلمون". يرى الباحث والأكاديمي المتخصص بالدراسات الدينية "د. يوسف ربابعة " أنّ علاقة الإخوان المسلمين مع إيران تجددت فعلياً عام 1979، في أعقاب إعلان إيران دولة إسلامية، تطبّق الإسلام وتتخذه دستورا لحكمها، "وهو ما كان ينادي به الإخوان المسلمون في دعوتهم لإعادة الحكم الإسلامي للأنظمة السياسية في البلاد العربية والإسلامية. وفي شان آخر، فإن الأخوان لا يهتمون، بحسب دراسة ماجستير إيرانية أعدّها الباحث الإيراني (عباس خامه يار) بشخص الحاكم ولا بمواصفاته التي ينبغي أن يتحلى بها، ولا بوقت وكيفية تنفيذه للأحكام". وهو ما أكده التلمساني: "لا يعنينا شخص من يحكم، ولكن في المقام الأول يهمنا نوع الحكم وشكله ونظامه، وبعد ذلك فليحكم من يحكم"، شريطة أن يحكم بالشريعة، وإذا فعل الحاكم ذلك، فإنّ الإخوان سيكونون له عوناً وسنداً، وهو ما يتطابق مع ما أفاد به الخرباوي بأنّ "جماعة الإخوان تعتبر أنّ منهجها متفق مع منهج الشيعة، وهنا مكمن الخطر". *موقف الاخوان من الحرب الإيرانيةالعراقية: كان من أهم نقاط التقارب بين الاخوان وإيران، الحرب العراقيةالإيرانية، حيث كان موقف الإخوان إلى جانب إيران، بوصفها صاحبة الحق في نشر الإسلام وفتح البلدان، وذلك انتصار لله والمؤمنين به، مقابل الكفار والطواغيت، لتحقيق العدل والحق في الأرض، وعمارتها على وفق منهج الله ورسوله" كما جاء في دراسة الباحث والأكاديمي المتخصص بالدراسات الدينية "د. يوسف ربابعة ". *الاخوان يؤيدون احتلال العراق للكويت: وفي موقف متناقض للإخوان الذي أيدوا إيران في حربها مع العراق، ظهر موقف الاخوان بعد عامين من انتهاء الحرب ( الإيرانيةالعراقية )، مؤيداً لغزو العراق للكويت واحتلالها. وعن ذلك نشرت صحيفة « الشرق الأوسط » في عددها ( 12915 ) بتأريخ ( 8 إبريل 2014) ضمن سلسلة تحقيقات بعنوان ( الإخوان والسعودية.. القصة الكاملة الحلقة الرابعة) حيث ذكرت تصريحات لوزير الداخلية الراحل « الأمير نايف بن عبد العزيز »التي أطلقها عام 2002 في حواره الشهير مع صحيفة «السياسة» الكويتية، في عددها رقم 122113 والمنشور بتاريخ 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، الذي قال فيه: «جماعة الإخوان المسلمين أصل البلاء. كل مشاكلنا وإفرازاتنا جاءت من جماعة الإخوان المسلمين، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار». وقالت الشرف الأوسط، ان الأمير نايف، اضاف «عندما اضطهد (الإخوان) وعلقت لهم المشانق لجأوا إلى السعودية فتحملتهم، وحفظت محارمهم وجعلتهم آمنين»، مبينا أن «أحد (الإخوان) البارزين أقام 40 سنة عندنا، وتجنس بالجنسية السعودية، وعندما سئل عن مثله الأعلى قال: حسن البنا»! . وقالت الصحيفة: " ويكمل الأمير نايف تعليقا على الغزو العراقي للكويت: «جاءنا عبد الرحمن خليفة و(راشد) الغنوشي و(عبد المجيد) الزنداني، فسألناهم: هل تقبلون بغزو دولة لدولة واقتلاع شعبها؟ فقالوا: نحن أتينا للاستماع وأخذ الآراء»، ويضيف «بعد وصول الوفد الإسلامي إلى العراق، فاجأنا ببيان يؤيد الغزو»! إذن، فقد وقفت جماعة الإخوان المسلمين الأم بمصر ضد السعودية مع صدام حسين وتبعتها على ذلك غالبية فروع الجماعة في البلدان العربية كالأردن وفلسطينواليمن والسودان، وقد كتب الإخواني الكويتي «إسماعيل الشطي» مقالات كثيرة في «الشرق الأوسط» حينها حول هذا الموضوع وأبان عن مرارة من موقف الجماعة الأم تجاه الغزو العراق" . *موقف إيرانواليمنين الشمالية والجنوبية: بعد ان اظهر الاخوان موقفهم المؤيد لاحتلال العراق للكويت وكان ذلك هو و نفس موقف إيران. كانت اليمن الشمالية التي صارت موحدة حديثة مع اليمن الجنوبية مؤيدة للغزو العراقي للكويت، حيث كان ذلك في بالتزامن مع تأسيس إخوان اليمن رسميا كحزب سياسي متفرع من حزب المؤتمر الشعبي العام تم تسميته " حزب التجمع اليمني للإصلاح " بالاتفاق مع الرئيس ورئيس حزب المؤتمر أنداك " علي عبدالله صالح " . وأيد حزبي الإصلاح والمؤتمر غزو الكويت، فيما رفض نائب الرئيس الذي يمثل اليمن الجنوبي الغزو، واعتبر الغزو للكويت مرفوضا، وحينها اخرج صالح مسيرات في شمال اليمن تؤيد غزو الكويت وتدعو أيضاً العراق لغزو السعودية حيث رفعت في تلك المسيرات شعارات " بالكيماوي يا صدام باقي جدة والدمام "، بالمقابل رفض الجنوبيون اليمنيون الأمر، وخرجوا في مسيرات حاشدة في عدن ترفض الغزو العراقي وتدعو لإنهاءه وتعلن موقفها الى جانب الدول العربية الرافضة لغزو العراق للكويت. *علاقة إيران بالقاعدة وداعش عبر الإخوان: اعتقلت المملكة العربية السعودية، منتصف التسعينات على كثير من العناصر، عند وقوع تفجير مبنى الحرس الوطني بحي العليا في الرياض عام 1995، وحينها خرج أسامة بن لادن قائد تنظيم القاعدة من السعودية إلى السودان التي كانت تسيطر على الحكم فيها جماعة الإخوان المسلمين وحسن الترابي، ومن هناك بدأ هجوم بن لادن على السعودية والذي يأخذ خطين متوازيين: وكان لهجوم الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) على الولاياتالمتحدة في هجمات غير مسبوقة حدثا عالميا، نتج عنه إعلان حرب دولية ضد الإرهاب وسقطت معه دولتان هما أفغانستانوالعراق، ولكنْ سعوديا أعلنت المملكة بكل قوة وقوفها ضد هذا العمل الإرهابي وأدانته وأعلنت المشاركة في الحرب على الإرهاب، وهنا اختارت جماعة الإخوان المسلمين سياسة إنكار الحدث لتقدم نفسها كبديل عن «القاعدة ». بعد 2003 وتفجيرات الرياض«غرناطة»، قدم الاخوان المسلمين خطابا يشبه خطاب جناح سياسي يدافع عن جناح مسلح" الإرهاب"، واظهروا مراوغات مستمرة. وعودا للجماعة الأم بمصر، فقد كانت الدول العربية منقسمة تجاه الأحداث الجديدة في المنطقة، وكان ثمة محوران هما «محور المقاومة» و«محور الاعتدال»، وكان الأول يضم الجمهورية الإسلامية في إيران ومعها بعض القوى السياسية من جماعات الإسلام السياسي ممثلة في «حزب الدعوة» و«المجلس الإسلامي الأعلى»، أو النسخة الشيعية لجماعة الإخوان المسلمين التي استولت على الحكومة في العراق لاحقا وسوريا وحزب الله في لبنان وحركة حماس الإخوانية في فلسطين، وكان الثاني يضم السعودية ومصر ودول الخليج والأردن، وقد انحازت جماعة الإخوان المسلمين الأم بمصر إلى محور الممانعة ضد السعودية وحلفائها. وتتهم حاليا الولاياتالمتحدة "الإخوان المسلمين" والحرس الثوري الإيراني باعتبارهما "جهتان تحرضان على نشر الأيديولوجيا الإسلامية العنيفة بهدف تدمير الغرب، ويدرس البيت الأبيض تصنيف الحرس الثوري الإيراني وجماعة "الإخوان المسلمين" باعتبارهما منظمات إرهابية أجنبيه. وهو ما يؤكد علاقة إيران والاخوان بالجماعات الإرهابية " القاعدة وداعش" . *أسلحة إيرانية بيد الاخوان والقاعدة وداعش: أعلنت وزارة الداخلية المصرية، بتأريخ 16 ابريل 2017، إن قطاع الأمن الوطني، تمكن من ضبط ألغام أرضية مضادة للأفراد مُدون عليها عبارات باللغة الفارسية، وقنابل F1 يدوية، وكميات كبيرة من القطع الحديدية صغيرة الحجم ورلمان البلي الذي يُستخدم فى تجهيز العبوات الناسفة، كما جرى اعتقال 13 عنصرًا إخوانيا إرهابيًا بمحافظتي دمياط والإسكندرية. وبحسب تقرير لموقع قناة « العربية نت » بعنوان « كيف وصلت أسلحة إيران لخلايا الإخوان الإرهابية بمصر؟ » فقد قال الخبير الأمني « خالد عكاشة » يؤكد ل« العربية نت» أن الأسلحة الإيرانية التي ترسلها طهران لجماعة الإخوان بمصر تصل الى الجماعات الإرهابية وتندرج ضمن سياسة طهران الرامية لإشعال مناطق الصراعات؛ بهدف التمدد والتوسع وفرض مناطق نفوذ لها؛ إضافة إلى أن هذه الأسلحة لا يتم منحها مجانا بل هي ضمن أنشطة اقتصادية تقوم بها إيران منذ فرض العقوبات الغربية عليها. وبحسب قناة العربية، فقد أكد الخبير الأمني «عكاشة» إن طرق تهريب السلاح من إيران للإخوان يتم عبر الحوثيين بحرا ومن خلال شواطئ غزة ؛ أو عبر الأنفاق بين غزة وسيناء؛ وخلال السنوات الماضية اكتشف الأمن المصري سفنا محملة بالأسلحة الإيرانية كانت مهربة عبر البحر في طريقها لسيناء وليبيا *موقف أخوان اليمن من اعتداء الحوثيين على السعودية: تقول صحيفة الشرق الأوسط في تقريرها، انه في العام نفسه 2009 حين واجهت السعودية اعتداء مسلحا من جماعة الحوثي التابعة لإيران على حدودها ودخلت معهم في مواجهة مفتوحة. وتضيف الصحيفة، انحازت جماعة الإخوان المسلمين ضد السعودية وانحاز مرشد الإخوان المسلمين حينها مهدي عاكف إلى جانب إيران والحوثيين، وزعم في لقاء تلفزيوني أن السعودية تمول الرئيس اليمني حينذاك علي عبد الله صالح في حربه ضد الحوثيين، ثم أصدرت الجماعة بيانا انحازت فيه إلى الحوثيين ضد السعودية بل ويحمل إدانة للسعودية. * منهج الإخوان في التفجير مارسته في الأساس إيران: اشتهرت الجماعات الإرهابية، خاصة « القاعدة وداعش » بأسلوب التفجيرات والاغتيالات واستخدام السيارات المفخخة، وهو أسلوب اتخذته جماعة الاخوان المسلمين، ومن قبلها إيران. يقول للعربية « ناصر رضوان » مؤسس ائتلاف الصحابة بمصر، أن منهج الإخوان في التفخيخ والتفجير هو في الأساس منهج إيراني مارسته طهران عبر ذراعها العسكري الحرس الثوري في العراقولبنان وسوريا واليمن؛ ولم تسمع به الدول العربية من قبل؛ فسياسة الاغتيالات بالتفجيرات والسيارات المفخخة هي وسيلة الحرس الثوري الإيراني لتصفية خصومه؛ ولإشعال الفتن والاضطرابات والحرب الأهلية تمهيدا لتفكيك الدول وتقسيمها مذهبيا؛ ومن ثم يسهل السيطرة عليها. ويؤكد بقوله: هذا هو ما فعلته إيران في العراق وسوريا واليمنولبنان وتريد تكراره في مصر من خلال جماعة الإخوان؛ بهدف إحداث حالة من الفوضى وعدم الاستقرار وتأجيج الفتن. *« إخوان اليمن » وعلاقتهم بالحوثيين والإرهاب: منذ بداية التحالف العربي، اظهر حزب الإصلاح « فرع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين باليمن » موقفاً متذبذباً من تأييد عاصفة الحزم التي انطلقت لمنع إيران من السيطرة على اهم ممر مائي دولي في عدن وباب المندب، ودفاعا عن شرعية السلطة اليمنية من الانقلابيين « الحوثيين وعلي عبدالله صالح ». ورغم اعلان الإصلاح تأييده لعاصفة الحزم، إلا ان ذلك كان فقط اعلانا اعلامياً، ولم يتجسد على أرض الواقع والميدان، إذ بقي الإخوان ممتنعين عن مواجهة التوسع الإيراني عبر اياديها في شمال اليمن الحوثيين وصالح، وسمحت لهم بالتوسع في كل المحافظات الشمالية، وأيدتهم في التوسع الى عدنوالمحافظات الجنوبية، وهو ما يدل على عمق العلاقة بين الإصلاح والحوثيين، والممتدة من العلاقة الوطيدة بين الاخوان وإيران.