في اجتماعاته الأخيرة التي عقدت خلال الايام الماضية، وضع المجلس الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس الجمهورية، الخطوط والاتجاهات العريضة والعامة لخطة عمله للفترة القادمة، كما وضع اليات ترجمة المسؤوليات المناطة به وتحويلها الي خطط عملية تنفيذية. وركز خطاب المجلس الرئاسي على عدة قضايا هامة ومحورية، اهمها الأزمة الاقتصادية، التي قال رئيس المجلس انها ابرز القضايا التي تواجه عمل المجلس، والتي ينبغي بذل الجهود من اجل ايجاد معالجات لها بصورة سريعة ودقيقة.
ان نجاح المجلس الرئاسي بحلحلة الازمة الاقتصادية التي نجم عنها تدهور الوضع المعيشي للناس في المناطق المحررة، وتدني قيمة العملة المحلية، وارتفاع اسعار السلع سوف يحفز للنجاح في الملفات الأخرى، وكلنا يعرف ان الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، هي المنتج الرئيسي للارهاب، والفوضى واختلال منظومة القيم العامة في المجتمع، والتي تقود فيما بعد الي الفشل العميم في مختلف المجالات، واضمحلال هيبة الدولة، وغياب اثرها ودورها، الأمر الذي يقود الي الانهيار والسقوط.
لذا فان النجاح في معالجة الازمة الاقتصادية، وعودة الامور الي وضعها المعقول والطبيعي، سيذيب الكثير من الاحتقان في الشارع، وسيحقق انفراجه كبيرة في العلاقة ما بين الشعب والسلطات الحاكمة، وسيعمل ذلك على انتاج حاضن شعبي واجتماعي للمجلس الرئاسي والحكومة في العاصمة عدن والمناطق والمدن المجاورة، سيمكن استغلاله من تثبيت قواعد العمل لتنفيذ ما تبقى من خطوات، واهداف لتحقيق الامن والاستقرار، واستعادة موارد الدولة، وتحريك المياه الراكدة في مختلف القطاعات، والمؤسسات الحكومية، والاشتغال على منظومة الخدمات، واعادة رسم خطط ورؤى جديدة في التعامل مع المشروع الانقلابي انطلاقا من عدن اما سلما او حربا.
ان دخول النفق لم يكن ليحتاج سوى قرارات انتقامية من قوى الشر، و اطراف الحرب والانقلاب، لكن الخروج من النفق يحتاج ارادة كبيرة، وعزم وتصميم من قوى الخير، وهذا ما افتقدناه طوال السنوات الثمان الماضية، حيث كبلت السلطة الشرعية نفسها بتعقيدات واوهام عديدة، صرفتها عن العمل الناجع، والمطلوب، للخروج من النفق، بل بالعكس فقد راكم اداءها الهزيل المشكلات والازمات في كل مكان، مما افقدها عوامل القوة والحسم، ولذلك جاءت التغييرات الأخيرة لتؤكد بان المرحلة بحاجة لاداء وعمل مختلف، ومغائر لمعالجة المشكلات، والازمات، وخلق واقع جديد يساعد على تحقيق الانتصارات في مختلف الجبهات.
لقد اصبحت امام المجلس الرئاسي مسؤوليات ضخمة، وكبيرة، ومتعددة من فور الاعلان عنه، ولايمكن للبلد ان تغادر النفق المظلم الا باحترام هذه المسؤوليات، والعمل على تنفيذها بحس وطني وجمعي، وادراك حقيقي لحجم المخاطر التي تواجه البلد، وتهدد نسيجه الاجتماعي، وهويته الجامعة، ووجوده.
لسنا بحاجة لكثرت الكلام، والبهرجة الاعلامية، والخطابات البلهاء، قدر حاجتنا للتقارب والعمل الصادق والمنتج الذي ياتي بالنتائج المرجؤة، والايجابية، التي تخدم البلد، وتخفف من معاناة شعبنا، فهناك ازمات وقضايا عديدة هي محل اختبار للقيادة الجديدة التي ليس امامها من خيار غير النجاح، وهي تحظى اكثر من اي وقت مضى بدعم الاشقاء في التحالف والخليج، والاصدقاء في المجتمع الدولي، وما يزال امامها قدرا من الوقت لتثبت نجاحها قبل ان تبدأ عمليات التقييم.
على شعبنا في الجنوب ان يتفهم الوضع الذي تمر به البلد، والظروف التي يعاني منها الناس، وعليه ان يضيف الي صبره مزيدا من الصبر، لنرى ما الذي سياتي به المجلس الرئاسي، وحكومته، لاخراج البلد من نفق الحرب، والازمات، فخروج اليمن من النفق سيكون بمثابة بشارة الخير لمعالجة كافة القضايا، ومن ابرزها القضية الجنوبية، لكن استمرار البلد غارقا في الازمات داخل النفق المظلم فانه لن ينتج شي مفيد، ولن يساعد على اية حلول سياسية تهم الجنوب، اكثر من تردي الاوضاع، واتساع رقعة الازمات.
اذن علينا جميعا مساعدة المجلس الرئاسي، والقيادة الجديدة، للقيام بمهامها من داخل العاصمة عدن، وان نكون جنودا مجندة لتطبيق النظام والقانون، فالمسؤولية جماعية، والفرصة ثمينة، وقد لا تتكرر مرة اخرى.