قلت لعدد من وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية تواصلت معي خلال الأيام الماضية، أننا جميعا مع السلام، وان الشعب اليمني اولا واخيرا مع السلام، لكنه السلام الذي يقطع دابر الحرب إلى الأبد، لا السلام الهش الذي يعيد إنتاج الحروب من جديد بمجرد التوقيع عليه. ومن هنا علينا أن نؤكد أنه على الجميع تحمل مسؤولياته لما صار إليه البلد، وما صار إليه الشعب خلال السنوات الثمان الماضية، وأقصد هنا أطراف الحرب، ينبغي أن نقف بواقعية وعقلانية لتحديد المسؤولية القانونية والأخلاقية لكل طرف شارك في الحرب، وعدم السماح لهذا الطرف أو ذاك بالتملص أو التخفي خلف يافطات مختلفة، لا سيما ونحن نرى ما صار للبلد من دمار وخراب كبيرين، في البنية التحتية العامة والخاصة، التي استغرق بناؤها عقود من الزمن. البلد بحاجة إلى إعادة إعمار، والشعب بحاجة لتعويضات حقيقية جراء المعاناة الإنسانية التي عاشها من دون مرتبات أو حقوق طبيعية وقانونية، فالكثير فقدوا اعمالهم، والكثير عاشوا حياة البؤس والتشرد في مخيمات النزوح، ومن فقدوا اهاليهم وابناءهم وأقاربهم، سواء عبر الهجمات الخاطئة، أو الذين فقدوا أرواحهم في المعارك، وتعرضوا للإصابات التي اقعدتهم عن الحركة وغيرها، وما زالوا يعانون إلى اليوم، كل هؤلاء بحاجة للتعويض وجبر الضرر. وفي السياسة تبقى القضية الجنوبية في صدارة القضايا الوطنية، فهي مفتاح السلام ومفتاح الحل الشامل، واي محاولة للالتفاف عليها، او الانتقاص منها ومن تضحيات شعبنا في الجنوب، سيعيد الجميع للمربع الأول، وسيكون الخاسر الأكبر هو اليمن دون سواه. الجنوب اليوم في موضع قوة وليس ضعف كما قد يتهيأ للبعض، وكما يحاول الاعلام المعادي تقديمه، فالارض مع ابنائها وتحت سيطرتهم، وما تبقى من مناطق بسيطة مقدور على السيطرة عليها وفي اسرع وقت، سواء أكانت سيطرة أمنية وعسكرية، أو سيطرة شعبية وجماهيرية، لدينا الكثير من البدائل والخيارات في الجنوب، لذا على الجنوبين التوقف عن تقديم التنازلات المجانية مهما كانت الضغوط، فالجنوب في وضع المنتصر على جميع خصومه، علينا ادراك ذلك نحن اولا، ثم على الاقليم والعالم التعامل معنا وفقا للمعطيات السياسية والعسكرية على الارض. علينا أن لا نسمح بتقديم الجنوب وثرواته ومستقبله هدية من قبل من لا يملك إلى من لا يستحق، الجنوب ليس هدفا للترضيات أو لاستجداء السلام من قبل من لا يعترف بالسلام، الجنوبيون أحق بجنوبهم وبثرواته وخيراته اولا وقبل كل شيء ، ولن يكون هناك استقرار في اليمن وربما في المنطقة إلا بفهم هذه المعادلة والتعاطي معها. نحن دعاة سلام، ومع كل الحلول المنطقية والواقعية، التي لا تتجاوز التطلعات الشعبية، ومع السلام الشامل في اليمن والمنطقة، مع حل كافة القضايا العالقة هنا وهناك، ومع التقارب العربي مع إيران، إن كان سيقود إلى خدمة المنطقة وشعوبها، وتصفير الخلافات والمشكلات، وانهاء المطامع المدمرة، دعونا نرى نتائج هذا التقارب في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، ثم نقيم المسالة ونحكم عليها. نعود مرة أخرى ونؤكد أننا مع السلام الشامل، ومع الحل الذي لا يلتف على القضايا الوطنية، والتطلعات الشعبية المشروعة، وعلينا أن نشكر كل من ساهم في هندسة مشروع السلام دولا وافرادا وجماعات، ونشد على أياديهم جميعا لجعل السلام أمرا واقعا في اليمن جنوبا وشمالا، وقطع دابر الحروب إلى الأبد. *- باسم فضل الشعبي رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام