*- شبوة برس – د حسين لقور بن عيدان - الأيام احتفاءُ الحوثيينَ بالثورةِ الخمينيةِ وإحياءُ أيامها في صنعاء، يؤكدَ بما لا يدعو الى الشكِ على مذهبيةٍ حركتهمْ العابرةُ للحدودِ وارتباطاتهمْ السياسيةِ، مهما حاولوا تبريرها وتنفي عنهمْ وطنيتهمْ اليمنيةُ بلْ إنها تظهرُ نزوعهمْ إلى فكرةِ الدولةِ الدينيةِ وطائفتيها .
لكن رغمُ تماهي الحوثية معَ نظامِ المرشدِ في إيران وتبعيتها المطلقةِ لها ، إلا أن طهران لمْ تقدمْ للحوثي في صنعاء حتى مشروعِ بناءِ دولةٍ على النمطِ الخميني وإنما تركت الدور للمكون الأكثرِ تطرفا والعنصرُ اللادولتي في إيران وهوَ الحرسُ الثوريُ والذي جعلَ منْ الحوثي مجردَ فصيلٍ تابعٍ ينفذُ أجنداتهُ التدميريةَ وتقويضَ الدولةِ الوطنيةِ في الداخلِ والإقليمِ، فهل يوحي ذلك بأن ايران الدولة في سبيل استمرارِ تخادمها مع أمريكا ممكنْ تتخلى عن الحوثي؟
ومع ذلك فإنَ ما تقومُ بهِ الحوثيةِ منْ نبشٍ للصراعاتِ المذهبيةِ التاريخيةِ في خطابها السياسيِ والإعلاميِ والفكريِ واستحضارهِا بحدةِ غيرُ مسبوقةٍ لا يعكسُ إلا أمرٌ واحدٌ هوَ تعظيمُ المذهبيةِ والذهابِ بالصراعِ مع باقي مكونات المنطقة إلى أبعدَ ما يمكنُ في طائفيتهِ وتقديسهِ بعدَ أنْ شرعنتهِ ولا ترى المستقبلٍ إلا منْ زاويةِ التاريخِ المعمدِ بالصراعاتِ والموتِ مما يقودُ إلى زرع بذور و تزمينْ للحروبُ الأهليةُ ليصب في خدمةِ مشروعِ نفوذ طهرانَ التوسعيِ على حسابِ الوطنِ الجامعِ والعلاقاتِ الأخوةِ معَ الجوارِ .
لعلَ من اهم المؤشراتِ على دورِ مشروعِ الحوثية هو تقويضِ دورِ السلطةِ الشرعية و اشعال الحروب وما غزو المناطق الجنوبية عنوة إلا مثالا، وخلق حالة من عدمُ الاستقرارِ والقتلِ و فتح السجونِ المليئةِ بالأبرياءِ ، عجزها عنْ أداءِ الدورِ المناطِ بها كسلطةِ أمرٍ واقعٍ في صنعاء ، فلا رواتبُ تصرفِ وأكثرَ منْ نصفِ السكانِ في مناطقها يعيشونَ على المساعداتِ الإنسانيةِ المقدمةِ منْ منظماتٍ دوليةٍ ، والغياب التامٍ للقانونِ لضبطِ علاقةِ هيمنةِ مليشياتِها بالسكانِ الواقعينَ في مناطقِ سيطرتهِ إلا دليل على توجها.
لقدْ بلغَ التماهي بينَ الحوثيةِ والخمينيةِ مبلغا لمْ يعدْ يخفي أجنداتهِ المشتركةَ في تقويضِ الاستقرارِ ونشرِ الفوضى ولن تكون القرصنةَ في البحرِ الاحمرِ والنيلِ من شرعيةِ الدولِ الوطنيةِ العربيةِ ليجعلَ منْ القوةِ والهيمنةِ الإيرانيةِ على كلِ المنطقةِ وتعزيز نفوذها لتصبح صاحبةِ الكلمةِ فيها وإغلاقِ أيِ نافذةِ أملٍ في وجه الحلولٍ لمشاكلِ المنطقةِ و منع خلق قيام مشاريعِ استقرارِ سياسي وازدهارِ اقتصادي تنقلِ المنطقةِ منْ حالةِ الحروبِ التي خلقتها ثورةُ الخميني التي يحتفي بها الحوثي، في وقت ٍ نرى إيران الدولة تسلك مسلكا يجنبها أي مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي.
لذلك لا بد من التذكير إنَ تقديمَ الهدايا للحوثيِ ومحاولاتُ استرضائهِ ستكونُ وبالاً على الجميعِ وسيصبحُ معَ وكلاءَ إيران في العراقِ ولبنانَ سوريا وفلسطينَ مشروعا منظما قائما على ملشنة المنطقةُ وإدخالها في حروبٍ دينيةٍ لا أفقَ لها إلا الفوضى مما سيقودُ إلى انهيارِ ما تبقى منْ مشاريعِ اقتصاداتٍ ناشئةٍ وسقوطٍ قانونيةٍ الدولِ الوطنيةِ وتحللِ قيمِ المجتمعاتِ وأخلاقها وإدخالها في أتونِ صراعاتٍ ليسَ منْ السهلِ إيجاد حلولِ لها حيثُ ستواجهُ كلَ دعوةٍ للسلامِ وإحلالِ الدولةِ محلَ المليشياتِ مجلبةً لكلِ أنواعِ التعسفِ والقتلِ بعدَ أنْ تصبحَ ثقافةُ الموتِ هيَ السائدةُ .
لقدْ وضعتْ هذهِ المليشياتِ التي صنعتها إيران شعوب المنطقة على طريقِ المأساةٍ وضربتْ بها المنطقةُ، وستكبرُ حتى تصبحَ كارثةٌ كبيرةٌ لنْ تقوى على مواجهتها هذه الشعوبَ و من دونَ ان تكلف ايران الكثير او أن تجعلها تدفعُ ثمنا لجريمتها هذهِ.