بلغ حجم الهدر الغذائي خلال العام الماضي قرابة 1.3 مليار طن من الغذاء بقيمة تقدر بتريليون دولار، بحسب منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "FAO". وجاء في تقرير للمنظمة أنه بالإمكان تقليص الهدر من فاقد الأغذية خلال مراحل التجهيز، حيث دعت "FAO" الشركات والمنظمات في جميع أنحاء العالم للانضمام إلى مبادرة "إنقاذ الغذاء" الرامية إلى تقليص الخسائر الغذائية وفاقد الأغذية والهدر الغذائي. وتستهدف مبادرة "إنقاذ الغذاء" الدولية التي أطلقت في العام 2011، الحد من خسائر الغذاء وتقليل الفاقد والهدر مما يقدر بنحو 1.3 مليار طن من المواد الغذائية التي تهدر بلا طائل كل عام. وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن الهدر الغذائي هو جزء من الهدر العام في القطاعات كافة لا سيما في الدول الصناعية. وأكد عايش أن الاستهلاك الغذائي في الدول الصناعية تقدر ب 10 أضعاف الاستهلاك في الدول الفقيرة وهي نسبة عالية جدا تؤدي إلى زيادة المجاعات والفقر، بالإضافة إلى وجود خلل في التجارة العالمية التي تميل الى الدول الصناعية والغنية. وأضاف أن الهدر الغذائي هو أحد "الأشكال الصارخة" في العالم. وأشار عايش الى ان الكثير مما يستهلك يعد هدرا لا سيما المواد الكمالية والتفاخرية الذي يجب الحد منه في ظل وجود أكثر من 60 % من المجتمعات تعاني من الفقر المطقع. وبين عايش أن "حجم إهدار الغذاء موجود في المملكة بشكل ملحوظ نتيجة الأعراس ورمضان، بالإضافة الى المناسبات الاجتماعية التي يكثر فيها تقديم أصناف عديدة من المأكولات". وحول حجم الإنفاق في استهلاك الغذاء في الأردن، بين عايش انه ارتفع ليبلغ 40 % عن العام الماضي نتيجة ارتفاع الأسعار. ويشارك في مبادرة "إنقاذ الغذاء" حاليا أكثر من 50 طرفا. وتدعو المنظمة "فاو" بالإضافة إلى الشريكين الرئيسيين - "Messe Düsseldorf GmbH" كمؤسسة من القطاع الخاص تنظم المعارض التجارية، و"Interpack" كهيئة لمعارض التغليف والتجهيز الغذائي - إلى تعبئة الدعم من جانب مزيد من شركاء القطاع الخاص إلى جانب المنظمات غير الساعية إلى الربح عبر مختلف مراحل سلسلة الإمدادات الغذائية من خلال الانضمام إلى هذا الجهد، ووضع خبراتها في خدمة المبادرة. ويقدر الخبير غافين وول، مدير شعبة البنى التحتية الريفية والصناعات الزراعية، لدى المنظمة "فاو" عدد الجائعين في العالم ب 900 مليون. ويقول إن "العمل المشترك لخفض الخسائر يمكن أن ينهض بموارد المعيشة وأمن الغذاء، وأن يقلّل من التأثير البيئي السلبي". ويتم هدر ما مجموعه ثلث الغذاء المنتج في العالم للاستهلاك الآدمي من خلال الفاقد أو الخسارة، بالإضافة إلى الموارد الطبيعية المستخدمة في إنتاج تلك الكميات. ويبلغ مجموع خسائر وهدر الغذاء لدى البلدان الصناعية ما قيمته 680 مليار دولار، وما يعادل 310 مليارات دولار تقريباً لدى البلدان النامية. وأوضح خبير المنظمة "فاو" أن "تدعيم الأمن الغذائي وتقليص خسائر الغذاء وهدره هي تحد يتعين علينا مواجهته سواسيةً، ولسوف يطرح ذلك كموضوع محوري للنقاش في غضون مؤتمر قمة ريو +20 للتنمية المستدامة". ويؤكد رئيس فريق مبادرة "إنقاذ الغذاء" روبرت فان أوترديجك، أنه "حتى إن أمكن إنقاذ فقط ربع مجموع الغذاء الفاقد أو المهدور حالياً على الصعيد العالمي فان ذلك يكفي لتلبية احتياجات 900 مليون جائع في العالم". وبين التقرير ان في البلدان النامية، تنعكس خسائر الغذاء على صغار المزارعين في أسوأ أشكالها. ويقع ما يصل إلى 65 % من تلك الخسائر في مراحل الإنتاج، وما بعد الحصاد، والمعالجة والتجهيز. وعلى سبيل المثال، تبنّى مشروع في غامبيا باسم "قرية واحدة، مُنتَج واحد" نهجاً مبتكراً في هذا المجال أحرز نجاحاً عملياً في مساعدة المزارعين لخفض خسائرهم إلى حد بعيد. أما في البلدان الدول الصناعية، فيقع الهدر الغذائي في أغلب الأحيان على مستوى المستهلك والبيع بالمفرد بسبب عقلية "الإلقاء في المهملات" السائدة بين الأفراد. فمقابل كل فرد في تلك البلدان يُلقى بما يتراوح بين 95 - 115 كغم سنوياً في سلة المهملات لدى بلدان أوروبا وأميركا الشمالية، بينما ينبذ سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب شرق آسيا على سبيل المثال كمية غذاء تتراوح بين 6 - 11 كيلوغراما. ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور قاسم الحموري إن "الأردن يعاني من هدر غذائي كبير بسبب التفاوت الكبير بين الدخول والثروات الموجودة بين شرائح المجتمع". وأكد الحموري على أن "بعض العادات والتقاليد الموجودة في الدول النامية لا سيما الأردن فيها هدر غذائي كبير ناتجة عن اختلاف العادات والتقاليد مثل؛ ما يتبقى من غذاء كان يوزع على المحتاجين في العائلة بسبب الترابط الأسري والاجتماعي الذي تخلل هذه الأيام". وطالب الحموري الجهات المعنية والمسؤولة عن تقديم المساعدات إلى المبادرات التي يقوم بها بعض المواطنين من خلال "بنك الطعام" الذي يذهب الى المناسبات ويأخذ الطعام ويغلفه ثم يقوم بعملية توصيله الى المحتاجين و الفقراء في مختلف مناطق المملكة. وبين الحموري أنه "يقوم بمبادرة إنشاء جمعية في إربد تقوم على توفير ما تبقى من المأكولات وتوصيلها الى المحتاجين في مناطق إربد". واتفق الخبير الاقتصادي الدكتور هاني الخليلي مع سابقيه في الرأي حول الهدر الغذائي الكبير الموجود في المملكة و الناتج عن الثقافات الاجتماعية التي يجب أن تتغير في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطن. وأكد أن الهدر الغذائي في البلدان النامية أكثر منه في الدول المتقدمة، مشيرا إلى أنه "يوجد في الأردن هدر غذائي بسبب النمط الاجتماعي الهائل في تقديم الولائم والمأكولات في الحفلات والأعراس وهذه العادات تعد قاتلة ومخالفة لديننا وعاداتنا، بالإضافة إلى أخلاقنا". وأشار الخليلي إلى ضرورة تغيير تلك العادات والتقاليد للحد من آفة الهدر الغذائي الموجودة في المملكة. وشمل التقرير أن تنبؤات منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "FAO" الفصلية للإنتاج الزراعي وأمن الغذاء وجهة نظر إيجابية عموماً حول إنتاج الحبوب في جميع أنحاء العالم، فقد تضمنت تحذيراً مفاده أن العديد من المناطق من المتوقع أن تواجه صعوبات بسبب شح الأمطار وقسوة الظروف الجوية والنزاعات المسلحة والتشرد السكاني. وأورد تقرير "توقعات المحاصيل وحالة الأغذية" زيادة قياسية بمقدار 3.2 % في إنتاج الحبوب العالمي للعام 2012، أي ما يعادل مجموعه تقديراً نحو 2419 مليون طن على الأكثر بفضل ضخامة محصول الذرة الصفراء لدى الولايات المتّحدة الأميركية. في غضون ذلك، تراجعت أسعار القمح والحبوب الخشنة خلال أيار (مايو)، على الأغلب خلال النصف الثاني مدفوعة بتوقعات الإمداد الجيّدة. ورغم الاتّجاهات العالمية الإيجابية، فلم تنفك بلدان الساحل تواجه تحديات خطيرة إزاء أمنها الغذائي، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية محلياً والنزاعات الأهلية. وحذرت المنظمة "فاو" من أن سورية واليمن بين البلدان التي تواجه مستويات متزايدة من تزعزع الأمن الغذائي. ويقول المدير العام للمنظمة "فاو" جوزيه غرازيانو دا سيلفا، إن "الوضع في اليمن وسورية يستدعي الربط بين الأمن الغذائي والسلام. وفي هذه الحالة فإن الصراع سبب لانعدام أمن الغذاء، لكن هذه العلاقة قد تكون عكسية أيضاً. وفي جميع أنحاء العالم بوسعنا أن نشهد أزمة تلو أخرى تعود كلياً أو جزئياً إلى نقص الغذاء أو الخلافات حول الموارد الطبيعية، ولا سيما الأراضي والمياه". ويدرج تقرير المنظمة "فاو" 35 بلداً تقف بحاجة إلى المعونة الغذائية الخارجية، بما في ذلك أفغانستان، وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، وهاييتي، والعراق، ومالي. وفي المجموع العام، ثمة 28 بلداً تواجه تلك الأوضاع في أفريقيا وحدها. ويضيف غرازيانو دا سيلفا أن "ذلك إنما يدلل مجدداً على أن الجوع مشكلة تعود على الأكثر إلى قدرة الوصول والاستخدام، إذ إن الملايين من الأسر الفقيرة حول العالم تجد نفسها عاجزة عن إنتاج غذائها أو ضمان فرص عمل لائقة أو دخلٍ لشراء ما تحتاجه من قوت". وتواصل غرب أفريقيا مواجَهة "انعدام أمن الغذاء وسوء التغذية على نحو متزايد في العديد من بلدان المنطقة"، على الأكثر بسبب الانخفاض الحاد في إنتاج المراعي الطبيعية والحبوب خلال العام 2011، مقارنة بارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية والنزاعات الأهلية السائدة. وتشكل عوامل النزاع المتزايد في مالي، والنزوح باتجاه الدول المجاورة، وفاشيات الجراد الصحراوي القادمة من شمال أفريقيا باتجاه الجنوب تهديدات إضافية للإنتاج الزراعي بإقليم الساحل في غضون 2012، خصوصاً لدى النيجرومالي وتشاد حسبما كشفت المنظمة "فاو". وفي شرق أفريقيا، بدأت أمطار الموسم الرئيسية متأخرة، مما قصر الدورة المحصولية كما أضرت الفيضانات بأجزاء من كينيا والصومال وجمهورية تنزانياالمتحدة وأوغندا، مع استمرار أوضاع الجفاف الخطيرة في بعض أجزاء المناطق الشمالية الشرقية والساحلية في كينيا. وفي شمال أفريقيا، من المتوقع أن يشهد المغرب انخفاضاً حاداً في الإنتاج بسبب "تقلب الأمطار وعدم كفايتها"، بينما شهدت بقية المنطقة مستويات حصاد فوق المعدل الاعتيادي. وفي حين أسفرت الأحوال الجوية غير الملائمة في العام 2012، بما في ذلك نوبات الجفاف والأعاصير عن هبوط في إنتاج الحبوب بأجزاء من جنوب أفريقيا، فقد أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في ملاوي إلى تفاقم انعدام أوضاع الأمن الغذائي. أما في الشرق الأدنى، فإن تدهور حالة الأمن الغذائي يبعث على القلق الشديد في حالة الجمهورية العربية السورية واليمن نتيجة للاضطرابات المدنية. ويقدر أن ثمة مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية في سورية تحت تأثير الاضطرابات الاجتماعية المستمرة على الأسر وانعكاسات ذلك على قنوات توزيع الغذاء في العديد من الأسواق. وفي اليمن، ثمة نحو 5 ملايين شخص من المقدر أنهم يواجهون انعداماً شديداً في الأمن الغذائي ويتطلبون معونات طوارئ غذائية، نتيجة لمستويات الفقر الشديدة المستشرية، بالإضافة إلى النزاعات الممتدة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود. كما أورد تقرير المنظمة "فاو" أن كومنولث الدول المستقلة في أوروبا، من المتوقع أن تشهد هبوطاً بمقدار 6 % في إنتاج الحبوب، إلى 148 مليون طنّ مقارنة بمستوى السنة الماضية. وينعكس ذلك على أوكرانيا خاصةً إذ تسببت الأحوال الجوية في خسائر فادحة لمحاصيل الحبوب. والمتوقع أن يأتي مجموع الإنتاج هذا العام أقل من العام الماضي بما يصل إلى 40 %. ونظراً إلى أن أوكرانيا تعد سلة حبوب المنطقة فالمتوقع أن تنعكس هذه الأوضاع سلبياً على حالة إمدادات الحبوب والأسعار لدى بقية بلدان الإقليم. وعلى النقيض من ذلك قدّر تقرير المنظمة "فاو" زيادة قياسية بمقدار 3.2 % في الإنتاج العالمي من الحبوب خلال العام 2012، بما يبلغ مجموعه 2419 مليون طنّ. كذلك تتوقع المنظمة "فاو" حصاداً قياسياً عبر معظم مناطق آسيا وأميركا الشمالية وأميركا الوسطى وأميركا الجنوبية.