يافع نيوز – العرب: شهدت أحياء بمدينة عدن جنوبي اليمن، الجمعة، خروج مسيرات شعبية معارضة لقرار إقالة المحافظ عيدروس الزبيدي الذي أصدره الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي مساء الخميس، في وقت حذّر فيه مراقبون من التداعيات التي ستترتّب على القرارات التي أصدرها هادي وشملت أيضا إقالة وزير الدولة هاني بن بريك الذي يحظى مع المحافظ بقدر كبير من الشعبية نظرا لجهودهما في بسط الاستقرار وتطبيع الأوضاع في المحافظة بعد تحريرها من المتمرّدين الحوثيين، رغم ما واجهته تلك الجهود من عثرات ومصاعب سبق أن شكا منها عيدروس وحذّر من تبعاتها. وعين هادي مستشاره عبدالعزيز المفلحي محافظا لعدن خلفا لعيدروس الزبيدي الذي تم تعيينه سفيرا بوزارة الخارجية، إلى جانب إجراء تعديل وزاري في حكومة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر شملت وزارات العدل والأشغال العامة والطرق والشؤون الاجتماعية والعمل وحقوق الإنسان، إضافة إلى تعيين خمسة أعضاء جدد في مجلس الشورى. واكتست التغييرات الحكومية طابع المفاجأة وبدت غير مفهومة لدى الكثير من اليمنيين، فيما ذهب عدد من المحللّين إلى تصنيفها ضمن خانة تصفية الحسابات السياسية، وإقصاء الأشخاص ذوي الوزن الشعبي والفعل الحقيقي على الأرض بينما رأس السلطة يواجه أزمة شرعية مأتاها الفشل في إدارة الشأن العام والانفصال عن المشاغل اليومية لسكان المناطق المحرّرة. وأثارت قرارات هادي المخاوف بشأن استقرار المناطق المحرّرة ووحدة اليمنيين واصطفافهم خلف استكمال معركة تحرير باقي المناطق، في منعطف يلوح حاسما مع التوجّه لإطلاق معركة الحديدة. ووصف الصحافي اليمني ورئيس تحرير صحيفة "اليوم الثامن" صالح أبوعوذل قرارات هادي بأنها جاءت "صادمة ومخيبة للآمال، في وقت يحشد فيه اليمنيون لمعركة تحرير الحديدة، وهو ما قد يؤثر على سير المعارك". واعتبر أبوعوذل في تصريح ل"العرب" أن إقالة عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ للعاصمة المؤقتة عدن، كانت مفاجأة للشارع الجنوبي الذي كان يدرك حجم العراقيل التي وضعت في طريق إدارته للمحافظة. وقبل أيام شكا المحافظ من العراقيل التي حرصت جهات موالية لهادي على وضعها في طريق محاولاته إعادة الخدمات الأساسية لسكان المحافظة. وقال إنّ وعود الحكومة بتوفير الخدمات لم تكن سوى "حبر على ورق"، منتقدا ما سماها أطرافا في حكومة هادي بافتعال الأزمات بشكل مستمر، وذلك للإطاحة بالسلطة المحلية.
وقال في مؤتمر صحافي إنّ "أطرافا بعينها قررت خلط الأوراق واستغلال معاناة شعبنا المتزايدة مع دخول الصيف، بغرض استنزاف شرعية السلطة المحلية وتقويض ما حققته من إنجاز أمني وما مثلته من وفاق اجتماعي". وفي انعكاس شبه آلي لقرارات هادي على استقرار المحافظة، شهدت عدن حالة من التوتر وتم قطع طرقات داخلية في المدينة بالتزامن مع تظاهرات حاشدة، إضافة إلى قطع الطريق الرابط بين الشمال والجنوب في الضالع، في ردات فعل شعبية وصفت بالتلقائية على التغيير الحكومي. وفي تفسيره لدوافع تلك القرارات غير المدروسة، عزا أبوعوذل اتخاذها في هذا الوقت الحساس إلى وقوع عبدربه منصور هادي تحت ضغوط شديدة من قبل جماعة الإخوان المسلمين التي فتح لها قرار تعيين علي محسن الأحمر نائبا للرئيس في وقت سابق باب الوصول إلى سدّة اتخاذ القرار. وبحسب مصادر سياسية يمنية تحدّثت ل"العرب"، فإن قيادات جماعة الإخوان، ومن ضمنهم الأحمر يستدرجون هادي، بالتنسيق مع قطر، لإحداث فوضى في عدن تتيح لهم السيطرة على المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية بعد أن واجهوا مصاعب في الاستيلاء عليها مع وجود قيادة جنوبية قوية تحظى بإجماع شعبي. وقال المحلل السياسي اليمني عزت مصطفى إن عيدروس الزبيدي ساهم بدور مشهود في تطبيع الحياة في العاصمة عدن بعد تحريرها واستتباب الأمن وتطويق الجماعات الإرهابية التي حاولت التسلل إلى المدينة. وأشار مصطفى إلى أن القرار بتعيين محافظ جديد أثار حفيظة الشارع الذي يرى في عيدروس أحد أهم قادة التحرير. وشرحت ذات المصادر أن قرار إقالة المحافظ جاء استباقا لمؤتمر كان ينوي عيدروس عقده للإعلان عن تدشين إقليم عدن بصلاحيات واسعة تقترب من تلك التي أعلن عنها مؤتمر حضرموت الجامع كاستحقاقات لإقليم حضرموت، وهي الخطوات التي تقلص من نفوذ مراكز القوى اليمنية وتحد من هيمنة قوى وتيارات بعينها يأتي في مقدمتها حزب التجمع اليمني للإصلاح، ذراع جماعة الإخوان الذي لم يخف ناشطوه ابتهاجهم بقرار إقالة محافظ عدن. كما تضمنت القرارات التي أصدرها هادي إقالة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء هاني بن بريك و"إحالته للتحقيق" في سابقة لم تشهد السياسة اليمنية لها مثيلا، ما يؤكد غلبة الحسابات الخاصة على القرارات وعلاقتها بالصراع السياسي ومحاولة استحواذ بعض القوى الحزبية على القرار اليمني، في ظل ما عرف عن بن بريك من مناهضته لمشروع الإخوان ودوره الكبير في فرض الأمن وهزيمة الجماعات الإرهابية التي شارفت على إحكام سيطرتها على المدينة عقب اغتيال محافظ عدن السابق جعفر محمد سعد في عملية تبناها تنظيم داعش في ديسمبر 2015. وأشار محللون سياسيون إلى أن أولويات الدولة اليمنية في الوقت الراهن يفترض أن تنحصر في تعزيز تواجد الحكومة في المناطق المحررة والقيام بدورها في تخفيف معاناة الناس جرّاء انعدام الخدمات، معتبرين أن إصدار المزيد من قرارات التعيين في سبيل تحقيق مصالح سياسية لن يخدم البلد وسيسهم في تعقيد أوضاعه السياسية والأمنية. Share this on WhatsApp