كتب / أديب السيد " الوطن الجنوبي .. لم ولن يكون بيتاً كبيت العنكبوت أبداً " فالجنوب هو وطن الجميع ، وبيت الجميع ، ويتسع لجميع أبناءه ومناصريه ، فالآراء يجب أن تصب في مصلحة الوطن الجنوبي ، والتيارات السياسية يجب أن تكون رافداً لديمقراطية وشورى البيت الجنوبي ، وتصالحنا وتسامحنا قاعدة إسلامية يجب أن ترتكز عليها قوة وطننا الجنوبي وشعبنا الصامد ، فالجنوب وطن ، الجنوب دولة ، الجنوب شعب حر ، ووطن قوي بفكر أبناءه وولاءهم الوطني المخلص له . ولأن الجنوب يجب أن يكون وطن الجميع ، فإنني وفي آخر موضوع من مواضيع "جلد الذات" التي طرقتها خلال ثلاث أعداد ماضية من صحيفة "القضية " وموقع "يافع نيوز " ، أوجه خطابي الأخير هنا لكل الجنوبيين الأحرار ..لعائلات شهدائنا الأبرار ..لأهالي جرحانا وأسرانا في زنازين الأسر ..لكل المكونات الحراكية السلمية ..لكل النقابات ومنظمات المجتمع المدني الجنوبي .. للأكاديميين والأستاذة الجامعيين ..لطلاب الكليات والمدارس الجنوبية..لمشائخ العلم ورجال الدين الجنوبيين .. لكل المناضلين الأحرار، قيادات ،وشباب ،ونساء ورجال ،ومثقفين ،وإعلاميين ، وسياسيين ..لكل أطياف وأشكال الوطن الجنوبي وقواه السياسية الشريفة . فالوطن الجنوبي لن يكون وطناً ما لم تتكامل فيه كل الأطياف والأشكال الاجتماعية والسياسية مهما كانت توجهات أي منها على أن لا تخرج عن ذات الوطن الجنوبي أو تعمل ضد مصلحته . فالشهداء الذين سقطوا هم ليسوا شهداء أسرهم وأهلهم فقط ، بل شهداء الوطن الجنوبي بكامل فئاته ، وكذلك جرحاه وأسراه ومناضليه، فلا يمكن أن تدعي صلتك بالجنوب وأنت تنفي شهداء أبرار رووا بدمائهم الطاهرة أرض الجنوب الغالية ، ولا يمكن أن تتحدث باسم الوطن الجنوبي وأنت تعمل ضد مصلحته ومصلحة شعبه الأبي ، ولا يمكن أن تكون صحو الضمير وأنت قد دخلت بعد إفاقتك من غياب الذاكرة وغفلة الضمير إلى غفلة "الأنا " ، لتصير بعدها وبدافع من مشاريع معادية للوطن إلى أداة خطيرة تسعى لتحيطم النسيج الوطني الجنوبي . ومن هنا أكرر وبكل وضوح وشفافية وأضع بين أيدي الجميع مسألة في غاية الخطورة ألا وهي مسألة "جلد الذات " التي تحدثنا عنها سابقاً "فجلد الذات" هو في الأساس "مرض نفسي يصيب الأنا الفردية والجماعية عند صحوة الضمير " ، وهو في ذات الوقت انعكاس غير طبيعي لغفلة الضمير منذ زمن وإفاقته في لحظة معينة على شكل غير طبيعي من أشكال الصحوة ، مدعياً بعد غفلة من غياب الذاكرة أنه كل شيء وأنه هو الأهم ،ولن تكون الأمور على ما يرام بدون أن يكون هو ، وإذا حدث ذلك دون أن يأخذ وضعه الطبيعي في المعادلة الوطنية الجنوبية بكل توازن وتعادل وتكامل فإنه يلجأ إلى سلوك خطير ويدخل في دائرة "جلد الذات " . وهنا في وطننا الجنوبي لا يزال ذلك المرض المزمن لم يزمن بعد ولم يعشعش إلا في بعض العقليات الرجعية التي ترى السياسية والمساسية بحياكة المؤامرات والتسلق على ظهور الآخرين وتحطيم المشاريع الوطنية الجديدة وخاصة في الفكر الرجعي . وفي جيلنا الجنوبي الحديث ما يحدث فقط هو تأثر أو بداية عدوى للمرض الخطير "جلد الذات" أصيب بها البعض فقط نتيجة انتقال تلك العدوى " الأنا " من عقليات عتيقة وكذلك منذ تأثر المجتمع الجنوبي بالثقافات والعادات الدخيلة عليه بعد حرب 1994م ، أو بالأصح منذ الوحدة اليمنية . يجب أن يكون ولاءنا الوطني للجنوب فقط .. من أجل الوطن الجنوبي وهدف شعب الجنوب ودولة الجنوب يجب أن ينتبه الجنوبيين لهذا المرض الخطير من الانتشار ، ويجب علينا أن نقف بقوة لمجابهة أنفسنا لهذا المرض الخطير ونتحصن ضده التحصين الكامل والجيد حتى لا يضرب في وسط مجتمعنا الجنوبي الصامد والقوي جداً أمام كل المؤامرات الخارجية . ولتحصين أنفسنا من هذه الوباء الخطير والمصيبة التي قد تنهش وطننا الجنوبي ، علينا أن نفهم جيداً قبل أن ننطق ، وان نسمع ونبحث وننظر بعيداً قبل أن ننتقد ، وأن نفكر جيداً قبل أن نتبنى رأياً ما ، وعلينا أن نكون نموذجاً إيجابياً وكبيراً وعادلاً لمسألة "الحرية " بشكلها العام في إطار ضمان عدم خروجها عن ثوابتنا الإسلامية ، وعدم التطرف والغلو أو التفريط في الفكر أو أي من نواحي الحياة الأخرى ، أما ما يخص حرية الرأي والرأي الآخر فهي لا تكن أبداً ضد الوطن ، بل تصب مباشرة في مصلحته ، ويجب أن تتكامل الآراء لتصب في مصلحة الجنوب وذلك ببحثنا عن تقارب وقواسم مشتركة بين الآراء لنبني عليها تعديلات إيجابية ، كما علينا أن نكون شجعاناً وان نعي انه لابد من تصحيح الخطأ أينما كان ووجد ، وان التراجع عن الرأي الخاطئ هو شجاعة ودليل على قدرة الشخص في التحكم بذاته واحترامه للحقيقة أينما كانت . كما علينا احترام الجميع أي كانوا ومن أي تيار أو حزب ، والتنبه جيداً للمشاريع المخابراتية والتي تدس سمها في وسط الزخم الثوري التحرري ، كمثل الشعار "لا قيادة بعد اليوم " ، وعلينا أن نعي أن القيادي هذا أو ذاك لن يستطيع أن يكون قيادياً ما لم ينصاع لرغبة الشعب الجنوبي ، وإذا انحرف عن أهداف الشعب فسيجد نفسه وحيداً وبعيداً ، وفي ذات الصلة يجب أن يكون الانتقاد بناءً ومقنعاً ومتواكباً مع تطلعات وآمال شعب الجنوب . ويجب أن يعي كل الجنوبيين أن الشباب هم الرافد والقوة التي يرتكز عليها الجنوب ونضال شعبه ، فهم الحصن الذي يجب أن يحمي ثورة الجنوب ويقودها للنصر والسير بها قدماً بين كل المطبات والطرقات بكل مرونة وثبات حتى يصلوا بها إلى الهدف الاستراتيجي "فك الارتباط " ، فطاقات الشباب يجب أن تتكامل مع خبرات قيادات الجنوب وسياسيوه . وفي الختام : علينا أن نعلم أننا قد اقتربنا في طريقنا للوصول نحو الهدف ولكن الطريق القريبة معبدة بمخاطر ومطبات والتواءات خطيرة ،وعلينا أن نصل إلى هدفنا مهما كانت الطريق قريبة أو طويلة خطيرة أو غيرها ، وما دام شعب الجنوب قد أيقن إيماناً أن ينتصر فسينتصر قريباً ، وما على العالم أجمع إلا الرضوخ والانصياع لإرادة شعب الجنوب الصامد ، فالجنوب وطن والجنوب دولة وشعب وتأريخ وتراث وثقافة وعلم عمل ومكانة ونضال وبناء وتطوير وتعمير وتنوير ، ويجب أن يكون الجنوب هو الجنوب العربي المستقل والمندمج بثقافات العالم وأطيافه وشرائعه ، جنوب التسامح الإسلامي والأمن العربية والعالمي ، ويجب أن يكون القوة الاقتصادية المبنية على الأسس الصحيحة والعلمية ، والثروة التي يجب أن تضمن لشعب الجنوب حياة كريمة ومستقرة ومستقبل زاهر وتطلع نحو مواكبة العالم ومجرياته وصناعاته الحديثة ومشاركته في رفد العصر الحديث بالكفاءات والقدرات العلمية والعملية ، يجب أن يكون جنوب الحرية والتقدم ومتنفس لحضارات العالم وثقافاته ومزاراته السياحية الرائعة النائمة على شاطئي بحر العرب والبحر الأحمر ، وهذا هو الجنوب الذي يريده كل شعب الجنوب وسيكون بأذن الله ، ما دام هناك شعب حياً وصامداً ومتطوراً بفكرة وتطلعاته ورجاله وشبابه ونساءه وأجياله القادمة .