أثارت عملية اقتحام وزارة الداخلية اليمنية بصنعاء أمس الأول من قبل مسلحين قبليين وجنود شرطة موالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح ردود فعل واسعة، من مختلف الأطياف الحكومية والسياسية واعتبرته مؤشرا خطيرا يتجه نحو دفع البلاد إلى المربع الأول للعنف والمواجهات، خاصة وأن المقتحمين للوزارة تمادوا في العبث بمكاتب الوزارة ونهب وسلب محتوياتها الهامة. ووضعت هذه الحادثة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمام خيار صعب، إما اتخاذ قرارات حازمة بشكل سريع عبر إزاحة بقايا أفراد عائلة صالح وتحجيم تأثيرهم في الوسط العسكري والأمني، وإما الاستسلام لذلك والذي يعني بداية العد التنازلي لانهيار سلطة هادي، أمام القوة الضاربة والنفوذ الكبير لأفراد عائلة صالح والموالين له، في حين يملك هادي الشرعية الدستورية فقط. وفي ظل هذا التحدي الكبير ارتفعت أصوات قوية تطالب هادي بضرورة الاسراع في اتخاذ قرارات التغيير الشامل والهيكلة السريعة للجيش والأمن، وإقالة كافة أفراد عائلة صالح والموالين له عبر 'اقتناص فرصة اقتحام وزارة الداخلية من قبل الموالين لصالح، والتي قد تكون مبررا قويا وكبيرا بيده ينبغي ان لا يضيعه لاتخاذ مثل هذه القرارات الهامة والتي وعد بها مرارا'. واعتبر سياسيون أنه إذا لم يسارع هادي لاقتناص هذه الفرصة كما اقتنصها عقب العملية الانتحارية التي استهدفت العرض العسكري في ميدان السبعين والتي أقال حينها العديد من كبار القادة الأمنيين، فإن 'هذا يعني أن هادي يحفر قبر سلطته بيده'، حيث أصبحت الأمور تتجه لصالح الرئيس السابق صالح على حساب سلطة هادي وحكومته التي تشهد ضعفا يوما بعد يوم. وطالب قادة عسكريون وحكوميون وسياسيون الرئيس هادي بضرورة اتخاذ إجراءات وقرارات حاسمة وسريعة 'تطال كل من يثبت تورطهم في اقتحام وزارة الداخلية ونهب محتوياتها الثلاثاء'. وطالبوا الرئيس هادي بضرورة إتخاذ قرارات عاجلة وحازمة 'لإنهاء الانقسام المخل في المؤسستين العسكرية والأمنية، وإقالة من تبقى من القيادات العسكرية والأمنية التابعة لعائلة الرئيس السابق والموالية له، أو تلك التي مازالت تشكل بؤرة توتر ومراكز قوى تعمل خارج الدولة، لاسيما إثر تورطها؛ سواء بالتخطيط أو الدعم أو المساندة أو التحريض وتسهيل مهمة الجنود والمسلحين الذين اقتحموا وزارة الداخلية ونهبوا محتوياتها'. وكانت اللجنة الأمنية العليا برئاسة الرئيس هادي عقدت اجتماعا طارئا عقب حادث اقتحام وزارة الداخلية، ودانت الحادثة بشكل قاطع وقالت في بيان تسلمت 'القدس العربي' نسخة منه 'لقد تابعت اللجنة الأمنية العليا بقلق هذه التطورات التي راح ضحيتها نائب ضابط أمن مكتب وزير الداخلية وعدد آخر من الشهداء والجرحى من منتسبي وزارة الداخلية'. وأضافت 'إن ما جرى لم يكن ليحدث لولا وجود مجموعة من المغرضين والمحرضين في أوساط منتسبي قوات النجدة لتحقيق أهداف شخصية وتخريبية لمحاولة إرباك الأوضاع الأمنية'. واوضحت أنه 'قامت هذه المجموعة باقتحام وزارة الداخلية صباح الثلاثاء ولم تكن لهم أية مطالب حقوقية سوى محاولة الاستغلال والالتفاف على تحقيق بعض المطالب البسيطة لعدد من منتسبي قوات النجدة'. وأكدت اللجنة الأمنية أنه 'بناء على توجيهات رئيس الجمهورية تم تشكيل لجنة تحقيق برئاسة نائب وزير الداخلية اللواء علي ناصر لخشع وعضوية كل من نائب رئيس هيئة الأركان، عضو لجنة الشؤون العسكرية اللواء علي سعيد عبيد وقائد الأمن المركزي عضو لجنة الشؤون العسكرية اللواء فضل القوسي، ومدير أمن أمانة العاصمة العميد رزق الجوفي، للوقوف على تداعيات الأوضاع ومعالجة الإشكالات العالقة'. وطالبت منتسبي المؤسسات الأمنية والعسكرية بضرورة 'التعامل بمسؤولية مع الموقف لإفشال أي محاولات عدائية لاستهداف المؤسسة العسكرية والأمنية' وأطلقت تحذيرات ضد 'كل من يحاول إقلاق الأمن والسكينة العامة والتصرف خارج الدستور والقوانين النافذة بأنه سيكون تحت طائلة القانون'. وقال وزير الداخلية اليمني عبدالقادر قحطان إن ما حدث في وزارة الداخلية بصنعاء 'يعد عملا غير عفوي يهدف إلى الزج باليمن في أتون الفوضى والصراعات'. 'ودان مجلس الوزراء حادث اقتحام وزارة الداخلية ونهب وسلب محتوياتها. واتهم كل من يقف وراءه بالسعي إلى إشاعة الفوضى وإقلاق الأمن والسكينة العامة للمجتمع 'في محاولة يائسة لعرقلة وتعطيل العملية السياسية واستكمال تنفيذ بقية بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة'.' وشدد المجلس على ضرورة التعامل مع الحادث 'بحزم وحكمة وتفويت الفرصة على كل من يريد تعطيل العملية السياسية والعودة باليمن إلى مربع العنف، الذي يحرص كل الخيّرين على عدم الوقوع فيه'. وطالب مجلس الوزراء الرئيس هادي بمضاعفة جهوده 'في فرض سلطة الدولة ومواجهة الأعمال الإرهابية والتخريبية أيا كان مصدرها، باتجاه تحقيق أجواء الأمن والاستقرار وتجنيب اليمن ويلات التمزق والتناحر والفرقة' وكذا 'اتخاذ الإجراءات والتدابير التي من شأنها تطويق هذا الحادث ومنع تكراره ومحاسبة المتسببين فيه ومحاكمتهم'.