اما حال القوى السياسية التي تقدم نفسها كبديل يسيطر عليها حزب الاصلاح الذي يرغب في ان يصبح الحاكم بموجب دستور يكون هو فيه لاعب رئيس وهو الاخر يتمسك بالوحدة اليمنية التي يعتبرها سر نعيمه حين يصل الى السلطة مع ادراكه بانه في الجنوب غير مقبول ويعتبر مجرم في نظر الجنوبيين ولهذا فهو يسعى بقوة الى تجميل وجهه القبيح في الجنوب عن طريق بعض الاسلاميين الجنوبيين الذين تم استقطابهم من اوساطهم بينما ترى القوى السياسية الاخرى صعوبة ادارة الحكم ان هي وصلت الى السلطة لان المؤتمر والاصلاح حزبان يملكان قاعدة قبلية ودينية ستخلق العديد من الاضطرابات في الوقت الذي فيه ابناء الجنوب لا يثقون بالثورة ثقة مطلقة ويفضلون الانفصال وفي ظل الضغوط سيرتضون بالحكم الفيدرالي على مضض ولهذا تصبح مخاطر انهيار اليمن ستفوق المتوقع أضعاف مضاعفة. "الشمال بروح جنوبية" علماء الاجتماع والباحثين والمتعمقين في معرفة عمق التركيبة الاجتماعية اليمنية في الشطر الشمالي لليمن يدركون تماماً ان فرض انخراط وانسلاخ الجنوب عن الشمال سيؤدي الى انهيار شامل في الشطر الشمالي الذي تنوع فيه التركيبة الاجتماعية للسكان وتتعدد فيه المذاهب الدينية، وكان من قبل الوحدة يتمتع بنظام حكم همجي وقمعي وتستحوذ على الحكم اسرة واحدة تتبع السعودية وتقمع اي نفس ثوري وديمقراطي علاوة الى فساد اداري لمؤسسات الدولة وفساد قضائي ينخر جسد القضاء ويلغي العدالة، وجراء هذه المعطيات فان انسلاخ الجنوب في دولة خاصة به لا يعني بالتأكيد الاضطراب والتوتر بين دولتين متجاورتين في دولة خاصة به لا يعني بالتأكيد الاضطراب والتوتر بين دولتين متجاورتين وانما انهيار شمالي وبزوغ قوميات تعلن عن نفسها حسب الاتي: 1- محافظة تعز والتي يبلغ عدد سكانها ما يقارب "3" مليون نسمة وتقع في الركن الجنوبي للجزيرة العربية واليمن والتي تعتبر جغرافيا اقليم من اقاليم الجنوب وينسجم سكانها انسجام تام مع الجنوبيين ثقافياً واجتماعياً وتراثياً، وكانت تعز تعتبر نفسها ضمن الجنوب وتتعاطف معه بحكم تقارب اللهجة واللبس والطبائع وحتى وجبات الآكل الشعبية ولم يتم طرح مثل هذا الامر قبل الوحدة اليمنية بحكم ان التوجه السياسي لكلا الدولتين كان يتجه نحو تحقيق الوحدة وخاصة من الشطر الجنوبي، بينما الشمال كان يتعامل مع تعز بحذر وكانت العديد من القرى الحدودية للجنوب دوماً تحت المجهر الامني ويتم التعامل معهم بخصوصية بالغة التعقيد في الوظيفة العامة خاصة العسكرية وكذلك المنح الدراسية والابتعاث الى الخارج وعانى ابناء تعز كثيراً حتى تم تحقيق الوحدة، وبانفصال الجنوب بعد انتكاسة الوحدة سيصعب على الدولة الشمالية اخضاعهم لها بينما الجنوب في الوقت الحالي لا يضع تعز ضمن مشروعة السياسي حتى لا تصبح تعز عقبة تحقيق ما يصبو اليه رغم ادراك الساسة الجنوبيين ان استثناء تعز من عودتها الى طبيعتها الاقليمية سوف يستخدمه الطرف الاخر كعصاة تهدد امن الجنوب اذا ما رفض الخضوع لأي ابتزاز سياسي بينما ابناء تعز المضطهدين دوماً والغير منسجمين اجتماعيا مع ابناء المناطق الشمالية وخاصة ما بعد منطقة جبل "سمارة" الذي من بعده يعني الولوج إلى أراضي "زيدية" المذهب وجلفة الطباع ومستقوية بالحكم ولذا سيكون هناك غضب شعبي في تعز والتي ستعتبر نفسها تبع اقليم يرفضها سياسياً واقليم لا تنسجم معه اجتماعيا ولا يأمن جنابها وقد ذاقت منه الويلات منذ اندلاع ثورة سبتمبر ووصل الامر الى ان كانت اللهجة واللغة الدارجة وسيلة تصفيات في الاحداث الشهيرة التي دارت في عام "67" والمعروفة بأحداث عبدالرقيب عبدالوهاب فتركيبة تعز الاجتماعية واهمية موقعها الجغرافي الذي يسيطر على مضيق باب المندب سيمكنها في حالة تمرد فقدت فيه كل الآمال من ان تصبح بؤرة تشكل خطر ليس فقط على دولتين تم فك رباطهما وانما على الملاحة الدولية وستشكل قومية ذات خصوصية تاريخية ومطالب عادلة يتبرا منها الجنوب ويبغضها الشمال، والجدير بالاشارة هنا في هذا التقرير الذي نعرضه بأسلوب مختصر ان نشير الى ان تعز متوجعة من حكم صنعاء منذ زمن بعيد فعدد ابنائها المخفيين قسراً يصل الى اكثر من مائتي شخص ابزرهم سلطان القرشي وزير سابق، غير عسكريين تم تصفيتهم وشخصيات اكاديمية وسياسية وكذلك تم تصفية العديد منهم عن طريق محاكمات صورية مثل عيسى احمد سيف وغيرهم أوجاع متراكمة كانت تمتصها آمال تحقيق الوحدة كطوق نجاة من قبضة حديدية تستهدف وجودهم وكرامتهم. 2- محافظة البيضاء والتي تقع في الشرق الجنوبي شمال محافظة ابين والتي يبلغ عدد سكانها ما يقارب خمسمائة الف نسمة والتي يبدأ اقليمها المتجانس اجتماعياً من منطقة "السوادية" وحتى منطقة "مكيراس" الحدودية لإقليم الجنوب والذي يتضح للمتأمل البحث من منطقة السوادية وحتى وصوله الى داخل محافظة ابين انها مناطق استقطعت اقليميا واجتماعيا من محافظة ابينفالبيضاء سكانها يتجانسون اجتماعيا مع ابين في كل شيء من عادت وتقاليد وتراث ولهجة ومذهب بينما لا يتجانسون مع الطرف الاخر في اي شيء وكانوا من قبل يميلون الى الجنوب في تجانس تام سوى مع ابناء ابين المتداخلين قبلياً واقليمياً معهم وابناء يافع العليا المعروفة بمديرية "البعوس" التي كانت تتبع لمحافظة لحج الجنوبية وما زالت، وكان ابناء البيضاء قبل الوحدة يشعرون بالتمييز نحوهم وقد سبق قديماً ثورتهم ضد مملكة الامام وكذلك كانت تعتبر البيضاء خاصة لجبهات الجنوب وقد دارت بينهما وبين حكومة الثورة خلافات وتم تصفية العديد من ابنائها وتم تقليصها من محافظة الى مديرية قبل قيام الوحدة بزمن لتصبح تبعاً لمنطقة "رداع" تأديباً لها في موالاة الجنوب وابنائها يشعرون بالحنق جراء ضمهم الى صنعاء رغماً عن انوفهم فابناء هذه المحافظة حين ينسلخ الجنوب عن الشمال يعني انسلاخهم عن تركيبتهم الاجتماعية الام اضافة الى تبدد الامال امامهم في الوحدة التي كانت من قبل امالها تحفزهم على الصبر ولكن فشلها وقيام دولة جنوبية مرة اخرى يعني ان عليهم ان يدافعوا عن وجودهم والقضية ستكون عندهم مثابة الدفاع عن الوجود والمستقبل وانقاذ انفسهم من حكم صنعاء التي تسيطر آُسر محددة على الحكم والثورة وتفرض كل سلبياتها لمن تخضعهم لحكمها بينما ستكون دولة الجنوب القادمة سلبية في موقفها تجاههم تماماً مثل موقفها تجاه تعز ذات الاهمية الجغرافية والتعداد السكاني الكبير وبكل تأكيد لن تقوم البيضاء بالدوار السابق في مهادنة الجنوب ومسايرة الشمال وسيصعب احتوائها لانها ستثور من اجل تحدي مكانها الطبيعي المناسب لتركيبتها الاجتماعية والفرار من حكومة صنعاء العنصرية في التعامل ونقصد هنا "العنصرية الاقليمية والاجتماعية". 3- بدأو مأرب والجوف .. محافظتي مأرب والجوف تركيبتها الاجتماعية ذات خصائص بدوية وكلا المحافظتين عدد سكانهما مجتمعين يصل الى سبعمائة الف نسمة ومساحة اراضيهما تصل الى ثلث محافظات الشطر الشمالي وكافة الثروات النفطية تقع في باطن اراضيهما وكلتا المحافظتين ابنائها يشعرون بالظلم والغبن من حكومة صنعاء وابناء الجبال الذي ينهبون ثروتهم وكذلك مشائخ هذه المحافظتين على مر التاريخ كانوا اكثر اخلاص للحكومة السعودية وحين يصلون الى صنعاء يشعرون بالغربة لعدم تجانسهم اجتماعيا مع ابناء الجبال في كافة الجوانب وبسهولة تم تمييزهم وقد حاولا ان يخلقا لانفسهم تجمع اقليمي في الاضطرابات السياسية الاخيرة حيث اتجه بعض مثقفيهم الى تكوين تجمع سياسي اطلق عليه حراك ابناء الصحراء كرديف في التوجه لحراك ابناء الجنوب ولكن استعانوا بمحافظات جنوبية بدوية منها محافظتي حضرموت وشبوة ولم يلقى تحالفهم قبولاً من الجنوب حتى لا تميع القضية الجنوبية كذلك لا يثقون بحكام صنعاء ولا حتى يستلطفوهم ولذى في ظل انسلاخ الجنوب سيكون هؤلاء من اوائل المنسلخين من دولة الشمال حتى وان اعلنوا دولة تخصهم وتعتبر المحافظتين حدوديتين مع السعودية ودعمهم لقيام دولة يؤمن حدود السعودية التي ستضطر الى دعمهم حتى لا تتحول مناطقهم الى ارض تؤي الارهابيين. 4- محافظة صعدة والتي تقع في شمال الشمال وفي حدود متأخمة ومتداخلة مع السعودية ويبلغ عدد سكانها ستمائة الف نسمة وتعتبر حاضنة للمذهب الزيدي وجزء بسيط من سكانها يتبعون المذهب "المكرمي" الإسماعيلي الذي يمتد الى داخل مدينة نجران السعودية وقد خاضت حكومة صنعاء ضدها ستة حروب ومعركتين من تلك المعارك تحالفت السعودية مع حكومة صنعاء في مضمار المعارك وفي المضمار السياسي وقد اكسبتها تلك الحروب شهرة واسعة دولياً وكذلك مكنتها من بناء ترسانة عسكرية للجماعة المسيطرة التي عرفت بجماعة الحوثي وابناء صعدة لن يستكينون لحكومة صنعاء اذا انسلخ الجنوب عنها حتى في دولة فدرالية، وتمتد الزيدية كمذهب الى منطقة يريم الشمالية ولذا ستكون صعدة رقم صعباً تجاوزه واخضاعة لحكومة صنعاء كذلك سيشكل خطر على الجارة السعودية التي تعاديهم مذهبيا وتخشى توسع مذهبهم الى الداخل السعودي إضافة إلى علاقتهم بجمهورية إيران التي تعتبر السعودية عدو لذود لمذهبها السلفي وسياسة حكمها اضافة الى ان الحوثية لها انصار وتحضى بقبول في باقي المحافظات الشمالية الاخرى التي لم نصنفها بهذا التقرير وتعتبر الحركة الحوثية حسب تصنيف البعض امتداد لدولة الادريسية التي كانت في نجران وجيزان واقليم عسير الذي يعتبر تبعاً لها. 5- محافظة الحديدة والتي تقع في الجنوب الغربي وعلى شاطئ البحر الاحمر واحدى اهم المحافظات التي تعتبر ضمان السهل التهامي الذي يمثل الى داخل السعودية ويبلغ عدد سكانها ما يقارب مليوني وثمان مائة الف نسمة ونسبة الفقر فيها مرتفعة رغم خصوبة أراضيها واتساع مساحتها وكانت من قبل تبعاً للدولة الادريسية ونسيجها الاجتماعي متجانس مع محافظة جيزان وتمتد على اقليم ساحلي تهامي من بعد منطقة هجدة وحتى حدود السعودية مدينة جيزان السعودية ولكن التقييم الاداري الذي اتبعته حكومة صنعاء فصلت عنها شريط ساحلي لصالح محافظات جبلية وقد كانت فيها قديماً حامية ايطالياً بطلب من حاكم الدولة الادريسية ولكن المملكة المتوكلية الامامية استعانت ببريطانيا لطرد الايطاليين وضمها لمملكتها وفي حكومة الثورة عانت الحديدة كثير وتشعر بالغبن والتهميش من قبل حكومة صنعاء وتتعرض لنهب من كافة الجوانب وهي غير متجانس اجتماعيا وتراثيا واقليميا حتى مع محافظة تعز القريبة منها ولكنها متجانسة تماماً مع سكان مدينة جيزان السعودية التي كانت تحت حكم الادارسة، وابناء الحديدة في ظل الانخراط والتهاوي لن يستكينوا لحكومة صنعاء وسيتجه اختيارهم الى الجنوب او تأييد الحوثية التي تقبل بالتنوع المذهبي بحكم انهم شوافع وصوفية وخاصة بعد ما نالهم من حكومة صنعاء والتعددية السياسية التي عاشتها اليمن خلال الوحدة التي كشفت العديد من المظالم التي كانت طي الكتمان. 6- محافظة (إب) وهي تعتبر من المحافظات الوسطى وتعيش قبائلها تحت سيطرة مشائخ ينحدرون من خارجها وبالذات من المحافظات المتمازجة اجتماعيا وسياسيا مع قبائل صنعاء كذلك الفكر السلفي كمذهب ديني قد خرطها من مذهبها الاصلي ويبلغ تعدد سكانها ما يزيد عن اثنين مليون نسمة فقبائلها التي تسكن من جهة الشرق تنسجم اجتماعيا وثقافيا وتراثيا مع قبائل محافظة الضالع الجنوبية وقبائلها التي تسكن من جهة الغرب مذبذبة في التوجه وستكون بؤرة انقسام في الموقف السياسي تجاه حكومة صنعاء اذا فرض انخراط الجنوب عن الشمال. "الخلاصة" كل هذه الكيانات المتنوعة سوف تطفو على سطح الاحداث السياسية في الشمال عند اعلان اي انفصال جنوبي مما يعني انهيار الشمال كلي ولا نعني بهذا ان بقاء السلطة الحالية في ادارة دفة الحكم سوف ينقذ الشمال من الانهيار القادم في الطريق بل بقاء السلطة سيزيد في تعقيد الامور وكذلك الدولة الجنوبية القادمة ستواجه العديد من المخاطر التي سنتناولها في الحلقة القادمة مع دور تنظيم القاعدة الذي اصبح يملك معسكرات هامة وخطيرة أحدهم في الجنوب والآخر في الشمال سنوضح تحركاتهم وعناصرهم ومراكز قوتهم في الشمال ومراكز ضعفهم في الجنوب.