ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    فخامة الرئيس بن مبارك صاحب القدرة العنكبوتية على تحديد الضحية والالتفاف    كرة القدم تُلهم الجنون: اقتحامات نهائي دوري أبطال أوروبا تُظهر شغف المُشجعين    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    ما خطورة قرارات مركزي عدن بإلغاء العملة القديمة على مناطق سيطرة الحوثيين؟.. باحث اقتصادي يجيب    "إنهم خطرون".. مسؤول أمريكي يكشف نقاط القوة لدى الحوثيين ومصير العمليات بالبحر الأحمر    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    غدر به الحوثيون بعدما كاد أن ينهي حرب اليمن.. من هو ولي العهد الكويتي الجديد؟    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    مشهد رونالدو مع الأمير محمد بن سلمان يشعل منصات التواصل بالسعودية    تنديد حقوقي بأوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    - بنك يمني لأكبر مجموعة تجارية في اليمن يؤكد مصيرية تحت حكم سلطة عدن    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    شاهد: مقتل 10 أشخاص في حادث تصادم مروع بالحديدة    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الامتحانات.. وبوابة العبور    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤشرات السيادة اليمنية المبعثرة في البحر
ملف نهب البحر (7-8)
نشر في يمنات يوم 01 - 01 - 2013

ملف أعده ل"يمنات": عبد العزيز المجيدي بمساعدة : عبدالحفيظ الحطامي – الحديدة ، فؤاد باضاوي – المكلا
حتى يونيو 2010 رصدت وزارة الثروة السمكية 70 خرقا هي عبارة عن "اعتداءات من الجانب الاريتري على الصيادين اليمنيين"، بحسب تصريح لوكيل وزارة الثروة السمكية عبد الله باسنبل. يقول المسؤول الحكومي ان تلك الاعتداءات "هي نتيجة لعدم التزام الجانب الاريتري بالتحكيم الدولي فيما يتعلق بموضوع الاصطياد التقليدي والسماح للصيادين اليمنيين بالاصطياد في المناطق المحددة في قرار التحكيم"، في إشارة إلى التحكيم الدولي بشان أرخبيل حنيش الذي احتلته اريتريا عام 95م.
في مواجهة ذلك لم تفعل الحكومة اليمنية أكثر من تشكيل لجنة "من وزارة الثروة السمكية والمكتب الفني للحدود وبعض الجهات ذات العلاقة للنظر في تلك الاعتداءات من قبل السلطات الارتيرية ووضع حد لهذه الانتهاكات"، على ماذكر باسنبل لموقع «سبتمبر نت» التابع لوزارة الدفاع.
بحسب تقرير للأداء الحكومي قدم إلى مجلس النواب العام الفائت سجلت شرطة خفر السواحل خلال العام 2009 نحو 47 عملية قرصنة و181 محاولة قرصنة ، مقابل 42 عملية و69 محاولة خلال عام 2008م، وكان عددها اقل عام 2007 إذ سجلت 25 عملية قرصنة و16 محاولة. وهي ارقام تشير الى تصاعد اعمال القرصنة مع مرور الوقت.
وطبق تصريح باسنبل نفسه فإن قطاع الثروة السمكية يخسر مابين 300 الى 350 مليون دولار تقريبا سنويا جراء ذلك.
طبق مركز الإعلام الأمني فقد تعرض نحو 106 قوارب صيد يمنية للاختطاف والمصادرة على يد اريتريين وصوماليين وسعوديين ومصريين، وتقول مصادر الصيادين إن هناك نحو 50 قارباً فقط اختطفتها قوات اريترية، وتم الإبلاغ عنها رسميا فضلا عن حالات كثيرة لم يبلغ عنها بسبب انعدام ثقة الصيادين بفعالية الجهات الرسمية.
بلغ عدد الصيادين المحتجزين خلال العام (2010) 408 صيادين وجرى ترحيلهم ، في حين رحلت السلطات الارتيرية نحو 305 صيادين من بداية العام الجديد حتى نهاية يناير 2011، وجميعهم صادرت السلطات الارتيرية قورابهم .
بحسب رئيس الاتحاد التعاوني السمكي فقد قتل 10 صيادين، واصيب 105 آخرين بفعل اعمال القرصنة، ويقول انها قابله للزيادة بسبب استمرار نفس الانتهاكات ضد الصيادين، حيث سجل الاتحاد 69 حادثا .
خلال الفترة من 5 يناير 2009 الى 6 ابريل هاجمت القوات الدولية صيادين يمنيين اربع مرات، وجرى مصادرة جميع محتويات قواربهم . وسجلت لاحقا اعتداءات في زمن اقل نسبيا مقارنة بالعام الذي قبله حيث رصدت جمعية ساحل حضرموت للعباري السمكية 3اعتداءات للقوات الدولية خلال اقل من 3 اشهر من بداية سبتمبر 2010 الى منتصف ديسمبر الفائت، ما يشير الى تصاعد الاعتداءات على الصيادين . وطبق بلاغات الجمعية فقد وقعت جميع الاعتداءات في الإقليم اليمني في انتهاك سافر للسيادة اليمنية المبعثرة في البحر.
15 صيادا يمنيا في سجون السودان وليس هناك من يسأل عنهم
غير الصيادين المعتقلين في اريتريا، هناك صيادون يمنيون موجودون في السجون السودانية.
وكشف مستثمر يمني عن وجود مابين 10 – 15 صياد في السجون السودانية منذ أشهر يتعرضون للضرب الشديد، ولا يسأل عنهم احد.
وقال علي محمد الحبشي مدير عام شركة بروم، إن الصيادين كانوا يتواجدون في مناطق قريبة من المياه الإقليمية السودانية، طلبا للرزق، لكن السلطات السودانية ألقت القبض عليهم.
وأضاف: فكرت بان أبادر بالسعي للإفراج عنهم ، لأنه ليس هناك من يسأل عنهم.
وقضى محمد عبد الرحمن وهو صياد من الحديدة بضعة أشهر قبل ثلاث سنوات في سجون سودانية.
وقال محمد الذي يعمل الآن في محل لبيع الأسماك بصنعاء، إنه كان في رحلة صيد مع خمسة من رفاقه عندما اعتقلتهم السلطات السودانية وقتها، وقضى في السحن 3 أشهر، قبل أن يتم الإفراج عنهم بمساع من تاجر يمني هناك، لكن قاربهم تم مصادرته.
وأضاف: كانت السفارة تعمل بوجود يمنيين مسجونين، لكنها لا تفعل شيئا. ويتذكر محمد قصة مشابهة لزميل له، خرج في رحلة بحرية للصيد قريبة من المياه السودانية، وظل مختفيا لمدة عام، فأيقنت أسرته انه قضى في البحر ، لكنه كان محتجزا في السجون السودانية ولم يسأل عنه احد، وفوجئت أسرته بعودته بعد سنة قضاها في السجن وصودر قاربه.
وبعد معاناته تلك ،عزم محمد على ترك مهنة الصيد، والتحق بعمل لدى احد معارفه في محل لبيع الأسماك بصنعاء. عندما سألته هل تفكر بالعودة للصيد: "لا.. خلاص توبة". أجاب، وكان مبتسما.
مرحبا بكم في ميناء علي مقصع !
في المحكمة التجارية قضية يحاول من خلالها خال الرئيس السابق السيطرة على ثلاجة تجميد في الميناء، وقبل فترة جاء الى هناك للحصول على لسان الحوض العائم لبيعه خردة...
ميناء الاصطياد الواقع على مسافة بضعة كيلومترات من ميناء المعلا بعدن، في طريقه إلى أن يصبح شيئا من الماضي.
تعرض هذا الميناء لحرب شرسة من أقطاب الفساد، وصارت معظم تجهيزاته مدمرة أو مهجورة. ضمن منشآت الميناء الذي تقصده سفن الاصطياد الكبيرة التابعة لشركات الاصطياد اليمنية والأجنبية، ينهض مبنى قديم، يقف على مساحة مئات الأمتار المربعة، أصبح مهجورا ومقابل رصيف الميناء، في نقطة اليابسة، لم تعد ثلاجة التبريد الضخمة التي كانت جزءا رئيسيا من الميناء،تعرف الثلج، ولم يعد صرير السحابات التي تنقل الأسماك من منطقة الإنزال من القوارب ، سوى بقايا ذكرى مؤسسة كانت نشطة ومدرة للعملات الصعبة بعشرات الملايين من الدولارات. لقد جرى تدميرها بالكامل وتصفية بنيتها الضخمة.
لكن على مسافة أمتار بامتداد محاذي للرصيف البحري، هناك منشأة حديثة لم يمر على بنائها أكثر من عشر سنوات ، غير انها أصبحت هي الأخرى متوقفة بشكل كامل منذ سنتين . إنها ثلاجة تبريد ضخمة، تحتل مساحة كبيرة من الرصيف البحري ،تعود ملكيتها، لمستثمر صومالي، دخل في شراكات مع قائد عسكري ومقربين من الرئيس السابق علي صالح، وخاله علي مقصع يحاول الآن السيطرة عليها.
بحسب المعلومات التي توفرت من أكثر من مصدر، فإن وزيرا صوماليا سابقا يدعى مونيا سعيد باعلوي، ينشط في الاصطياد منذ التسعينيات، عندما لجأ إلى عدن بعد سقوط حكومة بري، ويمتلك أسطولا من القوارب الكبيرة، حصل على امتياز لبناء ثلاجة تبريد بعد توقف ثلاجة مؤسسة الاصطياد بصورة نهائية، بعد عام 2000م . وقد كان وسيطه للحصول على الترخيص، الشيخ علي مقصع الذي أصبح شريكا في مشروعات استثمارية عديدة، وله نشاط تجاري خاص بفضل قرابته من صالح .
يقول مصدر على صلة بنشاط الموانئ "لو ذهب مونيا إلى الصومال في هذا الوضع المتدهور، فلن يحصل على هذا الامتياز لأن هذا المكان بمثابة موقع سيادي، والدولة وحدها من تقوم بمثل هذه الاستثمارات".
يتحدث الرجل عن عملية تدمير ممنهج اتبعتها سلطة مابعد حرب 94م ، لتصفية كل مؤسسات القطاع العام في الجنوب .
اكثر من مصدر قال إن مونيا باعلوي ارتبط بعلاقات وثيقة، مع قيادات عسكرية أخرى كمهدي مقولة قائد المنطقة الجنوبية المقال.
كان باعلوي من اكثر الناشطين في البحر نفوذا، ولديه ناقلة كبيرة مزودة بالتجهيزات اللازمة لنقل الأسماك، وكانت وجهتها غالبا بعد شحنها بالكميات اللازمة من الأحياء البحرية: ايطاليا.
القوارب الوحيدة التي كانت تصطاد الحبار في غير موسمه بصورة مخالفة ، وتقوم بأعمال الجرف المدمر للبيئة البحرية، تعود لمونيا، الرجل الذي استطاع الوصول إلى دائرة صالح المقربة .
في ميناء الاصطياد، بالقرب من الرصيف شاهدنا عديد قوارب عليها صيادون مصريون وآخرون آسيويون، وعلى بعد أمتار من قوارب أخرى راسية منذ سنوات، ترسو بعض بقايا مملكة مونيا كما عرفنا من المصادر. لم يعد مونيا باعلوي، واحدا من «الهوامير» الكبيرة في البحر العربي وخليج عدن، وقد أصبح طريح الفراش في لندن حيث يرقد هناك منذ اربع سنوات على ما تقول المعلومات . لكن تركته تثير شهية شركائه السابقين.
توقفت ثلاجة التبريد الضخمة عن العمل منذ سنتين، ويحاول علي مقصع السيطرة على تركة "باعلوي" المريض والغامض.
بحسب إفادات المصادر، فان قضية منظورة في المحكمة التجارية، طرفاها علي مقصع ومونيا بواسطة محاميه، للسيطرة على الثلاجة التي تثير شهية الكبار، ليس في التجهيزات فحسب بل في الموقع أيضا.
تقول بعض المصادر إن مونيا، ربما كان يعمل في التهريب أيضا، فقد مر وقت كان يتم استخدام ميناء الصيادين لتهريب الديزل. أهم قضية فجرت الموضوع بصورة علنية لمسها حتى الموظفين في مبنى فرع وزارة الثروة السمكية المطل على الميناء، عندما هدد مهدي مقولة بإحراق الميناء إن لم يتم الإفراج عن شحنة تم ضبطها من قبل قوات امن الميناء، وكان عبدالله قيران المتورط بجرائم قتل المتظاهرين في تعز، وجريمة قتل احد الناشطين الحراكيين في عدن مديرا للأمن في المحافظة.
كان يتم إدخال شحنات الديزل إلى الميناء، بواسطة ضباط باعتبارها، وقودا للقطع الحربية وقوات خفر السواحل.
المرة التي أثارت انتباه رجال الأمن، عندما أصبحت الشحنات تدخل بقواطر، وقد ضبطت سفينة تدعى الزعيمة، وقتها فوصل الأمر، إلى حد التهديد بمواجهة عسكرية، وجرى الإفراج عنها لاحقا، كما تقول مصادر أمنية وعسكرية مطلعة.
لقد أصبح الميناء وملحقاته، القريبة من الحوض العائم، مجمعا للخردة وبقايا الرافعات الضخمة، وتتناثر المخلفات الصلبة في أكثر من مكان.
هناك رافعة روسية كبيرة، مررنا بجانبها، وكان احد محركاتها، قد نزع عنها، وتقول واحدة من الروايات المتداولة إن ضابطا من العاملين في الحرس الجمهوري المرابط في المعاشيق حيث القصر الرئاسي، قام بتفكيك المحرك واخذه قبل سنوات، بصورة علنية دون اعتراض من احد.
لكن شبح علي مقصع يبدو حاضرا بقوة في الميناء، وبعض مرافقه. في الاتجاه المواجه لمدخل الميناء الرئيسي، ينتهي بك الطريق مع التفاف بسيط جنوبا إلى محطة ضخمة بنيت على البحر لتكون حوضا لصيانة السفن .
من اليابسة إلى البحر يمتد لسان طويل من الحديد السميك، يقابله عدد من الغرف مصممة بطريقة البيوت الجاهزة، وهي سلسلة ممتدة يتخذها عمال الحوض مكانا للإقامة والنوم وتتوفر على بعض التجهيزات الخاصة بالحوض. بين اللسان الحديدي والغرف، مدخل مائي أشبه بموقف للسفن التي تخضع للصيانة وتحصل على خدمات الحوض، وعلى قاعدة تقف على لسان بموازاة غرف الصيانة تنهض رافعة ضخمة، تقوم برفع السفن إلى الأعلى ليتمكن العمال من الوصول الى المحركات الغارقة في البحر. في هذا المكان يتكدس العشرات من العمال والمهندسين من ذوي المهارات، لكن العمل هنا شبه موقف . تعتبر هذه المنشأة، مصدرا ايراديا هاما، حتى وقت قريب، فعملية الصيانة الواحدة للسفينة تتراوح كلفتها مابين 70 الى 100 الف دولار. هذه المداخيل بعد تدمير شبه ممنهج وحرمان المنشآت من الصيانة والتحديثات، باتت السفن تتجه الى الموانئ الأخرى القريبة في عمان ودبي .
قال لي مصدر هناك إن الشيخ علي مقصع، زار الميناء ، قبل فترة، وكان يريد شراء اللسان العائم كخردة، وكان وسيطا قبل ذلك، في بيع لسان آخر لحوض عائم في نفس الميناء المواجه للمنطقة الحرة.
لقد توقف كل شيئ في هذه المنشأة الحيوية، ولم يعد ثمة، ما يعمل سوى قوارب صيد تتخذ منه مكانا للراحة، ومحطة لا نزال حصيلتها من الأسماك، وعليها ان تستعد ذاتيا بالمجمدات . انه مرفأ داهمته الشيخوخة قسرا، ويدفعه الفساد وعدم الاكتراث الحكومي إلى الموت.
يرقب الموظفون الذين عاصروا الميناء ونشاطه في السابق، واقعه اليوم بحسرة وألم . يقول احدهم : يا رجال البريطانيين ما فعلوش بنا كذا، عادهم عمروا، وهذولا دمروها «. في دراسة له بخصوص النهب الذي تعرض له الجنوب بعد حرب 1994م يقول د. حسين مثنى العاقل : إن « عددا من المتنفذين استأثروا بنصيب الأسد من شطارة النهب وعمليات جمع الغنائم، وصار اسم البعض منهم في قائمة كبار المجرمين والمخربين والعابثين بخيرات وثروات أبناء الجنوب».
يضيف العاقل» وجدنا بصمات أثارهم الإجرامية وأعمالهم التخريبية قد طالت مواني الاصطياد وممتلكات الأسطول السمكي لدولة (ج.ي.د.ش) «.
وكيل وزارة الثروة السمكية لحمر ل«يمنات»: نفرض رقابة مشددة على الاصطياد التجاري في عهدنا لم يتم احالة شركة للقضاء"
أكد وكيل وزارة الثروة السمكية لقطاع خدمات الانتاج والتسويق غازي احمد صالح لحمر أن الوزارة تفرض رقابة على القوارب والسفن التابعة للشركات التي تستثمر في المياه الاقليمية اليمنية،وقال إن الوزارة تمنح التراخيص لها بالاصطياد بتوقيع محضر بدء النشاط ويتم تكليف الهيئات في المحافظات بالاشراف على تنفيذ الاتفاقية ميدانيا بحيث يتم صعود من 2 إلى 4 مفتشين على كل قارب كمراقبين دائمين بهدف تسجيل كمية الانتاج واي مخالفة تحصل في البحر والتواصل مع غرفة العمليات بالوزارة على مدار 24 ساعة.
وأضاف لحمر ل»يمنات»: أنه لا تمنح الوزارة ترخيصاً لأي شركة إلا بعد تركيب جهاز مرتبط بالأقمار الصناعية يتم من خلاله مراقبة كل قارب مدي التزامه بالمسافات المسموح له الاصطياد فيها إلى جانب مراقب على القارب بحيث تتكون الرقابة من جزئين رقابة دائمة فوق القارب ورقابة مركزية من الوزارة عبر جهاز الستالايت..
وزاد : بعد ادخال منظومة الرقابة عبر الاقمار الصناعية يصعب على أي قارب مرخص تجاوز المسافات المحددة له وفق القانون ، وتوجد عشرة قوارب تصطاد في البحر العربي فقط في الوقت الراهن، حيث أن عملية الاصطياد التقليدي بنسبة 99 % والبقية قوارب تتبع شركات محلية لديها معامل ومصانع تنتجه وتعيد تصديره إلى خارج الوطن، مبينا أن الوزارة تمنح رخصة الاصطياد للمستثمرين في القطاع السمكي الذين يملكون منشآت على اليابسة بغرض خلق القيمة المضافة من تشغيل ايدي عاملة اثناء اعادة تصنيع وتصدير الانتاج السمكي ، أو تكون ملكية القارب يمنية 100 % وهذا تشجيع للمستثمرين اليمنيين بإنشاء اسطول يمني والتخلص من الاسطول الاجنبي تدريجيا .
وعن قارب «ابن ماجد» قال : إنه في 2006 م أُجر القارب ، وهو قديم هدية من حكومة اليابان عام 1979م قد انتهت صلاحيته ، فتوقف فترة في ميناء عدن بسبب عدم وجود مخصصات مالية لصيانته وتشغيله أجر للقطاع الخاص كون المركز في حينه لم تكن لديه الموازنة الكافية لصيانته فاضطر لتأجيره لعمل أبحاث وفي نفس الوقت مقابل حصولهم على مردود من الشركة لصيانة القارب لكنه تم تأجيره لفترة محدودة ولما يقارب سنتين أو ثلاث سنوات وبعدها توقف في الميناء سنوات فغرق وتحاول الهيئة حاليا انتشاله من الميناء ، مشيرا إلى أن منظمة الايفاد وعدت بتقديم دعم من خلال استئجار- لمدة عامين- قارب أو قاربي ابحاث مع توفير ستة قوارب للأبحاث.
ونفى لحمر صحة قيام هيئات الوزارة بمنح تراخيص للصيد الصناعي التابع للشركات التجارية في اطار الاستثمار بل يمنح من الوزارة ، والهيئات تمنح تراخيص للصياد التقليدي يسمح له بالتنقل من ميدي إلى رأس فرتك في المهرة على امتداد المياه اليمنية ، وقال إنه بعد وضع الدراسات والأبحاث ستنظم مناطق الاصطياد بغرض عدم تكثيف جهد الصيد حيث لوحظ في الفترة الأخيرة أن الصيادين يتجمعون في مكان واحد ما أضر وأثر على المخزون السمكي ، وعند بدء تنفيذ الاستراتيجية الحكومية وتحديد المخزون السمكي سيتم توزيع القوارب على مناطق الاصطياد بحسب جهد الصيد.
وبرر اسباب عدم استخدام الهيئات لقوارب كبيرة في عملية الرقابة بأن البعض منها خرج عن الجاهزية لعطب في المكينة او خلل فني إضافة إلى أن بعض القوارب مكائنها كبيرة وتصرف وقوداً كثيراً (مما جعلنا نستخدم قوارب صغيرة اطوالها 7 في 9 متر بقوة محرك أربعين خيل ليقوموا بدورية الرقابة نيابة عن تلك القوارب الكبيرة التي تكلفة تشغيلها أكبر خاصة مع ارتفاع سعر الوقود وعدم رفع الموازنة من عام 2005م حين كانت اسعار الوقود رخيصة).
وعزا توجه الصيادين اليمنيين الى شواطئ قريبة من الدول القريبة إلى استنزاف المخزون السمكي قائلا :» لا نستطيع الحكم بهذا إلا بعد استكمال الدراسات عن المخزون السمكي ، لكن بالنسبة للصياد اليمني يذهب الى مسافات بعيدة مثل البحر العربي والى مسافة 50-60 ميلاً بحثا عن رزقه، حيث يجد اسماكاً موسمية ومهاجرة، فهم يتابعون مواسم الاسماك ولكن العدد الكبير للصيادين زاد في منطقة محددة للاصطياد الذي يفترض أن تستوعب من 200-300 صياد لكن يأتي اليه من 1000-1500 صياد وهذا يؤثر على المخزون السمكي .
وأوضح أن الوزارة تتلقى بلاغات من هيئاتها في المحافظات ومن اتحاد التعاون السمكي عن حجز واعتقال صيادين يمنيين في ارتيريا وتقوم الوزارة بالتواصل مع الخارجية وهي بدورها تشعر السفارة اليمنية في ارتيريا ويتم الافراج عنهم ، وقد تم نصح الصيادين عدة مرات بعدم الدخول الى المياه الاقليمية للدول المجاورة لأن ذلك يعد تعدياً وفق القوانين الدولية.
واعتبر التنسيق بين الوزارة والاتحادات السمكية أمراً مهماً وقال :» نعتبر الاتحاد التعاوني السمكي الوجه الآخر للوزارة ونتعاون معه بشكل كبير ومع بقية الاتحادات والجمعيات التعاونية الخاصة بالصيادين وحتى أن جميع انشطة الاسماك تعمل فيها الاتحادات والجمعيات سواء في عملية الاصطياد اوالتسويق اوالتصدير والفضل يعود لجهود الوزارة والحكومة التي سهلت لهذه الفئات الاستفادة من هذه الثروة، إضافة إلى أن الوزارة تقدم لهم كافة التسهيلات ..
ونفى وجود قضايا رفعت ضد شركات إلى القضاء في عهده وقال : في عهدنا لم يتم احالة شركة للقضاء واحتمال أنه حدث قبل سنوات خاصة في 2003م عند ايقاف الاصطياد التجاري وهذه القضايا مازالت في المحاكم ووزارة الشئون القانونية هي الممثلة للحكومة اليمنية.
اما عن مؤسسة الاصطياد التي كانت ترفد الحكومة ملايين الدولارات وكيفية تصفيتها، قال : لم يتم تصفيتها بل مع الهيكلة الجديدة للوزارة تم دمجها مع مؤسسات الخدمات في اطار هيئات المصائد السمكية في قطاعات البحر الاحمر وخليج عدن والبحر العربي والمهرة،موضحا أن أسباب افلاسها يرجع إلى أنه بعد الوحدة اليمنية اصبح السوق مفتوحاً وظهر القطاع الخاص منافس لتلك المؤسسة التي كانت تحتكر صيد الشروخ وتصدره لكن اليوم اصبح سوقاً حراً والقطاع الخاص ينافس بقوة الى جانب العمالة الزائدة في المؤسسة التي كانت مستقلة ماليا وإداريا مما اثر عليه فلم تستطع تغطية النفقات والتشغيل.
كما رد على اتهامات قيادة الوزارة بمنح تسهيلات لشركات يمتلكها متنفذون في السلطة مثل الشركة الاردنية اليمنية قال :» لا تسمح الوزارة لأي شركة تتجاوز المناطق المتفق عليها وفق الاتفاق،والشركة الاردنية اليمنية كان لديها اتفاق وفق برتوكول بين اليمن والاردن وتم توقيعه في مجلس الوزراء وصادق عليه قبل صدور القانون في 2006م وهي تعمل خارج خمسة ميل وعليها رقابة عبرالاقمار الصناعية والمراقبين وينزل انتاجها في المواني اليمنية ولأن اتفاقيتها خاصة ووقعت بموجب بروتوكول بين البلدين ولمدة عامين او ثلاثة اعوام صدر القانون الجديد وتم ايقافهم فترة وبعدها سمح لهم باستكمال الفترة المتبقية لها حتى القانون الجديد سمح بسريان الاتفاقيات السابقة وفق الشروط والقانون ..
وأرجع أسباب تضارب حجم كمية الانتاج إلى صدور القانون رقم 2 لعام 2006 م والذي أقر نسبة 3% ضريبة على الصياد التقليدي وبدأ تنفيذه عام 2007م مقابل عدم تفاعل الجمعيات والاتحادات ضد هذا مما أضر بالانتاج والاحصائيات اضافة الى عدم دراسة حجم المخزون ما تسبب بتهرب الجمعيات والصيادين من دفع ضريبة الدولة ما أثر سلبيا على احصائيات الثروة السمكية عكس الصيد التجاري الذي يأتي القارب إلى الميناء ويتم فحصه من قبل اللجنة ثم يتم انزاله وخزنه في مخازن الشركة الأمر الذي لا توجد معه مشكلة.
كما أكد أن اليمن تضررت من القرصنة كثيرا مما اثر على الانتاج وجعل الصياد لا يستطيع الإصطياد قرب الجزر اليمنية والمياه البعيدة وزاد مع تواجد البوارج العسكرية في خليج عدن ما تسبب بحوادث يتعرض لها الصيادون اليمنيون كاطلاق النار مرة للاشتباه بانهم قراصنة ويتم حجزهم والاعتداء عليهم ومصادرة قواربهم وقد يتعرضون لاعتداء ونهب من قبل القراصنة، وقد تضرر القطاع السمكي كثيرا،حيث وصلت خسائر اليمن السنوية من 150 مليون دولار إلى 200 مليون دولار بحسب التقرير الذي قدمه وزير الخارجية في اجتماع الدول المطلة على المحيط الهندي .
وقلل من الحديث عن تسلل السفن الأجنبية إلى المياه اليمنية وقال : ليست كثيرة قبل عامين تسلل قاربان ايرانيان وقوارب مصرية وهي دول قريبة من اليمن مطلة على البحر الاحمر او العربي ، واعتقد أنه في عام 2009 م تم القبض على ثلاثة قوارب في محافظة المهرة وتم تغريمها وعام 2010 م قارب واحد في الحديدة مما يؤكد أن القوارب المتسللة قليلة جدا،مبينا بأن القوارب التجارية أكتر التزاما نتيجة الرقابة المشددة عكس الاصطياد التقليدي الذي يحتاج لتوعية بأهمية الاصطياد في مواسم الاصطياد كونه لن يجد في الموسم القادم ..
ويعتقد الوكيل أنه قد يكون الضرر من الصيادين التقليديين اكثر من التجاري كون التجاري لا يمثل سوى نسبة 1% من عملية الاصطياد في اليمن ولا يتجاوز عددها من عشرة الى 12 قارباً وتعمل في البحر العربي وقوارب ستعمل في البحر الاحمر ملك للمستثمر باقيس بعد اصدار حكم من المحكمة لتعويض خسارته وإعادة الديون التي عليه للوزارة ويعمل هذا على بعد 6 أميال.
شلن الذي أضاعته الرياح وخفر السواحل
نيابة عن السلطات يضطر الصيادون لحمل السلاح لمنع سفن أجنبية من الاصطياد في المناطق المحظورة.. يخرجون إلى البحر وهم على يقين تام أنهم متروكون لأقدارهم، وهناك صيادون مفقودون منذ سنوات لم يعودوا حتى الآن إلى عائلاتهم..
قبل أكثر من عامين خرج “شلن” في رحلة بحرية كما هو معتاد بالنسبة لصياد يعتاش على البحر. كانت تلك هي المرة الأخيرة التي شوهد فيها الرجل خارج البحر وهو على قيد الحياة .
غالبا ما يقضي الصيادون الذين يخرجون إلى مناطق صيد قريبة من السواحل، أقل من نصف يوم في البحر قبل أن يعودوا إلى ذويهم، وقد خرج” شلن” إلى منطقة المضاربة والعارة التي تقع على مسافة ساعة من منطقة رأس عمران، وتحديدا إلى منطقة خور عميرة في رحلته الأخيرة .
و”شلن” هو اسم عرف به الصياد الذي لم يعد من وقتها؛ ويرجح رفاقه في منطقة رأس عمران أن رياحا عاتية قد أودت به غرقا.
عندما فقدوه توجهوا فورا ببلاغ إلى نقطة خفر السواحل الواقعة عند مدخل قرية رأس عمران . وطبقا للصيادين فإن نقطة خفر السواحل المرابطة على مدخل قريتهم أبلغتهم بأنها ستتواصل مع صنعاء بهذا الخصوص لانتظار التعليمات. كان ذلك هو التحرك الوحيد الذي فعلته تلك القوات حيال الصياد المسكين . لقد لحق شلن الصياد ب شلن “ العملة التي يتذكرها أبناء المحافظات الجنوبية باعتزاز عندما كان لهم دولة مهيبة الجانب قبل عام 1990.
يخرج الصيادون اليمنيون إلى البحر وهم على يقين تام بأنهم سيكونون وحدهم في مواجهة أقدارهم، دون تعويل على أي تدخلات مفترضة من سلطات بلدهم. هذا ما يخامرهم دائما، سواء كانوا في مواجهة الرياح العاتية أو البوارج الحربية أو القراصنة .
في نفس الفترة غرق 4 صيادين من الحديدة، وقد عثر على ثلاثة وظل الرابع مفقودا، وقبلها بأشهر غرق 4 صيادين توفي 2 منهم وتمكن الآخران من النجاة، بجهود ذاتية. ذكر ذلك الصياد محمد حسن جبعوم (35) عاما بينما كان يتشاطر ورفاقه في ميناء الاصطياد بالحديدة الكثير من مشاعر التعاسة .
والمحنة في الخوخة أقدم ، فقد مضى أكثر من 4 أعوام على اختفاء صيادين كانوا في رحلة جوار جزيرة زقر اليمنية في البحر الأحمر لم يعثر لهم على اثر ، وفشلت كل استغاثات عائلاتهم في تحريك الجهات المعنية . “ لا تعرف أسرهم ما إذا كانوا أحياءا أم أمواتا ، هل هم معتقلون أم غرقى “، يقول حسن احمد صالح رئيس جمعية الصيادين في الخوخة .
ويضيف:لا توجد جهة رسمية تبحث عنهم ، فقد بلغنا الخارجية والبحرية وخفر السواحل، ووزارة الثروة السمكية ولا من مجيب .
حتى الآن مازالت عائلاتهم في الانتظار، فالصيادون الذين خرجوا لم يعودوا ولا قواربهم أيضا عادت .
يقول حسن صبيلة (55 عاما ) معلقا: لا توجد حماية أمنية للصيادين ولا حتى دوريات منتشرة كما يفترض.
مقابل هذا الاسترخاء الكامل واللامبالاة حيال حياة الصيادين اليمنيين، تحركت السلطات بحيوية لافتة وغير معهودة وغريبة في آن عندما تعلق الأمر بصيادين اريتريين . لعله مشهد مكثف للحالة الرهيبة التي آل إليها حال اليمنيين، ومدى الاستخفاف بهم من حكامهم أولا.
منتصف سبتمبر 2010 تاه قارب صيد اريتري، بعد مغادرته ميناء الاصطياد بالحديدة ، فأعلنت سلطات خفر السواحل بالمحافظة حالة استنفار قصوى، وأطلقت طواقمها في البحر بحثا عن القارب المفقود، حتى عثر عليه في اليوم التالي معطلا على بعد 18 ميلا من ساحل الحديدة، حد ما ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية.
والى الصيادين الذين لم يعودوا لذويهم، هناك حالة فقدان شبه دائمة تخص السلطات اليمنية التي لا تتوفر حتى في الأعماق القريبة من سواحل البلاد.
وحسب معلومات متطابقة، فإن سفنا أجنبية ومحلية مرخصة وغير مرخصة تجوب مناطق الاصطياد المحظورة، على مسافات تصل إلى ميل واحد أحيانا من الساحل، ما يضطر الصيادين لخوض مواجهات مسلحة مع السفن سيما الأجنبية نيابة عن الجهات المعنية .
ويقول الصيادون في رأس عمران إنهم اجبروا سفنا أجنبية كانت تصطاد على مسافة يحظر فيها الاصطياد، وكانت موجودة أحيانا على مسافة ميلين على المغادرة، بإطلاق النار من أسلحتهم الشخصية.
ويشير احمد على (26 عاما) - وهو صياد حاصل على مؤهل جامعي- إن لجوء الصيادين لهذه الطريقة لمنع الاصطياد في المناطق المحظورة؛ دفع السفن إلى الادعاء بأنها تواجه أعمال قرصنة تهربا من مسؤوليتها في ارتكاب مخالفات جسيمة يعاقب عليها القانون.
هذه الطريقة يعتمد عليها الصيادون منذ سنوات في مواجهة الغياب المقيم للسلطات البحرية. كان صيادون في محافظة المهرة خاضوا مواجهة مسلحة في يوليو عام 2003 مع طاقم سفينة اصطياد صينية كانت موجودة في مناطق الصيد التقليدي، المحظورة على السفن، قتل فيها مساعد قبطان السفينة الصينية.
ويقول قبطان سفينة نقل يعمل في الملاحة البحرية منذ عام 1999م -طلب عدم إيراد اسمه- إن الصيادين باتوا هم من يتولى منع السفن الكبيرة من الاصطياد في المناطق المحظورة؛ ويتصرفون تماما مثل القراصنة حيث يقومون بإطلاق النار على تلك السفن لإجبارها فقط على المغادرة.
وأضاف: هذه الظاهرة موجودة بشكل كبير في مناطق حضرموت والمهرة.
فقد عينه ووظيفته في عرض البحر
فقد محمد حربي عينه في البحر، لكنه لم يفقد حتى الآن روحه المرحة . من كرسي خشبي في كفتيريا عتيقة تقدم خدماتها لموظفي وعمال فرع وزارة الثروة السمكية بعدن، كان البحار الذي أمضى 28 عاما راكضا فوق الأمواج، ينثر تعليقاته اللاذعة.
« يا دحباشي روح لك من جنبنا «، خاطب حربي مازحا رفيقاً له تبين أنه من تعز، بينما كان يحث قبطانا بحريا على الجلوس معنا .
لا يحبذ الكثير من الموظفين وعمال شركات الاصطياد التي يقع بعض مكاتبها بالقرب من مبنى الوزارة، الحديث للصحفيين؛ لذلك غادر القبطان من فوره وهو يتمتم بجمل غير مفهومة، والتزم آخرون الصمت.
ما من سبب يجعلهم عازفين هكذا باستثناء أنهم يريدون تجنب المصير الذي آل إليه أحد رفاقهم: أوقفت الوزارة محمد فضل سالم الموظف في فرع عدن عن العمل، لمجرد انه شوهد في برنامج تلفزيوني يدلي بحديث عن وضع الثروة السمكية.
لم يكن الموظف المعاقب موجودا عندما تحدث إليّ محمد حربي، قال هذا الأخير بلهجته العدنية : لو كان ياته موجود با يكلمك لما تشبع، الرجال قدوه بغران.
وكان حربي هو الآخر « بغران « أيضا.
فبعد عمر طويل قضاه في البحر على سفن المؤسسة اليمنية للاصطياد لم تتوقف متاعب الرجل الذي يشارف على الخمسين من العمر عن التوالد.
عام 99 م فقد عينه وهو يؤدي وظيفته كبحار على ظهر واحدة من سفن المؤسسة اليمنية للاصطياد، التابعة لوزارة الثروة السمكية، وبعدها بعام خسرت البلاد واحدة من أهم المؤسسات التي كانت توفر للخزينة العامة للدولة عشرات الملايين من الدولارات، وخسر حربي وظيفته أيضا.
يقول إنه استمر بمتابعة الوزارة ولاحقا الشركة التي ورثت السفينة بعد خصخصة كل أسطول مؤسسة الاصطياد للمطالبة بتعويضه عن الإصابة التي تسببت في خسارته النهائية لإحدى عينيه، و لم يحصل على شيئ حتى الآن.
يعول الرجل 9 أولاد من الجنسين، وغالبا ما يجلس متذمرا بلا عمل حيث يقبض راتبه الشهري من البريد منذ أصبح في خانة العمالة الفائضة، وهي حالة الآلاف من الذين خسروا وظائفهم بعد بيع وتصفية مؤسسات القطاع العام ومنها تلك التي كانت مرتبطة بالبحر والثروة السمكية.
يمتلك حربي قاربا اشتراه مؤخرا وقرر أن يلتحق بالبحر مجددا، لكن كصياد ،ومع ذلك فقاربه بدون محرك .
ومنذ يوليو عام 2009 يحاول الرجل الحصول على محرك من الوزارة، وهو يثق تماما أن مخازنها مليئة بأعداد منها مقدمة هدية للصيادين من الحكومة اليابانية.
« تقدمت بطلب للحصول على محرك، فحولني الوزير الى سبعين بنك ، مع انه يتم صرف المحركات لناس لاعلاقة لهم بالصيد «، يقول حربي.
وعرض عديد وثائق بينها رسالة من جمعية صيرة السمكية تفيد باستحقاقه للمحرك، أرفقها بصورة من ملكية القارب، ولم ينجح في الحصول على المحرك حتى اللحظة .
تبلغ كلفة المحرك نحو 400 الف ريال يمني، ويقول حربي إن شحنة الدعم الياباني للصيادين يتم بيعها من قبل الوزارة بالسوق السوداء ويضيف : أنا نفسي اشتريت عدداً منها لصيادين آخرين .
ويتهم وزير الثروة السمكية بصرف محركات وحتى قوارب للبعض تحت مسمى تعويضات، ( الاتهام للوزير السابق محمد صالح شملان ).
يتحدث عن واقعة صرف 2 قوارب صيد لامرأة ، تعويضا «عن بقعة ارض» « هؤلاء من أصحاب التوصيات من فوق «، يقول حربي بامتعاض شديد.
مع ذلك فهناك ما ينعش البحار، لكنه نادر الحدوث على ما يقول. وكما هو الحال بالنسبة للمئات من موظفي مؤسسات الوزارة التي جرى تصفيتها ، يجد نفسه أحيانا على ظهر إحدى سفن الاصطياد التابعة للشركات الخاصة كمراقب للتثبت من عدم خرقها لقواعد الاصطياد الآمن.
بالنسبة له الآن ليس ثمة ما هو أهم من المحرك الذي ينتظره بشدة لكي يعمل على قاربه الصغير.
« لا اطلب الكثير من الوزير، اطلب ماكينة فقط «، يقول الصياد الذي خسر أشياء كثيرة وهو في طريقه إلى الخمسين من العمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.