في مشهد جديد في التراجيديا السياسية المعقدة, أطل الرئيس السابق علي عبدالله صالح من منصة ساحة السبعين, أمس, على عشرات الآلاف من جماهيره التي اعتاد أن يطل عليها كل يوم جمعة من العام 2011. بدا خطاب صالح, مشوشاً ومرتبكاً, وارتجالياً, وفي أبلغ رسائله, اعلن أن من سماها بمسيرة "الوفاء"- وهو الاسم الذي أطلقه على الفعالية- "هي احتفال بيوم التداول السلمي للسلطة عندما نقلناها في 21 فبراير واحتفلنا بها في 27 فبراير, ونقلناها الى الزميل العزيز الرئيس عبد ربه منصور هادي, الذي سنقف إلى جانبه من أجل أمن واستقرار الوطن", حسب قوله. وحضر الآلاف من انصار "صالح", أمس, بعد دعوة وجهها لهم للاحتفال بيوم 27 فبراير, الذي يصادف مرور عام على تسليمه السلطة إلى خلفه الرئيس عبد ربه منصور هادي. وبحسب شهود عيان, تم إغلاق شارع الستين, وشهدت اجزاء من العاصمة اختناقاً مرورياً, وشوهدت مجاميع وهي تدخل شارع السبعين, وحملت صوراً ل "صالح" و"هادي". ودعا صالح في خطابه إلى "التصالح والتسامح والصفح الجديد من أجل بناء يمن جديد, يمن الوحدة والحرية والديمقراطية, ولنطوي الماضي بكل سلبياته وإيجابياته والنظر للمستقبل", حد قوله. وخاطب جماهيره: "لا لتفجير أنابيب النفط وأبراج الكهرباء, ولا للدعوات الانفصالية, فالوحدة ثابتة, ولا لدعاة الانفصال". ولمح صالح إلى نائب رئيس دولة الوحدة سابقاً "علي سالم البيض", وقال إن "الوحدة ليست شور أو قول", مهاجماً من يدعون إلى الانفصال بدعم خارجي, حد قوله: "فليسقط الدفع الخارجي, وعلى الذي يدفع من الأموال التي حوشها في حرب صيف 94, ألا يقتل أبناءنا في عدن وحضرموت الباسلة". وأضاف: "شعبنا في الجنوب مع الوحدة, وقلة قليلة هم من يدعون للانفصال, وهم الذين يدفعون لهم المال من الخارج, مثلما ارتهنوا أيام الاستعمار البريطاني وأيام الاتحاد السوفيتي, ولن نرهن الوطن لإيران أو غير إيران". وبدا أن صالح أراد توجيه رسالة الى مجلس الأمن الدولي الذي سبق أن لوح في وجهه ب"الفصل السابع" يقول عبرها إنه أيضاً يقف موقف "عداء" مع إيران التي بسبب التحالف معها استطاعت أطراف يمنية أن تدفع بمجلس الأمن إلى توجيه تحذير ل "علي سالم البيض". وأثار ظهور صالح جدلاً واسعاً في الاوساط السياسية, كما سادت حالة من التخبط والإرباك فب الإعلام المعارض ل "صالح", وتباينت ردود الأفعال بين ساخرة وساخطة, وأخرى متهكمة. وفي أول ردود الأفعال, دعت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية السلمية, التي يتم توجيه سياساتها من قبل حزب الاصلاح؛ "شباب الثورة وسكان العاصمة للخروج في مسيرة حاشدة عصر (اليوم) الخميس, والتي تنطلق من أمام جامع المشهد بشعوب, للمطالبة باستكمال تحقيق أهداف الثورة ورفع الحصانة تمهيدا لمحاكمة المخلوع, واستعادة الأموال المنهوبة من خزينة الدولة". وأهابت اللجنة التنظيمية ب "الجماهير المشاركة الواسعة في المسيرة الحاشدة, والتي تأتي تأكيداً على استمرار الفعل الثوري حتى تحقيق كامل أهداف الثورة, وفي مقدمتها محاكمة المخلوع على الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب اليمني". وفي مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" كتب محمد المقالح: "الإصلاح يعيد إنتاج صالح, ولكن التاريخ لا يعيد إنتاج نفسه الا باعتباره مهزلة". من جهتها, كتبت الناشطة الحقوقية سعاد القدسي: "إذا طرحت الستين من السبعين, الناتج عشرة أمتار, وهي المساحة الحقيقية المتبقية لملايين السكان الذين لا يجدون أنفسهم بين المتصارعين". الصحفي نبيل سبيع, عبر على طريقته: "ميدان السبعين الذي لا يملؤه رئيس حالي, يملؤه رئيس سابق". أما الناشط الحقوقي عبد الرشيد الفقيه, فأعتبر أن "صالح" ومهرجانه اليوم يقدم خطاباً متملقاً لهادي ومزاجه بصورة تكشف الوهن الذي وصل إليه الرجل وجبهته!". الإعلامي والصحفي نبيل الصوفي, قال إن "أزمة اليمن كلها, ملخصة في العلاقة بين قواعد المؤتمر الشعبي العام, وبين نخبه الإعلامية والثقافة والسياسة". وأضاف: "ولو رفع "علي عبدالله صالح", يده عن المؤتمر, لتوزعت هذه النخب, على موائد الخصوم, وتركت القواعد حائرة ألف حيرة, وكل الأطراف تعرف هذا".