أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد موسكو للعمل مع الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تمهيد الطريق إلى الإصلاح السياسي في هذا البلد. وحذر من تكرار سيناريو العراق وليبيا في سوريا. و قال بوتين في كلمة ألقاها الجمعة 19 يونيو/حزيران خلال الجلسة العامة لمنتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي: "نحن مستعدون للعمل مع الرئيس (بشار الأسد) من أجل تمهيد الطريق نحو الإصلاح السياسي، ومن أجل أن يكون لدى جميع سكان سوريا إمكانية للوصول إلى أدوات السلطة، لإنهاء المواجهة العسكرية. لكن ذلك لا يمكن تحقيقه من خلال تدخل خارجي باستخدام القوة". و أوضح الرئيس: "نحن قلقون من أن تصل سوريا إلى نفس الحالة التي يشهدها العراق وليبيا"، مضيفا: "نحن لا نريد أن تشهد سوريا مثل هذا التطور للأوضاع. ولذلك ندعم الرئيس الأسد وحكومته". و أكد مرة أخرى أن الشعب السوري هو صاحب الحق الوحيد في مطالبة الأسد بالرحيل. و أردف قائلا: " أما نحن فمستعدون للحوار مع الرئيس الأسد لحثه على التعاون مع المعارضة السورية البناءة من أجل إجراء إصلاحات سياسية". و أعاد بوتين إلى الأذهان أن الأممالمتحدة تحدثت مؤخرا عن احتمال إقامة تعاون مع الرئيس الأسد في مكافحة "داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى في المنطقة. هذا ودعا الرئيس الروسي الولاياتالمتحدة والشركاء الأوروبيين إلى اتخاذ إجراءات إضافية لمحاربة التطرف الإسلامي. و أوضح: "إننا ندعو جميع شركائنا بينهم الأوروبيون، وبالدرجة الأولى الولاياتالمتحدة، إلى اتخاذ إجراءات إضافية لمحاربة الشر المطلق، وهو التطرف الإسلامي أي تنظيم "الدولة الإسلامية" والجماعات الأخرى وهي فروع للشبكات الإرهابية العالمية، التي سبق أن وجهت ضربات عدة إلى الولاياتالمتحدة نفسها". و أضاف بوتين أنه بات في قبضة داعش" أسلحة بكميات تزيد عما يملكه الجيش العراقي الذي تدعمه الولاياتالمتحدة. و أردف: "إن الولاياتالمتحدة تدعم العراق وتدعم وتسلح وتدرب جيشه. لكن "داعش" تمكن من خلال هجومين أو 3 هجمات له، من الاستيلاء على أسلحة بكميات تزيد عما بقي في قبضة الجيش العراقي". و في شأن الملف النووي الإيراني عبر الرئيس بوتين عن ثقته بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع طهران في وقت قريب حول هذا الملف. و مع التأكيد على أهمية هذا الاتفاق، أشار بوتين إلى أنه من المهم كذلك إطلاق عملية تطبيقه بعد التوقيع، وتوقع بأن يتطلب ذلك نحو نصف عام. و أكد بوتين أن روسيا ستواصل تطوير علاقات حسن الجوار والصداقة مع إيران وكافة دول المنطقة. و أشار الرئيس الروسي إلى أن المشاركين في المفاوضات مع إيران يجمعون على موقف مشترك بخصوص ضرورة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، مشددا على أن هذا هو موقف مبدئي سمح بالتعاون بشكل بناء مع الولاياتالمتحدة. و نفى الرئيس الروسي أن تكون سياسة روسيا عدوانية، موضحا أن موسكو بدأت بالدفاع عن مصالحها بإصرار أكثر في الآونة الأخيرة. و قال: "لمدة طويلة استمرت عشرات السنين، التزمنا الصمت، وكنا نقترح آليات مختلفة للتعاون، لكننا كنا نتعرض لضغوط متزايدة، حتى تم دفعنا إلى خط لا يمكننا أن نتراجع عنه". و أكد أن روسيا لا تسعى للهيمنة في العالم، بل تريد أن تكون لها علاقات تعتمد على التكافؤ والاحترام المتبادل مع كافة الدول، بما في ذلك الولاياتالمتحدة والأوروبيون والدول الآسيوية. و شدد بوتين قائلا إن موسكو ستدافع دائما عن مبادئ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. و أعلن الرئيس بوتين أن الخروج الأحادي للولايات المتحدة من معاهدة الدفاع المضاد للصواريخ قد يدفع إلى العودة ل "الحرب الباردة" وسباق التسلح، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تغير منظومة الأمن العالمية. و قال "ليست النزاعات العسكرية، بل القرارات الشاملة تؤدي إلى "الحرب الباردة"، مثلا، كخروج الولاياتالمتحدة الأحادي من معاهدة الدفاع المضاد للصواريخ. إنها خطوة تدفعنا باتجاه سباق تسلح لأنها تغير منظومة الأمن العالمية". و أعلن الرئيس بوتين أن هناك ضرورة لإقامة حوار مباشر بين كييف وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين من طرف واحد في منطقة دونباس. و قال الرئيس الروسي: "ليس ثمة حوار مباشر، للأسف،..هناك فقط بوادر لبدئه. مضت فترة طويلة جدا منذ توقيع اتفاقيات مينسك. الآن من الضروري، وأكرر مرة أخرى، إقامة حوار مباشر بين لوغانسك ودونيتسك وكييف وهذا ما نحن بحاجة إليه". و أشار الرئيس الروسي إلى أنه يتعين على كييف الانتقال من التلاعب إلى العمل الواقعي واقترح بدء تطبيق القانون حول الوضع الخاص لمنطقة دونباس بجنوب شرق أوكرانيا أخيرا من أجل تنفيذ اتفاقيات مينسك. و قال: "يجب تطبيق القانون حول الوضع الخاص لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك. تمت المصادقة على القانون، لكن حتى الآن لم ينفذ". وحسب قوله فإنه لغرض تطبيق القانون كان على البرلمان "الرادا العليا" اتخاذ قرار بهذا الشأن، مشيرا إلى أن في كييف نفذوا القانون بشكل شكلي، وبالتزامن مع المصادقة أدخل "الرادا" تعديلات عطلته وقال :"هذا تلاعب ليس أكثر. يجب الانتقال من التلاعب إلى العمل الواقعي". و دعا الرئيس الروسي الغرب للعمل سوية لتسوية الأزمة الأوكرانية. وذكر ان الغرب يكرر باستمرار أن على روسيا التأثير على جنوب شرق أوكرانيا. وقال "نحن نمارس التأثير، ولكن لا يمكن حل هذه المشكلة بممارسة تأثيرنا فقط على جنوب شرق أوكرانيا. لا بد من ممارسة التأثير أيضا على السلطات الحالية في كييف وهذا أمر لا يمكننا القيام به". و في سياق متصل أكد الرئيس الروسي أن مستقبل روسياوأوكرانيا أن تكونا معا. وقال: "بغض النظر عن أي شيء قد يحدث، في نهاية المطاف روسياوأوكرانيا مستقبلهما مشترك".