يدين الجنوب بالنصر الى كل جسد سقط ،وجرح نزف ،ولكل كتف حملت بندقية ،وقدم سارت الى الجبهة حافية ،ولدموع الأمهات، وصبر الآباء.. نسأل الله لشهدائنا الجنة ،ولجرحانا الشفاء ،ولأسرانا الحرية ،وان يجبر كسر أمهاتنا ،ويعظّم أجر آبائنا. كان طغاة نظام الشمال ،ومترفو السلطة في الجنوب ينظرون لثورتنا بسخرية ،ويعتقدون بان استقلالنا أضغاث أحلام ،واليوم الجنوب قاب قوسين او أدنى من حريته ،وعاجلا او آجلا سننتزع الوطن رغم انوفهم ،ولا نشك لحظة باننا نستحق ان نكون سادة انفسنا. الجنوب الذي دفع ثمن النصر اشرف رجالها ،وزينة شبابها ،لا نعتقد بان شعبه سيتخلى عنه بسهوله، ويترك الحسابات السياسية تعبث بمصيره ،وتضع شروط نصره ،وترسم حدود تحريره ،فمازالت جروحنا مفتوحة ،ودماؤنا لم تجف بعد ،ومازال الوجع يسكن جدران بيوتنا البسيطة ،وشوارعنا المدمرة تذكرنا بتفاصيل المأساة ،ومازال لمجدنا بقية.. غداً يوم مجيد (30)نوفمبر عيد استقلال الجنوب، وكلنا ثقة بان شعبه سيعانق حلمه، وايمانه بحقه ،وسيزحف عن بكرة أبيه الى العاصمة (عدن)،وسنحتشد في ساحة الحرية كالعادة ،وسنفترش ترابها ،ونلتحف بسمائها ،ونتوسد العزة والكبرياء ،فالشعب الذي أدهش صموده العالم ،ورفع رأس الأمة ،لن يلتفت لفتنة الاحزاب او تثني ارادتنا فزاعة الدواعي الأمنية ،فاذا كان الحق مصدر قوتنا ،فإن الميادين ،والساحات مهد كرامتنا. العالم لا ينظر الى بياض قلوبنا ،ولكن الى ما نستطيع ان نصنعه على ارض الواقع ،ووحدها مواقفنا من ستشفع لنا،ومن يعتقد بان السياسة ستحترم صمتنا او تخبطنا عليه ان يراجع حساباته اوينتظر الصفعة ،فالعواطف لن تعيد برميلا واحدا الى حدود (كرش). الجنوب أمام مفترق طرق، وعلينا ان نختار اما ان نخرج الى الساحات، ونرفع أعلامنا، وأصواتنا بالحرية، والاستقلال ،وما ان نستمر في هز اكتافنا دون ان نعلم الى اين نحن ذاهبون؟!.. اكثر ما نخشاه ان يتم تصفير عداد قضيتنا ،ونصبح ضحية وهم!.. لا نتصور بان هناك جنوبيا شريفا او في ضميره حتى ذرة نخوة بعد هذه الحرب ،وكل هذا القتل والدمار، والالف الشهداء والجرحى، والاسراء يمكن ان يقبل بان تجرجرنا سياستهم الى طاولة الحوار مرة اخرى ،ونكون شركاء مع الذين لم يصونوا لنا عهد او يراعوا فينا ذمة ،واستباحت جحافلهم ارضنا ،وارسلوا قذائفهم الى داخل بيوتنا ،ووسط شوارعنا ،وأزقتنا ،ولم ترحم نساءنا و أطفالنا او تشفق على شيوخنا ،وعجزنتا !..انها كارثة بكل ما تعنيه الكلمة ان نستسلم للأمر الواقع ،ونتجرع نفس الكاس بحجة الخيارات المتاحة!..ماذا سنقول (لمكالفنا)،وأين سنهرب من دموع أمهات الشهداء،ومن نظرات طفلة صغيرة تسألنا عن دم أبيها او أخيها او عمها او خالها؟!..اذا لم نحترم تضحياتنا ،فلا نتوقع بان يحترمنا الاخرون ،وستلاحقنا لعنة التاريخ الى قبورنا. شعب الجنوب العظيم يؤمن بان الساحات هي ضميره ،وصوته ،وان قضيته قدره،ولايمكن ان تختزل في موقف شخص او جنوبية قائد. تصادف ذكرى استقلال الجنوب يوم الشهيد في دولة الإمارات ،ونجدها مناسبة لكي ننحني احتراما لحكام هذه الدولة،وشعبها الذين لم يبخلوا بدماء أبنائهم التي امتزجت بتراب هذه الأرض.