فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستراتيجية الامريكية الجديدة في العالم الاسلامي |
نشر في يمن لايف يوم 14 - 10 - 2013

لا شكّ أن الخطط الأمريكية تجاه العالم الإسلامي، الذي تدعوه الشرق الأوسط عندما تريد تخصيص الدول العربية وبعض الدول الأخرى في محيطها" تعدّدت وتنوّعت على مر السنين لتتلاءم مع التغيرات التي تطرأ على المنطقة بين الحين والآخر، لكنّها في جميع الأحوال والظروف حافظت على عاملين اثنين أساسيين اعتبرتهما كثوابت في جميع هذه الاستراتيجيات، وخطّا أحمر يمس الأمن القومي الأمريكي:
العامل الأول هو: حماية أمن إسرائيل ودعمها بأي ثمن.
العامل الثاني هو: تأمين النفط والمصالح الاستراتيجية الأمريكية الأخرى.
و على العموم فإنّ الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة يمكن تلمّس معالمها من خلال الأدوار التي لعبتها أمريكا في أفغانستان والعراق ومن خلال الأدوار التي تلعبها مؤخرا بمساعدة أوروبا في عدد من الملفات، سواء في سوريا أو لبنان أو فلسطين أو مصر أو الخليج العربي وتركيا، وهذه الاستراتيجية تقوم على ثلاث ركائز أساسيّة، هي:
أولا: دعم الأقليّات في المنطقة وفي كثير من الأحيان على حساب الأغلبية. (مع أننا لا نؤمن بمبدأ الأقليّة والأكثريّة بشكل عام؛ لأنّ الأكثرية إن كانت فاسدة أو غير مؤمنة على سبيل المثال فلا خير فيها إذن، ولكننا نقول هذا من موقع الجدل حول الأقلية والأكثرية حسب المفهوم الأمريكي).
ثانيا: تحجيم نفوذ الدول الكبرى تقليديا مثل مصر والسعودية (بالرغم من تبوعها استخبارتيا للامريكان ) وسوريا والعراق، والحرص ألا تمتد دائرة نفوذهم خارج إطار دولهم، سواء سياسيا أو عسكريا أو حتى اقتصاديا في بعض الأحيان، وذلك لأهداف عديدة سنذكرها في إطار عرض النقطة كما سيأتي لاحقا.
ثالثا: استغلال من تدعوهم أمريكا بالإسلاميين المعتدلين، وذلك لكي تنفّذ ما تصبو إليه تحت شعار الحوار والتقارب والانفتاح على الآخر، الذي تذكّرته فجأة بعد حوالي 60 سنة قضتها في المنطقة وهي تحارب الإسلام والمسلمين ومازالت.
دعم الأقليّات على حساب الأغلبية:
إن مسألة التلاعب أو التحكّم بورقة الأقليّات وحقوق الإنسان مسألة معروفة قديما في العرف السياسي الأمريكي الخارجي، وهذا الأسلوب يظهر الولايات المتّحدة بمظهر المدافع عن حقوق البشر وتوجّهاتهم في وقت تعاني هي أصلا فيه من عنصرية بغيضة تجاه الأقليات سواء العرقية أو القوميّة. على العموم الخطة الأمريكية الجديدة تقوم على استعمال ورقة الأقليات لزعزعة استقرار ووحدة الدول القائمة في الشرق الأوسط لاسيما أن لهذه الورقة قوّة كبيرة وقد تؤدي إلى مواجهات عنيفة تتفكك على إثرها الدولة إلى دويلات طائفية وعرقية أو تضعف الدول كثيرا في أحسن الأحوال؛ لأنّ الدولة في الشرق الأوسط بطبيعتها الحاليّة ومنذ انهيار الدولة العثمانيّة هي دولة قوميّة بالأساس وتضم عددا كبيرا ومتنوعا من الأعراف والطوائف والقوميات.
و بطبيعة الحال فإن الدول التي تحويها القائمة الأمريكية في هذا المجال هي الدول الأكثر تنوعاً وامتزاجا مثل: العراق، أفغانستان، السودان، الجزائر، لبنان...إلخ وذلك من أجل إعادة صياغة الواقع العرقي والطائفي والقومي وفق تركيبة تناسب المخططات الأمريكية التي تهدف إلى تحقيق عدة أهداف منها:
أولا: إضعاف الدولة القوميّة التي لديها حساسية كبيرة بطبيعة الحال تجاه التدخلات الخارجية في شؤونها وهو ما سيسهّل عملية الاختراق الأمريكية للدول التي تأبى الانصياع لما تريده أو التي ترفض التغيير بحسب الوصفة المقدّمة على الطريقة الأمريكية.
ثانيا: ضمان عدم التحام هذه الأقليات والطوائف والأعراق، وضمان عدم ذوبانها أو على الأقل انسجامها مع الأغلبية في أي بلد من بلدان الشرق الأوسط في أي إطار جامع على الشكل الذي كانت فيه منذ قرون لضمان أنها ستكون بحاجة إلى مساعدة خارجية، وكل ذلك من أجل أن تبقى هذه الأقليات برميل بارود يمكن تفجيره في الوقت الذي تراه القوى الغربية مناسبا وبالتالي أمريكا ستكون جاهزة للتدخل في أي مكان وزمان تراه مناسبا في أي بلد من هذه البلدان إذا رأت أن ذلك لمصلحتها، وبحجّة الحماية بطبيعة الحال. وإن لم يكن ذلك في مصلحتها فلا هي ترى ولا تسمع ولا تتكلم.
ثالثا: أن الهدف أيضا من ورقة الأقليات هو تبرير وجود إسرائيل وتوسيع رقعة المشاكل والنزاعات الإقليمية الداخلية العرقيّة والقوميّة لإشغال العالم العربي والإسلامي وشعوب هذه الدول بالمشاكل الداخلية المستجدّة لديهم والمخاطر التي تتهدّد بلدانهم المعرضّة آنذاك للتفتيت والتقسيم، بمعنى تقسيم المقسّم أصلا وتجزئة المجزأ بعدا حتى تصبح القضيّة الفلسطينيّة في آخر اهتمامات الشارع الإسلامي والدول الإسلامية ، هذا إنْ تذكّرها بعد ذلك أحد، وبالتالي تنعم "إسرائيل" بما هي فيه.
رابعا: الهدف أيضا من نفس الموضوع هو إفساح المجال أمام إسرائيل للدخول والتغلغل في هذه الدول عبر الأقليّات سواء القومية أو الطائفية أو العرقية ولنا في أكراد العراق وشيعته مثال على ذلك، إذ إنّ الدولة المدمّرة أو المفتّتة أو التي يتم إضعافها عبر ورقة الأقليات سيكون من السهل على إسرائيل اختراقها كما حدث أيضا في جنوب السودان.
تحجيم نفوذ الدول الكبرى في المنطقة:
ترتكز الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة, في شقّها الثاني على تحجيم نفوذ الدول الكبرى تقليديا في المنطقة مثل:
- السعوديّة: التي من المفترض أن تشمل دائرة نفوذها الإقليمية على الأقل دول الخليج العربي وذلك لاعتبارات اقتصادية وديمغرافية وجغرافيّة وعسكرية.....إلخ.
- مصر: التي من المفترض أن تشمل دائرة نفوذها أو دائرة تأثيرها أيضا منطقة شمالي أفريقيا والسودان وفلسطين على الأقل وذلك أيضا لأسباب ديمغرافيّة، اقتصاديّة، تاريخيّة...إلخ.
- سوريا والعراق: حيث تمتد دائرة نفوذ الدولتين إلى الدول المجاورة لهم، سواء لبنان وفلسطين بالنسبة إلى سوريا أو الأردن والخليج بالنسبة للعراق، بالإضافة إلى عدد آخر من الدول الكبيرة أيضا التي لم نذكرها.
و نلاحظ أنّ الولايات المتّحدة قد لجأت إلى هذه الخطّة في تحجيم نفوذ الدول الكبرى نظرا للتعقيدات الكثيرة والتشابكات الكبيرة التي تتركها دائرة نفوذ مثل هذه الدول الكبرى على الدول الأخرى ممّا من شأنه أن يحد من التدخّل الأمريكي بحيث يصعّب على الولايات المتّحدة التدخل في أي موضوع أو ملف لأي دولة تكون لهذه الدول الكبرى نفوذ فيها، إذ إنّ الأمر آنذاك سيتطلب من الولايات المتّحدة جهدا مضاعفا ووقتا مضاعفا وتباحثا مع جميع الأطراف، وربما جوائز ترضية للدول الكبرى وربما قد تفشل في النهاية للوصول إلى هدفها أو قد تصل إليه بصعوبة.
لكن عندما تكون دائرة نفوذ كل دولة محصور في إطارها الداخلي فقط فإنّ ذلك يفيد الولايات المتّحدة من عدّة جوانب:
أولا: يسهّل ذلك على الولايات المتّحدة مهمّة التدخل بشؤون أي دولة دون تعقيدات تذكر حيث تصبح العلاقة مباشرة وفردية بين الولايات المتّحدة والدول الأخرى، وبطبيعة الحال فإنّ الدول الأخرى في غالبها دول صغيرة وضعيفة ولا حول ولا قوّة لها في وجه الإملاءات الأمريكية حتى لو أرادت فعلا رفض ما يملى عليها.
ثانيا: أن تحجيم النفوذ يؤمن الاستفراد بالدول الواحدة تلو الأخرى دون أن يكون لها أي حليف أو نصير، وبالتالي فإنّ الملف يصبح أسهل والنتائج أضمن والإملاءات والشروط أكبر والتهديدات بالعقوبات والعمليات العسكرية في حال عدم التنفيذ أجدى.
و يمكن ملاحظة ذلك في ثلاث حالات واضحة وصريحة، منها:
1- السودان حيث تمّ عزله عن محيطه العربي وترك لوحده في مواجهة أمريكا والقوى الدولية وتمّ عزل مصر عن الملف إلى أن وصلت الأوضاع إلى ما وصلت إليه الآن وبعد فوات الأوان، ونرى التهديدات والعقوبات الأمريكية والأممية واضحة لأي مراقب.
2- العراق وقد تمّ أيضا عزله ومحاصرته وقصفه وتدميره وتحجيم نفوذه إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن من خراب ودمار وانهيار نتيجة عدم تنفيذ الإملاءات والشروط الأمريكية.
3- سوريا، وقد بدا الأسلوب الذي نتحدث عنه عن تحجيم النفوذ واضحا في هذه الحالة ولا يحتاج إلى شرح حيث أصبحت قدرة الولايات المتّحدة على التدخل في الملف اللبناني أكبر بكثير وتمّ تحجيم النفوذ السوري فيه، وبالطبع فسيف التهديدات لم ينته بعد وسلسلة الطالب من سوريا تجاه العراق ولبنان وفلسطين تكبر يوما بعد يوم بانتظار التنفيذ الكامل وإلاّ.
الحوار والتقارب مع الإسلاميين من أجل استغلالهم:
إن هذا الموضوع أشبه بعملية تبييض الأموال غير المشروعة، فالولايات المتّحدة نريد تغيير المنطقة وتعلم أن القوى الإسلامية هي المسيطرة على الشارع، وبالتالي لا يمكن القيام بأي تغيير يحظى بالمصداقيّة والاستمرارية إلاّ إذا تمّ الحصول على ختم الإسلاميين عليه من أجل شرعنته، وبناءً على ذلك فأمريكا تحاول استغلال من تدعوهم "بالمعتدلين" من أجل تمرير مخطّطاتها.
ومن هذا المنطلق فقد طرحت الإدارة الأمريكية منذ مدّة ليست ببعيدة موضوع الحوار مع الإسلاميين على طاولة البحث والتمحيص وتناولت العديد من مراكز الدراسات والفكر الأمريكية هذا الموضوع وكل من وجهة نظره الخاصّة، فيما لم تقف الإدارة الأمريكية عند هذا الحد بل تعدّته لفتح قنوات اتّصال مباشرة وغير مباشرة مع شرائح من المسلمين.
فإذا كان هناك حوار وتقارب بين أمريكا والإسلاميين، فما هو الهدف منه؟ ولصالح من هذا الحوار والتقارب؟ وعلى حساب ماذا؟ وماذا سيحقق في النهاية؟
في إطار الإجابة على هذه التساؤلات لا بدّ من تذكير الباحثين والقرّاء بالعودة إلى تقرير ل "راند"(*) صدر في فبراير 2004 ويعد بمثابة استراتيجية أمريكية للتعامل مع المسلمين وهو على درجة عالية من الأهمية وفيه الكثير من الإجابات عن خفايا التوجهات الأمريكية تجاه المسلمين والتقرير بعنوان: "الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء والموارد والاستراتيجيات".
ويرى التقرير أنّه لا يمكن إحداث الإصلاح المطلوب من دون فهم طبيعة الإسلام في المنطقة الذي يقف سدا منيعا أمام محاولات التغيير، وأنّ الحل يكمن في النظر إلى المسلمين عبر أربع فئات هي : مسلمين أصوليين، مسلمين تقليديين، مسلمين حداثيين، مسلمين علمانيين.
- فيما يتعلّق بالأصوليين: تقول "راند" يجب محاربتهم واستئصالهم والقضاء عليهم وأفضلهم هو ميّتهم؛ لأنّهم يعادون الديمقراطية والغرب ويتمسكون بما يسمى الجهاد وبالتفسير الدقيق للقرآن، وأنهم يريدون أن يعيدوا الخلافة الإسلامية، ويجب الحذر منهم؛ لأنّهم لا يعارضون استخدام الوسائل الحديثة والعلم في تحقيق أهدافهم وهم قويوا الحجّة والمجادلة.
ويدخل في هذا الباب ما يسمى السلفيون ( الاخوانيون ) واتباع تنظيم القاعدة والموالين لهم والمتعاطفين معهم و"الوّهابيون" كما يقول التقرير والغريب إنّهم أدرجوا أيضا حزب التحرير الإسلامي فقط ؛ لأنّه كما يقولون يسعى لإقامة الخلافة الاسلامية من جديد !!على الرغم من أنّه لم نرى أعمال عنف ارتكبها وعلى الرغم من أنّه يكاد يكون الفصيل الوحيد الذي يمتلك منهاجا سياسيا واضحا ودستورا قائما على الإسلام "رغم مآخذ الكثيرين عليه".
- فيما يتعلق بالتقليديين: تقول "راند": يجب عدم إتاحة أي فرصة لهم للتحالف مع الأصوليين ويجب دعمهم وتثقيفهم ليشككوا بمبادئ الأصوليين وليصلوا إلى مستواهم في الحجّة والمجادلة وفي هذا الإطار يجب تشجيع الاتجاهات الصوفية وبالتالي الشيعية (يقول ابن خلدون لولا التشيع لما كان التصوف) ويجب دعم ونشر الفتاوى "الحنفية" لتقف في مقابل "الحنبلية" التي ترتكز عليها "الوهابية" وأفكار القاعدة وغيرها مع التشديد على دعم الفئة المنفتحة من هؤلاء التقليديين.
ويدخل في هذا الباب بطبيعة الحال الإخوان المسلمون والصوفية والشيعة ومن يراهم الأمريكيون "المعتدلين الآخرين" الذين يقبلوا الحوار والتقارب على اعتبار أن التقرير يعرّف التقليديين والإسلام التقليدي يتضمن عوامل ديمقراطية ويمكن من خلالها مواجهة وصد "الإسلام الأصولي" ولكنهم لا يمثلون وسيلة ملائمة أو دافع لتحقيق "الإسلام الديمقراطي" على اعتبار أن هذا الدور يجب أن يقع على عاتق الكاهل الإسلاميين العصرانيين (الحداثيين) الذين يعترض طريقهم وفعاليتهم عوائق وقيود كثيرة تحدّ من تأثيرهم.
لذلك يجب أن ندعم التقليديين ضدّ الأصوليين لنظهر لجموع المسلمين والمتدينين والى الشباب والمسلمين في الغرب والى النساء ما يلي عن الأصوليين:
1- دحض نظرّيتهم عن الإسلام وعن تفوقه وقدرته.
2- إظهار علاقات واتصالات مشبوهة لهم وغير قانونية.
3- نشر العواقب الوخيمة لأعمال العنف التي يتخذونها.
4- إظهار هشاشة قدرتهم في الحكم وتخلّفهم.
5- تغذية عوامل الفرقة بينهم.
6- دفع الصحفيين للبحث عن جميع المعلومات والوسائل التي تشوه سمعتهم وفسادهم ونفاقهم وسوء أدبهم وقلّة إيمانهم.
7- تجنب إظهار أي بادرة احترام لهم ولأعمالهم أو إظهارهم كأبطال وإنما كجبناء ومخبولين وقتلة ومجرمين كي لا يجتذبوا أحدا للتعاطف معهم..... نكتفي بهذا العرض.
هذا ولن نستطيع أن نرى من خلال الاستراتيجية الأمريكية التي عرضناها أن المستهدف من الحوار هم المسلمون التقليديون الذين يوصفون بالمعتدلين ممثلين بالإخوان والمتصوفة والشيعة, وأنّ الهدف من هذا الحوار بكل اختصار: استخدام هؤلاء المسلمين لضرب الأصوليين والاستغناء عنهم فيما بعد عند نجاح المهمة لصالح الحداثيين والعلمانيين أو ما يمكن تسميته بالإسلام الليبرالي الأمريكي، وهذا ما من شأنه أن يوسّع خيارات الولايات المتحدة في التعامل مع العالم الإسلامي واللعب على التناقضات دون أن ننسى ابتزازهم لأصدقائهم من الديكتاتوريات العربية بالتلويح بورقة الإسلاميين المعتدلين كبديل لهم لتقديم المزيد من التنازلات و"الانبطاحات".
وقد نجحت تجربة الولايات المتّحدة الأمريكية وحتى الآن في الحوار مع الشيعة، سوءاً من فوق الطاولة أو من تحتها، وذلك واضح في العراق وله ذيول في إيران ولبنان أيضا تتكشّف بين الحين والآخر، أما المتصوفّة فكانت البداية مذهلة معهم في تركيا إلا أنّه يبدو أنهم أدركوا أنّهم لم يكونوا المتصوفة الذين يرجوهم.
وعلى العموم فإنه لا يمكن فهم التصريحات الأمريكية التي نقلت في الآونة الأخيرة من أنّ (وزيرة الخارجية) كشفت عن اقتناع الولايات المتحدة بأهمية التحاور مع الإسلاميين في المنطقة العربية، وأنها لا تخشى من وصول تيارات إسلامية إلى السلطة، وأنها لم تكن وحدها التي صرحت بهذا، فقد قال ريتشارد هاس (مدير إدارة التخطيط السياسي بالوزارة نفسها): إن الولايات المتحدة لا تخشى وصول تيارات إسلامية إلى السلطة لتحل محل الأنظمة القمعية العربية التي"تتسبب بتكميمها الأفواه في اندلاع أعمال الإرهاب، شريطة أن تصل عن طريق ديمقراطي وأن تتبنى الديمقراطية كوسيلة للحكم.] إلا في إطار الاستراتيجية البرغماتية الأمريكية والتي تتناقض مع ما توصّل إليه البعض من أنّ الحوار مع الإسلاميين يعود إلى:
1- رغبة الأمريكيين في التعرف أكثر على طبيعة هذه الحركات الإسلامية التي ظلت إلى عهد قريب مجهولة بالنسبة لها .
2- حاجة الولايات الماسة إلى تحسين صورتها في العالم الإسلامي بعد موجة الكراهية التي سادت، خاصة بعد الحرب على العراق وأفغانستان. (الجميع يعرف أن هذا النوع من الحوار يهدف إلى تصديع الصف الداخلي كما بيّنا واستغلال التناقضات، وليس من شأنه أن يحسّن أي شي من صورة الولايات المتّحدة بل سيزيد من وصفها بالنفاق والاستغلال على اعتبار أنها تسعى لإبقاء صلة وصل مع الديكتاتوريات الخليجية وهذه الحركات على حد سواء لاستخدام أي منها عند الحاجة).
و حتى يستجد شيء آخر يعرقل من هذه الاستراتيجية الأمريكية المتكاملة، فإنّ السيناريو مستمر وباقٍ إلى أجل لا ينتهي إلا بوصول الولايات المتّحدة إلى ما تريد.
-----------------------------------------------------------
إعداد و تحليل / مسعود سعيد عامر
قسم البحوث و الدراسات السياسية و الإستراتيجية
منظمة شباب العميد
======================================
(*) راند: مؤسسة بحثية تأسست عام 1948، ولها نفوذ كبير وتأثير عالٍ على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، ولها علاقات وروابط مع وزارة الدفاع الأمريكية فهي تشرف على ثلاث مراكز أبحاث تمولها وزارة الدفاع، إذ غالبا ما يتم العمل بتوجيهاتها بناءً على التقارير والأبحاث التي تقدمها للإدارة الأمريكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.