قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أمس، نقلاً عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية، إنهم لاحظوا انشقاقات من القاعدة في اليمن وأفريقيا والانضمام إلى ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وقال مسؤولون أمريكيون للصحيفة، إن وكالات التجسس الأمريكية، بدأت تراقب مقاتلين منتسبين للقاعدة في اليمن وأفريقيا يتخلون عن تنظيمهم وينضمون إلى جماعة إسلامية منافسة سيطرت على قطاعات في العراقوسوريا واستهدفتها الضربات الجوية الأمريكية مؤخراً.
وينظر إلى هذه الحركة من قبل المحللين الأمريكيين في مكافحة الإرهاب باعتباره مؤشراً مقلقاً لتوسع الجماعة والمعروفة باسم الدولة الإسلامية، والتي اجتاحت القوات العسكرية في المنطقة وربما تنظر إلى نفسها على أنها في صراع مباشر مع الولاياتالمتحدة.
وقال مسؤول أمريكي يمكنه الوصول إلى تقديرات استخباراتية سرية "لقد انشقت جماعة صغيرة من منتسبي القاعدة وانضمت إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وأضاف: "من المحتمل أن تصبح هذه المشكلة أكثر حدة مع احتفاظ الدولة الإسلامية بانتصاراتها".
وعزز تدفق المقاتلين إلى الجماعة باعتبارها قوة تهديد فعلية في الشرق الأوسط، بعد أن أطاحت بسلسلة مدن عراقية من خلال هجمات سريعة وواسعة، ولم تتمكن القوات الأمنية الرسمية من تحجيم مسارها أو الرد عليها أو فعل أي شيء باستثناء التقهقر.
ويعزو مسؤولون أمريكيون الظهور السريع لنجم الجماعة إلى عوامل نفسية وتكتيكية لديها، ومنها شحذ وتمرن المجموعة الأساسية التي تشكل منها التنظيم مهاراتهم في قتالهم ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد والولاياتالمتحدة عندما احتلت العراق، واستخدمت هذه الجماعة الفديات والغارات لتوفير الأسلحة والنقود، وأثارت سمعتها في كونها جماعة لا ترحم الانشقاقات التي تفشت بين أفراد الطائفة السنية المنضوين في قوات الأمن العراقية، والذي عمل على تحرر كامل لهم من الحكومة التي تقودها الطائفة الشيعية في بغداد.
وإلى قبل هجومها على مناطق كردية في شمال العراق هذا الشهر، قال محللون إن الدولة الإسلامية ظهرت متسرعة في سعيها للحصول على الأراضي والمجندين، مع القليل من الصبر الذي تحتاجه المخططات الإرهابية المعقدة والتي تأخذ الكثير من الوقت يفضلها تنظيم القاعدة.
ويراقب المحللون في مكافحة الإرهاب ووكالة الاستخبارات المركزية والوكالات الأخرى أي مؤشر على فك الارتباط مع القاعدة بشكل كامل، أو أن أياً من كبار قادة التنظيم على استعداد للانتقال للدولة الإسلامية، ولكن المسؤولين قالوا إنهم بدأوا يشاهدون مؤشرات على مثل هذا التطور.
وأثارت الضربات الجوية الأمريكية، أسئلة جديدة، منها ما إذا كانت هذه الضربات ستضر بقدرة الدولة الإسلامية في استقطاب المجندين أو التأثير على مكانتها بين المسلحين. "وقال مسؤول أمريكي كبير خدم في مكافحة الإرهاب –تحدث مثل نظرائه شريطة عدم الكشف عن اسمه- "لا أدري هل ستغلق هذا التدفق أم ستزيده؟" وأشار إلى أن العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان وأماكن أخرى شلت من قدرة تنظيم القاعدة، ولكن أيضاً حشدت الأصوات ضد الولاياتالمتحدة.
وأعرب مسؤولون أمريكيون عن قلقهم من الدولة الإسلامية على المدى الطويل، والتي ركزت إلى الآن هدفها على إعادة تأسيس الخلافة الإسلامية، وربما وضع حالياً تركيزاً أكبر على تنفيذ الهجمات ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها.
وكان الرئيس أوباما، حذراً، لتصوير الضربات كجزء من مهمة إنسانية لحماية المدنيين العراقيين المهددين بالتصفية، بما في ذلك أعضاء من الطائفة المسيحية، والمحاصرة مع إمدادات قليلة على قمة جبل في شمال العراق. وأشار أوباما أيضاً إلى وجود أفراد من القوات الأمريكية في المنطقة، لكنه امتنع عن الحديث عن هجوم واسع ضد الدولة الإسلامية.
ومع ذلك، أثارت هذه الضربات دعوات واسعة للانتقام بين الجماعات المتشددة على الأنترنت. وكتب، الجمعة، شخصية بارزة في منتدى شموخ الإسلام، الجهادي المعروف، أن الضربات الجوية يجب أن تدفع المقاتلين للتوحد ضد الولاياتالمتحدة.
وكتب الجهادي أبو العين الخرساني : "يجب على المجاهدين ضربهم، والعمل على تنفيذ عمليات استباقية في عقر دارهم، أمريكا، لتأديب أمريكا وجنودها". وفقاً لموقع "سايت" الاستخباراتي والذي يراقب الجماعات المتشددة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن من بين الانشقاقات التي تمت إلى الدولة الإسلامية، في المقام الأول، حدثت من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، والذي يتخذ من اليمن مقراً له.
وقال مسؤول كبير في مكافحة الإرهاب في الولاياتالمتحدة، "إنها لاتصل إلى النقطة التي تحدث فيها انشقاقات في الفروع، ولكن هذه الانشقاقات تسارعت وتيرتها في الأشهر الأخيرة". وقال المسؤول إن هذه الانشقاقات طالت مقاتلين في ليبيا وأماكن أخرى لم تكن رسمياً جزءًا من القاعدة.
ويقدر المسؤولون الأمريكيون أن الدولة الإسلامية لديها ما يصل إلى 10000 مقاتل، ومنهم 3000 إلى 5000 مقاتل من بلدان خارج العراقوسوريا. وقد ازداد عددهم مع الحرب الأهلية في سوريا والذي سهل لهم الوصول إليه من الشرق الأوسط وأوروبا.
وكان قائد تنظيم القاعدة في اليمن، ناصر الوحيشي، قد كتب رسائل إلى قاداته في التنظيم، حذر فيها من التسرع في إعلان الحكم الإسلامي، في القرى الصغيرة، تخوفاً من الفشل على الأرض أو في فرض الشريعة الإسلامية من شأنه أن يقوض علاقاتهم بالسكان المحليين.