لمعاناة المغتربين اليمنيين , حكايات يشيب لها الرأس بعد ان شاءت لهم الاقدار ان يكونوا في بلدان الاغتراب بحثا عن فرص العمل مفارقين أهلهم ووطنهم راحلون إلى المجهول إلى أجل مسمى ، أو غير مسمى . ونخص في هذا التقرير معاناة المغتربين اليمنيين في الدولة الجارة والشقيقة لليمن , المملكة العربية السعودية والتي تعتبر اكثر دولة حاضنة لأكبر عدد من العمالة اليمنية منذ سنوات وتضاعف عددهم بعد اندلاع الحرب الأخيرة والتي اجبرتهم الظروف الاقتصادية السيئة الى الاغتراب بالمملكة باحثين عن لقمة العيش بكرامة . لن نتحدث هنا عن مايلاقيه المغتربون اليمنيون من معاناة لفراق عوائلهم واطفالهم او معاناتهم مع نظام الكفالة والكفيل , وانما سنتحدث عن معاناة وقيود جديدة لم تكن في حسبانهم ولم تخطر في بالهم , وهم يجمعون او يتدينون قيمة الفيزا للحصول على تأشيرة عمل, وهي اغلاق كثير من فرص العمل, التي كان يمتهنها اليمنيين , بسبب سعودتها وخصخصتها للسعوديين فقط . هذه المعاناة لخصها احد المغتربين في رحلة تنقله من عمل الى آخر , وكلما استقر في عمل جديد تأتيه صفعة قرار سعودته ليغادره مكبلا بالخسائر ويبدأ في رحلة جديدة للبحث عن عمل لم يطاله السعودة . وبدأت معاناة المغترب مهندس صيانة الجوالات " هايل الغزي " مبكراً من أرض الوطن عندما اضطر الى بيع محله للجوالات في صنعاء بعد سيطرة الحوثيين وانهيار الاقتصاد وتوقفت الاعمال حتى عجز عن ايجار المحل ليقرر التوجه الى السعودية لغرض العمل . ويسرد " هايل " ل "المشهد اليمني " قصته ويقول " بعد ما استولى الحوثيين على صنعاء وباقي المحافظات ودمروا كل جميل في وطني قررت الرحيل , ولكن الرحيل كان صعب فدخلت السعودية عبر تأشيرة مرور حصلت عليها في المنفذ وهي مؤقته فقط , ودخلت وانا شبه مجهول ومن ثم حصلت على عمل عند شركة مقاولات في مدينة جده , لمدة سته اشهر بدون أي مرتب واكتفوا بأعطائي مصاريف يوميه عشرة ريال , وكنت مثل السجين لا استطيع الخروج بسبب نظام الاقامة , وبالأخير جاءت هوية زائر وكانت بمثابة لي مثل الذي تم اطلاقة من السجن وتركت هذا الشركة وتوجهت الى جوازات جدة وحصلت على جواز ومن ثم على هوية زائر. ويكمل "هائل" حديثه ويقول :" وبعد حصولي على هوية زائر توجهت الى الأحساء للعمل في صيانة الجوال ودخلت في الجوالات والعمل بها, مع شخص سعودي وفتحنا محل , فجاء القرار الصادر بسعودة مهنة الجوالات بكل تبعياتها وهي مهنتي الرئيسية الذي اتقنها ، فتركنا الجوالات والتزمنا بالنظام والقانون! وقال "هايل" ل"المشهد اليمني" لم استسلم برغم الخسائر , وبعد تفكير وانتظار توجهت صوب بيع الخضار والفواكه وقررنا ان نكون اقوى من تقلبات الحياة ولكن هناك مضايقات كثيرة واجهتنا من بينها القرار الصادر بأحتكار مهنة الخضار والفواكه للسعوديين ... ويضيف "هايل" لم نمل ، ولم ننهزم رغم الخسائر الذي تعرضنا لها ورغم الجراح الذي نزل بنا بسبب هده التقلبات الذي طالتنا وقررنا الهروب الى المولات الكبيرة والملابس النسائية، وكنا نتوقع ان القرارات والسعودة لن تطالنا الى هناك ولكنها سرعان من صوبت سهامها نحونا وكأنها تقول أنت المطلوب أنت المطلوب سلم نفسك ؟ و بدأ الان "هايل" في عمل جديد في احدى البوفيهات للأكلات السريعة , ويقول لن نستسلم مهما أصابنا وسنناضل وسنحافظ على كل ما تعلمناه , وسأفتح لي ورشة صيانة جوالات يوما ما ولن اترك مهنتي وسأزاولها بأذن الله في مكان اخر غير السعودية . ويختم "هايل" سرد قصته بقوله "لا أعلم أهي صدف الحياة أم هو النحس محلق بنا ؟ ها نحن اليوم نبحث عن مهنه لا يمتهنها السعوديين كي نسلم من السعودة وتبعاتها " , ويقول ان معاناته هي معاناة كل يمني يريد البحث عن لقمة العيش الحلال . مآسي ومعاناة كبيرة وكثيرة للمغتربين اليمنيين لا يمكن تلخيصها هنا , لكن نناشد بإيجاد حل سريع للمغتربين اليمنيين ونخص بالمناشدة كل الجهات المسؤولة والحكومة اليمنية , التي فشلت في تحسين الوضع الاقتصادي داخل البلد , قبل وبعد الحرب وحتى في المناطق المحررة ,وفشلت في توظيف القوة البشرية او في تحسين وضع المغتربين اليمنيين في ارض الغربة والشتات , وفشلت في تحديد عقود عملهم وتحديد أجورهم وترتيب وضعهم بالطريقة الأمثل , اسوة بباقي الدول التي حافظت على حقوق مواطنيها في بلدان الاغتراب.