د/ محمد عبدالملك المتوكل كان أستاذي الحر.. علمني من المهم الكثير.. كان أول من علمنا في قسم العلوم السياسية كيف نفكر بحرية وبأن ننتقد بأصول وبأن نناقش بعقولنا، لم يكن متكلماً ولم يكن متمرداً بل كان مناضلاً ومفكراً ومعلماً. لا أعرف لماذا يتسمر قلمي بين كل هذا الغبن وبكل هذا الخرس.. ربما الفجيعة.. ربما البكاء... ربما رحيل هذه القامة التي أشرقت على فجري وأنارت لي في الدرب الضياء.. هكذا بدون موعد أو وداع! وبعدها مرت سنوات ليتحدث معي بتواضعه كصديق.. نعم اختلفت معه في أشياء وكان يبتسم بكل فخر وبكل روح الأب المعلم.. أفتش بين مناهله عن فن الرزانة في التعاطي والرويّة في النقد ...وكان يترصد بكل عطف وإعجاب في حديثي عن أصالة تتحلى بمنطق العصر وصوت التلميذ العنيد الذي وثق به.. كان عملاقاً بشخصه وزهده ودرايته الغزيرة! أوووووواه يا وجعي.. قتلوك يا "سقراط اليمن".. قتلك الجبناء.. قتلك عبيد الرجس والإرهاب! سأغادر لحظتي العاطفية هذه لأتحدث عن مسيرة استشهاد هذا المناضل المعلم، لن أقرأ عليه الفاتحة باكياً في غرف الخوف متوشحاً بالخشية على نفسي وبتهويل هذا السفاح الخسيس الذي قتل ويقتل ويفتي ويقرأ القرآن ويريد أن يحكم!.. فالقاتل الإرهابي بدأ مسيرته الحقيرة باغتيال "جارالله عمر" متهيئاً لاستعباد المشترك وشراء المعارضة وانتهي به الأمر باغتيال "محمد عبدالملك المتوكل" منهاراً بين الفرار والانتقام بمزيد من الإرهاب والترهيب، نعم لقد بدأت الصورة الآن أوضح من أي وقت مضى... الآن تساقطت كل قطع المؤامرة الطويلة في أماكنها الطبيعية من تلقاء نفسها، لتصرخ باسم القاتل والإرهابي لكل من يريد أن يعرف! كانت أول محاولة لاغتيال للدكتور/محمد المتوكل (الذي تجاوز عمره منتصف العقد الثامن) في العام 2011م في أول حادثة للدراجات النارية "الموترات" في ظروف غامضة حينها في صنعاء، وذلك عقب معارضته لسير المشترك العبودي خلف حميد الأحمر وعلي محسن الأحمر عقب اندلاع حركة التغيير، وتم إسعافه لمستشفى العلوم والتكنولوجيا دون أي اهتمام به... وظل مهملاً من جميع قيادات المشترك ومليارديراته لأكثر من أسبوع رغم حالته الحرجة حينها التي كانت تستدعي السفر إلى الخارج، حتى جاءت توجيهات من الرئيس السابق "صالح" حينها بإخراجه على وجه السرعة من المستشفى وبأن يتم علاجه بالخارج.. وظل وقتئذ في رحلة علاجية لعدة أشهر! عندما عاد للبلاد التقيته للمرة الأولى في فعالية تمت في السفارة الإسبانية في صنعاء فسلمت عليه وعانقته بين ابتساماته المعهودة منه ..هامساً في أذنه "حمدا لله على السلامة يا أستاذي.. من هم؟". شد على يدي حينها بحرارة.. رد ساخراً بكل ما حملته عيناه وملامحه وابتسامته من استياء "قلك هو موتور يا عادل!!!" وقرأت من عينيه ..لا تفتح هذا الموضوع! وبعد ربع ساعة تقريباً التقيته بين زحام المناسبة وقلت له "شفت أننا خدعنا يا دكتور؟" (لأنه كان يختلف معي أو يخاف عليّ في الساحة في بداية الأمر حول تأكيدي على خلو المشهد من أي ثورة وبأن هناك مؤامرة تحجب أي تغيير وطني حقيقي) فهز رأسه ورد علي ساخراً مرة أخرى قائلاً: "قلنا لك: هو موتر يا عادل"..! إن الطلقات التي أرسلها القاتل المنهار والتي قتلت الشهيد الدكتور المتوكل لن ترعب إلا عشاق الحقائب.. بائعي الوطن ..جواري المراكز ..وللعلم أنه في هذا اليوم ومع اغتيال د/ محمد عبدالملك المتوكل القيادي في حزب اتحاد القوى الشعبية اليمني.. نستطيع القول بأن الأحزاب السياسية اليمنية كلها قد امتلكت قائمة لشهداء الاغتيال والإرهاب فيما عدا حزب الإخوان "التجمع اليمني للإصلاح" فمازالت صفوفه القيادية خالية من الشهادة وتغص رغم كل بيانات النفاق بالقتلة! نعم، وحدها القوى المنافقة التي لا تبني عروشها إلا على الظلام والعمالة والنفاق وتحريف التدين والدين.. وحدها خفافيش الظلام التي تغتال كل مصباح في الظلام وبكل خسة.. متخفية خلف جبروت النفاق ولحى التدين والثورة المتصهينة ومحمية بسفراء أجانب يوفرون لهم الحماية بدعوى التسوية والمصطلحات الداجنة! أما هؤلاء المنافقون الذين يبكون مثلنا على ضحايا إرهابهم وأسيادهم، علّهم يمنحوا أسيادهم البراءة.. وأولئك الذين يبحثون عن الأدلة بعد كل جريمة إرهابية لهم رفضاً لتوجيه التهم للقتلة.. أقول لهم خسئتم يا عيال الإرهاب فمن لا يشاهد الإرهاب اليوم فعلا وفاعلا فهو بصير يتعامى و أخرس كاذب أصم! وأخيراً: أيها القادة الجبناء.. يا أنتم في الرئاسة والساسة وقادة الجيش، إنكم تعلمون جيداً هوية القاتل، بل تعرفونه كما تعرفون أولادكم.. وإن لم تأخذوا بقصاصه سريعاً وبصورة مباشرة في قمة هيكل الإرهاب المقنع.. فأنتم قتلة بالتضامن.. جبناء بالرضاعة.. شركاء في كل قتيل وشهيد قادم.. تستحقون العار واللعنة والوقوف في طابور اللهو القاتل! أيها الجبناء أعلاه: لقد صارت الغابة أهون وأشرف من دولتكم المشلولة، ووحده القصاص المطلوب في هذه اللحظة ..أو فاللعنة من الله عليكم جميعاً يا جبناء!