ليست وحدها قناة العربية من يدير رحى معركة المقاومة الشعبية ضد (الاحتلال الحوثي) لليمن وتجعل من العمليات الإرهابية التي تنفذها القاعدة في رداع والعدين أو جبل راس نضالاً وطنياً ضد (المستعمر الفارسي) وجهاداً مقدساً لحماية حوزة السنة من هجمة (الروافض والمجوس) القادمين من صعدة، الكثير ممن يدخلون تحت مسمى النخب (مثقفين، ساسة، إعلاميين، رجال دين) يتحدثون أيضاً عن (الاحتلال الحوثي)، حتى أن العلمانيين يرفعون راية المذهبية بكل حماس في وجه هذا (الاحتلال). قليل من يتحاشى المذهبية والمناطقية في مواجهته على غرار فخامة الرئيس الذي اكتشف -مؤخراً- أن المؤسسة العسكرية هي المسئولة عن أمن المواطن والحرب على الإرهاب، وليس المليشيات الشعبية، وهو الذي افتتح حكمه بتشكيل اللجان الشعبية في أبين، ونشرها اليوم في عدن، وأولى الخبراء الأمريكيين والأردنيين تدمير المؤسسة العسكرية باسم الهيكلة، وأسند إلى مستشاره العسكري مهمة تفخيخها بآلاف الإرهابيين. القاعدة بدورها رفعت راية الدفاع عن السنة ونفذت مجموعة من الاغتيالات والإعدامات لعسكريين ومدنيين وعدد من عمليات السطو المسلح، ولم تنس أن تقصف الفراغ في منزل المساوى بقذائف "الآر بي جي" وتشعل النار في الكتب الموجودة فيه استشعاراً لخطورة الدور الذي يمكن أن يلعبه كتاب الطراز أو ديوان الأخطل الصغير والمنزل المغلق؛ في سقوط العدين تحت نير (الاستعمار الرافضي). أطرف ما في المشهد التحرري أنه ينطلق أو يتبنى تحرير المناطق التي لم تستعمر بعد. وأعجب ما في المشهد الجهادي ضد (روافض صعدة) أنه يقوم على السطو المسلح على البنوك وقتل الجنود في حضرموت وجبل راس وإعدام المدنيين في رداع وخبان. والقاسم المشترك في المشهدين هو الحرص على الكذب بدرجة من يخشى بفواته التلف ولكن هل هناك (احتلال حوثي)؟!! أو اجتياح رافضي؟! النفي أوضح من أن يُستدل عليه ولا يحتاج إلى قدرات خاصة لإدراكه، ومع ذلك سيصر (المناضلون) و(المجاهدون) على أن فيصل الأحمر وفارس الحباري محتلان للعصيمات وأرحب وأن أحمد حزام الذهب محتل لقيفة وزكريا المساوى محتل للعدين، وسيقسم رجال دين على المنابر وقتلة القاعدة وهم يذبحون الجنود أن السلفي عبدالواحد المروعي في إب ومفتي الشافعية سهل بن عقيل في تعز جزء من الاجتياح الرافضي للسنة. هناك من يرغب في التجييش لثاراته السياسية -ولا بد من هويات- بحشر المقاتلين تحت راياتها، وهناك جرائم شنيعة يبحث مرتكبوها عن مقدس يشرعن لهم الاستمرار في ارتكابها. وهناك مروان الغفوري وخالد الآنسي وأضرابهم من هواة النضال الآمن واجترار المظلوميات التاريخية وعلك المصطلحات والمرادفات الثورية. وتبقى الحقيقة في وسط كل هذا الهراء الدموي هي أن هناك مليشيات شعبية تقوم بوظائف دولة لو كانت موجودة لأغنتنا عنها.