اللجان الشعبية أو الحوثيون تحملوا الكثير وسطروا ملاحم قتالية أمام حلف عالمي يخوض حربه ببشاعة وغطرسة وبمختلف جرائم الحرب والقتال الخالي من الشرف.. شجاعة يعتز بها كل يمني واعٍ وشريف.. ولكنهم ليسوا الرهان الوحيد للنصر ولا يجب أن ينظروا لأنفسهم كذلك بحيث يدركون بأنهم غير مكتملين سياسيا واجتماعيا لتحمل كل شيء وغير ملزمين بمكابرة الانتحار المجاني أمام ما لا طاقة لهم به وأمام ما يتوجب القيام به لاحقا في ظل هذا العدوان الأمريكي السعودي الخبيث..! الخطاب الذاتي المفرط وتضخم الذات لم يكن موفقا منذ البداية، وفتح المجال أمام الكثير من أخطاء القرار الاستفزازية وشهوانية النصر على الخصوم من دون مراجعة نضوج واختمار متطلبات مواجهة ما يترتب عليه دكهم للإرهاب في ضوء منظومة الإرهاب ورعايتها الإقليمية ممثلة بالرياض والدولية ممثلة بواشنطن. أعجبني اليوم ما ذكره الإعلامي علي البخيتي من نصح عقلاني جدير بالتقدير أو ما أعتبره نقدا ذاتيا للحوثيين، ولكن لا يعني ذلك أن مراجعة التطرف الذي يصيب غالبية الحركات الوليدة في هكذا ظروف يلقي بها فجأة إلى هيمنة على أعالي السلطة -سهوا أو توريطا-بأننا ندعوهم إلى تفريط يجعلهم يتجرعون مرارة الانكسار أو الهزيمة على الإطلاق، بل على العكس المطلوب هنا هو مواصلة القتال ضد هذا العدوان الهائل وفق معطيات الواقع الجديدة ومراجعة أخطاء تضخم الذات والرهان على قوى خارجية برجماتية القرار عاجزة عن نجدتهم ومقايضة بهم في ظل ملفات إقليمية لا تقارنها استراتيجيا بهم. على الحوثيين أن يدركوا بأن غلبتهم على تنظيم الإخوان ودك مليشيات وخلايا القاعدة التابعة لهم لم تكن بمجمل الأبعاد السياسية محليا ودوليا قوة كافية لفرض مقدرات ومتطلبات بسط السيطرة على دولة تشكلت في مرحلة انتقالية من مختلف عملاء وأوراق واشنطنوالرياض... وبالتالي عليهم أن يدركوا ضرورة وقف تدخلاتهم في شؤون الجيش اليمني وأن يرفعوا أيديهم عن بعض المواقع التي أخذتهم الخديعة والطفرة السلطوية إلى الانقضاض عليها وبما أضر قدرة استيعاب الوعي العام والرأي الدولي بوطنية هذا الجيش الذي نعلم جميعا بأنه إجمالا ليس في قبضتهم. لقد شعر الحوثيون بسطوة القوة وبقوة الحليف الإقليمي الداعم لهم وراهنوا على ما جنوه سابقا من قبول للناس لدورهم في محاربة القاعدة وبدون تمييز لمدى محدودية وتغير ذلك القبول عندما يفرضون أنفسهم بديلا للحاكم مهما كان ذلك الحاكم خائبا أو فاشلا.. حيث ارتكبوا من الأخطاء التي أفسحت المجال كثيرا لمكائد خصومهم التابعين لواشنطنوالرياض في توسيع مصائدهم وتوفير مسوغات أعداء اليمن لتوفير مبررات العدوان على اليمن وفق أحقاد وأطماع آل سعود والأمريكان على اليمن. إذا ليس أمام الحوثيين إلا اليقظة الاستراتيجية ومواصلة شرف الدفاع عن اليمن في ظل محصلة معطيات المعركة ومعالجة الأخطاء وبما يجعل الجيش مستقلا عن نفوذهم ويجعلهم تيارا يمنيا صاعدا يعيد ترميم صورته والقراءة الصحيحة للمؤامرة على اليمن وفق منهج ذاتي يبتعد عن التماهي المستفز بتجربة حزب الله الإيراني والارتباط بدولة إقليمية تتمتع بتاريخ أسود في التاريخ العربي.. مثلها مثل النظام السعودي الذي ابتز وأضعف وأشرف على مختلف عصابات الفساد والإرهاب في اليمن منذ أكثر من أربعة عقود. ليس هناك وقت للمكابرة وليس من الصحيح المجازفة فلازال العدوان بكل ترسانته الأمريكية وحربه الإعلامية هزيلا لا يملك هو الآخر قابلية شعبية ولا يستطيع مرتزقتهم إيجاد أي من مقومات الشرف والقبول الجماهيري لهم ولن يحققوا الأمان للعدو في أهم وأغلى منطقة يسعى العدو تاريخيا للسيطرة عليها.. وبجب استعادتها بأي وبكل الأثمان. هناك متاح من الوقت وهناك آفاق رحبة للتقويم وضرب العدوان بآليات مؤسسية ووطنية تبتعد فيها الذاتية وتنقشع من خلالها مربكات الرأي العام الذي بات يدرك يقينا وضاعة وإرهابية وخبث الإخوان الفارين في الرياض لا يطمئن أبدا في قطاعات واسعة منه لمرتزقة آل سعود وحلفائهم الإرهابيين وأيضا لا يرتاح للحوثيين في أهم وأكبر محافظاتاليمن. هذا نقدي سابقا وقولي اليوم.. اليمن أغلى والعدو رجس دجال وإرهابي لعين... ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه.. وما النصر إلا من عند الله العلي القدير.