كان الإخوان المسلمون والداعمون لهم يناشدون أمريكا المسارعة إلى التدخل العسكري لإسقاط النظام في سوريا، وناشدوا حلف الأطلسي شن هجوم على سوريا كما فعل في ليبيا، وطالبوا مجلس الأمن دعم قرارات الحظر والحصار بقرار حرب، وكانوا ينادون بتشكيل قوات عسكرية عربية للتدخل في سوريا، فجاء التدخل من حيث يحتسبون.. من إسرائيل التي شنت هجمات جوية على معسكرات ومعهد البحوث العسكرية في دمشق، وقتلت أكثر من 300 سوري، ورحب بذلك عرب ومسلمون. كان الإخوان المسلمون يهتفون، ويلقنون التلاميذ في المعاهد "خيبر خيبر يا يهود .. جيش محمد سوف يعود".. واليوم نرى كثيرا من قيادات الإخوان المسلمين، تهلل لجيش إسرائيل، وتكبر لتلك الهجمات بدعوى أن إسرائيل تدمر الأسلحة السورية التي يستخدمها النظام لقتل شعبه.. يقولون هذا من باب إظهار كم هي إسرائيل رحيمة بشعب سوريا! رغم معرفة تلك القيادات الإخوانية أن إسرائيل تؤكد أن تلك الهجمات استهدفت أسلحة كانت في طريقها إلى حزب الله في لبنان، ونحن نصدقها، ولا نستبعد أيضا أن الضربات الإسرائيلية لها علاقة برغبة إسرائيل في إضعاف الجيش السوري بعد أن لاحظت أنه يحقق تقدما في ضرب الجماعات الإرهابية، وقد رأينا صور الحرائق والدمار التي عرضتها تلك الجماعات مصحوبة بعبارات "الله أكبر، الله أكبر عليك يا بشار"، وكأن الذي نفذ الهجوم جيش خالد ابن الوليد، وليس جيش شمعون بيريز! إن هذا السرور والترحيب الذي قوبل به الهجوم الإسرائيلي على سوريا مخجل للغاية ويدل على موات الضمير الإسلامي والنخوة العربية.. إذ مهما كان الخلاف مع النظام السوري، يظل من القبح والشناعة التهليل للهجوم الإسرائيلي على سوريا.. من قبل فرحوا بالحرب التي شنتها إسرائيل على حزب الله اللبناني، وذريعتهم أن حزب الله شيعي، والشيعة عندهم أخطر على الإسلام والمسلمين من اليهود، وهذا الموقف الشنيع لا يحتمل، فكيف يمكن احتمال التهليل والتكبير لإسرائيل عندما تعتدي على وطن وكرامة شعب بأسره؟ هنا في اليمن رحب إخوانيون وسلفيون بالهجمات الإسرائيلية، وسكتت الأحزاب بما فيها أحزاب قومية، فباستثناء إدانة من المؤتمر الشعبي، ومجهود يقوم به قيادي بعثي من أجل مظاهرة استنكار، لم تصدر- حسب معرفتي- أية إدانة من الأحزاب، ومع أن بيانات الإدانة والشجب والاستنكار لا قيمة حقيقية لها، إلا أن وجودها خير من عدمها، فهي أدنى تعبير عن ما تبقى من التضامن العربي المشترك.