تعيش محافظة إب، وسط البلاد، منذ اليوم الأول لرمضان الجاري، على وقع الإنتهاكات والجرائم الحوثية، وزيادة أعمال العنف والجريمة بمختلف مديريات المحافظة، حيث لا يكاد يمر يوم دون أن تسمع أو تشاهد جريمة أو انتهاك، في رقعة جغرافية بعيدة خطوط المواجهات التي تشهدها البلاد منذ سنوات، غير أن أعداد الضحايا في محافظة إب، يجعلها جبهة مفتوحة مع الجريمة والإنتهاكات الحوثية التي لا تتوقف. منذ الساعات الأولى للشهر الفضيل، بدأت مليشيا الحوثي، فصلا جديدا من الإنتهاكات، عقب جريمة بشعة ضمن جرائم وحشية تمارسها بحق أبناء المحافظة، تمثلت بتصفية الشاب "حمدي عبدالرزاق قاسم الخولاني المعروف ب "المكحل"، والتي أثارت الرأي العام المحلي وبعثت بتبعاتها الرعب في قيادات المليشيا التي لم تكن بحسبانها أن المحافظة التي حكمتها بالحديد والنار منذ ثمان سنوات، أنها ستقود ثورة مجتمعية حملت معها رسائل عديدة. الإنتفاضة الشعبية عقب جريمة مقتل الشاب المكحل، جلبت معها انتهاكات جديدة مارستها المليشيا بحق أبناء محافظة إب بشكل عام وأبناء المدينة القديمة التي ينتمي إليها المكحل بوجه خاص، إذ قامت المليشيات منذ عملية الدفن، بنشر مسلحيها في شوارع مدينة إب بشكل لافت وحاصرت الأحياء السكنية في المدينة القديمة وشددت إجراءاتها في مداخل الحارات وفرضت قيود جديدة أعاقت حركة الأهالي، والتي من بينها إثبات الهوية وتعريف عاقل الحارة وغيرها من الإجراءات الحوثية التي كانت تهدف لمعاقبة المجتمع ككل، جراء الخروج في جنازة الشاب المكحل والتي تحولت إلى تظاهرة سياسية حملت دلالات ورسائل مختلفة.
إختطافات كشفت مصادر حقوقية وأخرى محلية، عن شن مليشيا الحوثي خلال الأيام الأولى من الشهر الفضيل، حملات عدة هدفت لإختطاف وإقتحام منازل عدة بمدينة إب عاصمة المحافظة، وتركزت الحملات الحوثية في المدينة القديمة بمديرية المشنة، وتعرض العشرات من شباب وأبناء إب القديمة لإختطافات وعمليات ترويع لأهاليهم خصوصا الأسر التي تعرضت منازلها للإقتحام وخطف أحد أفرادها، نتيجة وشاية أو شك أو غيرها من المبررات الحوثية لتلك الجرائم التي قوبلت بإستياء ورفض شعبي واسع. المصادر أفادت بإختطاف مليشيا الحوثي لقرابة مائة شاب من أبناء المدينة القديمة، على ذمة مشاركتهم في تشييع الشاب حمدي المكحل، خلال العشرة الأيام الأولى من شهر رمضان الجاري، فيما تتحدث مصادر أخرى عن أرقام أعلى من ذلك، في الوقت الذي تواصل فيه مليشيا الحوثي خطفهم وترفض الإفراج عنهم بحجج ومبررات عدة، وأوصدت الباب أمام أي محاولات مجتمعية للإفراج عنهم.
تعذيب وتحدثت المصادر، عن تعرض العديد من المختطفين بتهمة المشاركة في تشييع المكحل، لعمليات تعذيب نفسية وجسدية مروعة، هدفت لإنتزاع إعترافات منهم بالقوة، بأنهم ضمن خلايا مرتبطة بدول التحالف وغيرها من التهم التي دأبت عليها مليشيا الحوثي لتلفيقها تجاه خصومها أو حتى من يعارضها، لافتة إلى أن المليشيا تهدف لمحاكمة شباب المدينة القديمة المختطفين، غير أنها تراجعت عن عزمها إحالتهم للجزائية المتخصصة خلال الأيام الماضية، والتي تزامنت مع مباحثات صنعاء بين السعودية ومليشيا الحوثي برعاية أممية وأيضا مع إقتراب تنفيذ صفقة التبادل الأممية التي تم تنفيذها الأيام القليلة الماضية، مشيرة إلى أن إمكانية إحالتهم للمحاكمة لا تزال قائمة لدى بعض القيادات التي ترى فرض مزيدا من القيود الحوثية بالمحافظة ككل، خصوصا بعد الإنتفاضة التي رافقت جنازة الشاب المكحل. أعمال الإقتحامات والمداهمات، هي واحدة من عدة انتهاكات مارستها المليشيا بحق أبناء المحافظة، خلال رمضان الجاري، والتي بغت بحسب مصادر حقوقية لأكثر من ثلاثين منزلا، أغلبها كانت في المدينة القديمة بمديرية المشنة، والتي رافقها عمليات ترويع وإرهاب للنساء والأطفال، فضلا عن المنازل والأحياء المجاورة لأي منزل تعرض للمداهمات الحوثية، التي كان أغلبها بهدف إختطاف شباب أو مواطنين شاركوا في تشييع الشاب المكحل. انتشار مسلح وإستقدام عناصر من صنعاء وصعدة لم تكتف المليشيا بنشر عناصرها في شوارع مدينة إب، بل استقدمت في اواخر مارس الماضي، عناصر من الأمن الوقائي، انتشرت في أحياء سكنية بمدينة إب القديمة وبعدد من شوارع المحافظة، وبعدها بأيام قليلة استقدمت عناصر حوثية جديدة من صعدة وصنعاء، إلى عاصمة المحافظة، ضمن عميلة إعادة انتشار للمليشيا في مدينة إب، هدفت لنشر الرعب في أوساط المواطنين عقب الخروج الكبير من المشيعين في جنازة الشاب "حمدي المكحل"، حيث أن مليشيا الحوثي نشرت عناصرها الجديدة تحت مسمى "الضبط المروري"، حيث شوهدت تلك العناصر وهي تردي أقنعة على الوجوه تحول دون معرفة هوية الأشخاص. العناصر الحوثية الملثمة، والتي نشرت في جميع شوارع مدينة إب، مارست إنتهاكات واسعة بحق المواطنين وصلت لجريمة القتل بدم بارد، وكانت جريمة مقتل امرأة، واحدة من أبرز الجرائم التي شهدتها مدينة إب خلال الشهر الفضيل، حيث أقدمت هذه العناصر على قتل امرأة تدعى "جوهرة عبد الكريم محمد الغولي" 30 عاماً، في منطقة "مفرق جبلة" جنوب مدينة إب، في الوقت الذي أصيب مواطن يدعى "هادي حسن محمد الدعيس" 38 عاما، ومواطن ثالث أصيب بذات المكان، فيما جاءت الحادثة بعد يوم من حادثة إطلاق عناصرها الرصاص على مواطنين نجوا من موت محقق بأعجوبة أمام بوابة الأستاد الرياضي بمدينة إب، في الوقت الذي سجلت عشرات الحوادث كإعتداءات طالت مواطنين وسائقي سيارات ودراجات نارية خلال الأيام والأسابيع الماضية.
مداهمات وإقتحامات أعمال المداهمات والإقتحامات لم تكن مرتبطة بقضية الإنتفاضة التي شهدتها مدينة إب أثناء تشييع المكحل، بل امتدت لمناطق ومديريات عدة، حيث اقتحمت منازل أخرى، من بينها منزل المحامي محمد عبدالرقيب الشعيبي، في منطقة "مثلث المواصلات" جنوب مدينة إب في ال 7 من إبريل الجاري، بعد أربعة أسابيع من إقتحامه ونهب العديد من محتوياته. وفي مديرية العدين، اقتحم مسلحو مليشيا الحوثي، عددا من منازل المواطنين، في منطقة "الرضائي" غربي المحافظة، حيث شنت المليشيا حملة حوثية مكونة من ستة أطقم على متنها عشرات المسلحين، والذين اقتحموا منازل عدة وروعوا النساء والأطفال وخطفوا عددا من الأهالي، كما جرى اقتحام منزل مواطن يدعى حمود عبداللطيف الطاهري ومواطن يدعى أمين الإدريسي، ومواطن يدعى "جمال محمد عبدالحافظ" بعد إطلاق الرصاص عليه وإصابته بطلق ناري وخطفه وهو مصاب ولا يعرف مصيره حتى اللحظة، في الوقت الذي نهبت العديد من المنازل. الجريمة والفوضى الأمنية أعمال الجريمة والفوضى الأمنية، هي الأخرى استهدفت حياة الأهالي وأقلقت السكينة العامة ونشرت الرعب، حيث أن المحافظة تشهد جرائم قتل وشروع في القتل وعمليات نهب وسرقات وسطو على ممتلكات المواطنين بمختلف مديريات المحافظة، والتي كانت ملفتة خلال شهر رمضان، حيث أن المحافظة شهدت أكثر من 32 جريمة قتل وإصابة منذ مطلع الشهر الفضيل في مختلف المديريات، بحسب مصدر أمني فضل عدم ذكر إسمه، بالإضافة إلى جرائم أخرى متعلقة بالسرقات والنشل والنهب والسطو والإعتداءات المختلفة والتي بلغت أكثر من مائتي جريمة توزعت على مختلف المديريات. أعمال السرقات كانت لافتة خلال رمضان الجاري، والتي زادت في مدينة إب عاصمة المحافظة، إذ أن العشرات من المواطنين تعرضوا لعمليات نشل من قبل عصابات متخصصة بأعمال السرقات، بعضهم بالإكراه، في الوقت الذي تم نشر مقاطع فيديو توثق تلك الحالات وتظهر صور واضحة للجناة، غير أنه لم يتم القبض عليهم أو تحريك ساكنا تجاههم أو وضع حد لعمليات النشل والسرقات التي طالت حتى النساء في شوارع مدينة إب، بالتزامن مع زيادة حركة المواطنين لشراء حاجاتهم ومستلزمات العيد أو الشهر الفضيل.
منع المساعدات منعت مليشيا الحوثي، التجار والعديد من فاعلي الخير، من تقديم المساعدات للمحتاجين، ووضعت العديد من الشروط والقيود عليهم، الأمر الذي أثر بشكل كبير على أعمال المساعدات الإنسانية لشريحة كبيرة من المحتاجين بمختلف مديريات المحافظة، بالتزامن مع تدهور الأوضاع المعيشية والإقتصادية للمواطنين. "هذا العام لم أحصل على أي مساعدة حتى أبسط المساعدات منعت عنا، فلم نحصل حتى على كيلو تمر فما بالك الأشياء المهمة والضرورية" هكذا تحدث أحمد الفقيه مواطن من أبناء مدينة إب، وهو يشير إلى منع المساعدات التي كانت تصل إليهم من فاعلي خير أو تجار أو ميسورين، شأنه شأن آلاف المواطنين الذين حرموا من المساعدات، في الوقت الذي تفرض المليشيا على التجار أن يقدموا زكاة أموالهم إليها بمبالغ خيالية ما أثر على مسار الأعمال الخيرية. في ليلة الثالث والعشرين من رمضان، تعرض شاب يدعى "ثائر الشعيبي" للإعتداء بعنف من قبل عناصر حوثية أمام بوابة إصلاحية السجن المركزي، حيث كان يقوم بتوصيل وجبتي الإفطار والعشاء لنزلاء السجن كمبادرة طوعية، وهو الأمر الذي يؤكد عمليات المنع والمضايقات الحوثية للأعمال الخيرية والإنسانية وفرض المزيد من القيود على من يقوم بها. مؤسسة الرحمة لليتيمات، دار الحبيشي للأيتام، المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، وغيرها من المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تشكو عدم وصول أي مساعدات أو دعم مالي لها لتنفيذ أنشطتها السنوية أو مساعدة الأيتام وإعالتهم كحال مؤسسة الرحمة ودار الحبيشي، حيث طال الأثر كل الجهات والشرائح المجتمعية.
نشر الطائفية وسعت مليشيا الحوثي خلال الشهر الفضيل، أعمالها وممارساتها الطائفية، والتي تزيد بشكل لافت وكبير خلال شهر رمضان المبارك، حيث تفرض المليشيا من أول يوم فيه على أئمة المساجد تأخير أذان المغرب وتقديم أذان الفجر، ضمن ممارساتها ومعتقداتها الطائفية، فضلا عن التضييق على المواطنين في صلاة التراويح، وفتح مكبرات الصوت في المساجد لنقل كلمات زعيم المليشيا، ومنعها إقامة مسابقات قرآنية بعدد من مديريات المحافظة. ولم تكتفِ المليشيا الحوثية، بنشر أفكارها ومعتقداتها الطائفية في منابر المساجد ومن خلال مكبرات الصوت بكلمات يومية، بل إنها حولت المساجد لأماكن للمقيل والسهرات الليلية بعدد من مساجد مدينة إب وبعض المديريات، وسط إستياء ورفض ومانعة مجتمعية واسعة.